احتفل العالم قبل عدة أيام بيوم المرأة العالمي الذي يأتي تكريسا لنضال المرأة وانجازاتها والعمل على تحقيق المساواة بين الجنسين في المجتمع. إن الاحتفال بيوم المرأة العالمي ليس فقط تذكيرا واحتفالا بإنجازات المرأة، وهي كثيرة، وإنما أيضا مناسبة للتذكير بأشكال التمييز التي ماتزال تعاني منها المرأة عالميا ومحليا. لنا الحق أن نفتخر بالإنجازات التي حققتها المرأة في الأردن.
ومما لاشك فيه أن الإنجاز الذي حققته المرأة في مجال التعليم يعتبر علامة فارقة في مسيرة الأردن التنموية حيث تم تقريبا إغلاق الفجوة بين الذكور والإناث في المراحل التعليمية وعلى المستوى الجامعي.
كذلك، يقابل ذلك في المجال العام انجازات على صعيد العمل والأعمال حيث لا يوجد مجال مهني لم تطرقه المرأة الأردنية،
و قد تميزت المرأة في العديد من هذه المجالات وأصبحت توازي أو تفوق زملاءها من الرجال.
ورغم أن الانجازات في المجال السياسي كانت أقل، إلا أن مشاركة المرأة هي في ازدياد وخاصة في المجالس البلدية وكذلك حضورها في الحياة العامة في نواح عديدة في زيادة مطردة بالإضافة إلى العديد من القوانين التي تم تعديلها بسبب إجحافها بحق المرأة.
لم يكن لهذه الانجازات أن تحصل من دون الرؤية التقدمية للدولة الأردنية والعمل الدؤوب والمثابرة والنضال من قبل المرأة الأردنية لممارسة حقوقها والمشاركة جنبا إلى جنب مع الرجال في بناء الوطن.
وكما أن اليوم العالمي للمرأة هو تذكير بهذه الانجازات والاحتفال بها، فإنه أيضا فرصة للتذكير بالمجالات التي ماتزال تعاني منها المرأة الأردنية والأشكال المختلفة من التمييز المؤسسي والاجتماعي.
إن التمييز في العمل والتوظيف واستغلال المرأة مايزال موجودا وماتزال مشاركة المرأة الاقتصادية متدنية وتعاني من معدلات بطالة مرتفعة جدا تزيد على ضعف معدلها لدى الرجال، كما أن رمزية المشاركة السياسية ماتزال تذكرنا بشبه غياب للمرأة عن المشهد السياسي الرسمي والحزبي والشعبي.
كذلك، فإن التمييز الاجتماعي مايزال كبيرا، لا بل إنه أصبح أكثر حدة في بعض المجالات وخاصة في المجال الأسري والدليل هو العنف بأشكاله المختلفة الموجه ضد المرأة الذي أخذت وتيرته بالتصاعد في الأعوام الماضية، وماتزال أشكال التمييز القانوني والاجتماعي في قضايا الزواج والطلاق والحضانة والإرث قائمة ولم تتم معالجتها.
إن استمرار أشكال التمييز المختلفة ضد المرأة هي مؤشر على مدى عمق التمييز ضد المرأة واستمرار عدم المساواة بين الجنسين، ليس على الصعيد الوطني وإنما أيضا على الصعيد العالمي، وهو مؤشر على المقاومة التي تبديها المجتمعات أمام تقدم المرأة، فالنظام الأبوي كتنظيم اجتماعي وكأيديولوجية تبرر عدم المساواة، واضطهاد المرأة مايزال متغلغلا في كل مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في المجتمع الأردني والمجتمعات العربية. لا بل إنه يبدي مقاومة للتغيير في مكانة المرأة حفاظا على المكتسبات والامتيازات التي يوفرها هذا النظام للرجال. ولهذه الأسباب كلها، فإن اليوم العالمي للمرأة يجب أن لا يكرس فقط للاحتفال بالتقدم الذي أحرزته المرأة، وإنما أيضا للتذكير بما لم يتم انجازه بعد، والعمل المطلوب لتحقيق المساواة أو التخلص من أشكال الاضطهاد والتمييز كافة التي ما تزال تعاني منها المرأة.