|
عرار:
عمان بدعوة من المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، أقيم مساء يوم أمس الأول، حفل إشهار وتوقيع لكتاَبّي الكاتب والإعلامي بشار جرار: «بوح مهاجر: على ضفاف نهر الأردن وبوتماك»، و»قربانو: أحلى القصص أتلوها جاثًيا بين راحتي أّمي»، على مسرح السلام في كلية تراسنطة في جبل اللويبدة، وذلك برعاية الوزير الأسبق د. منذر حدادين. وقد شارك في الحفل كلٌّ من: الأب د. رفعت بدر مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، والإعلامية لينا مشربش، والوزير الأسبق د. جواد العناني، والوزير الأسبق د. منذر حدادين، والدكتورة أماني جرار، إضافة على الكاتب نفسه. أول المتحدثين في الحفل كان والأب د. رفعت بدر، والذي تحدث عن ذكرياته ومعرفته بالكاتب والإعلامي بشار جرار، وقال: في 21 من آذار عام 2000 كنُت ناطًقا إعلامًّيا في زيارة البابا يوحنا بولس الثاني، وفي أثناء القداس الإلهّي في ستاد عّمان الدولي–وكان القداس الأول للبابا إذ تلاه قداس آخر عام 2009، وقداس ثالث عام 2014، لكن لقداس الـ2000 معاٍن خاصة: حيث كان أول قداس لحبر أعظم، بعد الزيارة الأولى عام 1964، وكان في عام اليوبيل 2000، وكان للبابا القديس اليوم يوحنا بولس الثاني، كما كان افتتاح الحج إلى نهر الأردن في العصر الحديث...، والمهم أّن بشار جرار كان يغّطي الحدث في التلفزيون الأردني، في بث حّي ومباشر. وبدأت السماء تهطل، فخاطبني بشار قائلا: «ماذا ترى يا أبونا في هذا المطر؟، فأجبت: «أرى بركات زيارة البابا!». بعد ذلك، ذهبنا إلى نهر الأردن ليدّشن البابا يوحنا بولس الثاني الحج السنوي والدائم إلى أقدس موقع لدينا في الأردن. إذ نجلس على ضفاف نهر الأردن. ونستذكر الحدث الكبير الذي سنحتفل به عام 2030 بألفي سنة على عّماد السّيد المسيح. وقال الأب بدر: يجلس بشار جرار على ضفاف نهر الأردن، لكنه يتقاسم الجلسة مع نهر آخر، يبعد عّن الأميال: نهر بوتوماك. فما الذي يجمع بينهما... هو بشار الجالس على ضفة كل منهما. فنهر الأردن يمّثل له القداسة، ويمّثل له الأصل والأصالة. والثاني يعّبر عن شخصيته التي نالها مع جنسيته الجديدة على ضفة نهر بوتوماك، الذي يمّر أيًضا بواشنطن دي سي، حيث يجلس ويعيش مع أهله وذويه. ونهر الأردن يمّثل هذه القداسة، وهذه الحضارة، التي تفوح من كلام بشار جرار العربي الفصيح، الواضح والصريح. وتابع الأب بدر: «هنيئا يا بشار تستطيع أن تجثو بين راحتي أّمك، وتستطيع أن تجلس على ضفة نهر الأردن. وتستطيع أن تجلس على ضفة نهر بوتوماك. ونحن معك هنا وهناك، نرجو من الله العلي، من هذا المكان الذي شعاره – كما قالت أختنا الإعلامّية حنين بقاعين: أحييكم بتحّية الفرنسيسكان: «الخير والسالم». وقبل أن يختتم كلمته، وجه الأب رفعت بدر تحية باسم المركز الكاثوليكي الحضور، معتزًا بمعرفته بالكاتب بشار جرار، وشاكرا له، وقال: «كلما جلست جاثًيا بين راحتي أمك، وكّلما جلست على ضفاف الأوتوماك، وكّلما جلست على ضفاف نهر الأردن، اذكر أن لك أحباء يمّدونك دائًما بأجمل الأدعّية». من جانبها تحدثت الإعلامية لينا مشربش عن معرفتها بالكاتب والإعلامي بشار جرار، منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي، حيث كانت مندوبة للأخبار المحلية وتقدم برنامج «جيشنا العربي» وكانت مراسلة لفضائية أم بي سي في عمان، في عمل ميداني بمجال تغطية الأخبار المحلية، وكان بشار محررًا للأخبار السياسية، لافتةً إلى شخص نشيط ومتحمس ويعمل بشغف، ويترك تاثيرًا وبصمةً في موقعه، مثلما كان دمثًا ومهذبًا جدا، وكان مبادرًا لمساعدة الجميع، وحيويًّا ومحفزًا للجميع. واستذكرت مشربش فترة التسعينات من القرن الماضي والتي كانت حافلة بالأحداث، ومتابعة الحرب على العراق ومفاوضات السلام العربية الإسرائيلية والعديد من التطورات العسكرية، وخلالها كان بشار جرار يرصد الشاشات العالمية ووكالات الأنباء ويتابع بحماس وطاقة، ويعتمد عليه رؤساء التحرير في رصد التصريحات أولا بأول، لمهنيته ومعرفته بأسماء الشخصيات الغربية والعربية ممن كانوا اللاعبين الكبار والمؤثرين في السياسة العالمية والشرق أوسطية. وتحدثت مشربش عن جرار شخصًا اجتماعيًّا محبًّا ويملك مفاتيح التواصل مع الناس بجدارة، فهو مستمع جيد بغض النظر عن الاختلاف في الرأي ويهتم بالجميع، وربما يعرف جميع الزملاء في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون. وفي عمله كمحرر كان يظهر على تعابيره السعادة والرضا، كإنسان دمث واسع الاطلاع مجتهد، مبدئي مخلص ومتفان مثابر يسعى لتقديم الأفضل. واستذكرت مشربش من المواقف التي عمقت معرفتها بالإعلامي بشار ذلك اليوم الخالد الذي لا يمحى من ذاكرتنا كأردنيين، وهو يوم رحيل جلالة الملك الحسين طيب الله ثراه، وشعور الطرفين بالفقد الحقيقي والحزن. وقالت مشربش إنّ الكاتب والإعلامي بشار هو إنسان يترك تأثيرا إيجابيا في المكان الذي يكون فيه، ويعرف كيف يتعامل مع مختلف الشخصيات وهو إنسان يعلق في الذاكرة لأنه متصالح مع ذاته ومع الآخرين، ورغم إقامته في أمريكا لكنه مرتبط بوطنه الأردن ويتابع شؤونه ويكتب عن الناس وهمومهم وله رأي في الأحداث التي تعصف بنا في الشرق الأوسط ويعبر عنها بوضوح وصدق وبدون تملق في العديد من المنابر الإعلامية ليس لإرضاء الناس لكن من أجل الحقيقة. وفي كلمته، قال د. جواد العناني إنّ أي قارئ لا يستطيع أن يدعي إتمام قراءة هذا الكتاب لكثافة الموضوعات التي يغطيها وتنوعها، وغناها اللفظي والفلسفي، معترفًا بثقله وأهميته، مشيدًا باختيار الكاتب بشار لعنوان كتاب «بوح مهاجر: على ضفاف نهري الأردن وبوتوماك»؛ فمن أجل أن يقارن بين الأردن كوطن في قلب الوطن الأكبر، والولايات المتحدة التي قصدها طالبا العيش والمعرفة، استخدم رمزية النهرين: البوتوماك، ذلك النهر الكبير الذي يمر عبر مقاطعة كولومبيا التي تقع فيها العاصمة الأمريكية مدينة واشنطن نسبة لأول رئيس للولايات المتحدة، أما نهر الأردن الذي سميت الأردن باسمه، فإنه يصدق عليه ما قاله المؤرخ اليوناني القديم هيرودوتس الذي قال عن نهر النيل: لم أرَ التاريخ والجغرافيا يسيران معا أكثر مما رأيتهما على ضفاف ذلك النهر، فالأردن النهر الأصغر قياسا للنيل، ولكن ضفافه تفصل بين أرض فلسطين من البحر إلى النهر عن ضفة الأردن الشرقية. وقد كان نهر الأردن كبيرا ليتحمل عبء التاريخ والجغرافيا من لبنان إلى سوريا وفلسطين والأردن إلى أن يصب في البحر الميت». وتابع العناني: لو تأملنا الشعوب والحضارات والأديان والغزاة الذين مروا به، لعلمنا أن ما يتميز به الأردن من تاريخ لا ينضب سيبقى حجر زاوية في تاريخ الحضارة الإنسانية بكل أبعادها وأنواعها.. وتبقى المقارنة بين الحضارتين على نهري الأردن والبوتوماك تسري في شرايين صفحات الكتاب. وتكتشف أن للكاتب جرار رشاقة في استخدام الكلمات أو نحت الجديد منها، أو إضفاء معان جديدة على القديم منها، فكأنه يعيد تخليقها لتكون ديناميكية متجددة. واقترح العناني أن يتمّ ترجمة الكتاب إلى أكثر من لغة، مؤكدًا أنّ الكتاب يذكّرنا بأن هنالك حضارة مسيحية إسلامية أكثر ارتباطا ووثوقا مما يسمى بالإرث اليهودي المسيحي، أو مبالغة الحضارة اليهودية المسيحية، فهو كتاب جميل ومتنوع ويستحق القراءة والتعليق والترجمة إلى عدة لغات. وفي كلمته، تحدث الوزير الأسبق د. منذر حدادين عن كتاب «قربانو» وما فيه من الحكايا والحكم التي تعلمها الكاتب صغيراً في كنف والديه ويتلوها اليوم في كبره على مسامع أمه التي تنحدر من أكراد سوريا، وكان لشد ما يبدي إعجابه بأمه مخاطبته لها بكلمة «قديستي»، بما لديه من مخزون ثري بالمحبة الخالصة لشقيقته الوحيدة والمرحوم والده ولأقربائه. وقال حدادين إنّه لمس في بشار وكتابه «قربانو» روحاً غسانية ذكرته بعائلات كريمة، حيث ذلك الإرث الكبير للأجداد من غسان بكلّ ماضيهم وحضورهم الكبير. وتحدث حدادين عن «قربانو» الذي سرد فيه الكاتب جرار قصصاً يتلوها بين راحتي أمه التي غدت من كبار السن، مستذكراً ما كانت تقصه هي عليه وله في طفولته ليخلد إلى النوم. وهو بذلك يقابل بعض حنانها له في طفولته بحنانه عليها في شيخوختها، وهو قمة ما قد يؤديه المؤمن بالله الذي أوصى عباده بالوصايا العشر التي ثالثها «أكرم أباك وأمك»، وكذلك أمرهم في سورة الإسراء بقوله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغنّ عندك الكبر أحدُهما أو كلاهما فلا تقل لهما أفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا». وقال حدادين إنّ كتاب «قربانو» يشتمل على حكمة اجتماعية وسياسية وأخلاقية، ما يجعل قراءته عثوراً على كنز. وتحدثت الدكتورة أماني غازي جرار شقيقة الكاتب بشار جرار، بقولها إنّه في الفلسفة يقال إن ذاكرة الزمان والمكان هي ذاكرة الوجود، ولعل ما يتربع على ذاكرة المكان والزمان هي المحبة. وتابعت: «هذه رسالة محبة مني لكم حضورنا الكريم، وتحية شكر لأخي الذي أعطاني شرف الخدمة لقراءة كتابيه لأمي أغلى ما في الوجود... أخي، شقيقي، وتوأم روحي... أنا الآن على مشارف الستين من العمر... وأنت قد تجاوزتني بثلاث سنين، أسأل نفسي هل يقاس العمر بالسنين؟ أم يقاس بما تركه الفرح في وجداننا، وبما رسمته الذكريات في أعماقنا؟.. هاجرت إلى أمريكا، وغبت عني بجسدك سنين طويلة، لكنك أبدا لم تغب عن الفكر والبال، فقد كنت في كل تفاصيل حياتي. وكتابك (بوح مهاجر)، الذي كرست فيه حصيلة خبرتك السياسية والإعلامية، خفف عني قسوة سنوات الغياب، أخي وتوأم روحي... إن بوحك هذا يطربني، وكتابك (قربانو)، رسم كريشة فنان سنوات العمر، وذكريات الطفولة، وعلاقة الأم المكافحة (أمي)، بكل ما مر بنا من لحظات الفرح والسعادة، فحقيقة الزمان تفضي على المكان جوهرًا تحيا به الروح، ليشكل ذاكرتنا وذاكرة كل ما تجسده قيمة المحبة من معاني الرقي». وأعرب الكاتب والإعلامي بشار جرار عن شكره للحضور والمتحدثين، وقال «الحكي من الآن على بساط أحمدي، الحكي أردني بلهجاتنا الحبيبة الضاربة جذورها في القدم المعتّق إلى الآرامية. قرمية هالبلاد بخير بزيتونها وتينها ورمانها وقمحها. منها نعرف الشرق من الغرب لأن قرامي البلاد وعظام الرقبة كانوا وسيبقون خير من عرف وعرّف «العيش والملح». وتابع جرار «سلام وخير شعار خير من عمل برسالة حراس الأراضي المقدسة «تيرا سانطة». هذه قمحتهم قد أثمرت. لا أتحدث عن نفسي ولا عن وحيدتي صنو الروح أماني تلميذة تشرفت في الخدمة مدرّسة في راهبات الوردية، بل عن حبة الخردل التي وضعتها في راحتي المس سعاد، قديستي سعاد، أمي المعلمة لزهاء نصف قرن في المدرسة ذاتها في الشميساني، «مسترد سييد» ضمها إلى صدري أبي، أبوي غازي فحركنا بها الجبال. ما كان غازيا ولا فاتحا كان السلام كله فعلى روحك يابا (يا آبا -آبا هو اسم الله بالآرامية، الآب بحسب الإيمان المسيحي) ولروحك الطاهرة يا أبي السلام، وأكاد أراك على هذا المسرح كما آخر مرة وأنت تمسك بيدي حبيبي حسين، سيدي حسين صاحب صورة غلاف هذا الكتاب: بوح مهاجر على ضفاف نهر الأردن وبوتاميك». وقال جرار: «قربانو: أحلى القصص أتلوها جاثيا بين راحتي أمي»، وفيه حكايا كانت أكثر بوحا، فما أردت بها لا سياسة ولا غيرها، أردت فقط أن أحيي في كنفها قصص ما قبل النوم التي ما زالت سر نومي بسرعة وبعمق حتى ولو قامت حرب عالمية ثالثة! لا قدر الله.. لا تخافوا، ثلاثئمة وخمس وستين مرة كما في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وكما في المصحف الشريف «لا خوف عليهم ولا هم يحزنون». كتاب كرسته للبر بوطني الأم الأردن وبلدي الثاني أمريكا، وآخر كرسته للبر بالوالدين، لست أبغي أن تطول أيامي في الأرض، بل أن أزرع فيها حبتين، حبة خردل وحبة قمح – «غلوتين فري»!- كما أوصتني طبيبة نشمية أردنية تفحصت قلبي وشراييني. خريجة أم الجامعات الأردنية وخريجة الخدمات الملكية الطبية إحدى هدايا الحسين العظيم لنا، طيب الله ثراه وكتب مقامه في عليين». الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 24-10-2024 08:34 مساء
الزوار: 41 التعليقات: 0
|