وهناك دوران رحى تتحرك في دوائر مغلقة، رتيبة ومقرفة، تدل على الزمن الذي يطحن الأعمار، ويقصي دفء اللحظات، وينفث في نهوض مشاهد الحكي كتابة سيرذاتية تسيرها حركة نساء يتحركن بشفافية أخّاذة تسير بإيقاع رتيب نحو رسم أفق توقع المتلقي وانتظاراته المرتقبة.
بداية زمن العرض هي البداية الأولى لحياة فرجة «عشيات حلم»، بحركات الرحى بوصفها الجملة الأولى التي تنكتب بصور وحركات مطلع قصيدة بصرية ستتأسس على صمت رهيب يريد أن يتكلم وسط غمام كثيف من دخان قاتم تظهر فيه كل حركة، وتسمع فيه كل همسة، وتصرخ فيه كل همهمة كأنها نشرات أخبار تسعى إلى تكوين خطابها بعشياتها، أو تأسيس ما ستنطق به بأحلامها وبما تريد كتابته في فضاء المسرح حينما يكسر الضوء زمن الدخان، والأطياف، ليركز إنارته على موضوعه الذي يريد أن ينطق به، ويتكلم عنه كأنه ينبعث من نبرات شعر يسير على إيقاع الأنفاس الحالمة بالزمن الضائع الذي ستبنى بحضوره وحدة القصيدة الشعرية بوحدة التجربة الحياتية لعرار الممتدة من 25 أيار 1899 إلى 24 أيار 1949.
الانتظار هو بداية الولادة الأولى لزمن العرض، وهو الفعل المؤجل الذي يهيئ الأجواء للكلام بكتابة شعر سيصير مكونا أساسا من بين مكونات العرض، كأن هذه البداية ستكتب البداية الأولى لنص شعري كان لا يجد مجالا للبوح بأسرار أفقه الغائب.
لكن وجود الأنوار والمرأتين والمجموعة الراقصة والعازف على العود (عامر محمد)، كلها ستوضع داخل أنساق مؤتلفة في سيرها لتقوم بتحريك الحركة، وإسماع اللحن بنقرات العود لتتواصل بأزمنة الانتظار مع قلقها بعد أن أيقنت أنها هي من سيساعد على ميلاد معنى العرض، وأنها هي من سيفتح كتاب الأسرار على أسراره لتحبير الكلمات الممكنة للمشاهد في العرض.
وكأنما هذا الميلاد المؤجل بأسرار حياة الشاعر عرار كان يتأجل باستمرار بسبب دوران الدوائر حول الدوائر، واللف حول مركزها المنتج بالإيحاء لمعنى القدوم الذي يعلن عن هذا القادم، وفي الوقت نفسه الإيحاء الذي يومئ بالإشارة إلى تأخر فرحة اللقاء مع من سيأتي، وربما لن يأتي، فينوب عنه الكلام والشعر والحركة التي تعمل على إبقاء حياة الدفّ متواصلة تعطي لرنّاته ونقراته حياة نغمية ستسهل مواكبة حيوية العرض وهو يعلن عن صوته الأول أو خطابه الأول أو كلامه الأول في الدوران كوسيلة تخلص الحكي من صمته، ليقول قول الشاعر عرار فوق ركح يكتب سيرة تراجيدية انكسرت أشرعة رحلاتها فجاء العرض المسرحي ليتمّم المهمة المستحيلة للسفر العنيد نحو الحب، ونحو تراب الوطن، ونحو علامات تحمل صدمات حولت حياته المتصعلكة، الثائرة، المتمردة، المرفوضة، المقصية والرافضة، إلى شاهدة بالشعر على كل حالات الانكسار وحب الوطن.
سؤال عرض «عشيات حلم» كتبته متخيلات الزمن الأسطوري وقد تغذت من نصوص أدبية وتاريخية أخرى كانت في كل معانيها ترحل معه بالتناص لتكمل بنيته في بناء العرض، وإكمال هويته، وهو السؤال الذي يختصر معنى دوران الرحى باستحضار شخوص متعددة المظان والمرجعيات، لتقدمه بعد اكتماله الدلالي بمعنى الدوائر المغلقة التي هي سؤال الانتظار الذي كتب معناه «عرار» بشعرٍ ينقل حالات انكساره، ويكتب تاريخ معاناته بمعاناة الجماعة، ويصوغ رؤيته برؤية من يشبهه في حالات التشظي، وهو ما ترجمته المسرحية حين وضعت معاناته في سياق درامي جعلته ينشد شعره مصورا وجود أرض هي أرض الإنسان الذي خُلق من صلصالها، وجعلته يعلن عن وجود إنسان فوق أرض هي الأردن كواقع وكأسطورة كتبتهما الذاكرة الجمعية بتوهج لم يغادر مرجعيته الحية أبدا.
والسؤال هنا في هذا العرض، حين يتخلص من عتمة السؤال، ويتحرر من صمت القصائد الشعرية المتشردة في الزمن والمكان بعد أن قدمتها نصوص سردية أخرى، فإنه بجواب ما يقوله العرض يدون حالات إنسانية يفصح عن وجوده فيها، ووجودها فيه، ويقوم بكتابة سيرة غيرية لشاعر عرف كيف يكتب مأساته في واقع متشابك الدلالات أوجدت له ظلالا في حالة فردية، كما أوجدت لرمزيته المطلقة أشكال تعبير عن أحواله جمعية في رحلات تشرد مأساوية، وهو واقع نشأت فيه معالم مدينة إربد التي تشكلت من نقطة انطلاق معلومة حفزته على معانقة مقدس هو الوطن، فامتزج الكلم بالجرح، واقتربت الرؤية التراجيدية للشاعر من تراجيدية العالم الذي يعيش فيه، وتحول الإحساس الفردي إلى تعبير جماعي من خلال الوظيفة الإبلاغية التي قامت بها الجوقة، وقام بها الشاعر نفسه الذي كان يظهر لإنشاد الشعر تعبيرا عن الحالة والمعاناة، والقسوة، وظلم ذوي القربى.
فبعد أن انتقلت معاناته من غموض اللحظات، وصارت تعرف كيف يمكن لكل جواب أن يناغي حب الحرية ليخفف من حدّة هذا الغموض، وأن يقوي من ارتباطه بالحياة، ويعرف كيف يرفع صوته المكتوم، ويرسم صورته كمتكلم بلسان المغيّبين عن الكلام من أجل إنسانية الإنسان وحريته وتحرره وانطلاقته.. صارت هذه المعاناة تبحث عن لحظة فرح حقيقية يريد تحقيقها لحوران، ولوطنه، ولكل الناس.
من بداية الانتظار إلى موت الشاعر المتكلم، كان شعر «عرار» هو الرابط بين المتكلمين، وكان هو الخيط الذي يرتق شقوق النفس، ويجبر انكسار المنتظرين بالأمل كي يكتب كل متكلم بعلاماته الخاصة ألم اللحظات بكل ما تبنى به أزمنة الفرجة، وبما تأثثت به صراعات النفس مع النفس، وصراع الفراغ مع الفراغ، والهباء مع الهباء، والسكْر مع الصحو، ورجع الصدى إلى الصدى الساكن في كل جرة تسمع ما يقوله الشاعر عن معاناة الإنسان، أو ما تقوله كل همسة، وكل صرخة، وكل أنين يسكن رحم هذه الجرة بعد نطق المرأة العاشقة، وبعد كتابة ذكرى الأنين في رجع الصدى الذي ينفخه الشاعر في هذه الجرة. فعلى الجرة يتم إنطاق إيقاع القلق بحالة التوتر، وتصبح الجرة منبعا للارتواء بالصحو والسكر، وبالإيقاع المنسجم مع كل تصوير موسيقي للحظات الحكي واللعب المسرحي.
ومن الأضمومة الشعرية (عشيات وادي البابس) تبدأ حياة الانتظار في الشعر ملتحمة بعرض به سيبدأ زمن التوقع الذي سيكتب خيبته تعبيرا عن هذا الانتظار المحبط للأمل، ومن الشعر أيضا سيكون التواصل، وستكون القطيعة مع الحاضر الغائب، ومع الغائب الذي لن يحضر، لكن الكتابة المسرحية أرادت ترتيب حيّز اللعب المسرحي ليوافق إبقاء البناء الشعري في الشعر حاضرا في المشاهد، وفي إنشاد الشعر.
وحين يستخرج العرض زمانه وخطابه من شعر هذه الأضمومة الشعرية، فإنه كان يراهن بالصوت وبالصورة على جعل البناء الدرامي محكوما ببنيات الشعر ليدخل في تكوين درامية اللحظات، والأصوات، والأنغام، والرقصات الجماعية التي لم تتخلَّ عن مرجعياتها المحلية الأردنية تمثّلا وإنجازا.
من هذه الأضمومة المسرحية كتب مفلح العدوان زمن الانتظار الأليم، ومن أجواء الشعر ومعاناة «عرار» كتب تجربة إنسانية لم تعد بقادرة على السكوت بعد أن وضع سينوغرافيا النص وأخرجه فراس المصري ليكون الشعر موصولا إلى العلامات التي تم توظيفها لإنتاج دلالات نص مكثف الدلالات، متراصّ الحركات، حتى إن الإخراج لم يعد يعني سوى توظيف مفردات الشعر لتتمكن كل عشية من عشيات الحلم من إبلاغ دلالاتها داخل العرض بالوسائل الفنية الممكنة.
لقد كان تشغيل هذه العلامات محكوما بالحركة حيث كل حركة إلا وكانت تخلق لحظة وجودها، وكل لقطة أو كل مشهد إلا وكان يكتب جماليته بألوان اللحظة، ويشكل التعبير الجسدي للجسد بالمجموعة، ويرسم البقع الضوئية التي تتحول إلى فضاء يضم الحركة، ويحتويها لإلقاء النص وإنشاده من قبل الشاعر رسماً لكلمات الشعر بالحركة، وبالإنارة وهو ينشده أمام بدر ليس هلالا، وليس قمرا، ولكنه كان بدرا كامل الأوصاف والضوء والدلالة، ليستحضر غائبا تريد أن تستحضره الشخصيتان الأساسيتان (سهير عودة وأريج جبور)، وهما لا يحتملان سؤال: «هل نحتمل الغياب؟».
ويكون الجواب هو تزيين المكان بإيقاعات تتكلم بضرب الكف لاستقبال هذا الغائب، وإعطاء حيوية خاصة للاحتفال بالقادم الغائب، مدعومة برقصة الفرح، ومصدومة بخيبة الأمل التي نقلتها أوجاع رقصة الإحباط، ليغرق الأمل في تساؤل لغة التشاؤم (كنت أرى في عينيه مقبرتي)، ويكرر النص مأساة بطل ينتظره الكل ليكون أجمل العائدين، ويلبي نداء أرض تطلب أهلها، لكن الحضور يبقى معلقا إلى أجل غير مسمى لأن العاشقة «أريج الجبور» تبقى عينا تنظر إلى طيف هذا الشاعر المتمرد، العاشق والمعشوق الذي ظل وثيق الصلة بمولده بإربد قدر تعلقه وعشقه بحوران، ودمشق، والأردن.
تحويل تجربة شاعر مع شعره إلى عرض مسرحي، والوقوف على أهم محطات حياته، واختيار مركز للحكي يكون هو الشاعر ذاته التي ستتحدث عن المنفى داخل الذات، وتتحدث عن النفي خارج المكان، وتتحدث عن السجن والمنفى وفي القصيد، لا يمكن أن يكون إلا كلاما يحول الشعر ومفرداته إلى ضرورات قولية لبناء الدراما الشعرية للشاعر داخل العرض، ويكون تحويلا يراعي شروط الإنتاج البصري للمعاناة وللحياة مع «الغجر»، حيث يصبح العشق يسكن في الخرابيش، وتسكنه هذه الخرابيش، وتقود بوصلة حبه الضائعة نحو امرأة من سديم، ومن روح، ومن خيال، فيتساءل عن حياة الإنسان الحامل منفاه جرحا يكبر كلما كبر حبه لحوران، ويسائله كلما كبر حبه: كيف يموت الحب؟ وكيف أصبحت الأرض عطشى، وكيف تصير الروح هي الارتواء الأبدي؟
مفردات الإخراج كانت تصب في موضوع واحد هو الكينونة المأساوية لـ»عرار»، وكانت تنطق الصمت، وتتساءل: لماذا كل هذا الصمت؟ لماذا هذا الجحود المتسلط على رقبة الكلمات والأنفاس والإنسان في الشاعر (عرار)؟
ومن بحر سكون الصمت ظل الشعر حاضرا في بنية الإلقاء الذي يعيد الحياة لعرار، ويفعّل الفعل الذي لا يغيب، كما أن حركة الرحى لا تغيب ولا يغيب عنها الشاعر أو موضوع شعره، ولا تغيب عنها العاشقة، كما أن دوائر المعنى ترسم المعنى لإبقاء الزمن حيا في الشهور، والحمل، والفرح، والأرض، والانتظار، وأطفال القرى، والخراب، وشعب يفنى وآخر يولد من جديد، هذا الشعر كان يقترب من صور البداوة، وروح الشام، وأطراف الحواضر، باحثا عن الأصل في الأصل بعد أن توترت علاقته بالسلطة ومؤسساتها كونه حمل أتعاب الصعلكة، وحمل العرض هذه الصور بقرائن تحيل على البداوة مثل المدق (المهباش)، والمدرفة، واحتفالية مواسم الحصاد، وأغاني البيدر، والهال، والحلة.
كل ما في عرض «عشيات حلم» مكتوب بلغة التشتت الوظيفي الذي يبني جمالية العرض بجمع المتناقضات، وكل حركة تبني حركتها لتكون محكومة بمعاناة الضياع، وكل تشتت، وكل ضياع ذاتي يكتبه زمن الانتظار، فالرحلة، وعلى إيقاع دقات الطبول، هي رحلة الضوء مع رحلة الصوت مع رمزين في رمز واحد هما المرأة العاشقة، ومع كل مشهد تصير لكل علامة علامتها المماثلة، ويصير لكل صوت صداه، ويصير لكل شخصية قرينها، ومثيلها الخارج من مرجعيتهما المشتركة.
وهذا التوازن، والتكرار في توليد الرمز المتأرجح بين الشيء ومثيله، أو المثيل ونقيضه، هو الذي جعل المرأتين والدف والغربال والجرار، من أدوات التعبير عن الانتظار، وتبعثر اللحظات بين الفقد والعذاب والحلم المفقود، فالرحى موجودة بمثيلتها، والمرأة تصير حقيقة التوقع والانتظار حين توجد كطيف وواقع أو صوت وصدى وتعبير جسدي عن كل الحالات.
فالرحى هي الزمن الدائر حول الأحداث التي تدور حول زمن الحكي والسرد الأحداث، وتكشف عن معاناة المرأة سليلة معاناة «عرار». والجرار هي الطين الذي يخزن كل الحكايات، ويحافظ على صدى الأصل والفرع، والغامض والواضح. والمرأة هي الزمن النحوي لكل الصور الشعرية التي كشفت عن مضامينها وهي تحكي عما تجمّع في رحم الانتظار من معاناة يحمل وزرها كل من ينتظر، وكل من يغرق في سكون الصمت، لكن هذه المرأة العاشقة التي تقرأ شعرا لشاعر معلوم ومجهول تحلّ في ذات الشاعر (عرار) أثناء غيابه، فتغدو قصائد تعود إلى زمن العرض لتسمع أنينها ومواقفها للمتلقي بلعبة الغبار، وبالأوراق المتناثرة في الهواء، والمتبعثرة كتاريخ لم يعد له أي معنى وهو يضيع على الإيقاع الكئيب الرتيب للمدق، وغربلة الزمن والأحداث بالغربال، ولعبة الفوانيس الباحثة عن جمالية التوتر تمهيدا لسقوط البطل، معبّرة بتعبيرية قاتمة بالإضاءة المستخدمة بحركات المجموعة الاستعراضية المتشكلة من: أسيل قاقيش، نيفين قاقيش، نتالي ملحس وكريسنينا قاقيش».
أراد عرض عشيات حلم» أن يحول تجربة الشاعر مصطفى وهبي التل، إلى كلام يمجد حب الشاعر لعشق الحياة، وحبه للشعر، وحبه استنطاق زمن ولى من التاريخ الحقيقي، لكنه ظل وسيظل حيا ملازما لحياة إنسان عاشق يهوى الروح الحية في الوطن على الرغم من الكآبة المستشرية في نفسه، وعلى الرغم من المكابدة والتشتت وحالات الانكسار.
هذا ما كتبته مشاهد العرض التي بدأت بحياة الشاعر عرار، وانتهت بتكفينه دون وأد شعره الذي ظل ملازما لكل معاني وأزمنة العرض الماضية والحاضرة، وهي معاني كانت تحيا بحياته، وتتكلم داخل لعبة الموت بالأمل، وتكشف عما في النفس، فتحلّق في إربد، وتعيش في حوران، وهي تتأرجح بين لعبة الموت والكفن، فتتكلم عن كل أسطورة تحمل سر وزرها معها، لكنها في هذا العرض تستفيق لتسهم في بناء معنى الحياة في الشعر وفي عرض «عشيات».
بالعشيات كان الشاعر يفصح عن التحول الذي طال عشياته، ويقول: «حتى ولو عدت لم أعد الشاعر الذي تريدون»، لكنه في زمن العرض سيحضر بالعشيات حتى لا يغيب، وحتى لا تغيب إربد وحوران، لأنه يريد أن يبقى حيّا ببقاء الزمن الحي في كينونته كشاعر. من هنا أراد العرض أن يسافر مع الشاعر عرار في أزمنة البحث عن الهوية المشتركة بينه وبين واقعه معلنا أن القراءة والكتابة تصيران من دون جدوى حين تتكلمان عن الفراغ، وهو الاختيار نفسه للعرض المسرحي الذي راهن على تمجيد شعرية اللحظات في الشعر الذي يتكلم بقضية ومضمون إنساني كان أحيانا يوقف بتقنية سينمائية اللحظاتِ المثيرة للدهشة في بناء المشاهد المسرحية.
عامر محمد الذي ألّف موسيقى العرض وألحانه، وأحمد عموري الذي صمم الرقصات، مدّا الأيدي إلى كل من أراد أن يستجيب لصرخة الانتظار في شعر عرار الذي اندمج به الفنان أحمد العمري، وكان كلما اقترب من شخصية الشاعر يبني مدن العشق بالكلمات التي تكتب حواراتها في العرض، وتؤلف معناها، فكان مفلح العدوان أول من لبى نداء الكتابة، وبعدها انخرط كل من فراس المصري في كتابة سينوغرافيا العرض وإخراجه لبناء لحظة الأمل بلا خوف، والدخول في لحظات إحياء تراث عرار، حتى يجعلوا من شعره صرخات تتكلم في ارتعاشات وأحلام تبحث عن القيم المستترة بين ثنايا بلاغة الصور الشعرية لدى الشاعر الذي نذر حياته بحثا عن العدالة الممكنة للمجتمع الممكن، ودافع عن الوجدان الموجود بهذا الممكن وهو يحلم حلمه الأبدي من أجل الحرية والمساواة التي كتبها شعرا ظل ينتظرها بعد مماته كي ترى النور، لكنها رأت النور في عرض عنوانه «عشيات حلم» (نقوش حورانية)، فتحول الشاعر بذلك من نَظّام محدد الوجود إلى شاعر مطلق الوجود.

(قدم عرض مسرحية (عشيات حلم) في حفل افتتاح مهرجان الهيئة العربية للمسرح في دورته الرابعة في قاعة المركز الثقافي الملكي بعماان. التي نظمت في عمان من 10 إلى 16 كانون الثاني 2012، ومثل وزارة الثقافة الأردنية) .
* ناقد مسرحي من المغرب
نقلا عن الزميلة الرأي