أدباء يناقشون تناول الأدب الروائي لقضايا الشتات الفلسطيني في الوطن العربي والعالم
عرار:
نضال برقان
أجمع نقاد وروائيون على أن الأدب الفلسطيني بدأ يتلمس إشكالية الشتات منذ اللحظة التي اصطدم فيها وعي الإنسان بالنكبة، التي تطلبت منه اختبار فعل الارتحال الذي كان في طابعه جمعياً، فجاءت روايات الكتابة الأولى للأسلاف أو آباء الرواية الفلسطينية، معبرة عن لحظة الشتات بتكوينها المبدئي. وأكدوا في ندوة حوارية بعنوان: «الشتات في الرواية الفلسطينية»، نظمها ملتقى النهضة العربي الثقافي في منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، يوم الاثنين الماضي، وأدارها القاص والروائي أسيد الحوتري، أن الكتابة عن «الشتات الأول المبكر» بدأت فعلياً ما قبل نكبة 1948، وتمثلت برواية «الوراث» لخليل بيدس عام 1920.
رئيس ملتقى النهضة الثقافي، باسل الطراونة، بين أن «القضية الفلسطينية من أولويات منظمة النهضة (أرض)، حيث نناقش اليوم في هذه الندوة قضية الشتات الفلسطيني في المنطقة العربية ككل، وتحديداً في دول الخليج، من خلال الاستماع إلى تجربة الكاتب والروائي جهاد الرنتيسي واستعراض ما جاء في روايته الأخيرة «بقايا رغوة» التي تم إشهارها في الأيام القليلة الماضية». بدوره، استعرض الكاتب والناقد، د. زياد أبو لبن، تاريخ وبدايات الكتابة عن الشتات الفلسطيني، موضحاً أن هناك محاولات روائية لبعض الكتاب الفلسطينيين ما قبل النكبة، ومنها رواية «الحياة بعد الموت»، لإسكندر الخوري، و»الملاك والسمسار» محمد عزة دروزة وهي الرواية الوحيدة التي تمس الصراع الفلسطيني الصهيوني، لافتاً إلى أن الروايات الفلسطينية التي كتبت قبل النكبة تعد تقليدية في بنائها السردي، وتحمل مضامين أخلاقية وقيماً اجتماعية. أما روايات ما بعد 1948، فأكد أبو اللبن أن رواية الراحل غسان كنفاني «رجال في الشمس» الصادرة عام 1963 أفضل من عالجت مسألة الشتات، وهي رواية واقعية، وإن كانت في فترة مبكرة من الرواية الفلسطينية، وكذلك روايته «ما تبقى لكم» التي تبحث رحلة الفرار الفلسطيني عبر الصحراء. وبحسبه، فإن السلسلة الثالثة من الكتابة عن الشتات خلال الفترة (1968-1986) أي ما قبل الانتفاضة الفلسطينية الأولى، برزت فيها أعمال روائية عديدة، أهمها: رواية السفينة لجبرا إبراهيم جبرا، و»الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل»، لإميل حبيبي، وكذلك «الفلسطيني الطيب» لعلي فودة، مشيراً إلى أن هذه الفترة اتسمت بالكفاح والمقاومة، وأيضاً تشكل في مجملها الرواية الجديدة من حيث تقنيات السرد والبناء. وحول روايته بقايا رغوة، قال الرنتيسي، إن أحداثها تدور في عمان بداية التسعينات، وتستعيد من خلال تداعيات شخوصها مراحل مهمة من تجربة الفلسطينيين في الكويت، وتأثرها بالمنعطفات التي مرت بها القضية الفلسطينية، وهي مهداة إلى الروائيين الراحلين «مؤنس الرزاز، وجمال ناجي»، كونهما كما بين «كانا يدعوانه عندما عاد من الكويت في بداية التسعينات للكتابة عن تلك التجربة». وعن اختياره اسم «بقايا رغوة»، يوضح «لم نستفد من تجارب العقود الماضية، كانت مثل الرغوة، إنعاشها لحظي، لم نعد نملك غير بقاياها، ونعتقد أن في هذه البقايا ماء يروي ظمأنا»، كاشفاً إلى أن هذه الرواية هي جزء أول من رباعية يعمل عليها، فتجربة الفلسطينيين في الكويت مثل الغرفة المعتمة، نحتاج لمعرفة ما فيها إلى أكثر من نافذة.. توفرت لي أربع نوافذ، وقد تبقى من تلك التجربة مجالا لكتابات أخرى». فيما دارت نقاشات وتعقيبات متعددة من الحضور، حول أهمية الأدب والفنون والمسرح والدراما في إعادة صناعة وصياغة الهوية الجمعية، والحفاظ على تراثنا وتقاليدنا وإرثنا، محملين الجامعات والمدارس والمعاهد ضرورة توعية الشباب بأهمية القراءة والأدب لفهم التاريخ والظروف الاجتماعية والتحولات السياسية والديمغرافية التي حدثت في بلادنا. وخلصوا كذلك إلى الدفع بالمشهد الأدبي والثقافي إلى الأمام وأخذ مساره الطبيعي، والذي يبدأ من الأسرة مروراً بالإعلام ومؤسسات المجتمع المحلي، حيث إذا أحسنت هذه المنظومة أداءها نهضت الثقافة وتقدمت، مع ضرورة احترام المثقف ودوره التنويري ووضعه في منزلة تليق به.