ً تجمل الجنسية المصرية، شخصيتها من النوع العصامي، والجاد، لديها إرادة قوية، وتحب وتعشق القراءة والكتابة منذ صغرها، رغم أن دراستها متوسطة، لم تصل إلى المستوى الجامعي، إلا أنها تعشق الكتابة والقراءة، وتعمل على تثقيف نفسها بشكل مكثف، من خلال المطالعة والكتابة، وتكتب بكثافة، وتنشر كتاباتها على الشبكة منذ سنين طويلة، عدم وصولها إلى مستوى عال من التعليم، جعلها تعتمد كل الاعتماد على نفسها، بالقراءة والكتابة، كإثبات لوجودها، وهي حقاً قد نجحت بذلك، فتكتب أشعاراً قوية وعذبة، وتعبر عما بجول قس خواطرها بكل صدق وصراحة وجرأة، الشاعرة فايدة لديها ثقافة عميقة، وسعة اطلاع، وقدرة على الحوار الجاد والمفيد، وضالعة أيضا بالأمور السياسية، وتحمل الهم الوطني الفلسطيني والهم القومي والعربي. من أبرز ما شدني إلى الكاتبة والشاعرة فايدة العناني، أفقها الادبي الرحب، حيث المتحاور معها سرعان ما يلاحظ إنه يسكنها عالم بأسره، تحاول جاهدة أن لا تكون جاهلة بما يدور به. فمن الحياة الاجتماعية إلى القصيدة والشعر والى القصة القصيرة، وإلى دهاليز السياسة، تتنقل تارة فتغدو حالمة، وتارة أخرى مقاتلة شرسة، لا أدري هل الأحداث صاغت فكرها وقلمها، أم العكس، رغم انني لمست أنها صنعت نفسها بنفسها..إنها مصرة أن يكون أسمها بين كبار الكتاب والأدباء، رغم حظها القليل من العلم، ولو وجدتْ بيئة أدبية صحية وخصبة تحيا بها، لوجدنا عالماُ أدبياُ بأسره، اسمه فايدة العناني، الذي يعتبر هذا اللقاء المطول، نقطة في بحر ما تختزنه من كلمات لم تولد بعد. كعادتي مع كل من أتحاور معهن من السيدات، كان سؤالي الأول لها هو:
@الرجاء التعريف بشخصيتك للقارئ; جنسيتك ومكان إقامتك، وطبيعة عملك والعمر والحالة الاجتماعية والمستوى التعليمي وهواياتك المفضلة؟؟؟
إسمي فايدة العناني، أردنية الجنسية من أصل فلسطيني، العمر الأدبي، أكثر من عشرون عاماً. موظفة، وزوجة، وأم. الإقامة في دولة الكويت، أما هوايتي الأساسية والمفضلة، فهي القراءة والكتابة، المستوى التعليمي متوسط، وهذا سبب وسر إبداعي في كتاباتي المتنوعة، وهو عدم تكملة تعليمي.
@ما هي الأفكار، والقيم، والمبادئ، التي تحملينها، وتؤمني، بها وتدافعي عنها؟؟ وهل شخصيتك قوية وجريئة وصريحة ومنفتحة اجتماعياً ومتفائلة؟؟؟
الأفكار التي أحملها تتوالد بسرعة كبيرة، لدرجة لا استطيع حصرها، الأحداث التي حصلت بالوطن العربي جنحتها تماماً، وجعلتْ الكاتب يحمل فكراً مغايراً، ًمن فكر عاطفي، إلى فكر سياسي، على سبيل المثال فكري مشبع عاطفة وأشعاراً، تعبر عن تزاحم عواطف، لا يُسمح للمرأة أن تعبر إلا بالجزء اليسير منها، او تلمح عنها، مازال فكر المرأة مكبل، من قبل المجتمع الشرقي، حتى لو وصلت لأعلى مراتب العلم والتحضر، والقيم والمبادئ، ورث زرعه والدي بي منذ الصغر، لا جدال فيه، أن نحيا بكرامة وعلى الصراط المستقيم قدر الإمكان، احترام الآخرين شعارنا، أدافع عن الصدق، وأحارب الكذب، لأنه آفة، ولعنة على أي مجتمع، ومبدأي هذا، نابع من شخصيتي القوية، بما يخص الحق وإعلائه ..أما الوجه الأخر الضعيف والمسالم، فهو يظهر ويتجلى بأمومتي، وصراحتي سبب معاناتي مع الآخرين، أنا لست منفتحة اجتماعياً، بل المجتمع كله يسكن بفكري، وحدسي الأدبي، وعاطفتي عالم بأسره بأعماقي ومطالبة بالكتابة عنه، فلا وقت لي للحياة الاجتماعية وبهرجتها الزائدة، والمزيفة. أنا فكري مبرمج ربانياً، أن يكون لي تفاعل فوري مع كل ما يدور حولي، وما أقرأه، وعندي رادار حساس جداً، التقط فيه حدس أي كاتب، وطبعا القرآن الكريم كان ركيزتي الأساسية، التي بنيت عليها قاعدتي الأدبية، فوجدت فيه إعجاز لغوي، ونحوي، ليس له مثيل.
أما عن التفاؤل، فلولا إيماني بالله تعالى، وبالقدر، خيره وشره لكنت اليأس بحد ذاته، فما حدث لوطننا العربي، ليدعو وربي للانتحار، أحداث أثرت على حياتنا الخاصة، وحتى على غرف نومنا.
@هل أنت مع حرية المرأة، اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً، وسياسيا، أم تؤمني بان المرأة يجب ان تكون تحت سلطة الرجل بكل شيءً؟؟؟
المرأة ولدت حرة، أستعبدها الرجل، وحريتها فهمت خطأ من قبلها، من شدة القيد على معصمها، حين خرجتْ بعد أسر سنوات أربكت الحياة كلها، ولو بقيتْ بالبيت كان أفضل لها، لأنها بحريتها التي نالتها، لم تعط البيت حقه، ولا عملها، الحرية بنظر المرأة مساواتها مع الرجل، بكل شيء، ففقدت أنوثتها مكسبها الوحيد أنا مع استقلالها كإنسانة قبل كي شيء تختار حياتها بعيد عن أي قيد، وفرضْ احتكار الرجل لها تحت جناحه، أفقدها ثقتها بنفسها، أنها ممكن ان تكون أهم من الرجل ذاته، للأسف، المرأة العربية مازالت تحمل ترسبات وأد الجاهلية، مهما تحضَّرت واستقلتْ، نجد الفشل حليفها. أومن بأن المرأة مكانها الأساسي البيت، كي تخرج جيل ورجال قادرين على حمل الأمانة الاجتماعية، والسياسية، والوطنية، ليس معنى هذا أن تكون تحت جناح الرجل وسلطته، بل بالعكس، مكانها بجانبه. كيف نطالب أن تكون من جعل الجنة تحت أقدامها تحت سلطة رجل؟؟؟ ربما كان ظالماً بالتأكيد، سيكون لها دور سلبي ومدمر، حينها، لأنها تكتسب منه القسوة، وتتعامل مع الآخرين بها. الرجل العادل لا يرضى أن تكون المرأة تحت سلطة أي أحد، بل يتعامل معها كإنسانة، أوصى بها ديننا الحنيف، ورفع من قدرها ومكانتها، المؤلم أن المرأة الشرقية، ما زالت تعاني من توالي القيود على معصمها، ما بين الأهل والزوج، تحاول أن تكون حرة بقرارها.
@ ما هي علاقتك بالقراءة والكتابة ؟؟ وهل لديك مؤلفات؟؟ لمن تكتبي من فئات ألمجتمع؟؟؟ وما هي الرسالة التي تودي إيصالها للقارئ؟؟؟وما هي طبيعة كتاباتك ؟؟؟ ومن هم الكتاب والأدباء الذين تعتبرينهم في مجال اهتماماتك، سواء عرب أو خلافهم???
بدأت الكتابة قبل دخولي المدرسة !! كنت امسك بالقلم بثقة وتمكن عالي، حينها .كنت ابكي يومياً لأمي كي تدخلني المدرسة، كباقي إخوتي، ورضختْ لأمري، كي تُسكتْ هذا الإلحاح، لكن مديرة المدرسة، قالت لها بان عمري لا يسمح لي بدخولي المدرسة، بكيتُ كثيراً يومها، وعدتُ، كنت اكتب كلمات غير مفهومة، المهم كنت أريد ترجمة علاقتي بالقلم، الذي كنت انظر إليه ككائن حي، وليس كجماد، وحين دخلتُ المدرسة، انطلقتُ اكتب بنهم دروسي، وما يدور بفكري. في عمر ثمانية عشر عاماً، بدأت انشر كتاباتي بالجرائد الكويتية الرسمية، كنت اشعر أنني قد تأخرت كثيراً عن الكتابة والنشر. نعم أول ما نشرت في جريدة القبس الكويتية، وصحف رسمية أخرى، لم انقطع عن النشر بالجرائد الرسمية، إلا حين هبت رياح الثورات بوطننا، (ثورات جنون البقر)، اتجهت للشبكة العنكبوتية، ليصل صوتي أسرع، لأن الأحداث كانت سريعة، والشرارة لم ترحم فلسطين. لكل مرحلة من عمري طبيعة خاصة لكتاباتي، وكل مرحلة أخذتْ وأعطتْ نصيبها مني ومن القارئ، والطابع الغالب لكتاباتي اجتماعي عاطفي، ولكن حين تهب عواصف الأحداث السياسية فجأة، ينكسر القلم، ويأخذ منحنى مغاير خطير، مكتوب عليه أكون أو لا أكون، لأن حب الوطن، يسمو فوق كل شيء، فيكتسي المداد حمرة، جمرة الأحداث الدامية حينها، ويتحول القلم لبندقية، والمداد الى دم قاني الاحمرار.
لا حاجة لي لذكر لأسماء الكتاب والأدباء، كي أفضل بعضهم على بعض، فقد قرأت منذ نعومة أظافري لكل من قرأنا عنهم في كتب التاريخ، وقد شدني حينها المتنبي، وسبب تسميته بهذا اللقب، وحين قرأت دواوينه وأنا صغيرة جداً، عرفت سر اللقب، نعم إنه معجزة الشعر، وكان ملازماً للمارد الأكبر للشعر، وليس لشيطانه عليه سلطان، بل المتنبي هو من أمسك بوحي الشعر ببد، وبالأخرى مارده.
@كيف تتمخض الكتابة لديك خاصة القصيدة الشعرية ؟ وهل هي من خيالك، أم تعبري بها عن حالة خاصة مررت بها، او تعبري عن معاناة صديقة لك وما هو مضمون كتاباتك ولمن تكتبيها من فئات المجتمع، وهل تكتبي الومضة الشعرية؟؟؟
تتمخض الكتابة عندي كمولودة في أعماقي، أشعور كمموج البحر يباغتني فجأةً، أحيانا لا يمنحني فرصة التفكير، حتى هويته ومن أين أتى، هنا أستسلم له تماماً، وامنحه غايته فوراً، بترجمته عبر القلم، ولو لم أقتله بهذه الطريقة، قتل بي جزء من شعوري، بجزء ما بالحياة.
أحياناً، التمخض يكون من خلال انفعاﻻتي، تجاه أحداث لما يدور حولي، أدخل في حالة، كما حالة الحمل، بسرعة أشعر بحالة وحم من دوار، وتقيأ فكري، بعدها يتعاظم الحدث، ﻷدخل في مرحلة المخاض الأليم، أحاول جاهدة لفظ ما اختزنته، وتفاعلتُ معه إلى الخارج، بعض الحالات، تكون عسيرة، فأبكي، وأنا اكتب من شدة ألم مخاض الفكرة، لأشعر بعدها بالتعب اللذيذ، والراحة، حين أرى مولد فكرة، يكتب لي عمر أدبي جديد. أما الومضة الشعرية فرضت علي نفسها هذه الفترة، جائز لأني أقرأ كثيراً في مضمارها، ألان، وبالذات الشعر النبطي أو البدوي، الذي أعشقه منذ صغري، وردودي على شعراء الومضات، أكسبني بعض من إشعاعاتها.
@ هل عدم دراستك الجامعية أثر سلباً على نشاطك ككاتبة وشاعرة؟؟؟
عدم تعليمي الجامعي، هو سر ثقافتي وفكري، أحاول أن أعوض هذا النقص التعليمي، من خلال إبحاري وخضوعي لقلم كل متعلم، سرت بدرب الكتابة بمفردي، وسط بحور من الرفض والعداء، من قبل الجميع، ووسط من ظمأي للعلم. إن باب العلم أغلق بوجهي، فاتجهت لأعماقي، وغصت فيها، ومزجته مع ما يدور من حولي، وروَّضتُ قلمي كي تصل الرسالة.
عدم استكمالي لتعليمي، نعم، كان بسبب الزواج، ولكن لو تعلمتْ، ما كنت كاتبة، حرماني هو الذي أوجد التحدي بقلبي، وفكري، لأطرد عقدة النقص، واجعل المتعلم يقرأ لمن لم يسعفها حظها بالتعليم، قمة انتصاري، هو أن تقرأ لي الآن .انه العدل الإلهي. هذه بعض كتاباتي:
أيا حبيبا قد أمعن هجره بقتلي، وأدمى بصده مدامعي وجفوني، وكم تفنن آه بتعذيبي ليته يدري، وكم شاغل طيفه حبيبي ظنوني، تعمد البعد وللتو قد إلتقيتنا بود، وبالكاد تلاقت عيونه للتو بعيوني، فأنت من أنطق بي سكون قلب، وأنت من حرك ما بأعماق مكنوني، لا تهجر يا من أسر الروح بردة فعل، ولا تصحي بصدك كل نوازع جنوني، وعد لي كما الطيور بدفء لعشق
لتنهل من ينابيع حنان قلبي سنين.
@ كيف تقيم نفسها الكاتبة والشاعرة الفلسطينية فايدة العناني، ومدى تأثيرها بين الكتاب الآخرين؟؟؟
أنا ككاتبة، لا أقيم نفسي، ان كنت مؤثرة أم لا، إلا من خلال التعليقات، التي لا تخلو من المجاملة، ثقتي بقلمي وبنقاء سريرة فكري، هو تقييمي لنفسي، بدأت بخاطرة اسمها (أم على أبواب العدالة) ربطت بين قضية فلسطين وأم حرمت من أبنائها، وذهبتْ للمحكمة تطلب حضانة أبناءها، وطالبتْ القاضي بالحكم لصالحها، كنت أتصور شعوري في بعدي عن وطني فلسطين، وشعور بلدي وأنا مشردة عن أحضانها، بقالب اجتماعي سياسي، كان عمري يومها ثمانية عشر عاماً، الفكرة الرئيسية كانت أن يحظى ملف القضية الفلسطينية بالاهتمام، والحكم لصالح الشعب المشرد.
@ هل تعتقدي أن الشبكة العنكبوتية وصفحات التواصل الاجتماعي خدمت الأدباء والكتاب والشعراء والمواطن العربي بشكل عام؟؟؟؟؟؟
الشبكة العنكبوتية والتواصل عبر النت سلاح ذو حدين، خدم الكاتب كثير في سرعة النشر، وكثرة المنشور، وكبر حجم رقعة القارئ، ولكن أوجد مساحة شاسعة للسرقات الأدبية، وما أكثرها وأسهلها، عكس الماضي، حين كنا ننشر عن طريق الجرائد فقط، كانت كتاباتنا بأيدي أمينة، وحقوق النشر محفوظة، عكس النت، من بحاسب من؟ النت فرض علينا بحكم التكنولوجيا والتقدم، وقد أوجد علاقات كثيرة في متناول اليد، لو ابتعد الناس عن الكذب من خلف هذا الجهاز، لغدا نعمة وليس نقمة..لازم يكون الصدق والثقة شعار الطرفين، وقناعتهم، النت اختراع لصالحهم، كل ما تتخيله يمكن أن يحدث في الشبكة العنكبوتية، أؤمن بكل العلاقات التي يروضها المبدأ السليم، والنية الصادقة.
@هل أنت سيدتي مع القصيدة الشعرية الحديثة والشعر الحر؟؟ أم مع القصيدة العمودية الكلاسيكية المعروفة ؟؟؟ وهل تكتبي الومضة الشعرية أم لا؟؟؟؟
أنا مع الكتابة بشتى أنواعها، وليس مع الشعر الحر، أو المقفى أو ألعامودي، ﻷن الفكرة تولد، وهي ترتدي ثوباً على مقاسها، ويليق بها. الفكرة العارية تموت سريعاً، كل ما يكتب، يستحق التقدير والمتابعة والتعزيز، إلا ما رحم ربي من الأقلام الجوفاء، والفكر الخاوي على عروشه. هذه بعض كتاباتي:
ما بقى على الرحيل إلا ساعات، والعبرات عيت والله تطاوعني، قلت يا عين أقتلي من بعده النظرات، قالت أبشري حرقة العبرات، لأجل عيونه لحظة الرحيل عمتني.
@ ما هو رأيك بالثقافة الذكورية المنتشرة في المجتمعات العربية؟؟؟ والتي تقول: المرأة ناقصة عقل ودين، وثلثي أهل النار من النساء، والمرأة خلقت من ضلع آدم الأعوج، فلا تحاول إصلاحها، لأنك إن حاولت فسينكسر، لذا لا تحاول إصلاحها، والمرأة جسمها عورة وصوتها عورة، وحتى اسمها عورة، وما ولَّى قوم أمرهم امرأة، إلا وقد ذلوا. والمرأة لو وصلت المريخ نهايتها للسرير والطبيخ???
أغرب ثقافة ذكورية سمعتها منذ أن فتحت عيوني، إنها ثقافة الجاهلية الأولى، في عصر أبي جهل، وعكرمة، وأبي لهب، هذا وأد صارخ للمرأة، في عصر أوشكت أن تقوم به الساعة، من أجاز قتل المرأة بهذه الصورة، وقد أينعت وغدت شجرة مثمرة ؟ ناقصة عقل ودين، ليس معناها مختلة عقلياً، بل لأن عاطفتها تغلب على عقلها، ونقصان الدين، ربما لأنها تنقطع عن العبادة من خلال رخصة ربانية من حمل ونفاس، والى ما شابه من أمور، لا تستطيع إن توفي دبنها حقه، وعورة المرأة لا ينقص من قدرها، لأنه بيدها سترها، لما نظر الرجل للمرأة بهذه السلبية؟؟؟ ولم ينظر لها بأن طرف خمار من نساء الجنة، لو تجلى على الأرض، لأشرق الكون منه كله، أما الضلع الأعوج فهو من ضلوع آدم.
أما جسمها، فهو عورة حقاً، ووجب على الرجل سواء كان أب أو أخ أو زوج، أن يستره بتثقيفها دينيا، إذا وصلت المرأة للمربخ، غدت رجل آلي، وفقد الرجل حقه الشرعي في غرفة نومه. ولطالما تفكير الرجل بطنه وشهوته، تظل المرأة بالنسبة له حلة محشي وسرير.
@ما هي رسالتك تجاه القاريء ككاتبة وشاعرة ؟
رسالتي للقارئ، ليس لها مسمى ! فسأظل ألقي بجعبة القاريء، ما يلقيه بجعبتي وحي فكري وقلمي..رسالة الكاتب، كما رسالة الرسل، من ناحية سموها، وطريقة توصيلها، ومدة إتمامها على مدى مراحل عمر الكاتب، توصيل الأسمى، وتصحيح المسارات الخاطئة، ومحاربة كل ما هو مؤذي للإنسانية، ومزعزع لكيانها، وللحب نصيب الأسد مني، في توصيله، والتعبير عنه. هذه بعض كتاباتي الشعرية:
لا تجرح الجرح بروحه، ترى الجرح مجروح، لا تزود جروحي وجروحي، والله ما هي عادية، داوي جرحي ولا تعالج، الجرح خلي بالجرح كيف تجرح جروح
فيها النزوف ندية.
@هل أثرت الأحداث السياسية على اتجاهات قلمك وفكرك، أم لن تستطيع الرياح العاتية تحريكه عن قبلته ؟
عصفت الأحداث السياسية بقلمي وفكري، ليأخذا منعطفاً خطيراً، ومغايراً، من عالم الرومانسية، إلى خندق ومعترك القتال، لا إرادياً، فالوطن العربي يسكنني من الأعماق، وكل دولة عربية هبَّتْ عليها رياح الأحداث الحارقة، كانت تحيل بمداد قلمي، اللون الوردي الحالم، إلى أحمر قاني، مكفهر، بفعل الأحداث، وبعد أن كنت أكتب بتروي وهدوء، كتاباتي العاطفية، والاجتماعية، غدوت كما الجندي، أتنقل من هنا وهناك، أجري لاهثة وراء الأخبار، لعلي ألم بما يدور بأمتي، ومصرنا العظيمة استهلكتْ الجزء الأكبر من تفكيري وأعصابي، وادمعي أولاً، لأنها مسقط رأس أجدادي، ولأنها أم العرب، والدنيا كلها، وقضية فلسطين، إلى أين وصلت الآن في ظل هذه الأوضاع الحارقة؟ ؟ للأسف الشديد، كل الذي حدث، وهبوب الرياح الآتية من الدول الغربية، ما هي إلا للقضاء على أنفاس القضية الفلسطينية، ومحاولة مستميتة لقتلها..من خلال زرع الفتن بكل دولة عربية، كي تنشغل كل دولة بمصيبتها، والفتنة التي وقعت بها، ومن ثم النتيجة، إغلاق ملف القضية بالشمع الأحمر، وقيدتْ جريمة أسر المسجد الأقصى الشريف، ضد الصمت العربي، فإسرائيل في ظل تردي أوضاعنا، تعيش الآن الربيع العربي، عوضاً عنا، وتنام الآن قريرة العين مائة عام للأمام، في ظل رسم خريطة جديدة للوطن العربي. الذي يحدث الآن وحدث، ما هي الا الثورات الوردية الناعمة، التي هدفها الإجهاز على الدولة العربية من خلال قلب نظام الحكم، بأيدي الشعب نفسه، الذي يعرف المستعمر متى ينقض عليه، ومتى يقول له، كن فيكون، ومتى يدخل بوطنه الذئب، بعد أن البسوه رداء الحمل، والناسك المتعبد.
@ما الحصيلة التي حصدتها الشعوب العربية، حين خرجت للميادين وأسقطت رؤوس الهرمن بثورة ما عرف بالربيع العربي؟؟
لا أرى نتيجة غير الدمار، وبحور دماء، ستظل تنزف، وعودة للوراء، والذي هرب منه الشعب، وجد أفظع منه. وهذه بعض كتاباتي:
لا تحلف يا خلي بأعظم الأيمان، يا خوفي تدفع ثمن حلفانك دية، أنا والله أقولها من غير حلفان، ما وطيت رأسي إلا لرب البرية، حطني برأسك ليل مع نهار، ولا دمعة تنزل لأني بريئة، قول عني خائن قول..غدار، أصون العهد كافي ماني هفية.
@ ما الحل إذاً؟؟ لإنقاذ وطننا العربي من المؤامرة الكبرى ضده ؟؟
الحل هو بتعميق الثقافة السياسية للشعوب العربية، التي بات سمتهم (تجمعهم طبلة وتفرقهم عصا)، بعض الدول عادت كمصر، لأن بها خير أجناد الأرض، ومحروسة من الله تعالى، والكثير لم يعد كما كان، والآخر مترقب للمخاطر، لا استقرار بعد الذي حدث، الجوع والفقر، أو عدم الأمان ؟ على ما أظن الأحداث أجابت.
@ هل كتبتي بالعامية وشيء منه للقارئ ؟
نعم كتبت الكثير واعشق اللهجة البدوية الخليجية لما بها من فصاحة الصحراء. وهذا بعض ما كتبته:
قرب يمي خلي أنفاسك تحرقني، جف عودي حبيبي وأنا في انتظارك، عيد بضمتك الربيع العربي لجسمي، ثورة بين أيدينك وثورات بأحضانك، ولم شملك يا خلي بقربك على شملي، والعروبة تغار من وحدة قولك وأفعالك.
@الحب ما مكانته من الإعراب في قلبك ؟
أنا خلقت أكتب الشعر، ليقرأ من لم يعلم، كيف يترجم شعوره بالحب وغيره، وأحاول أن أجعله يستخرج ما يجول بأعماقه، من خلال كلماتي، ليشعر بالارتياح بعدها، وكأنه هو الذي عبر عن كوامن نفسه، دون أن يمر بإرهاصات ومخاضات ولادة الفكرة، الحب مولود له خاصية الموت والحياة بنفس الوقت، وله حياة برزخ، وهو البعاد، نعم الحب يغدو ثقل مدمر ربما يؤدي للانتحار، أمثال روميو وجوليت.
الحب لو يكن موجوداً بحياتي، أوجدته من خلال كلمة أسمعها من أغنية عاطفية، وام كلثوم حين اسمعها أعيش الحب كله بيني وبين نفسي، هو غذاء روح قلمي، لذلك اخلقه بخيالي، وأتفاعل معه، كأنه حقيقة، واكتب عنه. حب الله تعالى، هو الحب الدائم بقلب البشر، وأسمى أنواعه، وأما حب البشر للبشر، فهو كثيراً ما يتملكه الشيطان في هذا الزمن. هذا بعض مما كتبته:
علمني حبيبي إشلون أحيا بدنيتي وإنت عني بعيد، وإشلون أداري دمعتي وإشلون أحيا من غيرك سعيد، علمني كيف أصلح غلطتي وإشلون أحبك من جديد، وكيف أغدا حبيبك يسري نبضي بشريانك ..والوريد.
@ بماذا تحلمين ككاتبة وشاعرة الآن ؟
أحلم بتنظيف البيت العربي تماماً، وإعادة جماله ورونقه قدر المستطاع وخلع الجبن من قلوبنا فقد حبانا الله تعالى بنعم تجعلنا ملوك الأرض ولكننا نأبى إلا النوم بأحضان الاستعمار من خلال جهلنا وتخلفنا واستهتارا بوطن مطمع كل الدول الغربية، أحلم أن تعود ولو حمامة سلام واحدة تعود وترفرف فوق وطني العربي لعل أسراب الحمائم تستبشر بأن الأمن عم وطننا وتأتي لتظلل سماءنا بعيداً عن السياسة، وضجيجها .
@كلمة تختمي بها هذا اللقاء الممتع والقيم ؟
طبعاً، بداية ونهايةً لا يسعني سوى أن أشكرك أستاذي من الأعماق، لإتاحة هذه الفرصة الذهبية لي، لأعبر عما يجول بخاطري من خلال أسئلتك الرائعة كروعتك..وكم أتمنى أن يجد أدب المرأة العربية اهتماماً أكثر، من خلال فك القيد عن معصمها، من قبل المجتمع، وأشكرك جداً، لنصرتك للمرأة الكاتبة، من خلال حواراتك القيمة، مع كوكبة من الأديبات والشاعرات، ودمت أستاذي الكبير الدكتور أحمد القاسم.
انتهى موضوع مقابلة وحوار
مع الكاتبة والشاعرة الفلسطينية فايدة العناني
@الرجاء التعريف بشخصيتك للقارئ; جنسيتك ومكان إقامتك، وطبيعة عملك والعمر والحالة الاجتماعية والمستوى التعليمي وهواياتك المفضلة؟؟؟
إسمي فايدة العناني، أردنية الجنسية من أصل فلسطيني، العمر الأدبي، أكثر من عشرون عاماً. موظفة، وزوجة، وأم. الإقامة في دولة الكويت، أما هوايتي الأساسية والمفضلة، فهي القراءة والكتابة، المستوى التعليمي متوسط، وهذا سبب وسر إبداعي في كتاباتي المتنوعة، وهو عدم تكملة تعليمي.
@ما هي الأفكار، والقيم، والمبادئ، التي تحملينها، وتؤمني، بها وتدافعي عنها؟؟ وهل شخصيتك قوية وجريئة وصريحة ومنفتحة اجتماعياً ومتفائلة؟؟؟
الأفكار التي أحملها تتوالد بسرعة كبيرة، لدرجة لا استطيع حصرها، الأحداث التي حصلت بالوطن العربي جنحتها تماماً، وجعلتْ الكاتب يحمل فكراً مغايراً، ًمن فكر عاطفي، إلى فكر سياسي، على سبيل المثال فكري مشبع عاطفة وأشعاراً، تعبر عن تزاحم عواطف، لا يُسمح للمرأة أن تعبر إلا بالجزء اليسير منها، او تلمح عنها، مازال فكر المرأة مكبل، من قبل المجتمع الشرقي، حتى لو وصلت لأعلى مراتب العلم والتحضر، والقيم والمبادئ، ورث زرعه والدي بي منذ الصغر، لا جدال فيه، أن نحيا بكرامة وعلى الصراط المستقيم قدر الإمكان، احترام الآخرين شعارنا، أدافع عن الصدق، وأحارب الكذب، لأنه آفة، ولعنة على أي مجتمع، ومبدأي هذا، نابع من شخصيتي القوية، بما يخص الحق وإعلائه ..أما الوجه الأخر الضعيف والمسالم، فهو يظهر ويتجلى بأمومتي، وصراحتي سبب معاناتي مع الآخرين، أنا لست منفتحة اجتماعياً، بل المجتمع كله يسكن بفكري، وحدسي الأدبي، وعاطفتي عالم بأسره بأعماقي ومطالبة بالكتابة عنه، فلا وقت لي للحياة الاجتماعية وبهرجتها الزائدة، والمزيفة. أنا فكري مبرمج ربانياً، أن يكون لي تفاعل فوري مع كل ما يدور حولي، وما أقرأه، وعندي رادار حساس جداً، التقط فيه حدس أي كاتب، وطبعا القرآن الكريم كان ركيزتي الأساسية، التي بنيت عليها قاعدتي الأدبية، فوجدت فيه إعجاز لغوي، ونحوي، ليس له مثيل.
أما عن التفاؤل، فلولا إيماني بالله تعالى، وبالقدر، خيره وشره لكنت اليأس بحد ذاته، فما حدث لوطننا العربي، ليدعو وربي للانتحار، أحداث أثرت على حياتنا الخاصة، وحتى على غرف نومنا.
@هل أنت مع حرية المرأة، اجتماعياً، واستقلالها اقتصادياً، وسياسيا، أم تؤمني بان المرأة يجب ان تكون تحت سلطة الرجل بكل شيءً؟؟؟
المرأة ولدت حرة، أستعبدها الرجل، وحريتها فهمت خطأ من قبلها، من شدة القيد على معصمها، حين خرجتْ بعد أسر سنوات أربكت الحياة كلها، ولو بقيتْ بالبيت كان أفضل لها، لأنها بحريتها التي نالتها، لم تعط البيت حقه، ولا عملها، الحرية بنظر المرأة مساواتها مع الرجل، بكل شيء، ففقدت أنوثتها مكسبها الوحيد أنا مع استقلالها كإنسانة قبل كي شيء تختار حياتها بعيد عن أي قيد، وفرضْ احتكار الرجل لها تحت جناحه، أفقدها ثقتها بنفسها، أنها ممكن ان تكون أهم من الرجل ذاته، للأسف، المرأة العربية مازالت تحمل ترسبات وأد الجاهلية، مهما تحضَّرت واستقلتْ، نجد الفشل حليفها. أومن بأن المرأة مكانها الأساسي البيت، كي تخرج جيل ورجال قادرين على حمل الأمانة الاجتماعية، والسياسية، والوطنية، ليس معنى هذا أن تكون تحت جناح الرجل وسلطته، بل بالعكس، مكانها بجانبه. كيف نطالب أن تكون من جعل الجنة تحت أقدامها تحت سلطة رجل؟؟؟ ربما كان ظالماً بالتأكيد، سيكون لها دور سلبي ومدمر، حينها، لأنها تكتسب منه القسوة، وتتعامل مع الآخرين بها. الرجل العادل لا يرضى أن تكون المرأة تحت سلطة أي أحد، بل يتعامل معها كإنسانة، أوصى بها ديننا الحنيف، ورفع من قدرها ومكانتها، المؤلم أن المرأة الشرقية، ما زالت تعاني من توالي القيود على معصمها، ما بين الأهل والزوج، تحاول أن تكون حرة بقرارها.
@ ما هي علاقتك بالقراءة والكتابة ؟؟ وهل لديك مؤلفات؟؟ لمن تكتبي من فئات ألمجتمع؟؟؟ وما هي الرسالة التي تودي إيصالها للقارئ؟؟؟وما هي طبيعة كتاباتك ؟؟؟ ومن هم الكتاب والأدباء الذين تعتبرينهم في مجال اهتماماتك، سواء عرب أو خلافهم???
بدأت الكتابة قبل دخولي المدرسة !! كنت امسك بالقلم بثقة وتمكن عالي، حينها .كنت ابكي يومياً لأمي كي تدخلني المدرسة، كباقي إخوتي، ورضختْ لأمري، كي تُسكتْ هذا الإلحاح، لكن مديرة المدرسة، قالت لها بان عمري لا يسمح لي بدخولي المدرسة، بكيتُ كثيراً يومها، وعدتُ، كنت اكتب كلمات غير مفهومة، المهم كنت أريد ترجمة علاقتي بالقلم، الذي كنت انظر إليه ككائن حي، وليس كجماد، وحين دخلتُ المدرسة، انطلقتُ اكتب بنهم دروسي، وما يدور بفكري. في عمر ثمانية عشر عاماً، بدأت انشر كتاباتي بالجرائد الكويتية الرسمية، كنت اشعر أنني قد تأخرت كثيراً عن الكتابة والنشر. نعم أول ما نشرت في جريدة القبس الكويتية، وصحف رسمية أخرى، لم انقطع عن النشر بالجرائد الرسمية، إلا حين هبت رياح الثورات بوطننا، (ثورات جنون البقر)، اتجهت للشبكة العنكبوتية، ليصل صوتي أسرع، لأن الأحداث كانت سريعة، والشرارة لم ترحم فلسطين. لكل مرحلة من عمري طبيعة خاصة لكتاباتي، وكل مرحلة أخذتْ وأعطتْ نصيبها مني ومن القارئ، والطابع الغالب لكتاباتي اجتماعي عاطفي، ولكن حين تهب عواصف الأحداث السياسية فجأة، ينكسر القلم، ويأخذ منحنى مغاير خطير، مكتوب عليه أكون أو لا أكون، لأن حب الوطن، يسمو فوق كل شيء، فيكتسي المداد حمرة، جمرة الأحداث الدامية حينها، ويتحول القلم لبندقية، والمداد الى دم قاني الاحمرار.
لا حاجة لي لذكر لأسماء الكتاب والأدباء، كي أفضل بعضهم على بعض، فقد قرأت منذ نعومة أظافري لكل من قرأنا عنهم في كتب التاريخ، وقد شدني حينها المتنبي، وسبب تسميته بهذا اللقب، وحين قرأت دواوينه وأنا صغيرة جداً، عرفت سر اللقب، نعم إنه معجزة الشعر، وكان ملازماً للمارد الأكبر للشعر، وليس لشيطانه عليه سلطان، بل المتنبي هو من أمسك بوحي الشعر ببد، وبالأخرى مارده.
@كيف تتمخض الكتابة لديك خاصة القصيدة الشعرية ؟ وهل هي من خيالك، أم تعبري بها عن حالة خاصة مررت بها، او تعبري عن معاناة صديقة لك وما هو مضمون كتاباتك ولمن تكتبيها من فئات المجتمع، وهل تكتبي الومضة الشعرية؟؟؟
تتمخض الكتابة عندي كمولودة في أعماقي، أشعور كمموج البحر يباغتني فجأةً، أحيانا لا يمنحني فرصة التفكير، حتى هويته ومن أين أتى، هنا أستسلم له تماماً، وامنحه غايته فوراً، بترجمته عبر القلم، ولو لم أقتله بهذه الطريقة، قتل بي جزء من شعوري، بجزء ما بالحياة.
أحياناً، التمخض يكون من خلال انفعاﻻتي، تجاه أحداث لما يدور حولي، أدخل في حالة، كما حالة الحمل، بسرعة أشعر بحالة وحم من دوار، وتقيأ فكري، بعدها يتعاظم الحدث، ﻷدخل في مرحلة المخاض الأليم، أحاول جاهدة لفظ ما اختزنته، وتفاعلتُ معه إلى الخارج، بعض الحالات، تكون عسيرة، فأبكي، وأنا اكتب من شدة ألم مخاض الفكرة، لأشعر بعدها بالتعب اللذيذ، والراحة، حين أرى مولد فكرة، يكتب لي عمر أدبي جديد. أما الومضة الشعرية فرضت علي نفسها هذه الفترة، جائز لأني أقرأ كثيراً في مضمارها، ألان، وبالذات الشعر النبطي أو البدوي، الذي أعشقه منذ صغري، وردودي على شعراء الومضات، أكسبني بعض من إشعاعاتها.
@ هل عدم دراستك الجامعية أثر سلباً على نشاطك ككاتبة وشاعرة؟؟؟
عدم تعليمي الجامعي، هو سر ثقافتي وفكري، أحاول أن أعوض هذا النقص التعليمي، من خلال إبحاري وخضوعي لقلم كل متعلم، سرت بدرب الكتابة بمفردي، وسط بحور من الرفض والعداء، من قبل الجميع، ووسط من ظمأي للعلم. إن باب العلم أغلق بوجهي، فاتجهت لأعماقي، وغصت فيها، ومزجته مع ما يدور من حولي، وروَّضتُ قلمي كي تصل الرسالة.
عدم استكمالي لتعليمي، نعم، كان بسبب الزواج، ولكن لو تعلمتْ، ما كنت كاتبة، حرماني هو الذي أوجد التحدي بقلبي، وفكري، لأطرد عقدة النقص، واجعل المتعلم يقرأ لمن لم يسعفها حظها بالتعليم، قمة انتصاري، هو أن تقرأ لي الآن .انه العدل الإلهي. هذه بعض كتاباتي:
أيا حبيبا قد أمعن هجره بقتلي، وأدمى بصده مدامعي وجفوني، وكم تفنن آه بتعذيبي ليته يدري، وكم شاغل طيفه حبيبي ظنوني، تعمد البعد وللتو قد إلتقيتنا بود، وبالكاد تلاقت عيونه للتو بعيوني، فأنت من أنطق بي سكون قلب، وأنت من حرك ما بأعماق مكنوني، لا تهجر يا من أسر الروح بردة فعل، ولا تصحي بصدك كل نوازع جنوني، وعد لي كما الطيور بدفء لعشق
لتنهل من ينابيع حنان قلبي سنين.
@ كيف تقيم نفسها الكاتبة والشاعرة الفلسطينية فايدة العناني، ومدى تأثيرها بين الكتاب الآخرين؟؟؟
أنا ككاتبة، لا أقيم نفسي، ان كنت مؤثرة أم لا، إلا من خلال التعليقات، التي لا تخلو من المجاملة، ثقتي بقلمي وبنقاء سريرة فكري، هو تقييمي لنفسي، بدأت بخاطرة اسمها (أم على أبواب العدالة) ربطت بين قضية فلسطين وأم حرمت من أبنائها، وذهبتْ للمحكمة تطلب حضانة أبناءها، وطالبتْ القاضي بالحكم لصالحها، كنت أتصور شعوري في بعدي عن وطني فلسطين، وشعور بلدي وأنا مشردة عن أحضانها، بقالب اجتماعي سياسي، كان عمري يومها ثمانية عشر عاماً، الفكرة الرئيسية كانت أن يحظى ملف القضية الفلسطينية بالاهتمام، والحكم لصالح الشعب المشرد.
@ هل تعتقدي أن الشبكة العنكبوتية وصفحات التواصل الاجتماعي خدمت الأدباء والكتاب والشعراء والمواطن العربي بشكل عام؟؟؟؟؟؟
الشبكة العنكبوتية والتواصل عبر النت سلاح ذو حدين، خدم الكاتب كثير في سرعة النشر، وكثرة المنشور، وكبر حجم رقعة القارئ، ولكن أوجد مساحة شاسعة للسرقات الأدبية، وما أكثرها وأسهلها، عكس الماضي، حين كنا ننشر عن طريق الجرائد فقط، كانت كتاباتنا بأيدي أمينة، وحقوق النشر محفوظة، عكس النت، من بحاسب من؟ النت فرض علينا بحكم التكنولوجيا والتقدم، وقد أوجد علاقات كثيرة في متناول اليد، لو ابتعد الناس عن الكذب من خلف هذا الجهاز، لغدا نعمة وليس نقمة..لازم يكون الصدق والثقة شعار الطرفين، وقناعتهم، النت اختراع لصالحهم، كل ما تتخيله يمكن أن يحدث في الشبكة العنكبوتية، أؤمن بكل العلاقات التي يروضها المبدأ السليم، والنية الصادقة.
@هل أنت سيدتي مع القصيدة الشعرية الحديثة والشعر الحر؟؟ أم مع القصيدة العمودية الكلاسيكية المعروفة ؟؟؟ وهل تكتبي الومضة الشعرية أم لا؟؟؟؟
أنا مع الكتابة بشتى أنواعها، وليس مع الشعر الحر، أو المقفى أو ألعامودي، ﻷن الفكرة تولد، وهي ترتدي ثوباً على مقاسها، ويليق بها. الفكرة العارية تموت سريعاً، كل ما يكتب، يستحق التقدير والمتابعة والتعزيز، إلا ما رحم ربي من الأقلام الجوفاء، والفكر الخاوي على عروشه. هذه بعض كتاباتي:
ما بقى على الرحيل إلا ساعات، والعبرات عيت والله تطاوعني، قلت يا عين أقتلي من بعده النظرات، قالت أبشري حرقة العبرات، لأجل عيونه لحظة الرحيل عمتني.
@ ما هو رأيك بالثقافة الذكورية المنتشرة في المجتمعات العربية؟؟؟ والتي تقول: المرأة ناقصة عقل ودين، وثلثي أهل النار من النساء، والمرأة خلقت من ضلع آدم الأعوج، فلا تحاول إصلاحها، لأنك إن حاولت فسينكسر، لذا لا تحاول إصلاحها، والمرأة جسمها عورة وصوتها عورة، وحتى اسمها عورة، وما ولَّى قوم أمرهم امرأة، إلا وقد ذلوا. والمرأة لو وصلت المريخ نهايتها للسرير والطبيخ???
أغرب ثقافة ذكورية سمعتها منذ أن فتحت عيوني، إنها ثقافة الجاهلية الأولى، في عصر أبي جهل، وعكرمة، وأبي لهب، هذا وأد صارخ للمرأة، في عصر أوشكت أن تقوم به الساعة، من أجاز قتل المرأة بهذه الصورة، وقد أينعت وغدت شجرة مثمرة ؟ ناقصة عقل ودين، ليس معناها مختلة عقلياً، بل لأن عاطفتها تغلب على عقلها، ونقصان الدين، ربما لأنها تنقطع عن العبادة من خلال رخصة ربانية من حمل ونفاس، والى ما شابه من أمور، لا تستطيع إن توفي دبنها حقه، وعورة المرأة لا ينقص من قدرها، لأنه بيدها سترها، لما نظر الرجل للمرأة بهذه السلبية؟؟؟ ولم ينظر لها بأن طرف خمار من نساء الجنة، لو تجلى على الأرض، لأشرق الكون منه كله، أما الضلع الأعوج فهو من ضلوع آدم.
أما جسمها، فهو عورة حقاً، ووجب على الرجل سواء كان أب أو أخ أو زوج، أن يستره بتثقيفها دينيا، إذا وصلت المرأة للمربخ، غدت رجل آلي، وفقد الرجل حقه الشرعي في غرفة نومه. ولطالما تفكير الرجل بطنه وشهوته، تظل المرأة بالنسبة له حلة محشي وسرير.
@ما هي رسالتك تجاه القاريء ككاتبة وشاعرة ؟
رسالتي للقارئ، ليس لها مسمى ! فسأظل ألقي بجعبة القاريء، ما يلقيه بجعبتي وحي فكري وقلمي..رسالة الكاتب، كما رسالة الرسل، من ناحية سموها، وطريقة توصيلها، ومدة إتمامها على مدى مراحل عمر الكاتب، توصيل الأسمى، وتصحيح المسارات الخاطئة، ومحاربة كل ما هو مؤذي للإنسانية، ومزعزع لكيانها، وللحب نصيب الأسد مني، في توصيله، والتعبير عنه. هذه بعض كتاباتي الشعرية:
لا تجرح الجرح بروحه، ترى الجرح مجروح، لا تزود جروحي وجروحي، والله ما هي عادية، داوي جرحي ولا تعالج، الجرح خلي بالجرح كيف تجرح جروح
فيها النزوف ندية.
@هل أثرت الأحداث السياسية على اتجاهات قلمك وفكرك، أم لن تستطيع الرياح العاتية تحريكه عن قبلته ؟
عصفت الأحداث السياسية بقلمي وفكري، ليأخذا منعطفاً خطيراً، ومغايراً، من عالم الرومانسية، إلى خندق ومعترك القتال، لا إرادياً، فالوطن العربي يسكنني من الأعماق، وكل دولة عربية هبَّتْ عليها رياح الأحداث الحارقة، كانت تحيل بمداد قلمي، اللون الوردي الحالم، إلى أحمر قاني، مكفهر، بفعل الأحداث، وبعد أن كنت أكتب بتروي وهدوء، كتاباتي العاطفية، والاجتماعية، غدوت كما الجندي، أتنقل من هنا وهناك، أجري لاهثة وراء الأخبار، لعلي ألم بما يدور بأمتي، ومصرنا العظيمة استهلكتْ الجزء الأكبر من تفكيري وأعصابي، وادمعي أولاً، لأنها مسقط رأس أجدادي، ولأنها أم العرب، والدنيا كلها، وقضية فلسطين، إلى أين وصلت الآن في ظل هذه الأوضاع الحارقة؟ ؟ للأسف الشديد، كل الذي حدث، وهبوب الرياح الآتية من الدول الغربية، ما هي إلا للقضاء على أنفاس القضية الفلسطينية، ومحاولة مستميتة لقتلها..من خلال زرع الفتن بكل دولة عربية، كي تنشغل كل دولة بمصيبتها، والفتنة التي وقعت بها، ومن ثم النتيجة، إغلاق ملف القضية بالشمع الأحمر، وقيدتْ جريمة أسر المسجد الأقصى الشريف، ضد الصمت العربي، فإسرائيل في ظل تردي أوضاعنا، تعيش الآن الربيع العربي، عوضاً عنا، وتنام الآن قريرة العين مائة عام للأمام، في ظل رسم خريطة جديدة للوطن العربي. الذي يحدث الآن وحدث، ما هي الا الثورات الوردية الناعمة، التي هدفها الإجهاز على الدولة العربية من خلال قلب نظام الحكم، بأيدي الشعب نفسه، الذي يعرف المستعمر متى ينقض عليه، ومتى يقول له، كن فيكون، ومتى يدخل بوطنه الذئب، بعد أن البسوه رداء الحمل، والناسك المتعبد.
@ما الحصيلة التي حصدتها الشعوب العربية، حين خرجت للميادين وأسقطت رؤوس الهرمن بثورة ما عرف بالربيع العربي؟؟
لا أرى نتيجة غير الدمار، وبحور دماء، ستظل تنزف، وعودة للوراء، والذي هرب منه الشعب، وجد أفظع منه. وهذه بعض كتاباتي:
لا تحلف يا خلي بأعظم الأيمان، يا خوفي تدفع ثمن حلفانك دية، أنا والله أقولها من غير حلفان، ما وطيت رأسي إلا لرب البرية، حطني برأسك ليل مع نهار، ولا دمعة تنزل لأني بريئة، قول عني خائن قول..غدار، أصون العهد كافي ماني هفية.
@ ما الحل إذاً؟؟ لإنقاذ وطننا العربي من المؤامرة الكبرى ضده ؟؟
الحل هو بتعميق الثقافة السياسية للشعوب العربية، التي بات سمتهم (تجمعهم طبلة وتفرقهم عصا)، بعض الدول عادت كمصر، لأن بها خير أجناد الأرض، ومحروسة من الله تعالى، والكثير لم يعد كما كان، والآخر مترقب للمخاطر، لا استقرار بعد الذي حدث، الجوع والفقر، أو عدم الأمان ؟ على ما أظن الأحداث أجابت.
@ هل كتبتي بالعامية وشيء منه للقارئ ؟
نعم كتبت الكثير واعشق اللهجة البدوية الخليجية لما بها من فصاحة الصحراء. وهذا بعض ما كتبته:
قرب يمي خلي أنفاسك تحرقني، جف عودي حبيبي وأنا في انتظارك، عيد بضمتك الربيع العربي لجسمي، ثورة بين أيدينك وثورات بأحضانك، ولم شملك يا خلي بقربك على شملي، والعروبة تغار من وحدة قولك وأفعالك.
@الحب ما مكانته من الإعراب في قلبك ؟
أنا خلقت أكتب الشعر، ليقرأ من لم يعلم، كيف يترجم شعوره بالحب وغيره، وأحاول أن أجعله يستخرج ما يجول بأعماقه، من خلال كلماتي، ليشعر بالارتياح بعدها، وكأنه هو الذي عبر عن كوامن نفسه، دون أن يمر بإرهاصات ومخاضات ولادة الفكرة، الحب مولود له خاصية الموت والحياة بنفس الوقت، وله حياة برزخ، وهو البعاد، نعم الحب يغدو ثقل مدمر ربما يؤدي للانتحار، أمثال روميو وجوليت.
الحب لو يكن موجوداً بحياتي، أوجدته من خلال كلمة أسمعها من أغنية عاطفية، وام كلثوم حين اسمعها أعيش الحب كله بيني وبين نفسي، هو غذاء روح قلمي، لذلك اخلقه بخيالي، وأتفاعل معه، كأنه حقيقة، واكتب عنه. حب الله تعالى، هو الحب الدائم بقلب البشر، وأسمى أنواعه، وأما حب البشر للبشر، فهو كثيراً ما يتملكه الشيطان في هذا الزمن. هذا بعض مما كتبته:
علمني حبيبي إشلون أحيا بدنيتي وإنت عني بعيد، وإشلون أداري دمعتي وإشلون أحيا من غيرك سعيد، علمني كيف أصلح غلطتي وإشلون أحبك من جديد، وكيف أغدا حبيبك يسري نبضي بشريانك ..والوريد.
@ بماذا تحلمين ككاتبة وشاعرة الآن ؟
أحلم بتنظيف البيت العربي تماماً، وإعادة جماله ورونقه قدر المستطاع وخلع الجبن من قلوبنا فقد حبانا الله تعالى بنعم تجعلنا ملوك الأرض ولكننا نأبى إلا النوم بأحضان الاستعمار من خلال جهلنا وتخلفنا واستهتارا بوطن مطمع كل الدول الغربية، أحلم أن تعود ولو حمامة سلام واحدة تعود وترفرف فوق وطني العربي لعل أسراب الحمائم تستبشر بأن الأمن عم وطننا وتأتي لتظلل سماءنا بعيداً عن السياسة، وضجيجها .
@كلمة تختمي بها هذا اللقاء الممتع والقيم ؟
طبعاً، بداية ونهايةً لا يسعني سوى أن أشكرك أستاذي من الأعماق، لإتاحة هذه الفرصة الذهبية لي، لأعبر عما يجول بخاطري من خلال أسئلتك الرائعة كروعتك..وكم أتمنى أن يجد أدب المرأة العربية اهتماماً أكثر، من خلال فك القيد عن معصمها، من قبل المجتمع، وأشكرك جداً، لنصرتك للمرأة الكاتبة، من خلال حواراتك القيمة، مع كوكبة من الأديبات والشاعرات، ودمت أستاذي الكبير الدكتور أحمد القاسم.
انتهى موضوع مقابلة وحوار
مع الكاتبة والشاعرة الفلسطينية فايدة العناني