بأسلوب رومانسي سلس وحالم، وكلماتها عذبة، موسيقية، ومنتقاة بعناية فائقة، تحمل الكثير من الصور التعبيرية الجميلة والمعبرة، الكثير من قصائدها يمكن أن تكون أغاني للحب والعشق، لو وجدت ملحنين مبدعين، لامسوا أشعارها، وعملوا على تلحينها، لسوء الحظ، فان ملحني الأغاني، لم يحالفهم الحظ، بالظفر، بتلحين إحدى أشعارها، حتى يتبينوا جمال أشعارها ورقتها وعذوبتها. كعادتي مع كل من التقي بهن من الأديبات، كان سؤالي الأول لها هو:
@-من هي الشاعرة مليكة كبَّاب، الرجاء تقديم نفسك، من حيث الجنسية والحالة الاجتماعية، والعمر، ومكان الإقامة، والعمل، والمستوى التعليمي والهوايات؟؟؟
مليكة كباب، مغربية من أصل أمازيغي، ولدت بمدينة الجديدة سنة 1959م. حاصلة على شهادة البكالوريا بامتياز في العلوم الاقتصادية، بثانوية الخنساء سنة 1979م، تابعت دراستي العليا في الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء إلى غاية العام 1983م.اشتغلت مسؤولة مالية بالقطاع الخاص منذ 1984م بمدينة القنيطرة، ثم استقريت بالبيضاء، متزوجة، اهتممت منذ بدايتي الدراسية، بالأدب، والرياضة، والفن، والمسرح، بمدينة الجديدة، مع جمعية النهضة المسرحية، ودار الثقافة. حيث شاركت بعدة إنتاجات شعرية وقصصية ومسرحية. أجريت عدة لقاءات مع مختلف وسائل الإعلام الوطنية، السمعية والمرئية والمكتوبة، شاركت مع العديد من المنتديات وفعاليات المجتمع المدني، وكذلك المؤسسات التعليمية. وأواصل نشاطي الثقافي والجمعوي بمختلف المدن المغربية. عضوة فعالة بعدة منتديات دولية:كالجمعية الدولية للمترجمين والأدباء العرب. (واتا)،عضوة بالجمعية المغربية للغويين والمبدعين، نائبة أمين المال بمنتدى الخميس للثقافة والفن، عضوة برابطة كاتبات المغرب ، وحاصلة على عدة شهادات تقديرية.
@-من هو في رأيك الشخص المثقف؟؟؟ وهل كل من حمل شهادة علمية شرط أن يكون مثقفاً؟؟؟ ومن لا يحمل شهادة علمية جاهل وأمي؟؟؟ (سواء كان رجلا او امرأة طبعا)؟؟؟
ليس كل من يحمل شهادة علمية يسمى مثقفاً، سواء كان رجلاً أو امرأة، آفاق الثقافة واسعة ومفتوحة المجال لكل إنسان. الثقافة هي معرفة العمق. الثقافة هي التي تقود الإنسان لمعرفة نفسه..غير أن الثقافة بدون وعي تبقى ناقصة.
@ما هي الأفكار، والقيم، والمبادئ، التي تحملينها، وتؤمني بها، وتدافعي عنها؟؟ وهل شخصيتك قوية وجريئة وصريحة ومنفتحة اجتماعياً ومتفائلة؟؟؟
هي مبادئ إنسانية لا محدودة، مرتبطة بمبادئ الكون والخلق. الجرأة والصراحة يجب أن يمتلكها الإنسان، وعليه أن يحسن استعمالهما، حسب الظروف، دون تشدد وبسلاسة، وهذا ما يولد لدي انفتاحاً على المجتمع. بالنسبة للتفاؤل فهو ضروري لكل إنسان لمواصلة الحياة. وهذه قصيدة من أشعاري بعنوان: لك حبيبي
لك حبيبي، لك مني ألف سلام وألف تحية، لك قلبي ينبض غراماً، كخير هدية، لك همسي، حلا فيه الكلام، لحنك غنوتي، اقرأها في عيني، لك شمعي أنرته في الظلام، شقشق البدر حولي، نسيم البحر أحيا روح دفء الموج داوى جروح، هتف الفؤاد نادى علي، أعجبت بي يمامة، بزورق الإلهام، أحلق في الآفاق، أشدو وأرقص للعشاق، ثم أسبح في بحور الدجى، أخمد لوعة الفراق، دامعة العين شقية، معك لا أحب خصاماً، يا غالي، أجب على سؤالي، لم غيرت حالي، وسقمي...وسهدي، حبكته الليالي جواب ما وجب، دنيا أشعاري أنت، وأنت الغالي علي، لك روحي سمت في المقام، جمالها في الطيب زكية، لك نفسي في حسن قوام، أنت العاشق على أسواري الباسق، اعشقني نغماً في أبيات شعرية، نسجت حرفي، بين العيون هام، وعين حبيبي، ما انطفأت، هاجت تثني علي رأيتك في منامي طائراً، تحمل شعار السلام، ترفرف حولي جناح به ورد وجناح فيه قلب وبندقية، ابتلاء في الذات هيام، إذا السهم صدر في قلب بشر، مات أو عاش كان قدر لا دواء للبلية، جندتني وبخير وسام، لا روح تحيا بعد الموت عصية، وقتلتني وبأي اتهام ؟؟ من أجل العيون كتبت بماء العيون، جمال العيون لون..عشقت فيه المنية، سألوني عنك، قلت رسام، بخط حياته رسم وجهي، على مرآة زجاجية، وسألتهم هل العشق حرام ؟؟ دللني حبيبي، في ليل أشعل الشموع، كانت أجمل أمسية وغنيت له على صوت الحمام، أسيرة حبك...أنا!! مالكي وأملي وما أتمنى، سأبقى لعهدك وفية ما رسمته عقداً كالنجم في عنقي استقام، وخاتما، يحمل اسماً، بالميم مرصعاً، وضعته في يدي، ابن من أنت في الخلق : فارس الأحلام شامخ على بساطي، تناجي أشواقي، بنار اشتياقي ترنو إلي، حبور الأنس لك دام ودام أسري بنار عطشي، ضاق صبري من تيه عمري، صرت آسية، جنوني هوى يدعوني للإجرام، إن لم أحضن حبيبي، في ظلام الكون وأبوح، أكون بموج سباتي غبية، صرخت في وجه الأصنام صمتكم أثار فضولي، لن أنام !! نومكم أذبل فضولي ليلي سام !! برده...رعده...برقه...زلزال أجفل خيولي، لمن ؟؟أحق بأن يلام، عمري ربيع، ينفي وفاتي، بكسر القيود، بحب الحياة، من أجلك فيه بقية، لا شيء يخفف عني الآلام، غير أني أنثى، في لحظة جنوني، تعافى هذا الفتى، دخل جنتي واختفى، غير الهوية، نبضه بالذات، زعزع النظام، وراء جسر الأسود، لأسري نفى، وسؤال ظنوني..إلى متى ؟؟ في تعديل توازني، متى سيظل الظل طيفاً . على يميني، بعيداً عني، على يساري، قريباً مني يخاصمني في الصباح، يصالحني في العشية، كائن...كائن يتساءل في كوني قلب الخلية ساكن...ساكن في صمت سكوني، يمتص رحيقي في الحقول ويقول:هي..!! هي في خيالي، زهرة ترافق ترحالي
بمهب رياحي، عابرة سبيل غجرية.
@-ما هو الدور المناط بالمثقف للقيام به في مجتمعه خاصة، او على صعيد المجتمع العربي الواسع؟؟؟؟
المثقف بالنسبة إلى أي مجتمع كيف ما كانت تركيبته هو ذاك المولد والمحرك، الذي حين يشتغل، يرسل نوره إلى كل ما حوله، ليبدد ظلام الجهل، ويطمح لتغيير أحسن. هذه قصيدة من أشعاري بعنوان:هي بداية أشجاني
وقصيدة..تلغي كل الخطب، صحت بأعلى صوتي، أشكو عذابي، من حدة الشوق، جرحي التهب...ما خشيت الموت يوماً، بقدر ما أخشع لربي، ولا خشيت عبداً، أذل غلبي، بقهر منك، فؤادي تعذب، وبغير رضاي أحب، جنوني حين تغضب، يتغير لوني، في بسمة، كصرخة دوت في ركن قلب، ما هوى...!! قتله الصمت فاكتأب
ولا رأى...لوعة محب في حقه أذنب...تأملت ذاكرة سلواني، وجدت صورة...مصحوبة بطلب، قبلتها..وقلت..كيف لهذا الحبيب أن ينساني...ماضياً..بحاضر عمري انسحب.
@-ما هو تقييمك بشكل عام، لدور المثقف العربي في مجتمعه، وهل حقاً يقوم بدوره المناط به القيام به، أم تأثير دوره يكاد يكون غير ظاهر ؟؟؟
هو لا يقوم بدوره كمثقف. بل نجد المثقف في المجتمع العربي قد طوق نفسه، بحواجز ذاتية، لا مثيل لها، حتى انه أصبح يشكل ظاهرة استثنائية غير صحيحة، واحياناً يعطي لنفسه نوعاً من القدسية تبعده عن المتلقي، بطريقة غير مباشرة.
@ ماذا يمثل الحب في حياتك، وماذا تقولي عندما يموت الحب بين البشر؟؟؟
الحب خلية حية، دورها الربط والتواصل. عندما يموت الحب، ينتهي الإنسان.الحب هو تلك اللحظة التي ينسلخ فيها الإنسان من حب ذاته..وينتقل إلى حب الأخر بكل ما قد يكتنفه من أخطاء..الحب هو صفاء. هذه قصيدة من أشعاري بعنوان:
مداد العشق
بمداد العشق، أكتب:أنا الموقعة أعلاه..على صفحة من حياتي، طلعت كالبدر بالغا منتهاه، ابنة حواء أنا، وآدم أبي قدسه الإله، سماني:أميرة العشاق، أدير عالم الرموز، مثلي تقواه، رمز البطولة، كف أشهر صورتي ، ورمز الأصالة صار دلالتي، ورمز المحبة، في سحر ابتسامتي، هتاف بالهاتف، من إشراقة الصوت، جن الفؤاد وتاه، طيني يحب ويعشق، ولا يكره إلا من جفاه، أطلقت العنان لقلبي، جوالا في أركان دنياه، هائما في سبات الغيم، يحلم بيوم مناه، نائماً على بساط الحب يتسلى بأساه، أنا الموقعة على صفحة من حياتي، أمضي بسبابتي، أن داء القلوب شوق زاد لظاه، أن دم القلوب، احترق بنار هواه، أن نبض القلوب تيار جاوز مداه، وأن أنين القلوب لا يسمعه إلا من جرحه أدماه، شبح في الظلام، يصارعني ما أشقاه، وجه في المنام، يطاردني، لا تغمض عيناه، طيف عذب الكلام يسامرني، لا أستطيع أن أنساه، مهما كان بعيدا عني ريحه ، تقودني إليه عروسة عوسج أشدو بشدو نجواه، صوته يأتيني طربا في أذني يسكرني شذاه، تحرك لساني يبحث عن دفء شفتيه في قبلة، وهت الشفاه، حضنه سرير فيه يحلو نومي، لن أحب سواه، كل ما فيه أثره عيني تراه
وكل ما فيه نسيمه، أنا أهواه، وكل ما فيه عطره طيبي اقتناه، وكل ما فيه رحيقه قلبي اشتهاه، عانقني بيديه، جنة الحياة عينيه وهمس الروح أنفاسه شائك لا ينحط مبناه،
يا له من رمح هوى ضالا في بحور الجوى متعطشا لعبق الورد في يد من رماه، عليل بغيثه ارتوى ضال في ظله انضوى سبحان من حباه وغنى الصبح لملك الأسود بإسمه سماه، قبلته الحسناء على ضفة نهرها، نالت رضاه، هو الحبيب حبيبها، اعتصمت بذيل ثراه، هو طبيبها أطيب الناس بلسم لا يجف مجراه، ظلمة كوني أزالها
ودمعة عيني أحالها، ليم بالحنان سقاه، وسبحت فيه بغير مجداف، ألاطم الموج، سندي نهاه، لا شيء مني يخيفه، غير كوني وحده، أن تغير يوما: ينفي لولاه، عزف ليلي يعجبه، غنائي: صمود...أحبه حلم النهار لا تصدق رؤياه، حروف الهجاء نجومه أنارت البدر في علاه، خطوط كفي قاموسه، قرأ الحرف بسط معناه، ربيع عمري مولده، تفتح في دنياه، برج الغرام، مقامه يغري من رآه، قمر بين الكواكب لاح، صور الجمال رونقاً، وبنوره افتداه، بديع، فنه أغناه، وضرير، دمعه رثاه نبات الأرض فاح، بعبير نداه ..سكون الليل بسر الوجود باح والسر في أسر، قلبي سعيد بمنفاه، الطير في السماء صاح: لا حياة بغير عشق..والصوت ردد صداه، ليت عمري كنت رفيقة صباه أغني له...أحكي له قصة أمة عديمة الجاه أحبت سيدا..كان ما كان، كان الحكم مشنقة وما كفاه...ليت عمري كنت من بدئي شمساً، يسكن ظلي..يخمد ناري، ويبقى خليلي.. في غروبي بعدها، لن أغير الاتجاه.
@ ما هو رأيك بالمثقف العربي بشكل عام، ودوره الغزلي مع السلطة الحاكمة، ومحاولة نفاقها ومهادنتها، وخدمتها، والدفاع عنها، وهل هذا العمل مقبولا منه ؟؟؟؟
غير مقبول، إذن هو مثقف انتهازي. المثقف عليه أن يكون أول المدافعين عن الإنسان البسيط، الإنسان الأمي، الذي لم تساعده الظروف، لكي يتعلم..أما أن يكون أول من يقفز على حبل السلطة، فهذا بعيد كل البعد عن المثقف الحقيقي.
هذه قصيدة من أشعاري بعنوان:لا تغضب
لا تغضب !!مني...حبيبي، لا تغضب !!أنت حبيبي...وأنت في شرودي، أنت لسبب
أنت طبيبي...اسأل قلبي، كيف أحب عنادي...من صفات التحدي، فيه يشتد ألغضب، وزادي دمع في سعادتي، ما وجب، بحيرتي حنان، بعطفك لا ينضب جنتي...وأنت فيها.. بسمائها يحلو الطرب، حياتي...امتداد لحلم أمامي انتصب، فيه وجدت نفسي مالكة دنيا...وأنت إلي أقرب، أما كنت تهواني..؟؟أم تدفق الغرام..من كل باب تسرب، فوجئت بحالي، والحال بوجودك انقلب، سلطان الغرام سماني، شاعرة العشق، نصيبي..من ذهب..بقصر أحلامي، طيف:سألته عن دينه أجابني إسلام:
عبادتي...أنت بعد الرب، وتمرد الهيام أتعبني، أخفيت الحقيقة:عن الأم والأب، أوقفت الزمان بأيامي بقربك، وقتي لا يحتسب، فيك نسيت أحزاني، ونسيت أني، كنت من أهل الشغب، غيرت اسمي وألواني، لأكون منك...قريبة النسب، اسمك..ردده لساني، والقلم...استحيى أن يقرأ ما كتب.
@-ما هي علاقتك بالقراءة والكتابة، ؟؟؟ ولمن قرأت من الكتاب والأدباء، وهل لديك مؤلفات منشورة او مطبوعة ؟؟؟ ما هي بداياتك بالكتابة، هل بدأت الكتابة فوراً أم كنت تكتبي عن كل شيءْ؟؟؟ وهل أنت عاشقة للكتابة بشكل عام؟؟؟
القراءة بالنسبة لي نبع أرتوي منه.هي المنطلق الأول والأساسي للكتابة..نقرأ لنكتب. عادة ما يبدأ الكاتب بكتابة أنماط مختلفة من قصة ومسرح..وشعر قبل أن يجد نفسه في النمط الذي يرتاح إليه. كنت أكتب في بدايتي عن كل شيء، عاشقة أنا للكتابة الهادفة، طبعاً نحن أمة اقرأ، وعليه فقد تعلمنا منذ أيام الدراسة المطالعة والقراءة لأعمال من سبقونا، ونحن نكبر نقرأ لمن عاصرونا وهكذا، فقد قرأت: بعض الأعمال لمؤلفين مثل سميح القاسم...ومي زيادة.. وبدر شاكر السياب..واحمد شوقي..ونجيب محفوظ، وميخائيل نعيمة، وجبران خليل جبران، وأحلام مستغانمي، ومحمود درويش .. هؤلاء من بين الأسماء المتعددة التي قرأت لهم، صدر لي خمسة دواوين:عن مطبعة الأحمدية بالدار البيضاء: هذه الدواوين هي:
* ديوان من أنا ؟ سنة 2008 م * ديوان إلى متى ؟ : سنة 2009م
* ديوان هل سيعود ؟ سنة 2010م،* ديوان لمن ؟ : سنة 2011م
* ديوان ولم الخصام ؟: سنة 2013م
@-هل تعتقدي سيدتي أن المثقف العربي في كافة المجتمعات العربية دوره مغيب؟؟؟ وانه بعيد عن واقعه ومجتمعه، أم انه يقوم بدوره بشكل خجول، وغير فاعل ؟؟؟؟؟
هو غير فعال، مغيب يعيش على الهامش في غالب الأحيان.أو كما أسلفت سابقاً، فقد أحاط نفسه بهالة تحجب عنه المجتمع الذي يعيش فيه..فكل المثقفين حالياً ضاقت بهم السبل..بحيث أصبح لهم دور ثانوي بالنسبة لسنوات ما قبل السبعينات، حيث كان المثقف يساهم من بعيد أو قريب في تأطير شعب الوطن، الذي ينتمي إليه، وكان هذا المثقف يشكل جزءاً من النخبة التي تؤثر في اتخاذ القرار.أما حاليا فالمثقف مغيب بشكل أو بآخر.
@-هل أنت مع ظاهرة الصداقة، والحب، والزواج، عبر صفحات، التواصل الاجتماعي؟؟؟وهل الشبكة العنكبوتية نعمة أو نقمة على الإنسان، وخاصة على المثقفين العرب بشكل عام؟؟؟
الصداقة والحب عبر صفحات التواصل الاجتماعي، تبقى حسب أخلاقية ومصداقية الإنسان. فهو مجال افتراضي شاسع، وانت لا تعرف من يخاطبك في الجهة الأخرى، قد ينتحل الشخص الآخر صفة غير حقيقية، قد يكون رجلاً، ويخاطبك باسم امرأة، أو العكس..قد يدخل الانسان الساذج في متاهات لا سبيل للخروج منها، ونحن نقرأ أخبار الابتزاز والتهديد..إذن فالحذر واجب، وحتمي حتى لا نبني العلاقات الانسانية على الأوهام. الشبكة العنكبوتية تبقى نعمة أو نقمة، حسب المستعملين لها، وحسب الأهداف المتوخاة منها، كلما كانت الأهداف سامية ونبيلة، وكلما كان المتحاورون يتميزون بالوعي الأخلاقي، فهي نعمة..أما إذا كان العكس فهي نقمة، بل قد تنقلب إلى جحيم.. هذا إذا لم نتكلم عليها كإدمان.
@هل تعتقدي سيدتي أن الشبكة العنكبوتية خدمت المواطن العربي والأدباء بشكل خاص؟؟؟
لها من الإيجابيات، ساعدت الأدباء على نشر نصوصهم والتعارف بينهم في مختلف البلدان العربية، وأصبحت النصوص تتعدى كل الحدود التي يضعها هذا النظام أو ذاك..كما أنها ساهمت أيضاً في التقاء أدباء عرب من مختلف الأقطار في لقاءات ثقافية، على أرض الواقع، بعدما كانت افتراضية، وقد ساهمت أيضاً الغرف الصوتية، والمنتديات الاليكترونية في توثيق أواصر المحبة بين أدباء تجمعهم هم الحرف.
@-ما هي أزمة المثقف العربي التي يعيشها ويعاني منها، ولماذا لا يظهر بالساحات العربية بكل قوة وهمة وعزيمة ونشاط؟؟؟
هناك أزمتين، أزمة شخصية تنطلق من ذات المثقف نفسه، كالغرور وحب الذات، والابتعاد عن الواقع الذي يعيشه عامة المجتمع، بحيث يكتفي بنخبة معينة من القراء، ويعيش في برجه العاجي، وأزمة السلطة.التي تحاول إبعاد المثقف الواعي عن أداء دوره، سواء باستمالته وإغراءه ليدخل خانة الانتهازيين، وفي حالة الرفض فهي تمارس عليه رقابة لصيقة، وتعتيماً إعلامياً شديداً لا يظهر إلا الجانب السلبي من حيلته، هذا إذا لم يزج به في السجن تحت أي تهمة جاهزة. وهذا ما يفسر هذا الركوض الذي يعيشه المثقف.
@- ما هي أهم مشاكل الكتاب والأدباء العرب، التي يعانون منها من وجهة نظرك الشخصية؟؟
مشاكل ذاتية، اجتماعية..مادية وسياسية. وهذا السؤال هو مرتبط بالسؤال الذي سبقه..فهناك مشاكل الطبع، والنشر..والتوزيع..بل انه في اعتقادي أن من أكبر مشاكل المثقف هو ضعف القارئ العربي..وعدم إقباله على القراءة.
@-هل تعتقدي أن دور الشعر الحالي في المجتمعات العربية، تراجع عما كان عليه في العهود الماضية، وما هو دوره الآن، وما هو السبب؟؟؟
نعم، لم يعد يهتم بقضايا الأمة بعد اكتفائه بجمالية القصيدة، قليلون هم الشعراء الذين يكتبون عن واقع الأمة العربية، والإسلامية أو ما يسمى بشعراء القضية، فغالبية من يكتبون يبحثون عن جمالية النص، وتوظيف اللغة في إخراج هذه الجمالية، دون الارتباط بقضية معينة..وكأن المواطن العربي قد حلت كل مشاكل الفقر والتعليم لديه، ولم يبق له إلا التمتع بنص جميل.
@ما هو تعليقك على هذه المقولة:اذا كنت في المغرب فلا تستغرب؟؟؟؟
هذه الجملة حملت أكثر من طاقتها، باعتبار أن المغرب يشكل استثناء، بالنسبة لباقي الدول الأخرى، لتضامن سكانه وتكافله في اختلاف مكوناته المناخية.
اعتقد أنها غير صحيحة، فمن قرأها قد يفهم منها منحى آخر سلبي..بمعنى انك إن رأيت شيئاً لا يسرك في المغرب، فلا تستغرب، وهذا خطأ..كل مكونات المجتمع المغربي جزء لا يتجزأ وهذا هو الاستثناء، والاستغراب، حسب اعتقادي..كرم المغاربة..تضامنهم مع الشعوب العربية..تكافلهم فيما بينهم، هذا هو إلا استغراب، الذي يجعلك لا تستغرب ما دمت في المغرب.
@-ما هي أهم التحديات التي واجهتيها في الحياة؟؟ وماذا اكتسبت من الحياة من تجارب ومهارات؟؟
الحياة كلها تحديات مستمرة، ما دمنا فوق الأرض، واستمرار للتجارب والمهارات لذلك، فكل التحديات واردة ومهمة، دون استثناء. هذه قصيدة من أشعاري بعنوان:اسأل أو لا تسأل:
اسأل أو لا تسأل، فأنا باسقة، راسخة، بسور الزمن، على ظهر جواد أركض، أشاكس تيار القدر، لكل ملامة، أرفض، عاشقة وجه القمر، لربي أعبد، فما خلقت، إلا آمة بين البشر، رأتني نجوم، لسمائها تصعد، في خلوة... من الكتاب أقرأ ما تيسر، أدهشتني بسؤالها: من أكون؟؟ حكم القوي، في الضعيف صدر، ومن أكون؟؟ بوجود شاسع، وشمس ساطعة، غير راعية البقر...من هول أهوالي، أجري في البراري، خائفة من ذئاب الغاب، تمزقت أسمالي وتشققت، أقدامي، غاصت في الوحل، وغاب الأثر، تاهت أغنامي بليل ساكن، وجاءت أبقاري بصوتها تجادل أفكاري، وغروب الشمس في انتظاري، ما كان التيه قراري، لأنام !!ويصبح كوني في خطر، كنت يوماً بتعاستي أجحد، ضالتي...أمان بالمكان يفتقد، عدت دوماً، ببراءتي أسعد..أبادر في الخير وأنهض، برحمة الواحد أتمجد، وأجري تحت المطر...أصارع الريح بعصاي، أحطم القبيح بتقواي، أدهش المليح بشذاي، أنير المصابيح لمولاي، وأحكي له:قصة ليلى وعنتر، أجلس بباب القصر، والحارس عيناي، أعزف لمالك قلبي وهواي، لو لم يكن، ما كان عزمي، يكبر بالتمني في عساي، ملك الحب بطاعتي أمر، جلست قرب الوادي، في الهجير أتجسس نبضي، والهدير يردد إنشادي، طال الوقت، نفذ زادي، تعكر الجو، والماء ندر، غبت في غفوة نوم طويلة، ورأيت أحلاماً جميلة، كنت أصرخ، بين الفينة والفينة، ذبح الكبش أمامي، فلزمت الصمت والحذر، في الصباح...لا نباح، تفتَّح الورد وفاح، خرج الطير يرقص، من ألم الجراح، هو مثلي كسير الجناح، حام حولي، دمعي انهمر، عشقت نسيم الهواء، في سكون الظلام، وأدت نظيم الحاء، في أحلى الكلام، رفضت نعيم الثراء، بأعلى مقام، أحببت أديم السماء، فيه سما الغرام...أسرت نديماً جاء، أشعل نار الهيام، صب لي كأس المساء، وخمري أبطل الأحكام، نبال في القلب داء، شهيد مات إعدام، كان كريم العطاء، لغة العصر حب، خالف النظام، ضاع الحلم، غاب الدواء، شمخ العز للسيد، لا للغلام...وضاقت الأرض بصمت الحجر، والناي دوى...بأنينه اشتهر، لا العزف يزيل الكدر، والقيد ذل...به المرء انكسر، تكلم الناس عني، وتأوه الحزن مني، قمة أساي حنيني، وعلة نجواي أنيني، لو كان الهم يغني، لو ثبت ثائرة...فوق التلال أغني، لا شيء يضني غير ألم العبر.
@-ما هي أحلامك وطموحاتك التي تتمنى تحقيقها؟؟؟
الوصول لما هو أسمى، وأرقى..وأن يتحول هذا الشعر إلى الحان موسيقية تترجمه لمخاطبة الروح وهذا ندائي أن يصل إلى كل الملحنين الكبار أن يخصصوا التفاتة لأشعاري، ففيها ما يستوجب ذلك، ما دمت أعتبر أنني أنقل صرخة المرأة، من بحر معاناتها بجميع اللغات:لغة الوطن والبناء، لغة الوجود والتواجد، لغة الخوف والحنين، لغة التحدي، لغة الجمال ولغة العشق. وهذه قصيدة من أشعاري بعنوان:
كذا يريدني
هكذا...يريدني!! هكذا...يريدني خرساء في أرض قاحلة جرداء يعشقني، صماء جاثية على رمال ساخنة بحرارة الصحراء تذوبني عارية...متجردة من فصولي، من فنوني، من شعوري، من أنوثتي، وكأني...لست كباقي النساء، كمن جرد الربيع، عن خريفه، لا صيف بغير شتاء، لا شيء في دنياه، كدفء يحضنني غيره...في دنياي
بغير رفق يقتلني، كما يشاء، وما يتعسني بديا الصحاري في ليلة ظلماء، أبكي جائعة،
أصيح بأعلى صوتي، والأصوات مدفونة، مبحوحة، لا يسمع لها نداء، واحة النخيل قالت:لطفا بحال حسناء، ودواب من حال ترحالي قالت:هذه صرخة حمقاء، قمت مستنجدة بطيور هامت من شدة العطش، تبحث عن الماء لم تجد...غير مستنقع ملوث بالدماء، رقصتْ...رقصة كلها حسرة تدلي بالرثاء، وحلقت...ثانية حلقتْ... وبساقها وصل...فيه:اسمي، ولقبي، ولوني، وفصيلة دمي، كان يومي مكتوب بحبر من شقاء، عدت ثانية لمصيري، منحنية أبكي...وأبكي...في الخفاء، بغضبي...هاجت السماء، غضبتُ، من صراع، تفاقم بين الفقراء والأغنياء، عصفتْ وأمطرتْ، تغسل دموع الأبرياء، انتفاضتي لمَّت حولي، كل وحوش الخلاء، ذئاب تعوي ورائي وأنا...بين أدغال الرمال، أمشي...خائفة أستجير بأشباح عالمي، أجر قدمي، أجري... صاخبة، أتلَّوى...من ألمي، خوفاً من لسعات العقارب، جفتْ دمعتي، من كثر البكاء، صار النحيب غناء، كل شيء بذاكرتي، يتعبني، وذكرى وفاتي...بتعاستي في بيداء، يسعدني، أنني...ما زلت على قيد الحياة، أجمع ما تبقى من أشلاء، بغير قلب أئن، ولا قلب جنبي يحن، كالجسد الراقد بغير روح، قلب تراه مطمئناً، خاشع بدعاء...!! هكذا...يريدني، أسد يشمخ في عرينه عروسه...عذراء جسد...يسمو بشهوة معانيه، في جفاء...جن الليل...واتخذت الأرض السماء غطاء، أسود الغاب تخرج ليلاً... لتأكل، وما عساها...تأكل إن دام لها البقاء، الصبح...صبح تشرق شمسه بالضياء، ولا صبح، بغير شمس، يتلوها المساء، سأتحدى طقوس الكون، لأكون في قمة شمَّاء، ومن أكون؟؟ وقد نلت الجزاء غير همزة وصل، هجاها السكون، فكانت حرفاً، تلاشى بين أقسام السجون، لا حيرة فيما كان الابتلاء جنون...لو يكون اسمي مركباً...من حروف غير حروف الهجاء.

إنتهى موضوع:لقاء وحوار أدبي وثقافي ممتع مع
الشاعرة والكاتبة المغربية مليكة كبَّاب