|
عرار:
نضال برقان مجموعة قصصية صدرت حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر للإعلامي العراقي محمد طلال النعيمي بعنوان «كفن جبريل». في تذييله لمجموعته القصصية يقول الكاتب: «بكفن من القار اتخذ شكل كتلة سوداء، كأنه نعشٌ فرعوني، أُنزل جبريل إلى مثواه الأخير، بينما ظل كفنه الحريري الأبيض الذي نسجه معلقاً على جدار غُرفته، والذي سَهر الليالي في نسجه متحملاً وخزات المغزل الذي أدمى أصابعه لأعوامٍ طوال، لم يستدل الدفانون على اتجاه رأسه حين انزلوه إلى اللحد، بعد أن التصق بجلده القار، وأصبح كتلة غائبة المعالم، بلا تضاريس بشرية، حينها عجزوا عن تمييز ملامحه، فوضع في القبر مقلوباً عكس القبلة، فارق جبريل الحياة، بسبب عطسة جعلته يترنح ويفقد توازنه، ويهوي داخل خزان أرضي فيه قار يغلي، ابتلعه ببطء كرمال متحركة، فيما غلبت صوت صراخه أصوات محركات معمل الأسفلت، التي يسمعها القادم على بعد مئات الأمتار، على مدار يومين متتاليين ورجال الدفاع المدني منهمكون وهم يحاولون استخراج جثته من القار بعدما برد وأضحى قاسياً جداً تماماً كبرد ديسمبر، الذي كان قد سجل دخوله بموجة ثلوج أقلق لونها سواد القار، لما غلب اليأس فرق الإنقاض وتقطعت بهم السبل وعجزت حيلهم عن إخراجه من فك السواد الأصم، اضطروا نهاية الأمر إلى نحت جثته على شكل أنبوب من قار .نقل جبريل على ظهر سدية إلى مغسلة الموتى، كبر مغسل الجنائز وفزع ما أن وقعت عيناه على الجثة المسجاة أمامه، سكب الماء الحار فوق كومة السواد، آملا أن يعثر على رأس الميت، لكن سمكها حال دون ذلك. بكى بحرقة وهو يتشهد بصوت عالٍو يحوقل، ويطلب من الله أن يرحمه ويوسع مدخله، ثم رش المسك والعنبر فوقه بعشوائية، ليمحو رائحة القار التي عبقت المكان، لكن الأخيرة غلبت روائح العطور التي سكبت تواً وعادت لتسيطر على الأجواء. يقع الكتاب في 128 صفحة من القطع المتوسط. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الثلاثاء 31-12-2024 09:17 مساء
الزوار: 52 التعليقات: 0
|