تثار من حين لآخر أسئلة عديدة عن واقع الرواية العربية بصفة عامة، وعن كثرة ما يتدفّق من المطابع، ودور النشر، من روايات، وإصْداراتٍ، تعطي الانطباع بظهور موجة جديدة من استسْهال هذا اللون من الأدب، على الرغم من أن الدارسين، ونقاد الأدب، يؤكّدون أنه فنٌ صعبٌ، ولا ينجح فيه إلا من كان موهوبًا ذا مِراس. وفي الحديث عن الرواية لا بد من أن ننطلق من التحديد الدقيق لهذا المفهوم، فهي حكاية مُتخيَّلة، يرويها راوٍ، أو أكثر، تقعُ لعددٍ من الشخصيات، في زمن محدَّد، ومكانٍ محدَّد، في إطار تجسِّدُه الحبْكة، وفي الحدود التي تسمحُ بها أداة التعبير، وهي اللغة. وهذا النوع من الفن الأدبي وليدٌ في أدبنا المعاصر، فقبل العام 1870 لم يكن في الأدب العربي النثري، أو الشعري، ما يُسمى رواية. وتعزى المحاولات الأولى لسليم البستاني (1848- 1884) أحد كتاب مجلة الجنان اللبنانية، وقد اتسمَتْ كتابات الجيل الذي تمثله تلك المجلة بالسرد التاريخي العشوائي الذي لا يخضع لقوانين الفنّ. وانضمّ لهذا الجيل من الكتّاب يعقوب صروف (1852- 1927) صاحب مجلة المقتطف (فتاة الفيوم) بعد معارضة شديدة، وجورجي زيدان (1861- 1914) مؤسس مجلة الهلال، وغيرهما من كتّاب تتبَّعُ أعمالهم محمد يوسف نجم (1925- 2009) في كتابه « القصة في الأدب العربي الحديث « (1952). ولكنَّ العام 1914 شهد ظهور أول رواية ينطبق عليها هذا المفهوم، في شيء من التسامُح، وهي رواية «زينب» لمحمد حسين هيكل (1888- 1956) التي نشرها مؤلفها باسم مستعار (مصري فلاح) منعًا لانتقادِه لكِتابته هذا اللون الأدبي الذي كان يُعدّ في الأدب الرخيص، غير الجاد، ولا الرصين؟ وشجَّعه نجاح الرواية - التي جرى تحويلها إلى سيناريو غير ناطق لفيلم بالعنوان نفسه من إخراج محمد كريم، وبطولة بهيجة حافظ، وسراج منير، وزكي رستم، عام 1930 قبل إعادة انتاجه ناطقًا سنة 1952- شجعه هذا النجاح على إعادة طباعتها، ونشْرها، باسمه الصريح، بيْدَ أن تلك التجربة لم تسْلم من بعض الانتقاد الذي بُني على ما بين حامِد- بطل الرواية – والمؤلف، هيكل، من شبَهٍ يجعل منها مزيجًا من الرواية والسيرة، وهذا يُعدُّ عيبًا لا يُستهان بخطره إذا أريد للعمل أن يُحسب في عداد الفن الروائيّ الخالِص، وخاضَ التجربة ثانية في «هكذا خُلِقَتْ «1955 التي لم تحظ بالشُهرة التي حظيتْ بها رواية «زينب».
وقد ذكر يعقوبُ العودات (1909- 1971) أنَّ عقيلًا (أبو الشعر) وهو كاتبٌ، وصحفي أردني، مهاجر، كان قد كتب بالفرنسية رواية بعنوان «الفتاة الأرمنية في قصْر يلدز» ونشرت عام 1914 بيْدَ أن أحدا من الذين أشاروا إليها لا يدعي الاطلاع على النص، مكتفيًا بما ذكره العودات، وصدرت ترجمة لاثنتين من رواياته عن الإسبانية (القدس حرة)2012 والفرنسية (الانتقام) 2012 عن وزارة الثقافة، لا تمكنان الدارس من الحكم عليهما، لأنهما، ببساطة، من صُنع المترجمَيْن، وقد لا يخلو صنيعُهُما من تشويهٍ للأصْلين. وعلى أيّ حال، لا بد من التنويه لريادة أديب رمضان- وهو كاتبٌ لا يُعرف عنه الكثير- (جرائم المال)1935 وروكس العزيزي (1903- 2004) أبناء الغساسنة 1937للرواية الأردنية، يُضاف إليهما مؤسِّس صحيفة الجزيرة تيسير ظبيان(توفي 1398هـ) الذي كتب روايتين، إحداهما بعنوان: أين حماة الفضيلة؟ 1940. والأخرى بعنوان «مذكرات طالب ثانوي». وفي الحقبة ذاتها كتب شكري شعشاعة(1890- 1963) مذكراته في الجامعة الأمريكية، بعنوان: « ذكريات « 1945 اتبع فيها نسقًا يشبه نسق «الأيام» لطه حسين(1889- 1973). وفي العام 1957 صدرت روايته الثانية «في طريق الزمان». وهي، إذا أردنا المقايسة، تشبهُ، من حيث الأسْلوبُ، رواية «زينب» لهيكل، مع فارق مهمّ، وهو أن هيكل أجرى وقائع الرواية بين الريف والمدينة، أما شعْشاعة فقد اقتصر على المدينة التي لم يذكر اسمها طوال الرواية، مما يشير لنقْصٍ مُخلّ في بنية الحكاية. وفي الفترة ذاتها ظهرتْ موْجة من المحاولات تجوز تسميتُها بروايات النكبة، كرواية عبد الحليم عباس(1913- 1979) « فتاة من دير ياسين «1950 و»بيتٌ وراء الحدود» 1952 لعيسى الناعوري (1918- 1985). وأما «مغامرات تائبة»(1962) لحسني فريز (1907- 1990) فقد ابتعدتْ قليلا عن موضوع النكبة، وإنْ لم تتجرَّد منهُ تجردًا تامًا، كذلك رواية « الرجل الذي وجد نصفه « لميشيل الحاج1962 و «جرح على الرمال « لسليمان قوابعة 1969. وأسْهم صبحي المصري برواية، هي: القبلة المحرمة، 1959 ونبيل أنشاصي برواية «دموع لا تجفّ» 1957. 
وهذا كله، أو بعْضه، لا يستوى مع المفهوم الذي حدَّدناهُ ابتداءً، لأسْبابٍ منها:
1.    يغلب على الروايات التي اطلعنا عليها الوصفُ المباشر للشخوص.
2.    والسرد العشوائي للحوادث، في غياب الحبْكة التي تجعلُ المتواليات متناسلةً بعضَها من بعض. 
3.    الإفراط في الاعتماد على التشويق. 
4.    اللغة المفتعَلة التي تخشى الحيْدَة عن الفصاحة حدّ التقعُّر. 
5.    تدخل الكاتب في السرد واعظاً، أو معلقًا، أو مفسِّرًا.
وفي الحقبة التالية، أيْ من العام 1968 حتى العام 1982 ظهرتْ أعمالٌ ناضِجةٌ، أو شِبْه ناضجة في الفن الروائي، لسالم النحاس(1940 – 2011) « أوراق عاقر «1968 التي لا تخلو من بعض التعثُّر على مستوى اللغة، وأمين شنار(1939-2005) الكابوس1968، وهي الأخرى لا تخلو من تعثر على مستوى الرمْز، والحبكة، فالمؤلف لم يفرق بين الرواية والقصيدة، وتيسير سبول(1939-1973) أنت منذ اليوم 1968التي تخَطَّتْ - فنيًا - الروايتين السابقتين، فمن حيثُ الفنّ:
1.    تجاوز الوصف المباشر للشخوص إلى التحليل النفسي الداخلي، معتمدًا المنولوج، وتيار الشعور، وذلك شيءٌ لافتٌ للنظر.
2.    تخطى فكرة السرد العشوائي، والإفراط في التشويق، عن طريق السرد المتشظي.
3.    الاقترابُ مما يُعرف باللغة الروائية، لا الشعْرية، وهي اللغة التي تتمثل فيها أطيافٌ تحاكي بالكلمة، والعبارة، الشخصيّات، في مستواها الاجْتماعي، والثقافي، والنفْسي، مع مراعاة الموقف، والسياق.
وقد يُقال: إنَّ في الرواية المذكورة ظلالا من شخصيّة المؤلف، وأن «عربي» في الرواية هو تيسير سبول نفسه، والصحيحُ أنَّ هذا مما يشوبُ الرواية، بالمعنى الاصْطلاحي الدقيق، ومع ذلك تعدُّ أنت منذ اليوم من الروايات القليلة التي تتجلَّى فيها كتاباتُ ما بعد الحداثة Post Modernism فقد تقدَّم على الكاتب الأمريكي كورت فونجيهVonnegut  (1922- 2007) صاحب رواية Slaughterhouse-Five التي صدرتْ في العام1969 في رأي أحمد مجدوبة Majdoubeh ,Ahmadانظر= (:Journal of Arabic Literature xxxii,3,Liedn,2001,p.286 ).
وقد شهدتْ الفترة المذكورة منْحَ دائرة الثقافة والفنون أول جائزة للرواية (العودة من الشمال) 1977 لفؤاد القسوس (1929- 2015) وتألقَ كاتبٌ روائيّ جديرٌ بالتنويه، وأعني به غالب هلسا (1932- 1989)، الذي عُرف بكتابة القصة القصيرة أول الأمر (وديع والقديسة ميلادة وآخرون) 1965 غير أنه فاجأنا برواية تتخطَّى رواية سبول، وهي رواية الضحك (1970) وما لبث أنْ أصدر بعدها رواية الخماسين1975 ثم توالت أعماله: السؤال1978 والبكاء على الأطلال 1979 وثلاثة وجوه لبغداد 1984 وسلطانة 1987 والروائيون 1989 مع اسْتمراره في كتابة القصة القصيرة (زنوج وبدو وفلاحون) 1974. ومن المؤسف أنَّ غالبًا هذا عاش معظم حياته في المنفى؛ في القاهرة، وفي بغداد، وفي بيروت، ودمشق، التي توفي فيها، ولم يظْفر باهتمام الكتاب الأردنيّين إلا بُعيْدَ وفاته في شهر كانون الأول (ديسمبر) من العام 1989. 
على أنَّ كثيرًا من الناس يظنّون، في وفرة الأعْداد من الروايات، دليلا على التقدُّم اللافت في الفن. ولهذا تراهم يعْمدون إلى الإحْصاء، فيقولون: في هذا العقد صدر العددُ كذا، وفي الذي يليه صدر ضعفُ هذا العدد، وفي الذي يليه صدرت نيفٌ وثلاثة أضعاف، ويروْنَ في هذه الوفرة العددية دليلا على تطوّر ملْموس في الرواية. ونحن نزعم أن هذه النظرة لا تخلو من رؤية قائمة على تضْليلٍ غير مقبول، فأقلُّ ما يُقالُ فيها أنها تدير الظهر للقيم الفنية، والجمالية، في السرد الروائي. فربّ روايةٍ واحدةٍ جيدةٍ تفضلُ- في موزاين الفن- عشرات الأعمال الركيكة، فما نفعُ الإحْصاءِ إذن؟ على أنّ الفترة الموالية، أي بعد العام 1982 شهدنا ظهور جيل آخر من الكتاب يواصل الكتابة في موازاة الجيل السابق. ففي العام 1982 ظهرت أولى روايات مؤنس الرزاز(1951-2002) أحياءٌ في البحر الميت (1982) وأولى روايات جمال ناجي (الطريق إلى بلحارث) وقد تمثَّلَ في الروايتين نموذجان سرْديان كلٌّ منهما يغرفُ من منابع الحداثة، متجاوزًا الطرائق المتبعة في السرْد التقليدي، واغتنت الروايتان بالكثير من المقالات، والدراسات النقدية، التي تمثلُ نهوضًا بالنقد الروائي. وشهد عقد الثمانينات عددًا من الكتّاب، كقاسم توفيق الذي نشر روايته الأولى» ماري روز تعبر مدينة الشمس» 1985 بعد أن كتب القصة القصيرة (آن لنا أن نفرح) 1977، ومنهم زياد قاسم (1945-2007) الذي أصدر روايته الأولى «المدير العام» 1987 والياس فركوح الذي صدرت روايته الأولى «قامات الزبد» 1987 وليلى الأطرش التي أصدرت روايتها الأولى «وتشرق غربًا» 1988وإبراهيم نصرالله الذي أصدر روايته (عوّ) - بعد محاولته الأولى براري الحمّى1990(ط2)- وروايته (مجرد اثنين فقط) وسميحة خريس التي أصدرت رواية «شجرة الفهود» ( 1990)  وطاهر العدوان الذي أصدر روايته الأولى» وجه الزمان» 1987 وعلي حسين خلف(1945- 1996) الذي أصدر «حافة النهر» 1989. وهاشم غرايبة الذي أضاف بعد عدد من المجموعات القصصية رواية» المقامة الرملية « ورواية « الشهبندر « 1995 ورواية « القط الذي علمني الطيران «2010 وهزاع البراري الذي صدرت له « تراب الغريب «2007 وأعالي الخوف2014،  بعد روايته « حواء مرة أخرى «1995 « والغربان». وعفاف البطاينة (ما وراء الجسد) 2004 وجلال برجس، الذي صدرت له رواية «مِقْصلة الحالم « وأمجد ناصر، الذي نشر روايته « حيث لا تسقط الأمطار»  أتبعها برواية «هنا الوردة»(2017) وإبراهيم زعرور، وعبد الناصر رزق، وهاني أبو نعيم، وجهاد أبو حشيش، وعصام الموسى، ويحيى القيسي «باب الحيرة» 2006 و»أبناء السماء» 2010 و»الفردوس المحرم» 2016 بعد مجموعتين قصصيتين هما: الولوج في الزمن الماء 1990 ورغبات مشروخة 1997، وآخرون.. وقد أغنى الكتابُ المذكورون المكتبة الروائية بعدد من الروايات التي ازدادتْ وفْرةً، وإنْ ظلتْ تراوحُ في مكانها من حيثُ مستواها الفني. 
ويشهد العقدان الأول، والثاني، من القرن الحالي، كنهايات القرن الماضي، تحولاتٍ ملْموسَة، منها تحوّل من عرفوا بالشعر للرواية، كإبراهيم نصرالله، وجلال برجس، وأحمد أبو سليم، وأمجد ناصر، وجهاد أبو حشيش، وتحولا من نوع آخر، من القصة القصيرة إلى الرواية، فقد صدرت لمحمود الريماوي بعد 9 مجموعات قصصية، وكتاب نثري (نصوص) روايتان أثارتا الانتباه: «من يؤنس السيدة « (2009) و» حلُم حقيقي « (2011) وجمال أبو حمدان(1944- 2015) « قطف الزهرة البرية «، و» الموتُ الجميل «1998. وفخري قعوار الذي نشر رواية « عنْبر الطرشان « 1996. وكان كلٌّ من قاسم توفيق، وعلي حسين خلف، وإلياس فركوح، قد تحوَّلوا من القصة القصيرة للرواية، وتحولت كلٌّ من رجاء أبو غزالة، وسحر ملص، وسامية العطعوط، من القصة القصيرة إلى الرواية، فصدرت للأولى رواية «امرأة خارج الحصار» 1995 وللثانية رواية «العين الزجاجية» (2013) ورواية «مطارح» 2013 أما سامية العطعوط، فصدرت لها رواية بعنوان « عَ الميدان رايح جاي « 2013 وتحولت سوزان الراسخ من القصة للرواية، فصدرت لها رواية «الحب والجسور « (2012) ورواية « غزل الحكاية « (2013) وبسمة النمري التي نشرت روايتها الأولى المنْشَدِه (2016) بعد مجموعاتها القصصيَّة السبْع. وشيءٌ آخر لا بدَّ من التنويه إليه، والتنبيه عليه، وهو ظهور روايات أردنية باللغة الإنجليزية، وفي هذا المقام ننوّهُ بالأعمال المتوالية لفادية الفقير*، التي تُرْجِمتْ منها رواية «اسمي سلمى « My Name Is Salma (2009) وحظيتْ بشيء غير يسير من التقدير(خليل، 2015).
ومن اللافت للنظر، في هذه المسيرة، من العام 1935إلى اليوم، ظهور أشخاص أكثر من أن يوصفوا بالنُدْرَة، شُغفوا بفن الرواية، فأرادوا أنْ يمارسوا الكتابة في هذا النوع الأدبي من غير أنْ يتمتَّعوا بالمواهب. والعجيب أنَّ «كاريزما « الرواية تصيبُ في الأيام الحالية عددًا كبيراً من الناس يريدون أن تكون لهم مواطئُ أقدام في هذا الفن، ويبذلون الكثير في سبيل أن يكون لهم هذا الحضور في قائمة الروائيّين، فقد ُذكر أن عدد الروايات التي رُشِّحت لجائزة كتارا عن العام الماضي 2016 بلغ في تصريح صحفي لخالد السليطي مدير كتارا 1114 رواية، وهذا عددٌ لا يتَّفق مع أكثر سقوف التوقّعات عُلوًا، مما ينمُّ على أن الكثير من (الهواة) يريدون احتلال موقعٍ ما في عِداد الروائيين، ولا يكتفون للأسف بمواقع القرُّاء، مع أن موقع القارئ موقعٌ لا يخلُّ بمكانة الإنسان، ولا يقلّل من احترام الآخرين لهُ، وتقديرهم. وكان مؤلفُ أحد الكتب الرائدة في نقد الرواية، وهو برسي لوبوكLubbock  (1879- 1965)- مؤلف كتاب صنْعة الرواية- Craft of Fiction قد توقَّع مثلَ هذه الظاهرة في مقدمة كتابه الصادر في عشرينات القرن الماضي(1921) فنظرًا لما تتمتَّعُ به الرواية من طابَعٍ مُسلٍّ، وشيّق، يظنُّ كثيرٌ من الناس أنَّ الرواية فنٌ يسيرٌ، طيِّعٌ، وسهْلٌ ممتنعٌ، ولهذا تراهم يكتبون رواياتٍ لا تصلُحُ إلا لتكونَ حَطبًا جَزْلا لنيران المدفأة. على أنَّ الصورة ليست بهذه القتامة، فقد رُشّحت روايات لجائزة البوكر - مع تحفُّظنا على الجوائز بصفةٍ عامّة – لإبراهيم نصرالله، وإلياس فركوح، وجمال ناجي. ورُشحت رواية الأخير «غريبُ النهر»، ووصلت القائمة القصيرة لجائزة الشيخ زايد للأدب، وفازت قبيل أشهر بجائزة الملك عبدالله الثاني للتميُّز - حقل الآداب والفنون. وفازت روايتان أردنيتَّان بجائزة كتارا للرواية العربية، على الرغم من أن هذه الجائزة تحيط بها الشُكوك كغيرها، فليْس من المنطق أن تقسَّم الجائزة بين خمسة روائيين، فهذا دليلٌ ساطعٌ على تلبية دوافع الترْضية التي يحرص عليها القائمون على هذه الجائزة. وفي هذه المؤشرات ما يدفع بنا للقول، بشيءٍ من التحفُّظ، إنَّ الرواية في الأردن تحاول أنْ تتخّذ مسارها الصحيح، على الرغم مما يشوبُ هذا المسار من مُعوّقات. وبعض هذه المعوقات ناتجٌ عن تعجُّل الكتّاب في نشْر ما يتوهَّمونه رواية، وتقصير النقد المتداول في الساحة عن الاهتداء لمواقع الخلَلِ في الروايات، والإشارة إليها، واندفاع بعض الناشرين لنشر ما هبَّ، ودبّ، والنتائج المُضَلِّلَة لما يُمنح من جوائز في معظم الأحيان، فقبل سنة تقريبًا اطَّلعتُ على رواية لكاتبة بُغْية نَشْرها، فوجدتُ فيها أخطاءً فنية كبيرة، وقد نصحتها ألا تنشرها إلا إذا قامتْ بتعديل ما أشرتُ إليها بتعديله، ولكنها للأسف كانت قد تقدَّمتْ بتلك الرواية المخطوطة لنيل جائزة، وفوجئتْ بفوْز روايتها، ونشْرها، على الرغم من أنها – فيما أحْسَبُ، وأظنُّ- كانت تفضل ألا تنشر في وضْعها الحالي، وهذا يؤكد لنا أنَّ اللجان المكلَّفة بمنح تلك الجوائز لا تستطيع التفريق بين عشوائية الكتابة، والكتابة على أساسٍ صحيح. علاوة على هذا كلِّه، تنتشر في الروايات ظاهرة التأثر بالأفلام الأجْنبية، فلا تعدو الروايةُ، من حيث الوقائعُ المرويَّة، كونها إعادة كتابة لفيلْم شاهدهُ المؤلفُ، ومثل هذه السرقةِ يَصْعُبُ على القراء اكتشافُها، بل يصعب هذا أيضًا على المتَخصِّصين، فيُظن أنَّ ما في الرواية من متخيَّل سرديِّ من إبداع المؤلِّف، وليْس له فيه – إنْ أريدتْ الحقيقَةُ- إلا فضلُ السَرقَة، وخيرُ مثال لهذا ما يثار الآن- في مصْرَ خاصَّةً- من لَغَطٍ عن سطو يوسف زيدان على رواية هيباتا الإنجليزيّة، ونشْرها باسمهِ بعِنْوان: عزازيل.

ناقد وأكاديمي من الأردن
*ينظر عنها خليل، إبراهيم: بلاغة الرواية ومسارات القراءة، فضاءات للطباعة والنشر والتوزيع، عمان، ط1، 2015 ص13- 26 وقد ترجمها إلى العربية عابد إسماعيل، وصدرت عن دار الساقي، ط2، 2011.