|
|
||
|
قراءة نقدية وملخص لمجموعة "ولادة فوق الشجرة" بقلم: د. موسى الشيخاني
قراءة نقدية وملخص لمجموعة "ولادة فوق الشجرة" بقلم: د. موسى الشيخاني
الملخص:
ملخص المجموعة القصصية "ولادة فوق الشجرة" للكاتب إسماعيل قاسم:
تتناول المجموعة القصصية "ولادة فوق الشجرة" حالات إنسانية معقدة وغنية بالانفعالات العاطفية والنفسية. تبدأ القصة المحورية برجل يعتلي شجرة عالية على قمة تل، في محاولة وجودية للهرب من قسوة الحياة، بعد فقده لوالدته وتعرضه لخيانة حبيبته. يتشابك السرد بين الواقع والهلوسة، وبين الذكريات والمأساة الحاضرة، حيث يتأمل الراوي/الشخصية المصير والخذلان والوحدة، في مشاهد مشبعة بالشعرية والألم.
وتتوالى القصص داخل المجموعة بنفس النفس السردي المتوتر، حيث يتم رصد ملامح من الفقر، والحرمان، والاغتراب، والانكسارات الشخصية والاجتماعية. تسكن شخصيات العمل دوائر مغلقة من الحيرة والحسرة، ويستند الكاتب إلى لغة مكثفة، مفعمة بالصور البلاغية والتوتر النفسي.
العمل غني بالرموز والمفارقات، وينبض بحس احتجاجي واضح على واقع الإنسان العربي المهمّش، ويتناول أيضًا ثنائية الموت والحياة كجدلية وجودية لا تنفصم.
القراءة النقدية:
قراءة نقدية:
يمثل كتاب "ولادة فوق الشجرة" حالة سردية متقدمة في المشهد القصصي العربي، حيث ينفرد الكاتب إسماعيل قاسم بقدرته على توظيف الفضاء السردي كأداة لكشف التجربة الإنسانية المعذبة. فالقصة المركزية، التي تحمل اسم المجموعة، تفتح أفقًا للقراءة النفسية والفلسفية، إذ تتحول الشجرة إلى معادل موضوعي للولادة والموت معًا، بينما تبدو "الولادة" هنا تجليًا منقلبًا، يمثّل رفضًا للحياة أكثر من قبوله لها.
يبرز الكاتب عبر تراكمات لغوية دقيقة مشاعر الانكسار واليأس، ويجيد التلاعب بالضمائر والتنقل بين البوح الداخلي والسرد الخارجي، ما يمنح النص طابعًا دراميًا وتعبيريًا عميقًا. نلاحظ أيضًا حضورا طاغيًا للأم كرمز للحضن الإنساني الأول، في مقابل الغياب والخذلان من الحبيبة، مما يرسّخ الثيمة المركزية للصراع بين الأمل والانهيار.
كما تستخدم القصص الأخرى – مثل "رجل أمن" – الواقعية القاتمة لتصوير مآزق الفرد في ظل النظام الاجتماعي القاسي، من خلال شخصيات مأزومة تائهة تحاول التشبث بأي معنى في عالم فقد توازنه.
ما يميز العمل هو جرأته في التعبير عن القبح البشري، وعن العنف الرمزي والمادي في المجتمع، بأسلوب لا يخلو من الشعرية حتى في أكثر مشاهده سوداوية. إسماعيل قاسم لا يهادن في اللغة ولا في الطرح، بل يقدّم نصوصًا تضع القارئ أمام ذاته، وتحفّزه على إعادة التفكير في مفاهيم الحياة، والموت، والانتماء.
بكل تأكيد، تمثل "ولادة فوق الشجرة" عملًا سرديًا مميزًا ومشحونًا بالقيمة الجمالية والمعرفية، وتستحق أن تأخذ مكانها في مصاف الأدب العربي الحديث، بوصفها مرآة صادقة لجراح الإنسان العربي في راهنه المأزوم. الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: السبت 21-06-2025 12:50 مساء الزوار: 79 التعليقات: 0
|
|