الشّاعر ( نورالدّين بن يمينة) ضيْف نادي الشّعر ( اتّحاد الكتّاب التّونسيّين)
عرار:
يكتب الشّعر في الفصحى و في المحكيّ منذ ثلاثة عقود لِيَنشر باكورته الشّعريًة مُستهلّ عقده السّادس
الشّاعر ( نورالدّين بن يمينة) ضيْف نادي
الشّعر ( اتّحاد الكتّاب التّونسيّين)
حلّ الشّاعر ( نورالدّين بن يمينة) القادم من مدينة الكاف ضيفا على نادي الشّعر صبيحة يوم الجمعة المنقضي 24 جويلية 2020 ، و ذلك لمحاورته حول مجموعته الشّعريّة الصّادرة سنة 2019 تحت عنوان ( أذكار في مقام الحزن).
و قد تكفّل بتقديمه لجمهور النّادي ، مشكورا ، صديقه الشّاعر ( بوبكر العموري) المطّلع عن كثب على مسيرة صديقه الإبداعيّة...
منذ البداية اختار المُتدخّل ان يهتمّ بتجربة ضيفنا الحياتيّة و ما كابده من معاناة في محاولته التّأقلم مع محيطه في مدينة الكاف التي عاد إليها من تونس العاصمة بعد سنوات من الغياب... و قد وجد ( العموري) صلة متينة بين ما ضجّت به تجربة شاعرنا من اوجاع شخصيّة في هذه الفترة من حياته و ببن موضوعة الحزن التي تردّدت في باكورته الشّعريّة بدءا من العنوان ( أذكار في مقام الحزن)... وهي حالة و إن بدت موجعة، فإنّها ليست خاصّة بضيفنا، حسب الدّارس ( ابي بكر) بما انّه وجد لها امثلة في الادب الغربي ( الاجرب المنبوذ عند التّشيكي كونديرا) وَ في الادب العربي ( الاجرب الذي يُفرد إفراد البعير المعبّد ، حسب بيت طرفة بن العبد الشّهير)... و مع ذلك فإنّ المحاضر لم يفته ان يتبيّن إيجابيّة موضوعة الحزن في الإبداع الكونيّ عامّة و في ( اذكار في مقام الحزن) بالتّخصيص ، ذلك انّ ضيفنا الشّاعر ( بن يمينة) يتجاوز احزانه متوسّلا الشّعر فينتسخ الوجع عنده بهجة روحيّة تتردّد اصداؤها في كلّ نصوص باكورته هذه. و هكدا ينجح ( نور الدّين) في الفوز بخلاصه ممّا يجده من ألم و و وحشة و وَحدة حتّى انّه يظلّ في هذا المقام اقرب ما يكون من الصّوفيّة الذين تغنى تجاربهم الرّوحيّة و الإبداعيّة بفضل مكابداتهم ، و برغمها في الوقت نفسه....
و إذ اختار ( العموري) ان يتدبّر نصّ المجموعة الرّئيس الذي اعطاها العنوان ( أذكار في مقام الحزن) ، فإنّه فصّل القول في كلّ النّقاط التي سلفت متوقّفا عند الأذكار الثلاثة التي تكوّنت منها هذه القصيدة المتميّزة و مستخلصا في خاتمة قوله انّ شعر ( نور الدّين بن يمينة)، و إن مثّل عُصارة حزن كبير فإنّنا لا نعدم فيه تواشج معاناة الشاعر الشخصيّة الفرديّة مع الهمّ الجماعيّ و الإنسانيّ....
إثر ذلك أُحيلت الكلمة إلى الشّاعر الضّيف فقرا مختارات من باكورته ( أذكار في مقام الحزن ) تلتها تدخّلات الحاضرين الذين تفاعلوا مع ما جاء في مداخلة ( العموري) و مع ما استمعوا إليه في تلاوة ضيفنا، فكان ان توقّف الشّاعر ( عماد الزّغلامي) بالتّفصيل عند ما يحكم صوت شاعرنا من شجن و حزن هما وليدا تجربته في مدينة الكاف. كما نوّهت الاديبة ( ريم العيساوي) بهذه الشّاعريّة الفذّة الأصيلة و التي تنتظمها رمزيّة طاغية فنّيّا مقابل طغيان تجربة الحزن مضمونا... امّا الشّاعر ( بوراوي بعرون) فقد لفتته مركزيّة الإيقاع في هذه النصوص رغم انّها تنكّبت الاوزان الخارجيّة.
وهو إيقاع وجده ( بوراوي) يُشيع مناخا صوفيّا في الكتاب ككلّ. و قد ختم قوله هذا بسؤال مُوجّه إلى شاعرنا عن علاقة نزوعه الصّوفيّ هذا ببعض تيّارات الشعر الصّوفي في تونس.... إثر ذلك تدخّل فيلسوف النّادي الاستاذ ( عابد الشّيحاوي) متوقّفا عند إيجابيّة موضوعة الحزن في الإبداع عامّة لانّه يرد دائما مرتبطا بالقلق الخلّا ق المحرّض على التّجاوز...
وَ إذ اُعيدت الكلمة من جديد إلى ضيفنا الشاعر ( نور الدين بن يمينة) فقد ذكّر بانتمائه إلى عائلة صوفيّة ممّا اعطى هذا العمق الرّوحيّ لتجربته الشعرية، كما اكّد على انّ هذه الغنائية في كتابته هي صدًى فنّيّ لما يعتمل في كيانه و في حياته الشخصيّة
حتّى انّ كثيرا ممّا كتبه في الفصحى و في المحكيّة استساغه كثير من الفنّانين التّونسيّن و غنّوه...
و كان مسك الختام مع قصائد من جديد ضيفنا و من نصوصه التي كتبها في اللّهجة التّونسيّة المحكيّة استجابة إلى رغبة الحاضرين.