اختتمت الجمعية الفلسفية الأردنية، يوم السبت الماضي، فعاليات المؤتمر الفلسفي العربي التاسع، الذي اقامته بين 18 إلى 20 الجاري، تحت عنوان «التنوير في الفكر العربي»، في مقر الجمعية الفلسفية الأردنية في عمان وشملت ايضا جلسة حوارية في نادي الكرك الثقافي،  وبمشاركة واسعة في المؤتمر لعدد من اساتذة الفلسفة والمثقفين من البلدان العربية : الأردن ، لبنان ، فلسطين، العراق، مصر، تونس، الجزائر  لنخبة من المفكرين وتناولت محاور المؤتمر،مفهوم التنوير وحقوله، وابرز اعلامه العرب، وبالاضافة لاهمية رسالة التنوير وتعميمها، اولا، كحقل معرفي في مواجهة الارهاب والظلامية، وثانيا، كحقل اشتباك مع تحديات التحرر والتقدم والتنمية وفك التبعية وذلك لإعادة الإعتباربإعمال الفكر الفلسفي والتأكيد على أهمية دوره في نشر ثقافة التنوير وإعطائها القيمة الواقعية التي ينبغي أن تشهد من جهة ثانية توافر المناخ والبيئة الضرورية من الحرية وجراءة في تغييرنمط التفكيرالسائد لدى الشعوب العربية والقابلية لكل ذلك ومتطلبات على مستويات السلطة السياسية في الوطن العربي وصون هذه الحريات والحقوق الإنسانية لإذكاء روح الإبداع في التعبير والتفكير والتقدم للجميع.

هذا وأقيمت يوم السبت الماضي ثلاث جلسات، الأولى: حملت عنوان «أعلام التنوير»، ورئستها الدكتورة عائشة الحضيري (تونس)، وشارك فيها: الدكتور كايد شريم (فلسطين): وقدم ورقة بعنوان»راهنية مهدي عامل»، والدكتور محمد العريبي (لبنان) وتعرض لموضوع»منطلقات النهضة وشرنقة التنوير»، اما الدكتور ماهر الصراف (الأردن): فطرح بورقته «فلسفة الجسد»، وقدم الأستاذ وائل أبو صالحة (الأردن): عن «الوعي وتجلياته الفلسفية»، وفي الجلسة الثانية والتي حملت عنوان: «قراءات نقدية»، ورئسها الدكتور ماهر الصراف، وشارك فيها»: الأستاذ قاسم عز الدين (لبنان): فتحدث عن «النيوليبراليرالية العربية»، والدكتورة حياة عطية (لبنان): طرحت موضوع»الإعلام والتنوير»، والدكتور موفق محادين (الأردن): حول موضوع « التنويربين خطابين وعصرين»، في حين حملت الجلسة الثالثة عنوان: التنوير وأعلام التنوير، ورئسها الدكتور محمود حماش (العراق)، وشارك فيها: الدكتورة عائشة الحضيري (تونس): قراءة النص عند أركون، الدكتورة أماني جرار (الأردن): الفلسفة الأخلاقية عند المفكر سحبان خليفات، الدكتورة لينا جزراوي (الأردن): الفكر النسوي العربي، الدكتور أسامة عايش (الأردن): الفكر العربي مؤنسنا.
وفي جلسة حوارية في الكرك: وكان المؤتمر أقام مفرداته يوم الجمعة في مدينة الكرك، حيث عقدت جلسة مشتركة في نادي الكرك، ترأسها رئيس النادي اكرم معاسفة اشتملت على اوراق كل من الباحثين الدكتور احمد عطية من مصر بعنوان «التنوير العربي» واحمد العجارمة من الاردن بعنوان «رشدية الجابري» والدكتور حامد الدبابسة من الاردن بعنوان «الحقيقة عند ابن رشد»، ومحمود اشتيه من فلسطين بعنوان «التنوير في الفكر العربي». وجرى في ختام الجلسة التي حضرها جمهور كبير من مثقفي الكرك، نقاشات عميقة حول الموضوعات المطروحة.
وكان رئيس الجمعية الفلسفية الأردنية د. موفق محادين تحدث في افتتاح المؤتمر عن تاريخ التنوير في العصور الغربية والعربية، والعرب وعصور التنوير البرجوازية، لافتا إلى أن خطاب التنوير الحديث لم يكن في أوروبا خطابا مجردا يمكن استعارته، ودون ملاحظة الشرط التاريخي له، وهو الثورة الصناعية البرجوازية وما ولدته من دول قومية في تشكيلاتها وخطابها الذي يدعو للحرية والعقل والعلم والعلمانية، وأن الانتكاسات التي تكالبت على كل من «مصر، الشام، العراق»، كانت بفعل اتفاقية «سايكس وبيكو»، وهذه الإرهاصات التنويرية أخذت بعدا ايديولوجيا تجريديا بعيدا عن سياقاته الموضوعية الحقة، كما أكد على إن أهمية انعقاد هذا المؤتمر في تأتي بالنظر إلى الخطر الذي يمثله الخطاب التكفيري على المجتمعات وعلى الثقافة الوطنية والقومية، وأن مثل هذا الخطر يؤدي إلى تفسخ المجتمعات، وإتساع الهويات القاتلة، وحجز التطور المدني للأمة، وإعاقة سبل نهضتها، وبين أن المؤتمر قدم من خلال أوراقه ونقاشاته وجلساته مقترحات ورؤى من شأنها أن تنير الطريق، وتعزز فكرة الحوار والانحياز للعقل والتنوير.
أما رئيس الاتحاد الفلسفي العربي د. وليد الخوري فرأى أن إعادة الاعتبار للعقل الفلسفي ولدوره في نشر ثقافة التنوير وقيمها، يتلازم معه توفر مناخ من الحرية، يصون الجرأة في التفكير والإبداع في التعبير، ويعزز الحوار باعتباره المنهج المصاحب للعقد الفلسفي منذ بزوع فجر الفلسفة إلى يومنا، فالحوار هو وليد ثقافة يعترف فيها كل طرف من الأطراف المتحاورة، أنه لا يمتلك الحقيقة كلها، بل هي خلاصة يشترك الجميع في استقراء حظ كل طرف منها، تمهيدا لصوغها تعبيرا عن أرادات متفاعلة متكاملة، عبر الحوار تنكشف علامات التواصل والتآنس بين معقوليات العقل المختلفة، وبين الثقافات المتنوعة والآراء المتباينة، ويمتنع انزلاق الاختلاف إلى خلاف يذهب اطرافه إلى حد القطيعة المسكونة، إن لم يكن بالعنف فيما يوازيه ظلما وظلامية. وتحت عنوان «مفهوم التنوير» كانت الجلسة الأولى التي أدارها د. علي حمية، وشارك فيها كل من: د. محمود حماش، د. عفيف عثمان، د. هشام غصيب، وناقشت الجلسة الثانية التي ترأسها د. هشام غصيب لتنوير في مجالات عديد، وشارك فيها كل من: د. نايلة ابو نادر، د. جورج الفار، الباحث مجدي ممدوح.
وفي نهاية فعاليات المؤتمر أصدر البيان الختامي للمؤتمر وأكد على التوصيات التالية: التنسيق المستمر بين الجمعيات الفلسفية في المؤتمرات القادمة، ايلاء اهتمام اكبر بالطابع الفلسفي والمقاربات الفلسفية في المؤتمرات القادمة، تنظيم فعاليات  مشتركة مع الجهات والاوساط  المعنية بقضية التنوير والعقلانية والعلمانية، الدعوة الى  تكامل  الجهود الاعلامية والتربوية من اجل  تعميم الافكار التنويرية، على مستوى  الجماهير وعدم حصرها في النخب، تشجيع  المهتمين والمشتغلين بالفلسفة من الشباب  على المشاركة وحضور المؤتمرات الفلسفية، دعوة وزارات التربية والتعليم في العالم العربي، الى العودة الى تدريس الفلسفة في مناهج التربية، تعميم تدريس مقرر فلسفي في الجامعات الحكومية والخاصة. وضرورة تدريس فلسفة كل علم من العلوم مع مواده التطبيقية، التركيز على تلازم التنوير مع فعل التحرر الوطني والقومي، يقترح  المؤتمرون أن يتناول المؤتمرالقادم احد العناوين التالية: مصائر الفلسفة في المجال العربي، القول الفلسفي بالعربية : اشكالية الترجمة، النقد الفلسفي، نماذج ونصوص اشكالية المفاهيم، والسعي الى اصدار مجلة فلسفية محكمة وموقع الكتروني بالتعاون مع الاتحاد الفلسفي العربي والجمعيات الفلسفية العربية، ويوجه المؤتمر تحيته الخاصة الى شهداء الفكر التنويري في العالم العربي، وإلى أسرى الكرامة والحرية في سجون الأحتلال الأسرائيلي.