|
عرار:
عمان – نضال برقان صدرت قبل أيام رواية قاسم توفيق الجديدة؛ «نشيد الرجل الطيب»، عن ثلاث دور نشر عربية؛ منشورات ضفاف؛ بيروت، بيت الحكمة؛ القاهرة. ومنشورات الاختلاف؛ الجزائر؛ في وقت واحد. تحكي الرواية سيرة شخصيتين؛ أحدهما المصوِّر الفوتغرافي «مسعود الصانع»؛ الشيوعي السابق، والثاني الرأسمالي الجشع «غازي العبد»؛ شخصيَّتان لم تلتقيا طوال أحداث الرواية لكنّهما تسيران بخطَّين متوازيين، تتقاطعان في نقطة واحدة تكون هي المحور الذي تتشكَّل منه هاتان الشخصيَّتان. يفتِّش «مسعود» في بداية وعيه عن مبرِّر لوجوده، ينخرط في مقتبل شبابِه بالانضمام للحزب الشيوعي المحظور آنذاك، ويعود من هذه التجربة فاقدًا الأمل في فهم كنه وحقيقة وجوده. يمتلك –بالمُصادفةً- كاميرا، فيتحوَّل لمهنة التصوير بعد أن يعجز عن العمل بشهادته الجامعيّة بسبب خلفيَّته الحزبيّة. ويحاول من خلال هذه المهنة أن يبحث في كنه نفوس من يلتقي بهم. يحقِّق نجاحًا في مهنته ويتحوَّل إلى خبير في فنون الرَّسم وصاحب رؤية خاصة، نتيجة لقراءاته الفكرية والفلسفية؛ إلى أن يتعرَّض لحادثة دهس من سيارة يقودها شاب أهوج، تنفتح في وجهه أثناء علاجه في المستشفى، وخلال مواجهته للموت، أفكارٌ ورؤى مُغايرة للمفاهيم السائدة فلسفيًّا وفكريًّا وفنيًّا. يحاول تكسير هذه المفاهيم من أجل الوصول إلى الحقيقة، فيقرِّر أنَّ دلالة فكرة الخلود لا تكتمل إلا من خلال العمر المُعاش. يحاول «قاسم توفيق» في روايته هذه؛ أن يُظهر ابتسامة الموناليزا كأوَّل خدعة مورست في الفنون البشريّة، كما يحاول تهشيم نظرية فرويد فيما يخص «عقدة أوديب»، مؤكدًا أنَّ الأب هو المُدان في اختلال العلاقات بين الآباء والأبناء؛ فهو البادئ في محاولة قتل الابن متأثراً بنبؤة العراف؛ في حين أن «أوديب» لم يقم بقتل أبيه؛ بل قتل الملك «لايوس»، ولم يتزوج أمه؛بل تزوج الملكة «جيوكستا». مقابل شخصية «مسعود»، تقف شخصية ابن مهرِّب البترول والأسلحة؛ «غازي العبد» الذي لا تتعدّى ثقافته ووعيه ما يشاهده في السينما من أفلام الحركة البوليسيّة التي يبقى مولعًا بها بعد أن تجاوز الخمسين من عمره. يكرِّس هذه الثقافة ويبحث عن أسباب تجعله يطبِّق ما يشاهده على حياة العاملين معه. في الجانب الآخر يحضُر الشقيق الأصغر لـِ»غازي»؛ «بهاء» الذي يتعلَّم ويعيش في أميركا، ويعود بعد سنوات «لعمان» كمدير لمؤسسة ثقافيّة تحمل اسم الأب، ويحاول أن يفرض من خلال موقعه هذا ثقافةً مشوّهةً لا تنسجم مع المفاهيم والقيم الأنسانية. التقاطع الوحيد بين شخصيَّتي «مسعود» و»غازي» يكون؛ في عمل والد «مسعود» سائقًا لدى المؤسسة التي يملكها والد «غازي»؛ «محمد العبد»، حيث يقوم بتهريب البترول والأسلحة والمخدرات لصالح شركة العبد، إلى أن يفكِّر بالتَّهريب لمصلحته الخاصة، فيقرِّر «غازي العبد» التخلُّص منه. نتيجة لظروف تحدث أثناء محاولة قتلِه يتعرَّض لإصابة تسبِّب له شللًا، فيقضي ما تبقى من عمره طريح الفراش عاجزًا عن النُّطق أو الحركة. «نشيد الرجل الطيب»؛ رواية تحكي بجرأة عن أزمة اليسار العربي والصراع الدونكشوتي الذي يعاني منه هذا اليسار، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الثلاثاء 09-02-2021 07:43 مساء
الزوار: 964 التعليقات: 0
|