|
عرار:
العزلة المكانية كانت تحرض على الكتابة لملء الفراغ الذي يأنفه المبدعون.. فمن عزلة الشتاء خرجت الأعمال الضخمة التي تنتمي للأدب الروسي الواقعي، وقد كتبها أصحابها وهم يقضون أجمل الأوقات أمام مواقد الحطب فيتمازج في وجدانهم صوت تكسر القطع الخشبية وانهمار الأمطار والرياح المتناوحة تعصف بها.. وهي عزلة شبيهة بتلك التي حبست الروائية الأمريكية ماريغريت ميتشل لتعتني بزوجها الجريح بعد أن أدمته الحرب الأهلية الأمريكية، ما فسح لها المجال لكتابة روايتها اليتيمة العظيمة «ذهب مع الريح» والتي تعتبر درة الأدب الأمريكي عبر العصور.. ولو ذهبنا إلى القارة العجوز، سنجد بأن العزلة الاجتماعية أو المرضية دفعت بالشقيقتين إيميل برونتي لتكتب روايتها الوحيدة «جين إير» بينما انشغلت شقيقتها شارلوت برونتي، وفي نفس الظروف لتكتب رائعتها الوحيدة رواية «مرتفعات وذرنج».. وهي ذات العزلة التي أوقدت قناديل الذاكرة المعرفية لدى المبدع محمود أبو عواد.. حيث دفعته عزلة وباء «الكورونا» لينقب بين الكتب المركونة على أرفف مكتبته في صفوف متوازية، باحثاً عمّا ألفه مبدعون أردنيون فيأخذها بعين الاهتمام، فيخوض في تفاصيلها كقارئ نهم يمتلك عين ناقد حويط، وليس كنطاسي يمتلك أدوات التشريح التي ستهيئء له القدرة على سبر أغوار النص وتفكيكه ومن ثم تجميعه لرصد التوترات والرؤى والبحث في الدلالات بموضوعية وأحياناً بتجني.. لم يكن هذا هو هدف أبو عواد في كتابه «النوّاسة» الذي صدر حديثاً عن دار دجله « ناشرون وموزعون» في عمان، بل قام بتقديم قراءات نقدية لخمسين عملاً أدبياً اردنيا من قصة ورواية وشعر، حيث سلط عليها الضوء من أجل اطلاع القارئ على حجم النقلة النوعية في الأدب الأردني. باعترافه شخصياً حين قال في تصديره للكتاب (ص 13): الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 24-07-2020 09:42 مساء
الزوار: 957 التعليقات: 0
|