يظلّ للتكريم أثره المتميّز في وجدان المتميزين والمبدعين على اختلاف مجالاتهم، بيد أن هذا التكريم يظل أكثر ألقا وأعظم أثرا إذا كان من أهل البيت، خلافا لمقولة (زمّار الحيِّ لا يطرب)، فيكف إذا كان التكريم من سيد البلاد، القائد القدوة، جلالة الملك عبدالله الثاني، وفي مناسبة هي الأجل والأعز والأسمى في وجداننا الجمعي، عيد استقلال المملكة السابع والسبعين.

يوم الخميس الماضي كان يومًا مميزا للثقافة الأردنية، حيث أنعم جلالة الملك على الأديب جلال برجس بـ»وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثانية»، تقديرًا لدوره الكبير في رفد الأدب العربي والأردني، خصوصًا في مجالي الرواية والشعر، ونيل أعماله جوائز عربية وعالمية.

هو تكريم ملكي لا يقف عند «جلال» وحده، بل يمتد ليشمل المثقفين والمثقفات القابضين على جمر الإبداع والتميز والأصالة والقابضات، في مختلف القطاعات الإبداعية، والمؤمنين أن مكانة الأدب الأردني في الصفوف الأولى ليس فقط عربيًا، بل وعالميَا أيضا.

جلال برجس، الذي فتحت له جريدة الدستور أبوابها دائما خلال مسيرته الإبداعية، بخاصة مع تجربته في كتابة (نصوص المكان)، عبر كتابه (رذاذ على زجاج الذاكرة/ 2011)، يتربع على قمة هوم يمثل جيلا كاملا، إنه ليس شخصًا أو فردًا، وإن كنتُ أكنّ له كل تقدير ومحبة واحترام لشخصه على الصعيد الإنساني وعلى الصعيد الإبداعي، بل هو تجربة جيل كامل من المبدعين، ومرحلة من الوعي بضرورة الاختلاف والتميز، وبالالتزام الأخلاقي والجمالي لما يحتاجه هذا الاختلاف والتميز من اشتراطات ومواصفات حرفية وفنية.

في سجلّ جلال أعمال إبداعية قليلة من جهة عددها، غير أنها حققت إنجازات محلية وعربية متميزة، فالمسألة ليست كميّة، إنما نوعيّة، وترتبط بما تقدمه من إضافة للحقل الإبداعي، وهو ما يدركه (صاحبنا) تماما، ومصداق ذلك تلك النقلات الفنية والجمالية التي يحققها مشروعه في كل منتج جديد ينتجه.

هي مناسبة عظيمة، نهنئ خلالها أنفسنا بقيادة حكيمة تقدر الثقافة والمثقفين، وتنزل المتميزين من أبناء الوطن منازلهم التي يستحقونها، ونهنئ أنفسنا، كمثقفين، مرة ثانية بالتكريم الملكي، وكذلك نهنئ الصديق والمبدع جلال برجس بهذا التكريم الملكي الذي وصعه، في الحقيقة، أمام مسؤولية كبيرة، تتطلب منه مواصلة التحليق في سماء التميز الإبداع، وهذا ما ننتظره..

وكل عام وأردننا الغالي، قيادة وشعبا، بألف خير.