مدائن عينيكِ الشرقية
عندما رأيتك في إحدى المتاجر تشترين
الخبزَ وأنت تضعين على رأسك
نظارة سوداء .. وترتدين الريح ثوبا
مزركشا بحبات رمان
أحمر .. في لحظاتٍ انصهرتُ
دون انتظار كنفش الثلج على دفئ
بشرَتك الشقراءَ ..
وضِعتُ أعواما وأعواما
في ثواني داخل مدائن عينيكِ الشرقية ..
سيدتي أنتِ خريطة مائية غرقت فيها
جميع مراكبي .. و قلاعي .. و
جيوشي .. وأسواري .. و خيولي .. و
كنوز أحرفي العربية ... و سقط من
حولي كلَ شيءٍ .. البيوتَ .. والنجومَ ..
والقوافي .. فأنا لم أجد قصيدة
واحدة تستطع أن تقولك كما أريد ..
ولا لونا جامحا
استطاع أن يراكِ كما رأيتك
و أنت تحلقين ... فاح
عبيركِ يحملني ريشة غُمست في
زفرات العاشقين .. و صوتكِ
العذبُ حولني بهمسةٍ الى ناي .. والنجمة
التي كانت تتسلق ساقيكِ للوصل
الى ثمار خديكِ أحالتني الى رمادْ ....
ينبت الأخضرُ العشبيُّ في كل مرة
تدوسينَ فيها على وجه
الرخام المصقول بالحنين ..
تشتعل الأرض بالجنون .. والبائع
السجينُ ، خلف صمته من
طقطقات حذائكِ البهيّ ، يستشهدُ ...
تُلّوحين بمروحة .. فيتناثر منكِ
العطرُ صغارُ فراشاتٍ ..
سهاما أصابتني ، فسال العسل من
الجبين ... التفتي اليَّ بسحرٍٍ ،
يقتلني الزهرُ فوق
الجفون .. يجعلُ مني ذرات غبار
حول خيوط الضوءِ صخبا تدور ......
أغار عليكِ مني .. من حبي .. من كلماتٍ
تولدُ من فمي عصافيرُ قمح
تنقرُ خشوع الساجدين .. أخاف
على نفسي أن يخرجني حسنكِ من
حكمة ِ النخلِ .. أخشى على
نعومة الحرير ينساب من يديكِ أن
يجرحها شوكٌ سكن بيتي
ألاف السنين ...
يا امرأة اختصرت جميع قصائدي
بحرف يغفو على نحرها عقد ياسمين ..
اكتبيني بجميع اللغاتِ .. اجمعي
شتاتي وبقبلة داوي جرح المساءِ
فليالي الشجون كئيبة .. طويل شتائها ..
يحتلها الضجر .....
يا امرأة تجمع الصدف من شفاهي قِصصُ
أطفلٍ مغردة .. يا امرأة حررتني
من عقدة الجليدِ .. حمّلتي دموع خواتمها
العاصفة .. علمتني درسا في
الصهيلِ تحت أشجار الغروب الناعسة ..
وأشعلتني .. و أرعدت بداخلي
امطرها .. و أبرقتني .. ودخلنا معا في
حدقات الوقت الجميل ....
أسيرُ في حقول الجلنار ذاهلا .. أتيهُ
في ذهب الرموش القاتلة ..
استعمرني حبكِ سيدتي ، تغتالني
في فمي العبارة .. نزل
جنودك الشقر بمظلاتهم على روابي
حلمي .. على رمل
الشطآن الحافية .. سلمتهم مفاتيح
دولتي .. وأعلنت لهم
استسلامي أيتها الأرنبة .. تلعبين تحت
الشراشف ضاحكة ..
تعبثين بوسائدي المسالمة .. و تثرين
نرجس الأواني على سجادتي المتعبة ...
خانتني يداي .. ارتعشت الفرشاة على
قماش لوحتي البيضاء .. فأنت
خارجة على حكم الشفق .. وأحلى بكثير
من حبات الكرز .. فكيف
أستطيع يا سيدتي أن ارسم جنة أكبرُ
من مساحة الأرض .. ومن
أين أجيء بألوانٍ تتناسب مع موسيقى
القصبِ .. انسكاب الماءِ
في العروق .. شكل برتقالة يعصرني ..
و اشتعالُ النار في جسد الحطب ......
بقلم محمد العودات