|
عرار:
موسى إبراهيم أبو رياش يترجم كتاب «واحد وأربعون قمرًا... أدباء من قرية زكريا» لأدباء من قرية زكريا الفلسطينية التي تتبع محافظة الخليل، وهذا النوع من الكتب ضروري ومهم جدًا؛ كونه يوثق لأعلام الأدباء والكتاب لئلا يطويهم النسيان، ولأنه يتعلق بقرية فلسطينية تعرضت للعدوان والاحتلال، وهُجّرَت كمئات القرى الفلسطينية، وترجمة هؤلاء الأدباء نوع من مقاومة هذا المحتل الصهيوني، وتأكيد جدارة أهل فلسطين بها، بالإضافة إلى أهمية هذه التراجم في ترسيخ الهوية الحضارية الفلسطينية، وربط الأجيال بها، وخاصة الشابة منها، لمزيد من الاعتزاز والافتخار والتمسك بتراب فلسطين عامة، وقرية زكريا على وجه الخصوص. كما أن هذا الكتاب دعوة صريحة للغيورين على فلسطين وأدبها أن يبادروا -كل حسب جهده- لإصدار معجم بأدباء فلسطين، كل فلسطين، أو جهد المقل؛ إصدار معجم بأدباء كل قرية أو مدينة، وهذه في مجملها، تشكل معجمًا شاملًا لأدباء فلسطين. وفي مقدمة الكتاب، تسرد كفاية عوجان قصة هذا الكتاب وفكرته التي راودتها من كثر ما سمعت عن قريتها من والديها، هذه القرية التي تنتمي إليها ولم ترها، تقول: «لا بدَّ أن نكون شهداء على الحياة، وأن نمنحها خلاصة أرواحنا. فكما منحني من سبقوني الوعي والمعرفة، وجعلوني أكثر وعيًا بوجودي، صار لزامًا عليّ أن لا أظل على حافة الحياة، وأن أعيش أوقاتــًا أخـرى فيها عبق الأيام الخوالي، حين كانت أمي تجعل الطريق إلى زكريا أجمل بكثير من بلوغها. فقلت في نفسي: ومَنْ أحقُ بقلمي من بلدتي زكريا، ومنابع فصاحتها لأكتب عنها؟ لا بد أن يتحقق الحلم والأمنيات إلى حقيقة، فاستثمرتُ كلَّ ما أتاحه لـي الزمـن مـن وقـت في إنجاز هذه الصفحات. ولأننـي غيـر ماهرة في إعادة خَلْقِ الأحداث وتدوينها، وقفت من تاريخ بلدتي زكريا عند حدود الأعلام والتراجم الأدبية، فهي تقع ضمن اهتماماتي الأدبية(...) فأزهر روضُ المُنى في خاطري في أن أستقصي ما استطعتُ إلى ذلك سبيلًا أدباء في مختلف حقول الأدب والكتابة، أصولهم من بلدتي زكريا التي أعتز بها وأفتخر، فأرسم لهم صورة قلمية، وأن أجمع سيرهم في كتاب واحد، يُقربهم زمانًا ومكانًا على صعيد واحد من وجدان القارئ وعقله، بعد أن كانوا كإخوة يوسف في أبواب متفرقة من كتب التراجم والأعلام». قرية زكريا: تقع قرية زكريا المُهجّرة شمال غرب محافظة الخليل، تجاورها قرى بيت جمال وبيت نتيف وعجور والبريج، وقد أُحتلت عام 1948. وكغيرها من قرى فلسطين؛ كانت تُزرع بالحبوب والخضار والأشجار المثمرة، وتغطي الأشجار الحرجية تلالها وأوديتها. ومن معالمها: تل زكريا وخربة الشريعة وخربة الصغير، بالإضافة إلى المسجد والمدرسة ومقامات الصالحين وزوايا الصوفية. وأقام العدو على أراضيها مغتصبتين: «سدوت ميخا»، و«كفار زخريا». ومعظم بيوتها الآن مهجورة، ويقيم في بعضها يهود، بعد أن تعرضت للتطهير العرقي. من العائلات والحمائل التي كانت تسكن قرية زكريا: الفرارجة، الشمارخة، الخمور، العيسة، عدوي، أبو لبن، رقبان، الخزاق، المغربي، الدويك، الشيخ سليمان أبو عمري، وكل من هذه الحمائل والعائلات تتفرع إلى عدد من الأسر الكبيرة الممتدة. وكل أهل قرية زكريا يعودون في أصولهم إلى قبيلة بني عامر التي توطنت في المنطقة في أواخر القرن السابع الهجري بعد خروج الصليبيين. وفي قصيدة بعنوان «زكريا» يعبر الشاعر أحمد الكواملة عن حنينه وشوقه إلى قريته، فيقول: فيا زكريةَ الشُعراء يـا بـوحَ الهـوى البكر ويـا نبـضَ الربيع الغضّ في أعطافنا يسري ويا شوقًا ينادينا إلى هضباتكِ السُمر رجوتُ سعادتي تفني وتفني زهرةُ العُمرِ وأحظى منكِ باللُقيـا ولو بتلُفتِ النظر إذًا فالحُلمُ قد أوفى وأسمحَ عابسُ الدهـر أقمار زكريا أوردت الكاتبة تراجم واحد وأربعين من أدباء قرية زكريا مرتبين أبجديًا، منهم أربع أديبات هن: خولة غنيم، زهيرة قطان، كفاية عوجان، لينا العدوي. منهم من هو معروف بشكل محدود، وبعضهم على نطاق واسع مثل: أسامة العيسة، غسان زقطان، زياد أبو لبن، أحمد الكواملة، عبدالناصر رزق (العيسة). والأقمار هم: إبراهيم الخطيب، أحمد الفرارجة، أحمد الكواملة، أسامة العيسة، أكرم العيسة، جمعة حمدان، جودت مناع، حرب شاهين، خضر سلامة، خليل زقطان، خولة غنيم، زهير زقطان، زهيرة زقطان، زياد أبو لبن، صادق إبراهيم: صالح أبو لبن، عبدالرحمن عباد، عبدالفتاح الكواملة، عبداللطيف شمروخ، عبدالله عدوي، عبدالناصر العيسة، علاء فرارجة، علي الحسني، عماد فرارجة، عيسى عدوي، غسان زقطان، فتحي الكواملة، كفاية عوجان، لينا العدوي، محمد مسلم، محمد أبو لبن، محمد غنيم، محمد عوجان، محمد الكواملة، محمود رقبان، محمود عدوي، موسى مسلم، هشام الفرارجة، وضاح زقطان، وليد الشيخ، يوسف مشعل. اعتمدت الكاتبة في تجميع المادة حول أدباء قريتها زكريا على عدد من المراجع والمصادر والسير الذاتية والمعاجم، والمواقع الإلكترونية، بالإضافة إلى مراسلاتها الخاصة مع الأدباء أو أقاربهم. وأشارت الكاتبة إلى عدم تعاون البعض معها، ملتمسة لهم العذر. في ترجمة الكاتبة لكل من الأدباء، ذكرت في البداية ترجمة عنه وعن حياته ودراسته وعمله وظروفه ونشاطاته، وأين عاش وتنقل، ثم أوردت كتبه إن وجدت، ثم نماذج من كتاباته نثرًا أو شعرًا، وأنهت ترجمته بذكر المصدر الذي اعتمدت عليه في معلوماتها عنه. علمًا أن اثني عشر منهم ولدوا في قرية زكريا قبل النكبة، والآخرون في مخيمات الشتات في الداخل الفلسطيني أو الخارج. وبعد... فإن كتاب «واحد وأربعون قمرًا.. أدباء من قرية زكريا» لكفاية عوجان، الصادر عن دار الخليج، في 274 صفحة، جهد فردي كبير مقدر، ويشكل إضافة قيمة للمكتبة الفلسطينية والأردنية. والكتاب لا يدعي الإحاطة بجميع أدباء وكتاب قرية زكريا، لكنه حصيلة ما توصلت إليه الكاتبة وجمعته، ويحتمل الإضافة في المستقبل، ولذا؛ كان الأفضل أن لا يُحدد العدد؛ فأدباء زكريا يزدادون، وربما سقط بعضهم سهوًا، والكتاب قابل للتحديث. وبقي أن نقول؛ إذا خرج من قرية زكريا الصغيرة واحد وأربعون كاتبًا وأديبًا، فكم خرّجت فلسطين؟! وتبقى الكرة في مرمى المؤسسات الثقافية الفلسطينية في الداخل والخارج أن تصدر معجمًا متجددًا لأدباء فلسطين؛ ليكون مصدرًا للقارئ والباحث. كما أن هذا الكتاب لكفاية عوجان محفز لكل النشطاء في الحقل الثقافي الأردني لإصدار كتب تراجم لأعلام مناطقهم على مستوى القرية والمدينة، والأردن بشكل عام، في مجال الأدب والتربية والسياسة والقضاء والطب والهندسة وغيرها من المجالات. يشار إلى أن كفاية عوجان كاتبة وناشطة اجتماعية وعضو رابطة الكتاب الأردنيين. صدر لها أيضًا في النصوص: «حديث الصمت»، 2018. «من فيض الوجدان»، 2020. وفي الشعر: «جارة القمر»، 2022. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الثلاثاء 05-11-2024 08:06 مساء
الزوار: 184 التعليقات: 0
|