متسائلةً عما مجموعه 38 مبدعاً أردنياً استفادوا من مشروع التفرغ الإبداعي، من غير مراجعة لنظامه في بعض شروطه، على الأقل، في مدى واقعيتها أو موضوعيّتها أو (عدالتها) أو ما يمكن أن يخضع فعلاً للقياس، بدلاً من إنشائيّة الحديث أو عموميّته.
أضافت مامكغ، التي أكّدت أنها جمّدت المشروع ولم تلغه وأنه سيعود عام 2015 بحلّة جديدة موضوعيّة، أنّ من الإنصاف والأمانة القول إنّ من المنتجات الإبداعيّة لهذا المشروع ما لا يرقى إلى الهدف المأمول منه، مثلما أنّ من المشاريع الإبداعية ما يحتاج أكثر من مبلغ التفرغ، فلا أقلّ من معايير وشروط واضحة وتعليمات صارمة لمن أراد أن يفوز في أحد حقول هذا المشروع أو مجالاته.
وتالياً الحوار: 

ضج الوسط الثقافي والإعلامي على قرارك تجميد مشروع التفرغ الإبداعي. ووصفت بأنك تريدين أن تذبحي الثقافة الأردنية من الوريد إلى الوريد. ما المسوّغ؟!

دعني أوضح نقطةً مهمةً وهي أنني أردت تجميد المشروع لعام 2014 فقط؛ وليس كما راج لدى بعض الأوساط الإعلاميّة التي خرجت بعناوين رنّانة تحمل معنىً فيه ظلمٌ كبير لي تحت بند (تصفية الثقافة) لا سمح الله، وهو أمرٌ مردودٌ على من قاله، فأنا من جسم هذا الوسط الثقافيّ ولست غريبةً عنه حتى أعمل على تصفيته. 
وإذا كان النظر في مشروع التفرغ الإبداعي وجدواه ومدى تحقيقه ثماره ومدى كفاءة معاييره، وتبيّن أحقيّة المستفيدين منه من إقحامهم عليه،..إذا كان النظر فيه يثير كلّ هذه الضجّة، فإنّ هذا سيحرمنا من أن نراجع مشاريعنا ونقيّم أعمالها ونفاضل بينها وبين ما يمكن أن نضيفه أو نقترحه بشأنها، وفي ذلك ضررٌ كبير.
أنا من أشدّ المدافعين عن هذا المشروع، وإلا ما كنت اقتربت منه وتساءلت عن نقاطٍ مهمّةٍ فيه، وذلك في الحقيقة لا أستقيه من فراغ، بل من مثقفين نثق بنصيحتهم ومن زملاء في الوزارة نفسها ومن مراقبين وإعلاميين يقرأون سنواته والفائزين في مجالاته. يا أخي أنا لا أنسف عملاً رياديّاً قام به زميلٌ لي في فترة ملحّة، ولكن، واسأل كلّ من يعرف كثيراً أو قليلاً عن هذا المشروع، ألا يمكن أن يطاله الضعف في موارده الماليّة وكادره وتصنيف حقوله وفهم موادّ في متطلباته هي من الكلام الإنشائيّ الخالص أو العام؟!.. أعتقد أنّ التفرغ الإبداعي عيّنة على مشاريع في كل الدنيا، وليس في الوزارة وحدها، تحتاج مراجعةً وفهماً جديداً لآلية تنفيذها، وهو ما لا يلغي الروح العامّة من هذا المشروع أو ذاك.
ما أرجوه من زملائنا وأحبتنا وجمهورنا في الوسط الثقافيّ ومن الهيئات المتعاملة مع الوزارة ومن كل من تربطه بالوزارة صلة أن يدرك حجم المعضلة في الأولويات والموارد المتاحة، والحقيقة أنني أجد أنّ ما مجموعه 38 مبدعاً أردنياً استفادوا من المشروع إبداعياً أمراً يجعلني أعود على نظامه في بعض شروطه، لأتساءل عن مدى واقعيتها أو موضوعيّتها أو (عدالتها) أو ما يمكن أن يخضع فعلاً للقياس، بدلاً من إنشائيّة الحديث أو عموميّته.
من الإنصاف والأمانة القول إنّ من المنتجات الإبداعيّة لهذا المشروع ما لا يرقى إلى الهدف المأمول منه، مثلما أنّ من المشاريع الإبداعية ما يحتاج أكثر من مبلغ التفرغ، فلا أقلّ من معايير وشروط واضحة وتعليمات صارمة لمن أراد أن يفوز في أحد حقول هذا المشروع أو مجالاته.
ثمّ إنّنا ونحن نعلن عن تجميد المشروع لعام 2014(فقط)، يمكن أن ندعم في الوقت ذاته بهذا المبلغ المحافظات والبوادي لتوزيع الثقافة ومنح هذه الهيئات الفرصة وهي تعاني ما تعانيه، وهو أمرٌ لمسته من خلال زياراتي للطفيلة وإربد والزرقاء، وذلك يدعو المثقف وزيراً أو غير وزير لأن يتمنى ترويج منتجهم الإبداعي ومدّهم بالموارد اللازمة لتحقيق ما يطمحون إليه من فعل ثقافي لا تحتكره العاصمة فقط. الهيئات الثقافية في المحافظات أمانة وبعدها عن العاصمة يجعلني متحمساً لدعمها واستثمار كلّ موردٍ فيها والحفاظ على ما ترفد به المجتمع من إبداع ينعكس سلوكاً على مجتمع هي فيه تؤثر التأثير كلّه، ثمّ إن الظرف الذي تعانيه لا يسمح بتأجيل مطالبهم والنظر فيها بالتسويف لا غير.
في جولاتي للمحافظات، بصحبة فريق الوزارة، وجدت مطالباتٍ ويأساً وضيق حال، وألفيتُ مبدعين يجأرون بالشكوى دون فائدة، فلا أقلّ من أن نمدّهم ونؤمن بـقيمة 517 هيئة ثقافية تنشد الدعم.
وهنا فإن الوزارة مدعيّة لأن توزّع الثقافة على الجميع، ولكن، ما لدى الوزارة من مال ليس بحجم الطموح، فماذا نفعل؟!.. لقد قلتُ إننا يمكن ريثما يعود مشروع التفرغ الإبداعي في عام 2015، أن ندعم هذه الأقاليم والهيئات، لنصل إلى الأمن الثقافي، وترسيخ الهويّة الوطنية، إذ أن فهمي لوزارة الثقافة يندرج تحت مفهوم الحفاظ على الهوية الوطنية والمشهد الذي نرتقي فيه بالذائقة الفنيّة والجمالية للجميع.

(أفكار) من المجلات القليلة الشاهدة على الإبداع في الأردن. وقد ذاع أنّ وزيرة الثقافة تريد أن تقضي على هذه المجلة تمهيداً لتحطيم أركان النشر في الوزارة. ضعينا بالصورة.

في الواقع خطابي للمثقفين والمبدعين كان بمنتهى الصدق والشفافية والمكاشفة. فمن قال إنني أريد أن ألغي مجلة أفكار، بكل تاريخها العريق، وهي مجلة، بل وثيقة شاهدة على إبداع الأردنيين منذ ذلك الوقت الذي تأسست فيه؟!
لم أقل ذلك، ولم يصدر عني ما يشير إلى هذا!..كل ما قلته إن (أفكار) تبدو حتى اليوم مجلة مغرقة في تخصصيتها، ونخبويتها، فاقترحت أن أوسّع من مدى تداولها بين كلّ المثقفين، وتحديداً الشباب منهم، وأن تصل إلى كلّ أرجاء الوطن. وهذا أمرٌ بحدّ ذاته فيه مصلحةٌ لهذه المجلة.
ليس عيباً أن أقترح ما يجعلها أكثر جاذبية ورشاقة، فكان أنّني في اجتماعي مع المثقفين والمعنيين بهذا الشأن في جلسة عصفٍ ذهني قلت هل يمكن أن ندمج مجلتي أفكار وفنون في مطبوعةٍ واحدة؟!.. وقد يتطلب ذلك حجماً معيناً لهاتين المجلتين في هذه المطبوعة الجديدة. اقترحت ذلك وأنا أتداول مع الزملاء العاملين في تحرير أفكار وفنون ووسام السبل الكفيلة والرأي الراجح المثقّل بالنقاش.
وأستند في ذلك إلى أن ثمة مشكلاتٍ تواجه الوزارة في أمور تتعلق بالتسويق و(شعبية) المجلة أو (نخبويتها) والإقبال عليها أو تكديسها في المخازن. أنا لا أريد أن أفرض مجلات الوزارة حمولاتٍ زائدةً على مكتبات الجامعات والوزارات أو أن يكون مصيرها أن تأكلها الرطوبة في تخزينها، وهي مشكلة جديّة أتحدى أيّ مثقفٍ أن ينكرها!..أريد أن تقع هذه المجلات بين أكبر عددٍ من القرّاء. وقد وجدت، وأنا هنا أصارح الجميع في الوزارة ومن أصدقاء الوزارة، أنّ مجلة (وسام)، مثلاً، المعنيّة بالطفل، هي من أكثر المجلات لدينا انتشاراً وتوزيعاً ولها رواج وشعبيّة لأسباب موضوعيّة، وهو أمرٌ مفرح، لأنني هنا أتعامل مع قضية مشروعة لكل منتج كتاب أو مجلة يودّ لإصداره أن يلاقي الانتشار والرواج، وأنا- وزارةً- لست استثناءً من ذلك في مفاضلاتي ودراساتي الجدوى واقتراح ما يكفل أن تلبي هذه المجلة أو تلك هدفها المتوخى منها، فمشكلة التوزيع مقترنة بعوامل كثيرة، ويعلم القائمون على هذه المجلة أنّ التوزيع أمرٌ مهم، محلياً على الأقل، ناهيك عن توزيعها عربياً بالبريد أو بأية وسيلة.
على أية حال، غضب مني من غضب، وبدلاً من أن يفكّر معي فكّر عنّي!.. ومشكلتنا هي في أنك عندما تدعو الآخر للحوار يفترض مسبقاً أنّك تودّ سحب البساط من تحت أقدامه!!
أنا واضحة وصريحة، وانطلاقاً من قَسم الوزارة الذي أديته ولم يمض على إدارتي لشؤونها وقتٌ طويل، قلت: لنفكّر معاً؛ فاهتاج من اهتاج وضجّ من ضجّ ليفهم النصّ مبتوراً من سياقه ومغلوطاً أو مجتزءاً يوحي أو ينقل الصورة على أننا نريد أن نلغي هذه المجلة ذات الألق الثقافي، وأنا شخصيّاً من قرائها والمتابعين لها على المستوى الأكاديمي والثقافي، فكيف بي وزيرةً تصدر هذه المجلة عن جهةٍ أنا المسؤول عنها أمام الله والناس؟!!
في الواقع، لقد تفهّم أحد الزملاء الأمر؛ فاقترح أن نقوم بتصميم استبانة منهجيّة نوزّعها على كل الأوساط الثقافيّة والجامعات؛ نقيّم من خلالها (أفكار)، ونتوخى منها أن نقف بشكلٍ علمي موضوعي على القراءة والاطلاع أو حتى السماع بها والتفضيلات الخاصّة بكلّ قارئ لها، وما يمكن أن يقدمه من اقتراحاتٍ تضمن لها الدوام والاستمرار في وقتٍ يعلم الجميع أنّ القراء يذهبون باتجاه النشر الإلكتروني، ولكنّ ذلك ليس معناه أن نلغي مجلاتنا استناداً إلى ظاهرة الاعتماد على مدونات (النت) ومواضيعها؛ فللمجلات الورقية رونقها الخاص الذي نحترمه في مصداقية هذه المطبوعات والتحقق من موادّها، واعتمادها مرجعاً للبحوث والدراسات.
فالذي أرجوه من زملائي الإعلاميين والمثقفين، وأنا في الحقيقة لست إلا من هذا الجسم، هو أن نعمل بسلام، وإذا ثبت أننا نخطئ في هذا، فباب الوزارة مفتوحٌ للجميع!.. الوزارة ليست ملكاً لي أو لغيري، وإنما هي لكلّ المثقفين والواثقين بمقدرة الفعل الثقافي على إيصال هدف الهويّة وترسيخه. الوزارة ليست للمبدعين فقط، وإنما هي لكلّ شرائح المجتمع في اهتماماتهم الثقافية والمعرفيّة.
وأحب أن أقول لزملائي إننا لم ننته بعد!!.. نحن في مرحلة البحث عن الأجدى والأفضل. وأقول لك إنني أقسمت أن أكون محايدةً تجاه هذه الاستبانة في أسئلتها ومحاورها وانتقالاتها وخياراتها، وستوزع في مغلفات مغلقة أشبه ما تكون بمغلفات العطاءات، لنقرأ في جلسةٍ علمية كل هذه النتائج، بمشاركة الزملاء المعنيين، ويُصار إلى اتخاذ قرار بناءً على ما يرفدنا به المحك الحقيقي لوجهة نظر الأكاديميين والقراء والمثقفين ودور النشر والأسواق والشباب والدوائر والوزارات والشركات وكل ما يمكن أن يكون هدفاً لتوزيع هذه المجلة.

جملة التغييرات الإدارية الأخيرة في الوزارة شاع لدى الأوساط الإعلامية والثقافية أنها تصفية حسابات وأنّ هناك صراعاً بين الإدارات، كيف تفسرين؟!

نعم!.. في الحقيقة لا يجوز للموظف في أيّة وزارة أن يلجأ إلى الاستقواء بالآخرين على الوزارة التي يعمل فيها، فهذا شأنٌ داخلي، وينسجم مع رؤية الوزارة لأقسامها ومديرياتها العاملة وموظفيها وتعليمات العمل فيها. أمرٌ مرعبٌ أنّ الوزارة حين تعمد إلى تغييرات إداريّة فيها على مستوى المديريات أو الأقسام أو الوحدات تطلب أذناً من الوسط المتعامل معها؛ فلهذا الوسط الاحترام والتقدير والاستماع إلى نصيحته، ونحن نثق بكلّ مثقفينا وأصدقاء الوزارة، غير أنّ التغييرات الإداريّة مطلب إداري يخضع لاعتبارات كثيرة، ولا أدري حقيقةً لماذا تُثار كلّ هذه الزوابع جراء هذه التغييرات، التي نحن أعلم بظروفها ممن هو خارج حدود الوزارة، فنحن الأقدر على تقييم موظفينا والنظر في مواقعهم الإدارية.
وسأجيبك عن سؤالك في ما يخصّ ما قمنا به من تنقلات: هي محاولة لإعادة موظفين إلى مواقعهم الطبيعية في الوزارة، تبعاً لمؤهلاتهم ومقدرتهم على أداء مهامهم في هذا الموقع أو ذاك. يا أخي هؤلاء الموظفون كانوا في الأصل في هذه المواقع التي يعودون إليها اليوم؛ وقد تمّ تغييرهم، فالذي قمت به هو أنني أعدت كلاً منهم إلى موقعه الطبيعي الذي يجد نفسه فيه ويبدع في عمله في موقعٍ مريح ويشعر أنّ هناك من يقدّره. ليس في هذه التغييرات افتئاتاً على أحد أو سعياً للنيل من أحد أو (تصفية حسابات)؛ وأعيد: هذا شأنٌ داخلي وستخضع كل التغييرات في مديريات الوزارة أو أقسامها أو وحداتها إلى عوامل موضوعيّة وتقييمات حقيقية الحديث فيها يطول.
هناك أعمال مهمّة للوزارة كان لا بدّ من اتخاذ قرار بشأنها، لتسير الأمور وتتحقق الإنجازات. خذ على سبيل المثال قرار تعيين مستشار هندسي(متخصص) لمشاريع هندسيّة قائمة تحتاج متابعةً وإشرافاً ميدانيّاً؛ فلدينا مركز ثقافي في إربد يعاني في بنائه، ولدينا كثير مما نحتاج معه قرارات سريعة ليس من الضرورة أن نعلنها لجمهور المتعاملين مع الوزارة، فهؤلاء لهم أن نقدّم بين أيديهم الخدمة الثقافيّة اعتماداً على ما هو متاح.
كما أنّ هناك أعمالاً ضرورية خاطبنا فيها وزير التخطيط للاستفادة من المنحة الخليجيّة في بناء مراكز في المحافظات تُعنى بالطفل والشباب والمجتمع لكامل شرائحه، وإن شاء الله سيكون لنا ذلك ليستفيد كلّ الأردن من ثمار الثقافة، وأعود لأؤكّد أنني معنيٌّ بالمحافظات في هيئاتها الثقافيّة، والعينة التي زرتها في محافظتين أو ثلاث إنما تؤكّد لي أنّ علينا الاشتغال أكثر على المبدعين والمثقفين في هذه المحافظات، ولذلك طرقٌ كثيرة، فهي أولويّة.

ينظر مدراء من داخل الوزارة ومن أشياعهم أن أمين عام الوزارة شديد التقتير، وأنّه يحاول أن يسيطر على كل شاردةٍ أو واردة. ماذا ترين؟!

عطوفة الأمين هو مصدر المعلومات في الوزارة، واستناداً إلى ذلك فإنني أسأله عن كلّ صغيرةٍ وكبيرة، وسواء رضي به الوسط الثقافي أم أنكروا عليه ذلك فهو يستند إلى قانون الوزارة ويحتكم إليه.
القرار الذي نتخذه في الوزارة ليس قراري وحدي أو أنه (من رأسي)، إنما هو قرار جماعي يشارك في صنعه كلّ المعنيين من داخل الوزارة.
الأمين العام (ليس زينات مملكات)، وهو خبيرٌ في موضعه، ولا أريد في الحقيقة أن أعتذر عن وجوده أو تشاوري معه أو استئناسي بما يقدّم من خبرة أو بما ينصح به.
صراع المديريات أو (القيادات) الذي تقول به داخل الوزارة لا أعلم إن كان موجوداً أم لا، وهي على أيّة حال لوائح وتعليمات واجتهادات تستند إلى قانون، ونحن لا نخجل من التشاور، كما أنني لست من المنادين بإلغاء دور الأمين العام أو تهميشه أو تنحيته أو الضغط عليه، ثمّ إنني لا أرى عدلاً في أن أتجاوزه، حتى وإن كانت معارفي عن هذا الوسط تتنوع بينه وبين زوار الوزارة وهيئاتها الثقافية والمبدعين وما ينشره الإعلام من أخبار أو تحليلات أو نصائح.
نحن جميعاً لسانٌ واحد، فما من سيطرةٍ لأحد على أحد وما من تغوّلٍ أو افتئات. الأمين العام هو الرجل الأول في الوزارة وأنا أحترم مواظبته وحفاظه على المال العام ومعرفته بالقانون وأثق بنصائحه، مثلما أثق بنصائح كلّ أصدقائنا من المثقفين والهيئات الثقافية والموظفين، فلم أعتذر ومنذ أن تسلمت مهامي عن مقابلة أحد من كلّ هذا المزيج.

هل هي محاولة لترك بصمة في الوزارة بعد طول إقامة إن شاء الله ؟! 

أمامك كوزير خيارات عدّة؛ إمّا أن تستمطر الشعبيّة(الشهرة) بقرارات عشوائيّة تشكّل هدراً للمال العام، أو ألا تفعل شيئاً فتقضي فترة الوزارة لتترك الأمور على حالها من غير أن تجتهد أوتقدّم الرؤية أو تتلمس هذه النصيحة من مصادرها أوتبحث عنها. وإمّا أن تفعّل الموجود وترشّق منه وتواكب المتغيرات وتدرس التحديات وتتخذ القرار الذي حتماً سيفتح عليك كثيراً من النيران الصديقة. وأنا جاهزٌ للنيران الصديقة على أية حال، منذ أن أقسمتُ على الإخلاص لهذا الواجب.
من المحزن أن تتحول الثقافة إلى مهنة للكسب دون الالتزام بتحقيق ثمارها وغاياتها المرجوّة، في ظلّ القول الشائع هذه الأيام (أنا مثقف!.. ادعموني!!).. وفي الحقيقة، فإنّ الأهم من هذا النداء هو الاشتغال على وصول منتجك أنت أيها المثقف إلى الناس أو إلى الفئة المستهدفة في المسرح على سبيل المثال أو في الشعر أو في في أي حقل من حقول الفن والأدب.
نحن ننفتح على المؤسسات والوزارات ذات العلاقة ونفاضل بين أمورنا لتحقيق أهدافنا كجهة صانعة للفعل الثقافي أو موجّهة له أو راعية على أقل تقدير. هناك دعوات من هيئاتنا الثقافية في المحافظات لأن نزورها، وكلّ هذه الدعوات تصب في الأجندة الثقافية التي يجب حملها وترسيخها في هذه المحافظات. تلقيت دعوة من جمعية حرفية في جرش على سبيل المثال، وأعضاؤها متشوقون للزيارة بقصد المصارحة وبث الهموم، وهي جمعية من جمعيات تحمل رسالة الوطن وهويته وتؤكّد أصالته وتعرّف بالمنتج الأصيل الأردني، ومثل هذه الهيئة هيئات في حقول أخرى سنزورها ونقف معها على كل همومها ونفكّر معها في الوصول إلى ما ينفعها ويحقق الأهداف ولا يجعلها تشعر أنها تشتغل دون أن يعبأ بها أحد.
أجرينا اتفاقيّة مع مؤسسة التدريب المهني لتدريب 35 شاباً من شباب معان، لتأهيلهم وتدريبهم على مستوى يحقق إدارتهم واشتغالهم في مركز الأمير حسين بن عبدالله الثاني الموجود في معان، وهو مركز حديث ويستقطب كلّ المثقفين في المحافظة وما حول المحافظة. وهنالك 100 آخرون بحاجة إلى تدريب، وهؤلاء هم في عهدة وزارة الثقافة، إن تم شراء خدماتهم لذلك.
سنعقد مع جمعية البيئة اتفاقيةً لتدوير الورق داخل الوزارة، وهناك نيّة لأن تحمل الأشجار أسماء المبدعين من الراحلين أو الأحياء، في كل صنوف الإبداع ومجالاته الفكرية والثقافية والفنية والأدبية والمعرفية.
وندرس مشروع جوائز الدولة، بمعايير مختلفة، ونسعى إلى الاشتغال على المشاريع ذات الأولوية. ونحاول أن نوسّع في الموارد في صندوق دعم الثقافة لأنه مورد مهم جداً ويحل كثيراً من مشاكل الوزارة.

عودة على مشروع التفرغ. في الواقع كأنك تشككين في منتوج المتفرغين الإبداعي أو تقفين منه موقف الحذر. وأستند في ذلك إلى أن كثيرين ضجّوا على المشروع في دوراته الأولى ظالماً تكثر فيه التزكيات و(المافيات)..أو هو مكافأة نهاية الخدمة كما قال بذلك أحد الزملاء؟!

من قال إننا لا نضع المبدعين الأردنيين في المقام الأول من العناية؟!.. لكنّ الوزارة هي لكلّ صاحب شهوة في الإبداع والثقافة أصلاً، فهي والحالة هذه ليست حكراً على مثقف أو مبدعٍ دون سواه.
مبلغ التفرغ الإبداعي الذي أقدّمه اليوم لمثقف واحد أستطيع أن أوزّعه على عديدين في محافظاتنا الأردنيّة، وهنالك في البادية والقرى من يستحق هذا الدعم والمؤازرة والتشجيع.
التفرغ الإبداعي، الذي أثار كلّ هذه الضجّة، في موادّه ما تقف قبالته وأنت تبتسم أمام شروط، من مثل (يتعهد خطيّاً بعدم مزاولة أي عمل!!). ومع ذلك فالتفرغ الإبداعي سيعود في عام 2015 بمعايير أقوى وضوابط أشد. مبلغ الـ 15 ألف دينار الذي يفوز به المبدع في هذا المشروع يجعلنا ننظر في شروطه؛ إذ لا يعقل أن يتسلّم هذا المبلغ من يجلس في بيته دون عناء، وعليّ أن أقتنع بقيمة المشروع ومدى تحقيقه فلسفته ومدى سطحيّته أو عمقه. أما مسألة (التنفيع) التي سمعتها من الوسط الثقافي نفسه ومن المبدعين أنفسهم، في أنّ فلاناً يستحقّ والآخر لا يستحق..فإنها تجعلني أمضي بإصرار لمناقشة هذا المشروع. حينما نقول (حرام!.. اعطوه تفرغ إبداعي) فتلك مسألة محزنة بالفعل، إذ أنّ الوزارة ليست مؤسسة رعاية اجتماعيّة، وعلى المثقف أن يقدّم من المنتج الإبداعي ما يرقى أو يسوّغ على الأقل شروط الدعم أو نيل الجوائز في هذا المشروع أو ذاك.