عمان- الغد- صدر للروائية بديعة النعيمي رواية بعنوان “عندما تزهر البنادق-دير ياسين”، عن دار فضاءات للنشر والتوزيع، عمان، رصدت فيها فصول النكبة الفلسطينية، عبر سيرورة زمنية، تمتد من آذار 1920 إلى العام 1958.
لم تغفل النعيمي الاهتمام بالمبنى السردي الذي أرادته سلسا، وأقرب إلى رائحة الأرض والدحنون، الذي يكشف عن مساحات الألم داخل النص في تلك الروح الحية، بالإضافة الى اللغة التلقائية التي تتماهى مع الوجع الذي يفترش مساحات السرد، وسلاسة اللهجة العامية التي عجنت بها حوارات الرواية. تحكي النعيمي عن التاريخ، والأرض، والأمهات والآباء والجذور. والبطولة في الرواية كما هي في الواقع الفلسطيني ليست بطولة جماعية، فأسرة الحج أسعد هنا تتقاسم البطولة كأسرة فلسطينية تجتمع حول جد يستمعون إليه وكأنه جذرهم الذي يتغذون منه الحياة.
عندما “تزهر البنادق”، هي الرواية التي تعبق بها رائحة الأرض والهوية الفلسطينية، الرواية التي تلغي الرواية الصهيونية التي تقول بـ”أن الكبار يموتون والصغار ينسون..”، حيث تسرد الرواية أحداثا عاشتها فلسطين منذ العام 1920 حتى ليلة المذبحة الشهيرة مذبحة دير ياسين، حيث تتبع سير أحداث المذبحة منذ ساعاتها الأولى.
وتفضح الرواية ما قامت به العصابات الصهيونية من مسح للقرية وتقتيل وتشريد لم تنسه زينب بطلة القصة كما لن تنساه الأجيال اللاحقة مهما حاول اليهود طمسه، زينب التي تعلمت التاريخ من جدها وأبيها وأعمامها قبل أن تعلمها إياه الكتب لن تنسى قريتها وما حصل وستبقى ذاكرتها تتقد جمارا وتنتفض كعنقاء تحلق وترسم آمالا في طريق المقاومة والتمسك بهذه الأم وذاك الرحم الدافئ الذي ترتبط به، فلسطين الأم والركيزة الوجدانية وراء صمود هذا الشعب المناضل.
وفي كلمة على غلاف الرواية تقول “تلاحقت الصور أمام عينيها أمها، أبيها، سالم، عمها، الجنود، البنادق، شظايا الزجاج المهشم، بصمت وهي تضم مريم وتغمض عينيها (بكفي).. تموء كقطة أضاعت جرائها، وإذا احتاج الأمر ستنكمش على نفسها وتبرز أشواكها، فلن تسمح للركام بأن يسخر منها وسوف تتقمص صمته، فكم هو بارع ويتقن لغة الحكماء.
سكنت الجلية في القرية بعد ظهر ذلك اليوم، وانتهت المعركة بمجزرة تكدست بها الجثث في الطرقات وداخل البيوت ولم تجد من يدفنها فقامت العصابات بمحاولة لحرقها وكانت محاولة فاشلة، فانتشرت رائحة الدماء مع رائحة شواط الأجساد، غادر على جمر الألم من غادر إلى قرية عين كارم وتشرد أيتام القرية في شوارع القدس يبكون أب وأم ومنهم من بكى عائلته بالكامل، نعم بعض العائلات لم يخرج منها حي واحد..
وكانت شمس ذلك اليوم قد اشرقت عن صباح رمادي قاتم على قرية كانت بين فكي كماشة فمن جهة عصابة شتيرن والإرغون بدعم من العصابة الاضخم الهاجاناه ومن جهة ثانية نفاد الذخيرة انها قرية دير ياسين التابعة لقضاء القدس”.
يذكر أن بديعة النعيمي، صدر لها “فراشات شرانقها الموت”، “مزاد علني”.

المصدر : جريدة الغد الاردنية