قبر راحيل
علي راضي ابو زريق
قصة قبر راحيل ومسجد بلال(في منطقة بيت لحم) التي أثيرت ً بين العرب وبني إسرائيل منذ أعوام نموذج صارخ على الجهل العربي عندما يتعلق الأمر بالدين وبالحدود بين الشعوب. وعرف بنوا إسرائيل هذا الضعف فينا فاستغلوه أيما استغلال . وبهذه المناسبة أذكر قصة شهدت بعض فصولها في القرية التي ولدت فيها ونشأت.
ففي قريتي الأولى طلوزة يوجد قبر في رهوة تبعد عن القرية بضع كيلومترات اسمه قبر هوذا. وهو عبارة عن دِكَّة تشبه القبر تتكئ على جدار داخلي لمبنى قديم مهترئ لا تزيد مساحته عن عشرة امتار مربعة. يأتي إليه اهل القرية فرادى ليصلوا فيه ويشكوا إلى الله همومهم وما يتعرضون له من ظلم بعضهم بعضاً عسى أن يستجيب الله لدعائهم ببركة المكان كما يظنون. وكان الناس يعرفون عن هوذا أنه ابن يعقوب فهو عندهم مقدس ويذكرونه باسم سيدنا هوذا . وبجاه سيدهم هوذا قد يقبل الله الدعاء. هذا إن كان يهوذا هو صاحب القبر فعلاً.
ولكن من هو يهوذا بن يعقوب في الثقافة اليهودية؟ جاء في سفر التكوين ( الأصحاح الثامن والثلاثين) أن يهوذا زنى بكنته ثامار خطيبة ولده الشرير عيرا الذي مات قبل أن يعرف خطيبته . فأراد يهوذا أن يجعل لابنه الميت ذرية فطلب من ولديه الباقيين بالتتابع أن يضاجعا ثامار لتكون ذرية تنسب لشقيقهما الميت فرفضا. فتحركت الأقدار ليقوم يهوذا نفسه بمضاجعة ثامار فحملت بتوأم. وما زال اساطين البروتوستانتية المتحالفين مع البيت الأبيض يبدعون في تفسير معجزة زنية يهوذا. فهم كأهل طلوزة وبقية العرب لا يستطيعون أن ينسبوا العهر واللصوصية لسادتهم من آل إسرائيل فيُكذبون اسفار التوراة ويخلقون مبررات لتقديس العهر الإسرائيلي وتحويله إلى أقدار إلهية مقدسة!!
أعود إلى ذكرياتي كطلوزي مع مقام هوذا. كنت في أواخر العقد الأول من عمري عندما اصطحبتي أمي في يوم شديد الحر إلى قبر هوذا . ووصلنا القبر وبدأت أمي تصلي وتدعو بحرارة لم أرها تدعوا بمثلها قط. كنت أحوم حول القبر فالطبيعة الجبلية الوعرة ذات الغطاء النباتي الكثيف تستهويني منذ طفولتي المبكرة. وكنت أحيانا ادخل المعبد ليتمزق قلبي بسبب حرارة دعاء أمي وشدة إلحاحها على الله . ولم أعرف ماذا كانت تطلب من الله ولكن خطر ببالي أنها تسال الله مباركتي وتخليصنا من الفقر. فقد كنا في حالة فقر كمعظم الناس في تلك الأيام الحالكة السواد.
كما كانت أمي متفائلة بي وتتوقع لي مستقبلاً جيدا وأن أكون بركة على العائلة. ومن الجدير بالذكر أن تلك الحادثة كانت بعد نكبة فلسطين الأولى بقليل. ورغم الاحتلال اليهودي لم يتغير موقف العرب من مقدسات بني إسرائيل وكأنهم أولى بها من بني إسرائيل. وهذه حالة ما زالت قائمة بسبب سوء فهم علماء الأمة لنظرية الدين ولجهلهم بأصول فهم النص القرآني الكريم. ومضت سنوات على تلك الحادثة وكان الاحتلال العسكري لبقية فلسطين. كنت يوم الاحتلال طالباً في الأزهر الشريف بمصر العزيزة. فلم أحضر بنفسي مأساة السقوط المريع.
وبعد الاحتلال بسنين زارتني والدتي في عمان حفظها الله حصنا للعروبة والإسلام. وجلست ليلة مع أمي نتبادل أحاديث الذكريات وتذكرت ذلك اليوم الذي قضته أمي تصلي وتدعو في مقام يهوذا . فقالت :أسكت! هل تعلم أن قبر هوذا لم يكن قبراً؟ قلت فماذا كان؟ قالت: كان كنزاً ! كيف عرفتم؟ فقالت: في يوم ما جاءت مجموعة يهودية ودخلوا المقام وهدموا القبر واستخرجوا منه شيئاً وتركوه مهدوما ورحلوا. ولم يعد مقاما ولا قبرا ولم نعد نصلي فيه ولا ندعو.
وهكذا وظفت فئة من آل يعقوب غباءنا لحماية مصالحهم؟؟ وقصة حفاظنا على قبر راحيل ليست أقل غباءا من قصة حفاظنا على كنز خبئ تحت اسم هوذا الزاني الشرير. فمن هي راحيل؟ فتحت الكمبيوتر على موسوعة اليكترونية عربية فوجدتها تقول : راحيل هي زوجة سيدنا يعقوب ووالدة سيدنا يوسف! هكذا؟ فما دامت هي زوجة سيدكم ووالدة سيدكم فلماذا لا تسمحوا لاحفادها ان يدوسوا على أعناقكم؟
وانظروا ما يقول سفر التكوين (إصحاح 31) عن المقدسة راحيل: عندما غادر يعقوب مع نسائه وأنعامه التي كسبها من حماه قامت زوجه راحيل بسرقة أصنام أبيها. ويبدو أن يعقوب لم يعلم بما فعلت فهو غير معني بالمقدسات بقدر اهتمامة بسرقة غنم حماه . فتبعه حماه يعاتبه على مغادرة الأرض كاللصوص. وطلب منه إعادة إلهه المسروق فغضب وأنكر ودعا حماه لتفتيش متاعه." وكانت راحيل قد اخذت الأصنام وجعلتها في رحل الجمل وجلست فوقها وبحث لابان( أبوها) في جميع الخباء فلم يجد شيئا." وأدعت لأبيها أنها في حالة نسائية لا تستطيع معها الوقوف. واختصم زوجها وابوها حول الأصنام المسروقة. هذه هي المقدسة راحيل. التي بنى المسلمون بجانب قبرها مصلى وسموه باسم المسلم الشريف الطاهر بلال رضي الله عنه وبالمناسبة لبلال قبر في طلوزة!!
سيقول أناس: هذه قصص مكذوبة في توراة محرفة. وانا أقول بل صحيحة تماما. فبنوا إسرائيل أدرى منا بما فعل آباؤهم من لصوصية وزنا واحتيال وتشجيع الرذيلة لدى جيرانهم من الأمم الأخرى. ولكنا لم نفهم أصلاً فكرة الدين. ثم كيف نتهم التوراة بالتحريف والله أمر اليهود بالالتزام بها في الآية 43 من سورة المائدة. إن التحريف الموصوف هو تحريف المعنى عما وضع له النص كما يقول كل من سيد قطب ومتولي شعراوي. إن حفاظ أجيالنا القديمة الجاهلة على التراث الإسرائيلي كان خدمة لهم وشراً علينا. فهل نصحوا ونتوقف عن قول سيدنا إسرائيل صلى الله عله وسلم .
وقد يعترض معترض على هذه المقالة متذكرا مدح القرآن ليعقوب ويوسف فأقول ثانية إننا لم نفهم القرآن وعلماؤنا لم يهتدوا إلى طريقة مناسبة لفهم النص الإلهي المقدس على أسس علمية مقبولة. وتتجلى أكبر اخطائنا بالتعامل مع النص القرآني على أنه مطلق. غافلين عن أنه نص جاء ليعالج أمورا للبشر المحدودين بلغتهم المحدودة. وكان مدحه لبعض بني إسرائيل أحيانا مقارنة بالشعوب الضالة الفاسقة من حولهم!! فهل نعيد النظر بفهمنا للدين كله عسى أن نتحرر من سيطرة الثقافة اليهودية المستبدة بعقولنا؟ وبعدها قد نتمكن من تحرير فلسطين!
قصة قبر راحيل ومسجد بلال(في منطقة بيت لحم) التي أثيرت ً بين العرب وبني إسرائيل منذ أعوام نموذج صارخ على الجهل العربي عندما يتعلق الأمر بالدين وبالحدود بين الشعوب. وعرف بنوا إسرائيل هذا الضعف فينا فاستغلوه أيما استغلال . وبهذه المناسبة أذكر قصة شهدت بعض فصولها في القرية التي ولدت فيها ونشأت.
ففي قريتي الأولى طلوزة يوجد قبر في رهوة تبعد عن القرية بضع كيلومترات اسمه قبر هوذا. وهو عبارة عن دِكَّة تشبه القبر تتكئ على جدار داخلي لمبنى قديم مهترئ لا تزيد مساحته عن عشرة امتار مربعة. يأتي إليه اهل القرية فرادى ليصلوا فيه ويشكوا إلى الله همومهم وما يتعرضون له من ظلم بعضهم بعضاً عسى أن يستجيب الله لدعائهم ببركة المكان كما يظنون. وكان الناس يعرفون عن هوذا أنه ابن يعقوب فهو عندهم مقدس ويذكرونه باسم سيدنا هوذا . وبجاه سيدهم هوذا قد يقبل الله الدعاء. هذا إن كان يهوذا هو صاحب القبر فعلاً.
ولكن من هو يهوذا بن يعقوب في الثقافة اليهودية؟ جاء في سفر التكوين ( الأصحاح الثامن والثلاثين) أن يهوذا زنى بكنته ثامار خطيبة ولده الشرير عيرا الذي مات قبل أن يعرف خطيبته . فأراد يهوذا أن يجعل لابنه الميت ذرية فطلب من ولديه الباقيين بالتتابع أن يضاجعا ثامار لتكون ذرية تنسب لشقيقهما الميت فرفضا. فتحركت الأقدار ليقوم يهوذا نفسه بمضاجعة ثامار فحملت بتوأم. وما زال اساطين البروتوستانتية المتحالفين مع البيت الأبيض يبدعون في تفسير معجزة زنية يهوذا. فهم كأهل طلوزة وبقية العرب لا يستطيعون أن ينسبوا العهر واللصوصية لسادتهم من آل إسرائيل فيُكذبون اسفار التوراة ويخلقون مبررات لتقديس العهر الإسرائيلي وتحويله إلى أقدار إلهية مقدسة!!
أعود إلى ذكرياتي كطلوزي مع مقام هوذا. كنت في أواخر العقد الأول من عمري عندما اصطحبتي أمي في يوم شديد الحر إلى قبر هوذا . ووصلنا القبر وبدأت أمي تصلي وتدعو بحرارة لم أرها تدعوا بمثلها قط. كنت أحوم حول القبر فالطبيعة الجبلية الوعرة ذات الغطاء النباتي الكثيف تستهويني منذ طفولتي المبكرة. وكنت أحيانا ادخل المعبد ليتمزق قلبي بسبب حرارة دعاء أمي وشدة إلحاحها على الله . ولم أعرف ماذا كانت تطلب من الله ولكن خطر ببالي أنها تسال الله مباركتي وتخليصنا من الفقر. فقد كنا في حالة فقر كمعظم الناس في تلك الأيام الحالكة السواد.
كما كانت أمي متفائلة بي وتتوقع لي مستقبلاً جيدا وأن أكون بركة على العائلة. ومن الجدير بالذكر أن تلك الحادثة كانت بعد نكبة فلسطين الأولى بقليل. ورغم الاحتلال اليهودي لم يتغير موقف العرب من مقدسات بني إسرائيل وكأنهم أولى بها من بني إسرائيل. وهذه حالة ما زالت قائمة بسبب سوء فهم علماء الأمة لنظرية الدين ولجهلهم بأصول فهم النص القرآني الكريم. ومضت سنوات على تلك الحادثة وكان الاحتلال العسكري لبقية فلسطين. كنت يوم الاحتلال طالباً في الأزهر الشريف بمصر العزيزة. فلم أحضر بنفسي مأساة السقوط المريع.
وبعد الاحتلال بسنين زارتني والدتي في عمان حفظها الله حصنا للعروبة والإسلام. وجلست ليلة مع أمي نتبادل أحاديث الذكريات وتذكرت ذلك اليوم الذي قضته أمي تصلي وتدعو في مقام يهوذا . فقالت :أسكت! هل تعلم أن قبر هوذا لم يكن قبراً؟ قلت فماذا كان؟ قالت: كان كنزاً ! كيف عرفتم؟ فقالت: في يوم ما جاءت مجموعة يهودية ودخلوا المقام وهدموا القبر واستخرجوا منه شيئاً وتركوه مهدوما ورحلوا. ولم يعد مقاما ولا قبرا ولم نعد نصلي فيه ولا ندعو.
وهكذا وظفت فئة من آل يعقوب غباءنا لحماية مصالحهم؟؟ وقصة حفاظنا على قبر راحيل ليست أقل غباءا من قصة حفاظنا على كنز خبئ تحت اسم هوذا الزاني الشرير. فمن هي راحيل؟ فتحت الكمبيوتر على موسوعة اليكترونية عربية فوجدتها تقول : راحيل هي زوجة سيدنا يعقوب ووالدة سيدنا يوسف! هكذا؟ فما دامت هي زوجة سيدكم ووالدة سيدكم فلماذا لا تسمحوا لاحفادها ان يدوسوا على أعناقكم؟
وانظروا ما يقول سفر التكوين (إصحاح 31) عن المقدسة راحيل: عندما غادر يعقوب مع نسائه وأنعامه التي كسبها من حماه قامت زوجه راحيل بسرقة أصنام أبيها. ويبدو أن يعقوب لم يعلم بما فعلت فهو غير معني بالمقدسات بقدر اهتمامة بسرقة غنم حماه . فتبعه حماه يعاتبه على مغادرة الأرض كاللصوص. وطلب منه إعادة إلهه المسروق فغضب وأنكر ودعا حماه لتفتيش متاعه." وكانت راحيل قد اخذت الأصنام وجعلتها في رحل الجمل وجلست فوقها وبحث لابان( أبوها) في جميع الخباء فلم يجد شيئا." وأدعت لأبيها أنها في حالة نسائية لا تستطيع معها الوقوف. واختصم زوجها وابوها حول الأصنام المسروقة. هذه هي المقدسة راحيل. التي بنى المسلمون بجانب قبرها مصلى وسموه باسم المسلم الشريف الطاهر بلال رضي الله عنه وبالمناسبة لبلال قبر في طلوزة!!
سيقول أناس: هذه قصص مكذوبة في توراة محرفة. وانا أقول بل صحيحة تماما. فبنوا إسرائيل أدرى منا بما فعل آباؤهم من لصوصية وزنا واحتيال وتشجيع الرذيلة لدى جيرانهم من الأمم الأخرى. ولكنا لم نفهم أصلاً فكرة الدين. ثم كيف نتهم التوراة بالتحريف والله أمر اليهود بالالتزام بها في الآية 43 من سورة المائدة. إن التحريف الموصوف هو تحريف المعنى عما وضع له النص كما يقول كل من سيد قطب ومتولي شعراوي. إن حفاظ أجيالنا القديمة الجاهلة على التراث الإسرائيلي كان خدمة لهم وشراً علينا. فهل نصحوا ونتوقف عن قول سيدنا إسرائيل صلى الله عله وسلم .
وقد يعترض معترض على هذه المقالة متذكرا مدح القرآن ليعقوب ويوسف فأقول ثانية إننا لم نفهم القرآن وعلماؤنا لم يهتدوا إلى طريقة مناسبة لفهم النص الإلهي المقدس على أسس علمية مقبولة. وتتجلى أكبر اخطائنا بالتعامل مع النص القرآني على أنه مطلق. غافلين عن أنه نص جاء ليعالج أمورا للبشر المحدودين بلغتهم المحدودة. وكان مدحه لبعض بني إسرائيل أحيانا مقارنة بالشعوب الضالة الفاسقة من حولهم!! فهل نعيد النظر بفهمنا للدين كله عسى أن نتحرر من سيطرة الثقافة اليهودية المستبدة بعقولنا؟ وبعدها قد نتمكن من تحرير فلسطين!