|
|
||
|
النقد الأدبي
يُعرَّف مفهوم النقد بوجه عام بأنه: "دراسةُ وتفحُّص الأقوال والأفعال، والحُكم عليها، وتمييز السلبي من الإيجابي". وعرَّف آخرون مفهوم النقد بأنه: "الحُكم على ما يُكتب أو يُنطق بواسطة شخص يُعرف باسم (الناقد)، والذي يقوم بالتعبير عن السلبيات والإيجابيات الخاصة بالإبداعات أو الأفعال أو القرارات التي يُحدثها فرد أو مجموعة من الأفراد في مجال مُعيَّن، وذلك من خلال وجهة نظر الناقد الشخصية".
وفي الوقت الحالي أصبح النقد أداةً فعَّالةً من أجل الحكم على مكامن الأعمال، والتعرُّف على أوجه القوَّة من الضعف، وطرح الحلول من أجل تلافي السلبيات من جانب الناقد، ويُعبِّر الناقد عن رأيه من خلال القول في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، أو عن طريق النصوص الكتابية المنشورة في المجلات أو الصحف. ويتطرَّق النقد لكل المجالات المكتوبة والمنطوقة، ومثال لذلك: النقد السياسي، والنقد الأدبي، والنقد المسرحي، والنقد السينمائي، والنقد الرياضي.. إلخ.
النقد الأدبي: · يُعرَّف النقد الأدبي بأنه: "الفن المُتعلِّق بدراسة الأنماط الأدبية، ويعتمد ذلك على الشرح والتحليل والتفسير، والحكم عليها بأسلوب حيادي". · وعرَّفه البعض بأنه: "كشف النقاب عن المواطن الجمالية أو القبيحة في الأعمال الأدبية، ومقارنتها بغيرها من الأعمال، وقياسها وبيان القيمة". · وعرَّف آخرون النقد الأدبي بأنه: "تفنيد القطع الأدبية بواسطة أحد الأشخاص المتخصصين؛ من أجل التعرُّف على المحاسن والمساوئ". سمات الناقد الأدبي: امتلاك الموهبة: ويُعدُّ ذلك من أولى السمات التي يجب أن يمتلكها من يقوم بعملية النقد الأدبي، أو من يُطلق عليه اسم " الناقد الأدبي"، والموهبة هي القدرات الخاصة التي يهبها المولى – سبحانه وتعالى - لشخص ما، ويمكن من خلالها القيام بالتفحُّص والتمعُّن الدقيق، ومن ثَمَّ اكتشاف المظاهر السلبية الظاهرة والخفيَّة، وكذلك التعرُّف على الجمال الخفي والظاهر، والقدرة على إدراك الفروق التي لا يمكن أن يدركها غير المتخصصين، ومقارنة التشبيهات والاستعارات إلى ما غير ذلك من مواطن جمالية، وأصحاب الموهبة يمتلكون القدرة الفائقة الربانية، وعند ظهور الفرصة من أجل القيام بعمل ما، فإنهم يُظهرون النقد ببراعة. الذوق الأدبي: وهي صفة مهمة ينبغي أن يتمتَّع بها من يقوم بالنقد الأدبي إلى جوار الموهبة. ويُعرَّف الذوق بأنه: "الملكة الخاصة التي تجعل من الشخص لبقًا في أسلوبه ويحسن الاختيار والتصرُّف، والقدرة على التدقيق فيما بين كل ما هو معنوي أو مادي مثل الأشكال والألوان والأصوات، ويشعر بمدى تناسقها أو عشوائيتها"، وفي مجال النقد الأدبي ينبغي أن توجد صفة الذوق لتدعيم الموهبة. الثقافة والمعرفة: لا شكَّ أن الثقافة والمعرفة بالأدب ومشتقاته من السمات التي ينبغي أن توجد لدى الشخص الذي يقوم بالنقد الأدبي، وعلى رأس تلك الثقافات التي يجب أن تتوافر في الناقد الأدبي: · ثقافة النقد: يجب على الناقد أن يكون مُلمًّا بطرق تحليل النصوص الأدبية، واستنباط الخصائص والصفات. · الخبرة البلاغية: وهي التي تُمكِّن الناقد من الخوض في عالم النقد الأدبي، ومن ثَمَّ إدراك العبارات والألفاظ والمُحسِّنات البديعية والأساليب البيانية.. إلخ. · المعرفة اللغوية: وتتمثَّل في معرفة قواعد النحو والصرف. · المرجعية الإسلامية: وهي تُعدُّ بمثابة منبع المعاني والأفكار والأساليب، بالإضافة إلى أن الاستناد إلى التصوُّرات الإسلامية من شأنه أن يدعم الخُلُق والسلوكيات العامة. الموضوعية في النقد الأدبي: تُعتبر العدالة من أبرز الصفات الحميدة التي يجب أن توجد لدى الإنسان، وعلى وجه الخصوص كل من يعمل في المجالات الحكمية، والناقد من تلك الفئات، لذا ينبغي أن يكون بعيدًا عن التعصُّب والتحيُّز والمُجاملة، وأن تكون طبيعة حُكمه على الأعمال الأدبية بدافع الارتقاء بالعمل الأدبي بعيدًا عن العاطفة.
مراحل تطوُّر النقد الأدبي: مرَّ النقد الأدبي بالعديد من المراحل، ويمكن أن نُقسِّم ذلك إلى: تطوَّر النقد الأدبي على مدار التاريخ العربي منذ النقد في العصر الجاهلي، مرورًا بمرحلة النقد في صدر الإسلام، ثم النقد في عصر الدولة الأموية والعباسية.. إلخ، وسوف نتطرَّق إلى عنصرين مهمين في تاريخ تطوُّر النقد الأدبي وهما النقد في العصر الجاهلي، والنقد الأدبي الحديث كما يلي: النقد في العصر الجاهلي: نفى بعض الدارسين وجود النقد الأدبي القديم أو النقد في العصر الجاهلي، إلا أن تلك الرؤية لا أساس لها من الصحَّة، غير أن الأمر لم يكن موضع قوانين تنظم ذلك المجال، وفي تلك المرحلة كان النقد بسيطًا وعفويًّا في طريقته، ومن الممكن أن نُطلق عليه مصطلح النقد التصوُّري أو الانطباعي، حيث إن حدوده كانت تتمثَّل في تفسير الشعر الجاهلي أو النثر، وذلك وفقًا للمعايير المجتمعية في ذلك الوقت، ويتضح ذلك من خلال النصوص المُتوارثة عن النقد في العصر الجاهلي، وكان ذلك بمثابة المرحلة الأوَّلية لنشأة النقد الأدبي، ومن أهم المناطق التي ارتبطت بذلك "سوق عكاظ"، و"ذو المجاز"، وكانت تلك المناطق محل تجمُّع الشعراء الذين كانوا يقومون بإلقاء الأشعار، والتنافس فيما بينهم، ومن أشهر شعراء ذلك العصر: امرؤ القيس، والنابغة الذبياني، ومهلهل بن ربيعة، والخنساء، وحسان بن ثابت.. إلخ، وكان يُحتكَم في عملية النقد في العصر الجاهلي إلى من لديه الخبرة. النقد الأدبي الحديث: ويُعدُّ النقد الأدبي الحديث امتدادًا للنقد الأدبي القديم، غير أن تلك العملية أصبحت أكثر تنظيمًا ومنهجيةً، وله دور مهم في عملية الإبداع الأدبي في الوقت الراهن، ومن أبرز اتِّجاهات النقد الأدبي الحديث: الاتجاه الفني في النقد الأدبي الحديث: يعتمد ذلك الاتِّجاه على الدراسة المُستفيضة للتركيبات والعناصر الفنية للنصوص الأدبية، ويُستعان في ذلك بالعوامل النفسية والتاريخية، ولا يُمكن أن نستغني عن ذلك الاتِّجاه كوسيلة مهمة نستقي منها الأُسس الفنية في النقد الأدبي الحديث، وفي حالة إغفال الناقد لذلك المنهج، فإن النقد يتحوَّل إلى وثيقة بعيدة كل البُعد عن الأدب، غير أن بعض الدارسين يعيب على ذلك الأسلوب الاهتمام بالشكل الفني بغضِّ النظر عن المضمون، فعلى سبيل المقال هناك بعض المُتمرِّسين في النقد الأدبي الحديث يقومون وفقًا للاتِّجاه الفني بالثناء على بعض النصوص أو الأشعار بغضِّ النظر عن القيمة الأخلاقية، وبالتالي يُصبح ذلك الأمر سلبيًّا من الناحية الاجتماعية. الاتجاه التاريخي في النقد الأدبي الحديث: ويهتمُّ ذلك الاتِّجاه بدراسة مدى تأثير الظروف الثقافية والنشأة الاجتماعية لصاحب النصِّ أو الأديب، على ما يُقدِّمه من أعمال، ويُعاب على هذا الاتِّجاه الحُكم على أمور لم يتأكَّد حدوثها بعد. الاتجاه النفسي في النقد الأدبي الحديث: ويهتمُّ هذا الاتِّجاه بدراسة مدى تأثير الجانب النفسي للكاتب أو الشاعر على النصِّ، وطريقة إيصال الفكرة إلى القارئ أو المُستمع، ويتم ذلك من خلال الاستبيانات عن نفسية الأدباء أو الشعراء عند قيامهم بتلك الأعمال الفنية، ويُعاب على هذا التوجُّه البُعد عن القيم الفنية، والتركيز على حالة الأديب النفسية، حيث إنه في تلك الحالة يتساوى العمل الفني الإيجابي والسلبي، ويُصبح الأمر عبارةً عن تحليل نفسي مُجرَّد. الاتجاه التكميلي في النقد الأدبي الحديث: ويجمع ذلك فيما بين التوجُّهات سالفة الذكر، وينظر إلى العمل الأدبي بشكل شامل، ويُعدُّ هذا الاتِّجاه متوازنًا بين الشكل والمضمون، حيث يتم تفسير الأعمال الأدبية من خلال الظروف التاريخية والحضارية والنفسية والاجتماعية، غير أنه يُعاب على هذا الاتِّجاه عدم تخصُّص أحد النُّقَّاد بشكلٍ كاملٍ في جميع الاتِّجاهات.
أنواع الشعر العربي: يوجد كثير من أنواع الشعر العربي، وسوف نتطرَّق إلى نوعين على درجة كبيرة من الأهمية: الشعر الجاهلي: يُعرَّف الشعر الجاهلي بأنه: "الأشعار التي تم تداولها في مرحلة ما قبل ظهور الإسلام بما يُقارب مائتي عام"، ولهذا الشعر مكانةٌ عريقةٌ في الأدب العربي، وكان يتميَّز بالنُّضج والإثراء، وانتشر في كل ربوع شبه الجزيرة العربي، وتفنَّن الشعراء في تقديم كثير من القيم العربية مثل الكرم، والجود، والتعاون، والشجاعة، والإيثار.. إلخ. كان الشعراء في العصر الجاهلي يعتمدون على العاطفة والخيال في أشعارهم، وساعدهم في ذلك قُوَّة اللغة العربية المستخدمة، وينبغي أن نُنوِّه بأنه لا يُوجد تاريخ دقيق لظهور الشعر الجاهلي، حيث اختلف الباحثون والدارسون في هذا الأمر، وتلك العملية تقديرية. ومن أبرز الشعراء في العصر الجاهلي: زهير بن أبي سلمى، وعنترة بن شداد، وامرؤ القيس.. إلخ. واتَّسم الشعر الجاهلي بعديد من الصفات، وأبرزها: الاهتمام بالاستهلال، ومتانة وجزالة الأسلوب، والاهتمام بالمُحسِّنات البديعية، والإيجاز لتوصيل المعنى بشكل مُبسَّط إلى المُتلقِّي، والبُعد عن المُبالغة في الوصف، وطغيان البيئة المحيطة على ألفاظ الشعراء. وتعدَّدت الأغراض المُتعلِّقة بالشعر الجاهلي، مثل: الوصف، والهجاء، والرثاء، والفخر، والحكمة، والزهد، والمدح، والغزل، والوصف.
الشعر الحر: يُعتبر الشعر الحر أحد أبرز الأنواع المُنتشرة في الوقت الراهن، وبرع كثير من الشعراء العرب في العصر الحديث في تقديم لمحات شعرية خلَّابة، وبدأت تظهر ملامح ذلك الشعر خلال النصف الأول من القرن المُنصرم، وأطلق عليه في بادئ الأمر العديد من المُسمِّيات مثل "شعر التفعيلة"، و"الشعر المُرسل"، وحديثًا سُمِّي "الشعر الحر". ارتبط الشعر الحر بالتحوُّلات الفنية المجتمعية، حيث تنوَّعت النظم الموسيقية والإبداعية والفكرية، وكانت بداية ذلك الشعر على يد ابنة العراق "نازك الملائكة"، وتمثَّل ذلك في قصيدتها الشهيرة التي سُمِّيت باسم "الكوليرا" خلال عام 1947م، وتبعها على المنوال نفسه الشاعر "بدر شاكر السياب"، الذي قام بإصدار قصيدة "هل كان حُبًّا؟"، وانتشرت تلك المدرسة في كل ربوع العالم العربي، ومن أعلام الشعراء الذين اتَّبعوا نهج الشعر الحر: صلاح عبد الصبور، وعبد الوهاب البياتي، ومحمد الفيتوري، ومحمود درويش، وفدوى طوقان، وخليل حاوي.
القصة القصيرة: · تُعدُّ القصة القصيرة من الأنماط البارزة في اللغة العربية، وهي عبارة عن سرد نثري قصير، وهي تختلف عن الرواية من حيث القِصَر، ونشأ مصطلح القصية القصيرة؛ من أجل التفريق بينها وبين الأعمال الأدبية كبيرة الحجم، غير أنها تسير على نفس نهج الروايات الطويلة من حيث تضمُّنها لعناصر المكان والزمان والموضوع. · والهدف منها هو تقديم حدث معين خلال مدة زمنية وجيزة، وهذا النمط مقتبس من الغرب، وكانت بداية كتابة القصة القصيرة في العالم العربي خلال مطلع القرن العشرين، نتيجة ازدهار حركة الترجمة من المؤلفات والأعمال الأدبية العالمية، ومرَّت القصة القصيرة بعديد من المراحل والتطوُّرات الشكلية إلى أن وصلت إلى الشكل الحالي. · ومن أبرز خصائص القصة القصيرة وحدة الموضوع، حيث إنها تتضمَّن حدثًا معينًا وشخصيةً مُحدَّدةً، وكذلك تكثيف الموضوع؛ أي التوجُّه المباشر للهدف المُبتغى من القصة من البداية وحتى النهاية، كما أنها ينبغي أن تحتوي على الحبكة الدرامية الموجزة؛ من أجل إضفاء عنصري الجذب والتشويق على المضمون. · تعتمد القصة القصيرة على عديد من العناصر، مثل الرؤية أو الجوهر اللذين تتضمَّنهما القصة، واللغة العربية القوية التي ينبغي أن يكون الكاتب مُلمًّا بها، وإتقان أسلوب البناء الفني الذي يظهر الهدف في أقلِّ عددٍ من الكلمات. المصدر مبتعث الكاتب: هيئة التحرير بتاريخ: الخميس 02-07-2020 07:56 صباحا الزوار: 179 التعليقات: 0
|
|