الشاعرة التونسية راوية جراد
الكاتب والباحث الدكتور الفلسطيني احمد القاسم
السيدة راوية جراد، شخصية تونسية رائدة، وهي شاعرة، وكاتبة وناقدة سياسية، وتكتب القصة القصيرة، والومضة الشعرية، والمقال السياسي النقدي، تتمتع بالحس الوطني والقومي، وهي مع حرية المرأة ومساواتها بالرجل، وضد الفئات التكفيرية، التي تحاول نشر الفكر الوهابي الإرهابي، تؤمن بدور الشباب بشكل خاص، بالدفاع عن الوطن واستقلاله، وحماية الثورة من أعدائها. تتمتع بالوعي الواسع، والثقافة العميقة، تكتب بقلم ماسي، ومداد ذهبي، قصائدها، تتصف بالطول والعمق والأفكار الإبداعية والخلاقة، والصور التعبيرية الرائعة، تدافع بها عن حقوق الوطن والمواطن، والمرأة بشكل خاص، والفكر الإنساني والتقدمي بشكل عام، لها نشاطات اجتماعية كثيرة ومركزة، من خلال جمعية خاصة، كما أنها ساهمت بنشاطات كثيرة، أيام الثورة، ضد نظام الحكم الدكتاتوري البائد. راوية جراد، تقيم في مدينة صفاقس، عمرها واحد وأربعون عاماً، متزوجة، هواياتها المفضلة: المطالعة والموسيقى وكتابة الشعر، تدافع عن مدنية الدولة، والتصدي للإرهاب، واستقلال القضاء، وحرية الإعلام، والعدالة الاجتماعية، تدافع عن حق المرأة في المساواة الكاملة، شاركت في عدة مظاهرات، للدفاع عن أهداف الثورة، التي وقع الالتفاف عليها، وبعد سلسلة الاغتيالات، التي وقعت في تونس ضد القوى التقدمية المعارضة. شاركت في عدة اعتصامات، وألقت عدة قصائد ناقدة، لواقع تونس والحكومة، التي تم إسقاطها، ونددت بالإرهاب والعنف، المطالعة ، هي هوايتها المفضلة، منذ طفولتها تحب الشعر، وتكتب الأغاني الوطنية، والرومانسية، تكتب لشرائح مختلفة من المجتمع، أكثر كتاباتها شعرية، إلى جانب كتابة المقالات السياسية، والاجتماعية، والقصص القصيرة. تكتب أيضا الومضات الشعرية، أعدّت ديوانا لم يرى النور يعد، بسبب قلة الإمكانيات المادية.كما قلت سابقا الشاعرة الرائعة راوية جراد سياسية من الطراز الأول تنتقد بجرأة وبصراحة، ولا تخاف بقول الحق لومة لائم، وهذه قصيدة من أشعارها تنتقد بها احدى وزيرات حكومة الغنوشي، لنقرأ ما تود قوله شاعرتنا راوية عن هذه الوزيرة المستوزرة:
كلمات قلتها ولم ولن أندم، يا وزيرة، لفردة حذاء واحدة، يا وزيرة مشلولة التفكير مقعدة، يا وزيرة، أصابتني بكل العلل، في الكبد والطحال والمعدة، يا وزيرة، هدمتْ كالفيل الغبي، كل الأعمدة، يا وزيرة، كنت فاشلة على كل الأصعدة، ما كنت زعيمة، إلا في الأسفار والمجون والعربدة، كأّنّك عشت جلّ حياتك بين الحمير والقردة، والله لو عرضوك في سوق النخاس كالعبدة، لعادوا بك، لتباعي في سوق الخردة، يا وزيرة، أساءت للنساء والأطفال متعمّدة، ورغم اللّوم والتأنيب، مازالت كالماجنة المتعربدة، ليتك أمامي يا وزيرة الاغتصاب، والحقوق المجمّدة، لسحلتك كالعقرب، ورميت بك في نهر مجردة.
في قصيدة لها من أشعارها، تصف فيها مشاعرها، وشعورها، وعواطفها الجياشة، عند رأيتها لحبيبها، وهو يتبسم، كل هذا يتم بأسلوب سلس، وموسيقي، وبكلمات مختارة نقية، صادقة، ومعبرة، وبصور تعبيرية مجازية خلاقة، وإبداعية، لنقرأ ونستمتع بما تود قوله صديقتنا الشاعرة راوية جراد بقصيدتها:
قلبي موجوع محطّم..بات لا يسمع، لا يرى لا يتكلم، يا آلهة الحب والجمال، لما بالعدل لا تحكم ؟؟ لما لا تجود بالصبر وتنعم ؟؟ كلما رأيت وجه حبيبي يتبسّم، أمواج الشوق تغمرني، وعلى صخرة قلبي تتحطّم، تمتزج أحاسيس الشوق بالجمال، بالدفء والبلسم، وتلتهب آهات العشق، تتدفق في شراييني نار جهنم، وفي غمرة من الحب، من النور، من الحلم، من أشياء لا توصف ..لا تكتم يغيب ملاكي في لحظة، هو لا يحسّ بي، لا يعلم، ألملم جرحي وأتلحف في يأسي وأدفن آهاتي وأكتم، ويذوب قلبي وعليّ يتمرد.. يتمرّد ويستسلم، فيزجرني، ويهجرني، ويمشي، وهو يتمتم، يغرق في قاع العشق، يهذي به الدهر ويحلم، يجرني وراءه كالجارية للمحرم، ما عدت أسيطر على قلبي، فقد أرهقني وأجرم، هو لا يفهم، لا يتعلّم...ليتني أوثقه، أوقد فيه النار وأضرم ،بعدي عنه بات سلاماً، وأنا اخترت الحل الأسلم، ففارقني، ليلاحقه كالظل، كالكلمات في المعجم، فأين صارت أراضيه ؟؟ منذ سنين أنا لا أعلم.
في قصيدة أخرى لها، حالمة ورومانسية، تعبر فيها عن مدى تأثير حبها لحبيبها على أوضاعها بشكل عام، فحبه اثَّر كثيراً في كل مناحي حياتها، ومع هذا، فانه ينمو ويكبر، فحبها يتغذى من شرايينها، ومن جسدها، ومن أملها ووجودها، ويأسها، وشمسها، وقمرها، وجمالها، وآهاتها، وكل شيء في حياتها، لنقرأ ونستمتع بكل روية، كيف تعبر شاعرتنا الرائعة عن تأثير حبها لحبيبها، في كيانها وبحياتها ووجودها:
حبك يتغذى مني، من شرياني، من جسدي، من عبثي، ومن عدمي، من حاضري، من أمسي، من أملي، ومن يأسي، حبك ينمو من شمسي، من جنوني، ومن سجني، من وسادة أحلامي، من مساحيق أيامي، من نبضاتي من فنّي، من كلماتي، من آهاتي، من همساتي، من لحني، حبك ينمو ويكبر، وأذبل أكثر فأكثر، وأتلحف في يأسي وأُقهر، وأموت، ولكن في صمت، يا ادم لما تتكبر ؟؟ تطلّ كالفجر وتُبهر تجذبني كريح صرصر، تُضلّلني برمش أشقر، ونرقص على وقع المطر، لحن الوفاء مع الشجر، في أعماقي تتأمّلر، فتتفتّح أحلامي وتزهر، تتبسّم بسخرية وترحل، وتمضي، وأنت تتبختر، معك أنفاسي تتبخّر، يتلاشى قلبي ويتعثر، ويذوب كقطعة سكر.
وفي قصيدتها بعنوان (المتمردة) يصفها حبيبها بالمتمردة، وبصفات أخرى كثيرة، فهي متعجرفة، ومتمردة، ومتعربدة، وسقط الحياة وذل النساء، ومتشردة إلى أوصاف كثيرة قاسية الوقع عليها، مع أنه كان يصلي ويركع في محراب حبها، وفي جفونها، وكان معها وفياً وزاهداً، طول حياته، في السر والعلن، وهي تقول وبكل صراحة: بأنه مهما فعل معها الآن، فلن تعود له، ولن تركع له أبداً، ولن تمد له يديها، حتى ولو قال عنها بأنها أغلى وأحلى النساء، لنقرأ ونتابع ونستمتع بقصيدتها (المتمردة):
يقول عنّي متمرّدة..متعجرفة..متعربدة سقط الحياة. .ذلّ النساء متشرّدة !!! تبّا لمن زهد الحياء..وتعربد...لا لا لا لا تبّا له يرتدّ بعد العشق والجنون والهدى!! يا ويحـــه...كان وفيّا طول المدى وزاهداً وعاكفاً متعبّداً، في معبدي..في مقلتي..في مهجتي في الجهر..في السرّ وفي الخفاء !!!! قسمــاً به، وبحبـــه وبالكنيسة والمسجد، لو راقص كل النجوم..كل الكواكب والتقط من الصحاري..كل الأفاعي، كل العقارب، لو شرى النهار وباع المساء واختطف السحاب...من السماء، لو قذف الشمس عبثاً...وتفرّداً وحلّق كالنسر الجريء مهدّداً متوعّداً، لو صاحب الصوت الجميل متناغماً مع الصدى ،مناجيــاً مترجّياً نادما أو حــاقداً ، لن أرتهن أبداً له، و لن أخرّ مجدّداً لن أركع، لن أسجــــد...لا أبداً أبدا ،أنا فوق عرشه متعربدة، بين جفونه مستلقية متمدّدة، على شفاهـــه متورّدة، وفي عروقه متجددة، وعداً لنفسي أنا ،ومنذ الآن فصاعداً، لن أمدّ لـــــه يـــــداً..لو قال عنّي أنني...أغلى النساء، أحــــــــلى النساء، فأنا له متمـردة متمـرّدة.
في قصيدة أخرى لها تصف فيها حبيبها وهو مبتسم، ويتهكم عليها لا هو بالجدي ولا هو بالهزلي، ويقول لها لنضع لهذا الأمر حداً، وكأنه لا يعرف أن كل شيء مرتبط به هو شخصياً، وأنها هي بدونه لا شيء، لا قبله ولا بعده، وهو يخونها، وهذا ما أثر بكيانها وعصف بعواطفها ومشاعرها، ولكنها تقولها له بكل جرأة وشجاعة وصراحة، انا يا حبيبي مع كرامتي ولا يهمني احد، لنقرأ ونستمتع بقصيدة الشاعرة راوية وكيف تعبر للحبيب الذي يخونها بكلمات عذبة رومانسية ولكنها صاخبة:
بين هزل وجد قال لي، مبتسماً متهكماً، يوم الأحد:"صغيرتي فلنضع لهذا الأمـر حد"! هو لا يعرف أن له الأمر، من قبل ومن بعد، هو يعلم أنني من بعده ليس لي حبيب، ولا سند، وأنني لا أعترف من بعده بالحياة، ويخونني كل الجلد، تغمرني موجة من الغضب، تعصف بي وتشتد، فأتعالى على السحاب وأرى الأرض، كنقطة من ضيم، ووجع، وعويل، وصخب، رفعتني دمعتي إلى السماء، إلى ساحة الصمد، وطوقتني بقوة، بحبل من مسد، فعانقتُ معه الحنين، وعانقتني جبال الصدّ، تتوضأ الصحراء من دمعتي للأبد، وتحثّ نملة الخطى، لصلاة الفجر، فلا أذاناً ولا ديكاً، لا لم تجد، وغرق الفجر في قطرات من الندى، ومن ظلمات بلا عدد، وسجد الصبح يناجي في شعاع المدد، وتسلل قلبي مني في احتراق، ثملاً وتهاوى وقد جمد. في ركعة من الإباء والشموخ، وجيوش من العزة والمجد، لملمتُ روحي الشهيدة، في محراب الضيم والكمدْ، وأجبته بحزم وجهد، وقد نزعتُ ألف قيد وقيدْ، فلتضرم حروف قصيدتي وصورتي، وتجلد نبضي جَلداً جل، فأنا يا حبيبي مع كرامتي، أنا لا أحِد مع أحد.
هذه قصيدة أخرى للشاعرة التونسية الوطنية والقومية، راوية جراد، تفضح فيها حكومة الغنوشي، بعد اغتيال اثنين من قادة المعارضة التونسية الكبار، تفضح فسادهم، وعلاقتهم مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، تفضح تخاذلهم ووعودهم الكاذبة لفقراء تونس، الذين انتخبوهم على أمل أن يطبقوا العدالة، ويعملوا على توظيف آلاف العمال العاطلين عن العمل، ولكنهم تخلوا عن كل وعودهم للشعب، وأرادوا أن يستأثروا بالحكم لوحدهم، بحجة الشرعية، وعزل باقي القوى الوطنية، التي كان لها الدور الأكبر، بإسقاط رموز النظام المستبد والدكتاتوري السابق، لقد كفَّروا الناس، وادعوا أنهم دعاة للسلام والإسلام وأنهم يخافون الله ويهابونه وأنهم سينشرون مبادئه ويعملون على تحقيق أهداف الثورة بما فيها من حرية وعدالة اجتماعية بين صفوف الشعب الكادح المفقر المهمش، ولكن انقلبوا على وعودهم واستأثروا بالحكم بدعوى " الشرعية"، التي يجب أن يخضع لها باقي جماهير الشعب التونسي، رغم فشلهم الذريع في تسيير شؤون البلاد في الداخل والخارج فلجئوا للعنف والإرهاب وتورطوا في اغتيال قادة المعارضة، وعمدوا الى تكفير الناس، وملاحقة المحتجين في الشوارع وتعنيفهم واستعمال الرش في الاحتجاجات فأصاب العيون والأجساد دون رحمة ولا إنسانية، فيخرج الشعب ونوابه للمطالبة بإسقاطهم ويتشبثون بالسلطة بدعوى أنهم منتخبون ويمثلون الشرعية !! شرعية منتهية الصلاحية منذ سنتين !!!!!
وفي هذا الصدد، لنقرأ ونستمتع بما كتبته شاعرتنا الرائعة راوية جراد، بقصيدتها الإبداعية، عن فساد جماعة الغنوشي، والجماعات التكفيرية الأخرى، حيث لم تُبق شيئاً عن فسادهم وأكاذيبهم، إلا ووضحته بقصيدتها. لنقرأ ماذا تقول صديقتنا الشاعرة راوية:
عن أيّ شرعيّة تتشدقون ؟؟؟ عن أيّ شرعيّة تتشدقون ؟؟ بعد اغتيال الزعيم مازلتم تتشبّثون وتتبجّحون ؟؟ بعد جنازة مئات الآلاف والمليون !! بعد الرّش في سليانة وعمى العيون! أهذا ما كنتم به تعدون ؟؟ شيوخ متطرّفون ظلاميون، على جلبهم تتكالبون، أفلا تخجلون ؟؟ على هواتفنا تتنصتون، تحركاتنا تراقبون، وتسجنوننا وتعذبون وفي المساجد مع الله تدعون أفرغتموها وبقيتم فيها تهلّلون وتكبّرون على المنابر تكفّرون وتحشدون و بدمائنا تحلّلون، وزراؤكم من الكرتون غير التملّق والأكاذيب لا يفقهون، العاطلون منا شارفوا على المليون، وزير العدل بيده مفاتيح السجون، أفلا تتّقون ؟؟ لا طهّرتم ولا حاسبتم ولا جلبتم مخلوعاً ولا هم يحزنون !! وهم في العالم يصولون ويجولون ويتوسّمون !! عن أيّ شرعيّة تتشدّقون؟؟ بعد فضيحة الزيتون، ومعرض المسروقات، والشيراتون، ومسرحيّة التحوير، وذرّ الرماد على العيون، ومليونيّة الماء والشوكوتوم، بعرق الشعب تتنقّلون، ثمّ تشتموننا وتلعنون، بأيّ شرعيّة تنادون ؟؟ وقد مللنا جلوسكم في المجلس تتجاذبون، وتتصارعون، والى سفارة أمريكا تركضون، وبالمناكب تتزاحمون !! عن أيّ شرعيّة تتشدّقون، وأنتم بالأحضان تعانقون بني صهيون، محرّضون وومهرّبون ومفسدون ومارقون عن القانون !! لما تتغافلون وتسمعون وتخرسون ؟؟ إنكم متواطئون، أفسدتم علاقاتنا مع الدول وأنهكتم خزينتنا بالديون !!! ارحلوا عنا ارحلوا عنا !!! لقد كرهتكم الحواس والعيون.
وهذه قصيدة توجهها للغنوشي تعبر فيها عن مشاعرها نحوه بكل جرأة وصدق وصراحة، ولا تخاف الموت او السجن او الاعتقال في سبيل حبها لوطنها تونس الخضراء:
كلمات من حمم تخترق الذاكرة، عندي للغنوشي وصية، بعد طز ومن غير تحية، هاذي مطالب نهائية، يا..استقالة جماعية، وإلا حبسة أبدية، وإلا تطيروا للسعودية، وإلا قطر وتركية، رد بالك تقول سورية، ما تقبلش اليهودية، وإلا جماعة صهيونية، يا رئيس الجمهورية، تبيع وتشتري في القضية ؟ إعلام وصحة وداخلية، ومؤسسات عمومية، رجعتهم بعصاً سحرية، تحت الراية النهضاوية !!!! احشم يا شيخ شوية، وخاف شوية عل سمية، من البلاء ليجيك هدية، تكون جاني تولي ضحية !! يخي تونس مش إسلامية؟ موش دولة مدنية !! عملها سيدك جمهورية، وأنت كنت في الإعدادية، وإلا فار في الإصلاحية !!! يا راجل اش دخلك في؟؟ ما نيش نهضاوية، ك تطربق السماء علي، خرجت نادي بالحرية، لبستوني قضية !!
تامن بيها التعددية ؟؟ عامل كمشة بلطجية، تضرب تحرق في البشرية، فدينا من المسرحية، ضابط يضرب التحية، للعصابة الهمجية، تقولش ثكنة عسكرية !! حرقوا السفارة الأمريكية، خرَّجتوهم في العشية ! هرب زعيم السلفية، من الحدود الجزائرية، قلتوا خطة تكتيكية !! واليوم تتكلم عل الحرية !! وعل المبادئ الثورية !!! عدالة وديمقراطية !!! كتبنا صداق في البلدية ؟؟ باش تحكيلي عل الشرعية !!!! قتلوا الراجل في سرية، وقالوا بالسكتة القلبية، وفضايح في الداخلية، كذب ولى صباح وعشية، جات تحمي الدولة التونسية، شعلت فينا حرب أهلية !!! شعلت فينا حرب أهلية، بربي شوية وطنية، أنا مش تجمعية، وإلا من الجبهة الشعبية، أنا راني تونسية، تونسية..تونسية، وتبقى تونس تونسية.
في قصيدة أخرى لشاعرتنا الرائعة راوية جراد، وبأسلوبها الممتع واللذيذ، والذي يعطيك الأمل والحياة، بحق وحقيقة، تقسمْ فيها بشهداء تونس، وبدمعات الأمهات الباكية، وبكل حبة رمل من ترابها، وبكل جرح مناضل سقط على أرضها، وبكل نقطة دم سالتْ من جرح شهيد على أرضها، وبكل أنَّات الأمهات والأطفال، أن تزول هذه الرؤوس المستبدة بالحكم والظالمة مع أبناء الشعب، قصيدة كتبت بالدموع بعد اغتيال الشهيد لطفي نقض وسحله ثم الادعاء أنه قد مات بسكتة قلبية !!!! رغم كل الصور الموثقة والفيديوهات والشهود أرادوا طمس الحقيقة حقيقة انهم متواطئون مع روابط حماية الاجرام "حماية الثورة" كما يدعون وهم في الحقيقة الذراع القمعي لحركة النهضة ولكن مهما فعلوا فان الحقيقة لا يمكن طمس معالمها على الدوام والظالم لا بد أن يكون يومه قريبا جداً، وهي تطمئن أبناء هذا الشعب، وتقسم لهم، وتؤكد لهم توقعاتها، لنقرأ ونستمتع بقصيدة الشاعرة راوية، وقَسَمها:
قسماً بكل ذرة من تراب تونس الغالية، قسماً بكل دمعة من عيون تونسية شاكية، قسماً بكل جرح لمناضل بيد جلاد قاسية، قسماً بكل قطرة من دم على أرضنا جارية، قسماً بكل آهات وصرخات عالية، قسماً بكل نجمة في السماء نائية ،سيكون الويل لكم منا نحن الوحوش الضارية، نحن السواعد العاتية العارية، نحن سكان أحواز المدن والبادية، نحن أصحاب حقوق الأرض الثائرة، سنطرد حكومة الذل والعمالة الفاجرة، سنطرد حكومة القهر و التضليل الجائرة ،ستبصق على وجوههم أم الشهيد الصابرة، قسماً أنهم ماضون، وتونس باقية، سيزولون من حياتنا كالدنيا الفانية، نُمضي في الأخير بدموع الأمهات الباكية ،ودموع كل أحرار تونس من هنا والجالية.
في قصيدة أخرى لها تعبر عن آلام تونس، وما ألَّم بها وأصابها من أزمات حادة على كل المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمالية في ظل حكم حركة "النهضة" فهي توجه كلامها لقارئ جريدة وتقول له بأسلوب شيق وممتع:
لو سمحت، ارم من يدك الجريدة، وتأمَّل بين آهات القصيدة، ترى تونس الحرة شريدة، سقطتْ بين أيدي عابثين..عبيدة، تذرف الدمع على كل شهيد وشهيدة، على كل مناضل ومناضلة طريدة تستغيث لرب راحم لعبيده، ليغيث جرحى حالتهم جدا أكيدة نسينا آهاتهم..وبحثنا عن سر..المكيدة تونس تحت احتلال من عصابات جديدة..لا كفاءة لا مبادئ..منذ أزمان بعيدة...معاناة وتعذيب في زنزانات عتيدة..لكل تمرد معارض..أو كلمات سديدة..دمار وخراب بدعوى مس بالمقدس والعقيدة..ألم تقولوا أنها ثورة مجيدة ؟ إنها حقا..جروح في ضميدة..يا صديقي قم وشارك ثورة..حقاً فريدة، حقق الأهداف، لا لشعارات بليدة..قم وزلزل بهم الأرض، بنبرة الحق الشديدة.. فلنمت والجرح فينا..ولتعش تونس سعيدة.
في قصيدة أخرى لشاعرتنا، تصف بها حبيبها، بعد عودته إليها، بعد غياب سنين، وكيف انه هجم عليها كالوحش، وكان كالإعصار، والتنين، ويضمها له بعنف، وفي الأخير يقول لها وبكل بساطة، أرجوك، أن تنسيني حبيبتي، لنقرأ ونستمتع، بما عبَّرتْ عنه شاعرتنا راوية، بقصيدتها الممتعة والشيقة:
بعد عذاب وشوق سنين ضمني إليه بجنون الحنين، قبّلني كالإعصار، التهمني كالوحش، كالتنين، ألهبني شمالاً، ألهبني يمين، قبّــــــــل جبينــــــــــــــي وقال بانكســــــــــــــــــار العاشقين، أرجوك حبيبتي انسينـــــــــي.
وفي نفس السياق وفي قصيدة أخرى للشاعرة راوية تعبر فيها ما الَّم بها وأصابها من حزن ووجع وألم، عندما عاد اليها حبيبها من بعد طول غياب، وكيف أنها ارتمت بأحضانه، لكنه قبلها ببرود ولم يأبه بها، وطلب منها بكل إصرار، بغلق موضوع الحب بينهما، والانتهاء منه، وكم كانت لكلماته هذه من وقع سيء على نفسها، وروحها وقلبها، وقالت بأنها ستدقّ رأسها المهووس به بالفأس، وتتهاوى شهيدة في رمسها، شهيدة الحب والعشق الممنوع.
لنقرأ ونتابع، شاعرتنا المبدعة والخلاقة راوية جراد، كيف تعبر عن مشاعرها بقصيدتها وبكلماتها المنتقاة، وأسلوبها السلس الممتع:
ارتميتُ في أحضانه بعد غياب وعذاب ودموع، فعانقني ببرود،وقبلني بفتور، وهمس لي "عفواً يا سيدتي، أقفلي هذا القوس، وأغلقي الموضوع " وقعتْ كلماته في نفسي، كوقع كواكب على سهل على جبل في لحظة خشوع، وانفجرت كل النجوم الساجدة بصدى ألمي المسموع، وأنا الموؤدة في بحر من العشق، لا أحسن التجديف، ولا مهارة الغوص، فداس على أطراف قلبي، وتركه في ساحة التعذيب...مصلوباً موجوع، وانتفضتْ الطيور مهاجرة من باخرتي من روحي وحدسي بقلب مخلوع، فحملت أشلاءها، وتهاوتْ في ذل وصمت، في عاصفة فاجرة ماجنة من قلع لجذور وكسر لضلوع ، وبلحاف الموت، جالت روحي متشردة في ملامحه محراب الركوع، واعتليت غيمة من قحط وجوع، تهتْ في عالم غيب، بلا عنوان ولا نقطة رجوع، كقارب غريــق بلا بحر ولا ربان، ولا بوصلة ولا شروع..عفوا يا سيدي، على ما ضاع منك معي بالأمس، من وقتك المرصع بالمرجان والياقوت والألماس، في سيمفونية العزف، وفن الرقص، على أوتار الحس، فقد مسَّني الهوس يا سيدي من نشوة العشق، من سحر الهمس، ووقع اللمس، فانا لا أحسن فن الجمع والطرح، ولا فنون الرماية بالكلمات والرمح، ولم أعتبر يوماً بتقلبات الطقس، ولم أعترف في حياتي بلغة التنميق، كما العرب او الفرس، عفواً أنا لم أحتسب جملة المجموع، وتغافلت في النهاية على وضع خاتمة الموضوع، فلا بأس يا روحي، سأبني على حطام قلبي، ألف جدار وفاصل وقوس، سأضمد جرح القلب بقيود حديد وقالب من جبس، سأدقّ رأسي المهووس بالفأس، وأتهاوى شهيدة في رمسي، شهيدة الحب والعشق الممنوع، ومع لفح الحنين، وبرودة الطقس، سأشعل رماد القلب، وأذرف الشموع، فأنا يا سيدي، ولو حتى على وسادة النعش، لا أعرف الخنوع، وانتهى الموضوع.
في قصيدة أخرى لها، تفضح بها الجماعات التكفيرية في تونس، وما يفتون به من فتاوي عرجاء، وما يدعونه من ادعاءات باطلة، من العقيدة الإسلامية السمحة، فكل فتاويهم تعمل على تكفير الناس، وتمنع الحريات، وتحث على الفتنة والبغضاء والتمييز بين البشر، وكأن ما يقومون به أصول الدين الصحيح، وأنهم طبقوا الدين بحذافيره، ولم يبق أمامهم إلا تربية لحيهم وتخضيبها بالحناء، لنقرأ ونستمتع بقصيدة شاعرتنا الرائعة راوية، وهي تفضح الجماعات التكفيرية والإرهابية، وجماعة القاعدة، وما يبثونه من سموم في الشارع التونسي:
أنا لا أنام في بيتي مع الغرباء، أنا لا أمحو بصمات مغتصب أطفال، ولا نساء، أنا أقاطع نفسي لو بداخلها هجاء، تكتمه من ضعفها لعشق في الحياة، أمقتها نفسي إذا ما غزتْ الشوارع كلها، وجابتْ الصحراء، داعية للحرية، للحق، لعدالة السماء، أعيدوا لنا أرضنا وخبزنا، وحق الضعفاء، كفّوا عنّا سوادكم ولحيّكم المخضّبة بالحناء، حدود الدين أوسع من رؤوسكم الجوفاء، زهدنا نفطكم المدنّس ودنياكم العوراء، فتاويكم ظلماء، تقسمنا، تكفرنا، تفتن بيننا، تبعدنا عن قدسنا، عن خالق البهاء، فلما تميّزون إذا بين ادم وحواء، أو هل لديكم ثأرا مع النساء ؟؟ دمرتم عروبتنا، عراقنا دمشقنا، دمشق الحضارة والشموخ والإباء، فلتنحروا عجولكم في رحاب الأقصى، وساحة الشهداء، لو كنتم حقاً على دين الله وما دعت الأنبياء، كونوا دعاة سلام للخير للعطاء، لا نبتغي من اللّه، إلا الستر والرضاء.
في قصيدة أخرى وطنية، للشاعرة راوية جراد، تحث بها أبناء شعبها على النضال والصمود، وتشحذ همم المواطنين بالعزيمة والأمل، وتقول لهم بأن وقت حصاد النصر قد أزف، فعليكم بالنضال ومواجهة العنف والإرهاب، مهما كلفنا هذا من تضحيات، وآلام، فلموت حق علينا، مهما طال اجلنا، فلنمت بشرف، ونحن ندافع عن تونس، فزمان الخونة والعملاء قد ولَّى، لنقرأ ونستمتع بما تود التعبير عنه شاعرتنا راوية جراد، وكيف تعمل على تعبئة الجماهير للنضال، بقصائدها الوطنية الرائعة:
دقت ساعة حصاد الطغاة لا السنابل، لنقاوم لو رمينا بالحجارة، والقنابل.. لنناضل لو ضربنا بالسلاسل، والمعاول..لنعش أحراراً، أو نمت في جنة الخلد بلابل..لا حياة لخائن، وفي الحق أبداً، لا نجامل..لا عاش فيها صامت، راض بقيادة جاهل..لا تخف فالدنيا فاصل، والموت من تحصيل حاصل.. مجرم من يدفن شعباً، وهو يرقص في المحافل..لم نعد نصبر وقد ضرب الداء منا المفاصل..عش عزيزاً أو فلتمت في الساحة أسداً مقاتل..لن تدم إلا تونس، كلنا زائل وراحل..فهي مغروسة فينا، وعلى تونس نناضل..لو نمت أو عشنا فيها ثكالى أو أرامل.
في قصيدة أخرى لها، تنعي بها شهيد تونس القائد الوطني المعارض، شكري بالعيد، الذي اغتالته أياد آثمة، من الجماعات التكفيرية التونسية المجرمة، لنقرأ ما تود التعبير عنه شاعرتنا بأسلوبها الرومانسي الحزين، في ذكرى الأربعينية :
يا شهيد وطني، يا شكري، إعجابي فيك يا أبا الثوار، كان يأسرني من صغري، يا زعيم عاصفة الأحرار، كانت بالسلم وبالفكر..هبّت تطهر أدرانا، كنت لها سيلاً يجري..يا صوتاً للحق يشعّ نوراً كانبلاج الفجر..افتقدتك يا مسك العنبر..يا روح الزهر والعطر..يا دفء الشمس الطيبة، في الظلمات تتدفّق تسري..أصابوك برصاصات الحقد، والمكر والغدر..فحرمونا منك، شهيد الظلم والجبروت، والعهر..واجتثوا الفرحة من أعماق أعماقي، ومن صدري..وطمسوا بسمة أمل ترتسم دوماً على ثغري..دموعي تدق الصخر، تفيض، لا جفتْ من على شفري..دمي متعثّر يجري مذ رحلت يا عمري..و فاض اليأس من صبري، على الظلم، على القهر..وغار الحزن في قلبي، فما أقساك يا قدري..إليك شكري يا أعز الناس، يا شكري..يا رمزاً للعزم، و الصمود، والصبر..فان قدروا على الجبل، فلن يخسفوا من تونس القمر..ولن ينبع واد الظلمات، ولا للتبعيّة نهر..فنم في جنة الخلد يا فخر وشرف بلدي..اسمك الخالد يا رفيقي يعلو جبيني كالبدر..عهد مني يا ملهمي في السرد، والشعر..سأواصل دربك جاهدة في السرّ وفي الجهر..لنعش بعزة وكرامة أو نستشهد في القبر.
هذه هي شاعرتنا المتألقة، الشاعرة التونسية الخلاقة والمبدعة، راوية جراد، التي تكتب بقلم ماسي، ومداد ذهبي، بأحلى وأعذب الكلمات، أحلى وأجمل وأعذب القصائد، في الحب وفي الوطنية، وغيرها، قدمت لكم قراءة في مجموعة من أشعارها، التي تعبر فيها عن حبها، وآلامها، وأحزانها، عن حبها لوطنها وحبيبها، وعن أحلامها، وطموحاتها، ونقدها للعملاء والخونة، أعداء تونس، فألف ألف تحية، لشاعرتنا الرائعة، والنجمة المتألقة، والساطعة، في سماء تونس راوية جراد.
انتهى موضوع:قراءة في أشعار الشاعرة التونسية راوية جراد