ووجع و اهات...قصائدها الدافئة تشعرك بأنها كتبت على وريقات الورد...فهي  قصائد جمعت بين الحب و الحلم...القلق و الأرق..و الموت والحياة...في اخفاءها بوح و ضمن بوحها اخفاء...انها "امرأة من زمن الحب" كما شاءت أن تدعو نفسها...فاختارت قاطرة الزمن الجميل رحالة دون توقف شجنا..عبرة..حبا..توقا..هي الشاعرة و الأديبة الرقيقة "زهور العربي" حاورتها " وكالة أخبار المرأة " و سافرت معها عبر الزمن في الحوار التالي:
* من هي زهور العربي؟
- زهور العربي  كائن شفّاف  حدّ الوجع لا يقرّ له قرار  بحثا عن الجمال والصفاء والتواصل النبيل والمثمر  مع الآخر  بعيدا عن العقد والتّعقيدات والبروتوكولات القاتلة لطبيعتنا الإنسانيّة التلقائيّة  وحين اقول هذا عن نفسي فلا تستغربوه ولا تعتبروه  مدحا لذاتي وانّما خذوه على محمل الجدّ فتلك هي الحقيقة وبكلّ صدق وبساطة .
   أعشق الكلمة  لذلك مدوّنتي اسمها  (عاشقة الكلمة) ..امارسها بشغف  واعشق معتنقيها وبي رغبة جامحة أن اكرّم كلّ من يصطلي بنارها  والحمد لله اسعى في ذلك على قدر استطاعتي ..هذا جانب من شخصيّتي  امّا  الجانب الآخر  ..فانا زوجة وأم  ومربّية وعضو اتحاد الكتاب التونسيين وعضو في فرع الكاف مكلّفة بالإعلام وللأسف لا اعلم شيئا ههه  واكتب في عديد المواقع والمجلات الالكترونيّةخاصّة جريدة( اليوم )  و جريدة شيحان الأردنيّة وبالمناسبة أشكر القائمين عليها وخاصّة الإعلامي ابراهيم الحنيطي واثمّن فيه سعيه الدّؤوب للتعريف بالكتّاب وخدمته للكلمة  .عيّنت أخيرا  نائبا اً لمدير تحرير عرار لشؤون الاديبات والشاعرات والمثقفات في الوطن العربي  وموقع عرارهو  مؤسسة للشعر والثقافة والأدب العربية برئاسة الشاعر والاعلامي الاستاذ  موسى الشّيخاني وانا ايضا مدير تحرير مجلّة عاشقة الصّحراء  الخاصّة بابداع المرأة و المنبثقة عن هذه مؤسسّسة عرار
وأينما وجدت  فضاء يحقّق لي متعة الكتابة  احضنه بكلّ شغف وأغدق من وقتي وجهدي دون تردّد لإيماني بأنّ الكلمة عطاء وحبّ ونبل ...
* اسمك شاعري مثلك تماما و قد جمع كل الزهور في زهرة واحدة و هي زهرة عربية فهل هذا هو اسم الزهرة أم هو يخفي وراءه  اسم الباقة الحقيقي؟
- اسمي  الحقيقي يتكون من جزئين الجزء الأوّل  اختاره ابي والثّاني  اختارته امّي  انا  زهرة زهور العربي  وأبي رحمه الله كان ينادني بالجزء الأوّل مع فتح حرف (ز) وحيث انّه توفّي وانا طفلة  استمرّ (زهور)  واحبّ هذا  الاسم    لأنه استمرّ معي وعرفني به الكلّ  وأيضا ربّما لأنني أومن انّني بالفعل باقة زهور  عربيّة  بريّة  و لا يرضيني ان اكون زَهرة واحدة  فلن تترجمني أو لن تستوعب ينابيع  الأريج الكامنة في أعماقي ههههه 
* في مقدمة مدونتك (عاشقة الكلمة) تقول زهور العربي "انها أنثى لا يكررها القدر"  مالشيء الذي يجعل الزهرة لن يكررها الزمن أفلا يمكن لكلماتها التي عشقتها أن تكون سببا في تأثر زهرات أخرى فيكررن زهور العربي  قي شكل اخر؟
- "انا انثى لا يكرّرها القدر "   للعلم تلك المقولة كانت من  تصدير لمجموعتي الاولى  (امرأة من زمن الحب)  الذي صدر 2010 وحين كتبتها كنت واثقة انّها ستثير جدلا وبالفعل اثارته  فهناك من اعجب وهناك من اعترض وهناك من اتهمني بالغرور  وهناك من ارسل يستفسر  ..
من الخطأ ان نعتقد انّه سيأتي من يكرّرنا ويكون صورة طبق الأصل منّا   خاصّة في الاحساس الذي هو ذاتي جدّا  .من غير المعقول ان نصدّق أننا سنستمر او نتكرّر  في ذوات اخرى  ..
الزّهرة تموت لكنّها لن تتكرّر بل يستمرّ اسمها في أخرى بأريج مختلف وجمال مختلف و قد يخدعنا الشّكل ونقول  يخلق من الشّبه اربعين  بل يخلق مليون أو اكثر مع عمليات التّجميل  او( الاستنساخ ) التي انتشرت  لكن هل  يقدرون على تجميل الرّوح ومسخها في شكل آخر هل يستطيعون نسخ الإحساس نفسه   ..كما انّ  الله سبحانه خص كلّ واحد ببصمة وروح وأحاسيس هذا من ناحية ومن ناحية اخرى معنى الأنوثة يختلف من انثى الى اخرى واراني مميّزة بما احمله من قيم وأصالة عربيّة وقناعات قد يراها البعض تخلّفا عن ركب حضارة القشور  لكنّني  سعيدة بأن اكون انثى كما انا بكل تفاصيلي وبفكري وعواطفي  وقلبي  الذي لا يعرف صدق نبضه  غيري انا  لذلك "انا انثى لا يكرّها القدر"  وان تأثّر ت بي بعض الزّهرات اللواتي أحبّهنّ الاّ انّهنّ لن يكنّ الاّ هنّ بأحاسيسهن وفكرهنّ وذواتهنّ  ولن اتكرّر فيهنّ ..
* كنت "أسيرة الهوى" في احدى قصائدك ..فهل لحبيبك -الذي تخفينه مخافة الواشين- دور  في ولادة زهرة الشعر "زهور العربي؟
- (زهرة الشعر  )  لقب اسعدني من مبدعة مثلك  ولكنه كبير جدّا ومخيف .. ومع ذلك سأجيبك ربّما ليتمي المبكّر دور هامّ في تشكّل رواسب الشّجن في أعماقي ومنذ طفولتي كنت مميّزة بحساسيتي المفرطة وانطلاقي   وشغفي بالطبيعة وبالأغاني الشجيّة  وربّما توجّهي الأدبي مكنني من القراءة والتأثّر بعديد الشعراء وأيضا  تجربتي العاطفية كانت ناجحة  فانا محضوضة في الحبّ هو حبّي الأوّل وصديق العمر وتوأم  الرّوح  .وكلّنا خفنا الوشاة ومارسنا احاسيسنا في الخفاء واغتسلنا بدموع الشّوق  ..و(اسيرة الهوى ) قصيد  ترجم حالة  عشتها وفي الحقيقة في ختامها مسكت الهوى وليس الهواء ههههه بالفعل كان له تأثيرا كبيرا  في تجربتي واغوى قلمي كثيرا ..انّه زوجي وحبيبي  جلال سعدي  ...
* يقول الأديب التونسي محمود المسعدي" "ان الأدب وليد المأساة" فمع كل تحرك  للقلم ينفتح جرح كان قد التأم فتخز المنعطفات الصفحات لترسم لوحات هي رسالة أحزان أوحتها لكم لوحة الفنان التشكيلي شوكت الربيعي فلماذا "جفت ينابيع الهواء" ما بين "الشهيق و الزفير" ؟
- تلك القصيدة كانت سفرا وتجوالا في غياهب الرّوح  وتجاويف الوجدان  كنت ابحث عن هواء ينعشني عن اوكسيجين  افتقدناه  في ظلّ واقع مقيت  تمرّ به عروبتنا  ويدميني وضع  فلسطين وخاصّة  العراق الجريح  لما لهذا البلد من مكانة في قلبي كانت لوحة التشكيلي  شوكت الربيعي مثيرا نبش انكساراتي فتدفّقت  وكنت عالقة بالفعل بين الشهيق والزفير ابحث عن منفذ  وعن ينابيع للهواء قد يحملني  الى آماد أتوق اليها  انّه احساس الانتماء الذي يسكنني   وأحمله كالجمرة بين كفيّ وما فعل الكتابة الاّ تعبير عن مأساة نرزح تحت  سياطها وتدفعنا للإنسكاب  وممارسة الوجع اللّذيذ الذي ينفّس عنّا رغم الألم  لذلك صدق الأديب محمود المسعدي  لمّا ربط الأدب بالمأساة.
* في قصيدتك "نطفة  الحياة" من مجموعة "عربية و أفتخر" تحدثت كثيرا و بأسى عن الأرض الأم "مثقلة باهات البنفسج"  فهل تعبرين بذلك عن اغتراب الوطن حيث تحول البنفسج ذات يوم الى لون يعبر عن توجه سياسي "فالتاع  شعبه بلسعات شوك الصبار؟
- سؤالك لامس هواجسي فعلا تلك القصيدة كانت حالة من الغربة العميقة  حين احسست انّ الأرض تئنّ من ثقل اجسادنا المكبّلة وانّنا اموات  نمضي بأرجل  مكسّحة وارادة مغلولة  واننا اوعية جوفاء لا يرجى منّا خيرا  ..قصيد (نطفة الحياة) كتب2010   وكان صرخة من اعماق ارض  حيّة ساءها ان يحيلها الانسان مقبرة  ينتشر فيها الصّبّار و يستكين عوض ان يبثّ الرّوح في زهر البنفسج ..وما ابشع ان تلفظنا الارض   وتبحث عمّن يعمّرها  ..فوجودنا فوقها مثل عدمه  لذلك كان لا بدّ لنا من رجّة حتّى  نعتنق الحياة من جديد بعد سباتنا الذي طال
* كل امرأة-مواطنة ترغب في العيش الطبيعي ببلدها و لكنك لست كأي امرأة فأنت شاعرة و حلمك مختلف فما هو هذا الحلم الذي "يتكرر" في أشعارك فترين فيه حياة المرأة التونسية؟
- المرأة  التّونسيّة التي أنجبت وربّت هذا الشّباب الذي أطلق اجنحته وعانق الحريّة  لن تحلم بالحريّة لأنّها حرّة فعلا  فلا خوف على المرأة في بلادي مهما حلّقت خفافيش الظّلام فوق رأسها  فهي ستمضي مرفوعة الهامة عالية الجبين وبما انّ اللّه سبحانه كرّمها امّا وزوجة وإبنة  فلن ترضى أبدا بالمهانة ولن تخيفها موجات الجهل ولن تتنازل عن كرامتها مهما كلّفها الأمر  وبصفتي امّا ومربيّة ارى انّ رسالتي  هي  تنشئة اجيال حرّة تأبى الخنوع وتعشق حياة العزّة  ولن احلم بل سأفعل ...
* قيل" تموت المرأة  و في يدها مراة"  فماذا تقول زهور العربي؟
- اختلف مع من قال هذه المقولة التي ترى المرأة شكلا وتهمل فكرها    أمّا انا فاقول 
 "تموت المرأة وقلبها   ينبض حبّا  ويدها تنثر في الكون الحياة "
* على محياك ابتسامة و في عمقها حزم فكيف تحيا زهور العربي الأم و الزوجة والمعلمة مربية الأجيال بين فن الكتابة والكلم و بين السبورة والقلم؟
- بصراحة الابتسامة تلازمني مع الكلّ وشجني اعيشة في خلوتي مع قلمي حين ارتمي في حضن القصيد  واشكوه كلّ اوجاعي وأضعف بين يديه ولا يخذلني  بل يمتصّ كلّ الألم ويداعب كل اوتار شجني وأجاهر بضعفي ولا اكابر والقصيد هنا يمكن ان يلعب دوره زوجي ...امّا مع الأولاد اراوح بين اللين والصّرامة والحمد للّه مستقرّة ونعيش الديمقراديّة والحوار وسيلتنا في حلّ الخلافات ..
  قد يبدو انني  حازمة  لكن لست قاسية انا امارس الصرامة بحبّ ويتعلّق بي  التلاميذ وتستمر علاقتي بهم  مع انني عصبيّة لكن لا اضهرها الا في حدودي الضّيّقة  ومع الذي   يستغلّ منصبه.. وزملائي في العمل يعرفون انني مسالمة الاّ مع المسؤول  عندي حساسيّة  ولا اسمح له بالتطاول او  او اغتصاب حقّي وفي المقابل احترم حدودي ..
ومع كثرة الالتزامات  اغتصب حقّي وأمارس عشقي  وأغيب في عوالمي المشتهاة متّحدّية ضغوط الحياة وشبح الوقت الذي يقتاتنا بنهم ..
* ما هو مستقبل أعمالك الشعرية؟
- لديّ مخطوطان معدان للنشر 
(يا  انت )مترجم للفرنسيّة
(احتراق البقاء ).....شعر
 ومجموعة من الكتب هديّة من بعض الشّعراء والأدباء سأنكبّ عليها خلال هذه العطلة لأطالعها  وأقدّمها حبّا في الكلمة وسعيا لتكريمها
* بعيدا عن الشعر ماذا تهوى زهور العربي؟
- اعشق السفر  ولو لا الالتزامات  لكنت (ابنة بطّوطة) ههههه   ويأسرني البحر وأولد كلّما جلست أمامه ومارست مع امواجه  لعبة الرّحيل واللقاء
* كلمة ترددينها ؟
- "من اعتزّ بغير الله ذلّ"
* موفقة  و نشكرك جزيل الشكر على اتاحة فرصة الحوار؟
- اشكر وكالة اخبار المرأة ولك باقة ودّ ايّتها الصحفيّة  التي أثارتني بأسئلتها الذّكيّة