|
عرار:
الشاعرة آمال القاسم امرأة تستنطق التاريخ لتنزع منه اعترافات طالما أخفاها و تستدرج شعراء عكاظ لمحفلها لتذيقهم من شهد شعرها غرفات و غرفات فيعودون و قد ثملوا طاهرين كيوم ولدتهم أمهاتهم...في شعرها نكهة البنّ العربي المعطر بالقرنفل لا يملّه شاربوه ...تقاطيعه صيغت من ديباج واد عبقر و جوري الشآم و حوَر عيون زرقاء اليمامة و عبق الدين الحق ... و في هذه المقطوعة تستحضر قصّة زليخة يوسف عليه السلام لكنها تعطي لها دلالات جديدة و تضفي عليها مسحة من الجمال ... أسرجتُ مائي إلى زمزمِكَ ثلاثة أفعال تصوّر موقفها من الرجل ..(أسرجت) إشارة إلى استعداداتها لبدء شدّ رحالها إلى حيث أخيها الرجل و (يممت )أي توجهت بقلبها صوب البئر التي يسكنها الرجل...تماما كقصة يوسف عليه السلام ..لتستخرج بحبل رشاها حبيبها اليوسفي الذي علق وسط الدلو في غيابات البئر.. و (أرخت) إشارة إلى بدء عملية الإنقاذ الملحمية ليوسف الحبيس ..فأمها عصن يتيم وحيج لا سند له و لا دفء فمالت عليه بواحات نحيلها لينعم بالدفء و الأمن و الغذاء و الرعاية و الحنان...و لا يخفى ما في النحلة من فوائد و نعم و أفضال.... فراودِ البئرَ، اقتباس قرآني يزيد المشهد إثارة و حركة.. إنها حالة هستيرية دحلتها زليخة هي راودت فتاها عن نفسه فاستعصم لكن هذه المرأة اليوسفي هو الطي ( يرواد ) و ليست زليحة و في هذا عكس للمشهد تماما و إعادة إخراج جديد...و المرأأة عموما تميل إلى من يحسن ترويجها بلطف و لباقة و جسن ثناء و استدراج.. سوِّغْ شرابَه الظامئَ ، و هذا المقطع السابق يعكس مشاهد الحياة الهنية بين قلبين أخلدا إلى بعضهما البعض و قالا للسعادة هيت لك ... حيث لا ظمأ روحي إلا سكب لخمر معتّق سائع شرابها كلّ عشيّة تحت أنغام الشعر و ترانيمه إلى حدّ الري و الشبع و الثمالة للدال و المدلول أي اتحاد اللفظ في معناه و هذه صورة جمالية نادرة للعشق الدنيوي الجامح اللامحدود في الزمان و المكان و الأشخاص.... و هما في قمة الاتحاد و التوافق يرودها إحساس مريب و هذا من طبيعة المرأة عندما تصل سعادتها إلى الذروة و هو قلقها و حوها من نقض الرجل للعهود بعدما نال مأربه و بلغ مرامه...إنه شعور الخيانة و القطيعة...و ها هي تقتبس مرّة أخرى من القرآن الكريم.. "أو كالتي نقضت غزلها " لتعير عن ذلك الشعور المرعب بعدما أدفأتها من بعد ما كام عاريا بأرياشها إشارة إلى قصة أطم و حواء في الجنة التي أخرجا منها...و قد اختلطت دمائها بدمائه و أصبحت رداؤك الذي يدفئك و يحميك من البرد القارس و من لفح الشمس الحارق.... واكتبْ بفمِكَ حرائقَ الماء ِ وتأتي النتيجة الكبرى و تحاكي قصة الانفجار الكبير الذي حدث إيذانا ببداية حياة جديدة على هذا الكون و وفق شروط و سنن كونية كبرى.. ليكونَ انفجارُكَ العظيم..! و يا له من انفجار عظيم لا يتبعه نغص و لا مضض و كجر و لا تعاسة ...و هذه هي النتيجة الطبيعية ليوسف و زليخة عليهما السلام... الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأربعاء 10-06-2020 09:36 مساء
الزوار: 1877 التعليقات: 1
|