|
عرار:
أقيمت ببيت عرار الثقافي إربد – الدستور – عمر أبو الهيجاء اختتمت مساء أمس، في "بيت عرار الثقافي" احتفالية ذكرى مولد ووفاة شاعر الأردن "عرار" التي نظمتها احتفالية مديرية ثقافة إربد و"منتدى الجياد للتنمية والثقافة" برعاية الأديب محمود أبو عواد، بمشاركة الشعراء: نضال القاسم، الدكتور محمد محمود محاسنة ومحمد تركي حجازي، وأدار مفردات الأمسية النقدية الشعرية الشاعر والإعلامي عمر أبو الهيجاء، وسط حضور لافت من المثقفين والأدباء والمهتمين. الشاعر والناقد نضال القاسم بداية قدم قراءة في تجربة الشاعر "عرار" المحتفى به، أشار قائلا: يحظى عرار "شاعر الأردن" الأول ورائد مسيرته الشعرية باهتمام خاص في مختلف الأوساط الأدبية والثقافية في الأردن خاصة والبلدان العربية عامة. ومرد ذلك إلى خصوصية شعره وتنوع أغراضه وأساليبه، ونكهته المتميزة المرتبطة بمسيرة حياته الحافلة بالتقلبات الجسيمة، والمشوبة بالعواطف الجياشة والإشكالات العاصفة، فشعره كان مرآة لحياته الفوارة المسورة بالتشظي والغضب، والعامرة بحب الإنسان البسيط وبساطة عيشه، والناقمة على كل أنواع التسلط والفساد والقهر الاجتماعي والسياسي، حيث ربط مصيره بمصير شعبه وأمته. ولم يحز شاعرٌ أردنيٌ آخرُ هذا اللقب المجيد: شاعر الأردن. وهو لقبٌ يحملُ معنيين: أولهما أن مصطفى وهبي التل (عرار) هو أهم شاعر أردني. وهذا معنىً موقوت، بالطبع، بزمانه- النصف الأول من القرن العشرين- إذ، في النصف الثاني من ذلك القرن، شهد الأدب الأردني، ذرىً لم يبلغها (عرار). وثانيهما أنه الشاعر الذي أوقف حياته وإبداعه على استلهام البلد وناسه ووجدانه وتراثه، والنضال من أجل استقلاله وتحرّره الاجتماعي، والتجديد التقدّمي لجمالات روحه وقيمه وحياة كادحيه. وهذا معنىً خالد لا يفوّته الزمان. وهنا يصطف عرار إلى جانب والت ويتمان، شاعر أمريكا، وفدريكو غارسيا لوركا، شاعر اسبانيا، وبابلو نيرودا، شاعر التشيلي. و أكد القاسم بأن "عرار" وما يزال عرار، وبعد مرور خمسة وسبعين عاماً على وفاته، يشغل الحياة الثقافية والأدبية في الأردن والعالم العربي كله، لأنه يشكل ظاهرة ريادية بارزة تتغلف بإشكالية تاريخية- أدبية شائكة تحتاج إلى استكناه واستكشاف لإبراز أصالتها الحقة، ومكانتها الشامخة في عالم الشعر العربي عامة والأردن خاصة، وتبيان مدى ارتباط الشاعر العميق بحياة الشعب، وقدرته على تلمس المعضلات القاسية والملابسات المتداخلة التي حفلت بها حياة الشعب وحياة الشاعر. وأعتبر القاسم أن الشاعر "عرار" سجلاً تاريخياً للأردن في مرحلة من أدق مراحله، وهي مرحلة التأسيس السياسي الوطني، لذا يشكل شعر عرار العمق التاريخي الأدبي للأردن بما يمثله من حياة المجتمع الأردني سياسياً ووطنياً وإنسانياً واجتماعياً واقتصادياً ووجدانياً، فقد استطاع عرار أن يجعلنا نقرأ الجغرافية الأردنية ورغيف الخبز والقلية ونباتات الأردن وأزهاره ووديانه وينابيعه وأمكنته والخرابيش والندامى والوطن وحربه على الاستعمار والربا والاستغلال ودعوته إلى الحرية والعدالة والديمقراطية والمساواة. وختم قراءته بالقول: سيظل عرار رمزاً للشاعر الأصيل الذي يسقي شجرة شعره الوارفة من راهن أمته وواقع شعبه، فاستحق الخلود في ضمير أمته ووجدان شعبه. ولا أجدُ في الختام كلاماً أبلغ من كلام لوركا في رثاء أغناثيو، مصارع الثيران الباسل، حين صرعه الثور، فقال: " سيمضي وقت طويل ليولَدَ، إن وُلِدَ، إنسانٌ مثله". ولعل هذه المقولة أكثر ما تنطبق على "عرار"، إذ سيمضي وقت طويل ليولَدَ، إن وُلِدَ، إنسانٌ بمثل صفاته وجرأته، وبمثل عبقريته كشاعرٍ، وصاحب فكرٍ نيِر. القراءة الأولى كانت للشاعر الدكتور محمد محمود محاسنة الذي قرأ غير قصيدة استحضر فيها جراحات غزة بلغة عالية في معناها ومبناها. من قصيدته "السَّطرُ بعدُ الأخيرُ في سِفرِ التَّكوينِ" يقول فيها: "يَجترُّ فِي المنفى الرؤى مَع عُمرِهِ ويعتّقُ الذّكرى كلوحِ قداسَةٍ هو صاحبُ السردِ اللئيم بقصتي هو ذلك الراوي العليمُ بكنهنا ويؤثّثُ المعنى يراقب ظلَّهُ مترنحا -في الوهمِ- يخدعُ نفسَهُ فتلا على سِفرِ البدايةِ سطرِهِ وأعاد أرضَ التّيه صوبَ مدارِها وطوى المجرّةَ كالحصاةِ بمدّهِ من غيبه الأزليّ جاء كنجمةٍ كَتَمَ النَّزيفَ على غزارةِ نزفِهِ وحنا على سعفِ النَّخيلِ لعلمِهِ ومضوا إلى الأرضِ اليبابِ مصيرُهم وتوسّموا رملَ المتاهةَ والذي ورقمتُ من سطري الأخيرِ حقيقةً ويلوكُ في الأزمانِ فارغَ صبرِِهِ ينسابُ غيبا في مَتاهةِ سرِّهِ والحِبكةُ الرعناءُ لعنةُ عصرِهِ ومفسّرُ الحُلُمِ الرِّهيبِ بجمرِه كي يستديرَ على الزمانِ بدورِه حتى أفاقَ على رداءةِ خمرِه فتشكّلتْ دُنيا بآخرِ سطره وأراقَ فوقَ الأرضِ فتنةَ بحرِه وكسا الحياةَ من الجميلِ بجزرِهِ ليحزَّ سكينَ الظلامِ بصدرِهِ". واختتم القراءات الشعرية الشاعر محمد تركي حجازي الفائز مؤخرا بجائزة الشاعر حبيب الزيودي عن أفضل ديوان شعري لهذا العام، أنشد لغزة حافرا عميقا في تربه الشعر الخضرا، لغة تفيض دهشة لتقف على مجريات الحدث وتمعن في خيل الرابط الصاهلة في غزة. نقتطف من قصيدته : "لغزة خيل للرباط تحمحم على متنها الأبطال تبني وتهدم بها راية خفاقة راح ينحني على ظلها الطغيان وهو يقوم بها وجهنا يعرى على كل جثة لطفلة على ثدي الشهادة يفطم لغزة روح الفاتحين وريحهم وثغر إلى حطين يرنو ويبتسم ومن قصيدة أخرى "قصاصات مشنقة" التي يقول فيها: "ما للظباء على كفيك تنتحب وملء عينيك ليل بارد تعب تمجه من مقاهي الموت غانية كانت بكل بقاع الأرض تغتصب وكل أنشودة عذراء رتبها طهر المزامير كانت فيك تنكتب يجدف الضوء في خلجات نشوتها صبح وتطرق من أنفاسها سحب ما للظباء وقد جفت مرابعها ونال منها الأسى والجوع والحرب". وفي نهاية الأمسية كرّم أبو عواد ونبيل حداد وفاطمة الصباحين وسامر المعاني الشعراء بالدروع. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الجمعة 24-05-2024 11:21 مساء
الزوار: 374 التعليقات: 0
|