مقدمة

يندرج هذا التقرير ضمن مقاربة استقرائية ترصد حضور المرأة الأكاديمية في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، من خلال نموذج الدكتورة فاطمة خديد، وهي إحدى الشخصيات النسائية البارزة من جهة الداخلة وادي الذهب، جمعت بين التأصيل العلمي والالتزام الاجتماعي، وأثرت في الحقل الثقافي والديني بالمنطقة.

أولًا: المعطيات التعريفية والهوية العلمية

الدكتورة فاطمة خديد تنحدر من الصحراء المغربية، وبالضبط من منطقة الداخلة – وادي الذهب. تُعرف بكونها باحثة في العلوم الشرعية والحديثية، إضافة إلى اهتمامها بقضايا المرأة والأسرة. تحمل مسارًا علميًا مميزًا مكنها من ولوج مجال التأليف في الفقه المالكي والدراسات الحديثية، مع التزام واضح بقضايا المجتمع المحلي.

ثانيًا: استقراء المنجز العلمي

يتجلى الحضور الأكاديمي للدكتورة خديد في مؤلفات نوعية تستهدف قضايا الأسرة من زاوية فقهية وأصولية. ومن أبرز أعمالها:

- "جامع المسائل الفقهية لآيات أحكام المرأة والأسرة عند المالكية": كتاب يعكس وعيًا فقهيا نسائيًا يُسهم في إعادة قراءة الأحكام الشرعية بمنهجية مالكية مستمدة من السياق المغربي.

- "أحاديث فضائل سور القرآن: دراسة نقدية حديثية": عمل حديثي يبرز التمحيص المنهجي في التعامل مع المرويات الدينية الشائعة، بما يعكس روح النقد العلمي والانضباط المعرفي.

هذه الأعمال تُعد إضافة للمكتبة الفقهية النسائية المغربية، وتؤسس لنموذج علمي نسائي يزاوج بين المرجعية الدينية والاجتهاد العلمي الحديث.

ثالثًا: الأثر المجتمعي والتنموي

لم يقتصر دور الدكتورة خديد على المجال الأكاديمي، بل امتد ليشمل الحقل الجمعوي والحقوقي، خاصة من خلال رئاستها لجمعية "ولاء للتنمية وحماية المرأة والأسرة". هذا الانخراط يعكس تصورًا شموليًا لدور المثقف، حيث توظف معارفها في خدمة قضايا المرأة والتنمية الاجتماعية، في سياق يُراعي خصوصيات المجتمع الصحراوي المغربي.

رابعًا: القراءة الاستقرائية للمنهج والرسالة

من خلال تتبع أنشطتها ومؤلفاتها، يُلاحظ أن الدكتورة خديد تعتمد منهجًا وسطًا يجمع بين:

- التأصيل الشرعي المستمد من الفقه المالكي.

- مراعاة واقع المرأة المغربية ومكانتها في التشريع والسياسات العمومية.

- الانفتاح على النقاش الحقوقي الحديث دون قطيعة مع الخصوصية الدينية والثقافية.

خاتمة

يمثل مسار الدكتورة فاطمة خديد نموذجًا نسائيًا فريدًا في الأقاليم الصحراوية المغربية، يجمع بين البحث العلمي والانخراط المجتمعي. حضورها الأكاديمي والجمعوي يفتح آفاقًا أمام الباحثات الصحراويات للمساهمة الفاعلة في الفكر الديني والفقهي من داخل السياق المحلي، ويؤسس لخطاب نسائي علمي ناضج ومتوازن.