نوري الجراح نقد ودراسات الحداثة العربية والانتفاضات الشعبية - وكالة أنباء عرار بوابة الثقافة العربية ::: مؤسسة عرار العربية للإعلام.. #عرار العرب ولكل العرب .. معا من اجل ثقافة عربية موحدة وانفتاح على الثقافات المختلفة في الوطن العربي والعالم

اخر ألاخبار

ميثاق الشرف المهني لعرار	رئيس واعضاء مجلس الأمناء	رئيس وأعضاء الهيئة التنفيذية	الهيكل التنظيمي للمؤسسة	البث المباشر لراديو عرار
مجلة عاشقة الصحراء	بوابة عرار الاخبارية الشاملة	مواقع الادباء والشعراء في عرار	نائب الرئيس التنفيذي د. فايزة النعيمي	الرئيس التنفيذي د.موسى الشيخاني

وكالة أنباء عرار بوابة الثقافة العربية ::: مؤسسة عرار العربية للإعلام.. #عرار العرب ولكل العرب .. معا من اجل ثقافة عربية موحدة وانفتاح على الثقافات المختلفة في الوطن العربي والعالم » المقالات » مقالات مختارة ومختلفة

نوري الجراح نقد ودراسات الحداثة العربية والانتفاضات الشعبية

هل ستعترف هذه الثقافة العربية الحديثة الشائهة بأدوارها الكارثية في تمجيد صورة "الشاعر الكبير الخالد" جنباً إلى جنب مع صورة "القائد الكبير الخالد"؟

هل سيقيض لها أن تعيد النظر بمسلكها اللاتاريخي الشائن، في الصمت على الطاغية والطغيان ومقاسمته احتقار المتن لصالح الهامش والشعب لصالح النخبة الحاكمة؟ ما من شيء مؤسف على الإطلاق، أو يدعو إلى الإحساس بالذنب في تأمل فكرة (قتل الأب) أو حتى تبنّيها. فالبطريركية الأبوية العربية قادتنا طوال القرن العشرين، وحتى اليوم، على كل صعيد، إلى كوارث ومهازل وخسارات، وأوقعت فينا الهزائم المنكرة، وأورثتنا تلك الشيزوفرينيا الضاربة حتى الأعماق منا، لننظر إلى الحكام العرب الذين يتمحور من حولهم كل شيء، ويتحول أكثرهم استبداداً بشخصه المعبود إلى حقل مغناطيسي لطاغية لا يهز ضميره هلاك جماعي، ولا بؤس في عيش الكثرة، ولا تخلف عن ركب الحضارة، ولا ألم مقيم في البيوت.

مثل هذا الطاغية هو الشاعر عندما يكون (نصه) هو النموذج المحتذى، والصورة المثلى والطوطم لقبيلة الشعراء. فهو المقسم جسمه في جسوم كثيرة، ولا يشبهه في حاله إلا حال معبود الجماهير.

هذه الصورة ليست لشاعر واحد في العربية، إنها لأكثر من واحد منهم، ولكن من الطراز نفسه، فهم يريدون أن يكونوا آباء أبديين لأبناء لن يتاح لهم أن يكونوا آباء! هذه الصورة النافرة تتناقض تماما مع فكرة الحداثة، وهي فكرة مدينية تستبعد الصياغة الواحدة لصالح الصياغات المتعددة، والنموذج الواحد لصالح النماذج المختلفة، والصوت الواحد لصالح الأصوات. فالحداثة كلما تحققت، أنتجت اختلافها، ولم تنتج واحديتها، فلا عمل للشاعر في حقل خارج الإبداع، ولا مأثرة له في الجري وراء صيت أو جاه اجتماعي، وإنما تحققه يكمن في مغامرته مع المجهول،
في اللغة كما في قلب الكينونة الإنسانية، وفي عميق الجرح البشري. الحداثة، بكل تناقضاتها، قدمت، عبر تجلياتها المختلفة، في عالم الثري بتنوعه وثقافاته صوراً للإنسان إنسانياً ضعيفاً وهشاً وقوياً وصغيراً وكبيراً، مقتدراً وفقيراً، إنسان اليوم في المدينة وقد تَسلَّطت عليه القوى الكبرى، وصنعت قدره ومأساة وجوده. ولكنها لم تقيّد طموحه الكبير في ان يكون خلاقا، مجاهرا في ما يحلم به وطامحا إلى تحقيقه فردا ومجتمعات.

هناك صور أخرى للتناقضات البشرية عُنيت بها الحداثة، منها صور عن عالم النجاح الفردي الزائف، عن دنيا الاستهلاك، وذلك الفراغ الروحي المرعب الذي يحوّل، بقدرة القوّة الكلّية للتسلط الرأسمالي والاستعماري، ما اتصل من أرجاء الكوكب بفعل التكنولوجيا، إلى عزلات صغيرة وجزر، في كل جزيرة يسكن إنسان. هذا التناقض بصوره الجمّة هو موضوع الحداثة بصفتها إنجازا يؤرَّخ له في الأزمنة، ويمكن تعقبه في النصوص. والآن، أتساءل:
كيف تتراءى لنا صورة الطبعة العربية الواحدة للحداثة وشاعرها النبوي، بلهجته البدوية، وصوته الطليق، وسؤاله المركزي الذي يصادر على الأسئلة الإنسانية المتكسرة، والمتباعدة هنا وهناك في الزوايا والأطراف التي يسكنها البشر؟
لقد انكسر الإجماع العربي على حاكم هو نموذجٌ مطلق، فلم لا ينكسر من حول الشاعر النموذج، الشاعر المطلق، المتنبي الحديث وقد تهلهل عليه ثوب النبوءة!
في كل يوم يخسر هذا الشاعر قارئاً، ويخسر موقعاً جديداً له، وفي كل يوم تولد أصوات جديدة،
وأسئلة جديدة تقتسم المشهد الشعري، لكن التناقض الجارح أن حركة الشعر العربي الجديدة ما تزال لم تكرس أخلاقا جديدة، وطرائق جديدة في القراءة. النص الجديد، يسبق القارئ ويغترب عنه، وفي تدوير هذه المسألة يصيبُ الشاعرُ اغتراباً جديداً يضاف إلى اغترابه الوجودي الأول، وأعني به، عزلة نصه، وتيه قارئه، وإلى أن يهتدي قارئ إلى قصيدة جديدة، ستظل هذه القصيدة مهما كانت قدرتها الإبداعية، نصا مجهولا في عالم يضاعف من مجهولية الجمال، نصاً غائباً، وبالتالي نصاً لا طاقة له على التأثير في ذائقة عصره.
***
في وجه منها، لابد من النظر إلى الانتفاضات العربية وطبعتها السورية خصوصاعلى أنها تمرد كامل، على البطرياركية الأمنية التي حكمت ثقافتنا، وتكشفت عن استبداد دموي، أتى من الموبقات بما لم تأت به الأوائل، عمل "الأب القائد" الذي هو رائد ألوهي "خالد" ما لم يعمله رأس للمجتمع بجسمه وأطرافه، سيَّج الجمهورية وسماها باسمه، وأباح لنفسه الفتك بخصومه، بوصفهم رجعيين نكوصيين معادين للحداثة العربية الواحدة، تارة، وعملاء للأجنبي منخلعين من ثقافتهم تارة أخرى،
لكن هذا الإنقلابي الذي صمتت عنه "الحداثة" بشعرها ونثرها وألوانها الزيتية، وهي في طبعتها العربية حادثة اغتصاب كاملة الأوصاف داخل ثقافة ضربها رهاب الغرب وأيقظ فيها دونية عصابية لم تستمهلها لتؤسس نهضتها الأدبية والفكرية والاجتماعية بعيدا عن سطوة الموضة وأزيائها العصرية، لا في الأدب والفكر والفن، ولا في الاقتصاد والعمران، فبدت نسخة استهلاكية مشوهة من نسخ مترجمة ومستهلكة حتى قبل أن تترجم.

هبت الانتفاضات العربية، لتكشف القناع عن "المسخ السوري المتأله"، الحداثي الضيعجي، بتحالفاته المافيوية المباشرة وغير المباشرة مع أمراء حروب الطوائف في الجواري اللبناني، ومقاوماته المزيفة المتمثلة في حزب يسوق شعبا إلى نحره أمام قوة احتلال مقيمة حداثية هي الأخرى، لكن المقاوم المعمم بأعلامه المذهبية غارق في قيح التاريخ ووخمه، لاطم للصدر، ممزق للقمصان وشاج للرؤوس بأنصال الذنوب، ثأره الأصلي ليس مع الاحتلال، وإنما مع التاريخ. تاريخ المتن. وما الاحتلال بالنسبة إليه سوى رمز وتقية.
حداثة ينطبق عليها كل مافي قاموس الانهيار الأخلاقي من مصطلحات. استهلاك كل شيء من قبل نخبة متسلطة وعدم ترك الأمة تنتفع بشيء.. سوى مواصلة حياة القطيع المصفق المبتهج بمآسيه. حداثة الهامش الناجي بهامشيته المترفعة تسخر من المتن وتهزأ بثقافته الشعبية، بينما المتن يغرق في الظلم والظلام ويغوص عميقا في لاوعي جمعي خائب ومدمَّر. إذ ذاك الشعراء والمفكرون يدبجون أجوبتهم عن شتى الأسئلة، ويتجنبون السؤال الأصلي حول الطغيان. فجأة أحترق كل شيء واحترقت معه كل أوراق النخبة. خرج الشباب إلى الشوارع، وأشعلوا الساحات، أسقط في يد النخب، اهتز المركز والهامش معا، واختلت الموازين. وما أن لاحت علامات العلاقة بين المسجد والتظاهرة المطالبة بالحرية والكرامة، حتى ارتاب بها وكفرها جنباً إلى جنب "الشاعر الحداثي"، و"الطاغية الحداثي" حارس العلمانية بقيافته الأمنية وزيه العسكري.
وعندما بدا أن الأصوات الغاضبة تقترب من قصر الطاغية انهمر الرصاص غزيرا وارتدَّت الانتفاضة من الشوارع الكبرى إلى الأحياء والأزقة. وهكذا ولدت "العصابات" في خطاب السلطتين الأمنية والثقافية.

ولم يلبث الوريث الحداثي لـ "الاب القائد" أن جعل الشعب كله خصمه، وتحول إلى "رئيس" ينتفض عليه المجتمع كله، ويعتبره خارجيا، ومن قبر إلى قبر صار رئيسا لشعب يسكن القبور. وهكذا ولدت سوريا جديدة، بلاد كل شعبها صار خائنا للرئيس. ورئيس صار عميلا لبلد أجنبي وأمير حرب يستعين بعصابات طائفية ليخضع شعبا أخرجه من رأسه وخياله.
***
هل ستعترف الثقافة العربية الحديثة في يوم قريب بأدوارها الكارثية في تأبيد الاستبداد الحداثي القروسطي الذي جاء بانقلاب عسكري وسياسي على المتن يشبه انقلاب السياب على عمود الشعر؟ ولكنه بدلا من أن يحدّث الحياة حدّث آليات السيطرة وأدوات التعذيب؟

هل ستعترف هذه الثقافة العربية الحديثة الشائهة بأدوارها الكارثية في تمجيد صورة "الشاعر الكبير الخالد" جنبا إلى جنب مع صورة "القائد الكبير الخالد"؟
هل سيقيض لها أن تعيد النظر بمسلكها اللاتاريخي الشائن في الصمت على الطاغية والطغيان ومقاسمته احتقار المتن لصالح الهامش والشعب لصالح النخبة الحاكمة؟ هل ستعتذر هذه النخب الثقافية العربية الأنانية من المستقبل عن حربها الصامتة ضد كل جديد جاء بعدها، كما لو أنه جاء ليقصيها لا ليكمِّلها، فأقصته قبل أن يفعل، ومارست عليه عقدتها المركبة في قتل الاب وقد تحولت إلى عقدة متأصلة لديها في قتل الإبن، أي قتل المستقبل؟
أم أن هذه الانتفاضات الغارقة في دمائها، وعلى رأسها الانتفاضة السورية ستودي بالآباء والأبناء معا وتعفي هؤلاء وأولئك من كل الأسئلة؟
منقول من الشبكه العربيه

الكاتب: ابتسام حياصات بتاريخ: الجمعة 29-11-2013 10:43 مساء الزوار: 1552 التعليقات: 0

طباعة إرسال PDF ترجمة حفظ تعليق

المشاركة السابقة : المشاركة التالية

مجلة ميماس للأطفال المبدعين العرب::	عرار للتراث الشعبي العربي والعلاج بالاعشاب" البرية"::	ميثاق الشرف المهني لعرار
البث المباشر لراديو عرار العرب::::	بوابة عرار الإخبارية الشاملة::::	مجلة عاشقة الصحراء

القوانين والأنظمة العربية

من أهداف مؤسسة عرار ومهام مجلس امنائها : المساهمة في عملية مراجعة التشريعات والقوانين والانظمة الخاصة بالملكية الفكرية وحقوق المؤلف من خلال الاستشارة بالخبراء والمتعاونين مع ادارة "عرار" لنشر كل ما يساهم في هذا الشأن.

وزير الثقافة الأردن أول دولة في العالم العربي أقرت قانون حق الحصول على المعلومات

قانون حق المؤلف المغربي

قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م السوداني

قانون حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة العماني

قانون حماية حق المؤلف الليبي

راديو عرار البث المباشر

خبر هام وعاجل

رأينا

الشريف مشاري يعلن عن تشكيل مجلس أمناء مؤسسة عرار العربية للإعلام لدورته العاشرة 2025/2024

مصطفى وهبي التل "عرار" .. الشاعر الذي انحاز للمهمشين

Over

شاعر الأردن مصطفى وهبي التل، عرار في شعره جودة ورصانة، ومناهضة للظلم ومقارعة للاستعمار

Over

الشاعر نايف العبيد العتيبي يكتب ابيات شعرية في موسى الشيخاني والشيخاني يرد على العبيد

Over

التواصل الفكري ومؤسسة عرار العربية للإعلام.. بقلم طاهر مشي

Over

الشيخاني :عشرة سنوات في المتابعة والاعلام والنشاط لمؤسسة عرار واشادات عربية نعتز بها

Over

تغريدات بواسطة @3arar

اشترك في قناة تلفزيون عرار العرب ولكل العرب

أخبار مختارة ومهمة

كنوز القصيد

الدكتور سلطان العميمي يكشف معيار المنافسة للحلقة الأخيرة من شاعر المليون

Over

الشاعر السعودي محمد آل مداوي الوادعي يخطف لقب شاعر المليون 11

Over

شاعر المليون يدخل مرحلته الأخيرة وسط حضور سعودي مريح

Over

عبد الله اليامي يُرشح فيصل الحربي ومبارك الأكلبي لبيرق شاعر المليون

Over

اختتام منافسات مرحلة الـ “48” من برنامج “شاعر المليون”

Over

شاعر المليون11 يبوح ألقاً من شاطئ الراحة

Over

شاعر المليون 11 : تنافس وأداء مميز في الأمسية الثالثة

Over

السعودية تحوز على نصيب الأسد من قائمة الـ48 لشاعر المليون11

Over

اختتام مرحلة الـ100 في شاعر المليون11 وإنتقال الفرسان إلى المرحلة المقبلة

Over

البث المباشر راديو عرار العرب ولكل العرب

انطلاقت مؤسسة عرار العربية للأعلام في 14/8/2007 واحتفلت بعيدها العاشر

عشر سنوات من العمل والعطاء من اجل ثقافة عربية واحدة

الأخبار الرئيسية

الأميرة رجوة بنت علي ترعى افتتاح جدارية "تنهدات" للتشكيلي فادي الدا..للمزيد

وزير الثقافة يطلع على تجربة الكويت الإعلامية..للمزيد

قطر: الأردن ضمن أكثر الدول مشاركة في جائزة الدوحة للكتاب العربي 2024..للمزيد

وزير الثقافــة يزور اتحاد الكتاب والأدباء ويشيد بإنجازاته الوطنية..للمزيد

رئيس مجلس الأمناء الشريف الشاعر مشاري العبدلي

الرئيس التنفيذي موسى الشيخاني

رئيس التحرير ابراهيم السواعير

_SOMETOPICS_articles

الموضوع	القسم	الكاتب	الردود	اخر مشاركة
بعاصمة الثقافة العربية في ...	مقالات مختارة ومختلفة	ابتسام حياصات	0	الثلاثاء 12-11-2013
اكسر عظم ولا تكسر عادة... مجمع اللغة ...	مقالات مختارة ومختلفة	ابتسام حياصات	0	الإثنين 29-07-2013

:: الرئيس التنفيذي لمؤسسة عرار العربية للإعلام د. موسى الشيخاني ::

رئيسة تحرير وكالة أنباء عرار بوابة الثقافة العربية الأستاذة الإعلامية أمل وجيه ناصر

إرسال خبر عبر الايميل :radio3arar@hotmail.com او عبر الواتس أب على الرقم التالي : 00962779962115 :

دخول الاعضاء