للمأكولات ذاكرة أيضاً، تعيدنا للطفولة والزمن الجميل والجدات والأمهات والأجداد وتعود بنا إلى الفرح القادم مع شتاء بارد وطبخة ملفوف في يوم شتائي وطنجرة تخرج نكهتها وبخارها ليعبق ويحرك الجوع ويعطي دفئا ولمة عيلة.
وهذه الأكلات قد تصبح بوابة للعودة إلى الماضي لو كانت هذه العودة مرافقة للحظات حزينة ودامعة في تاريخ كل شخص، وكذلك لحظات فرح فقد كان طبخ الطعام بالأساليب القديمة والأدوات التي كانت متوفرة آنذاك عنواناً من طناجر وسدور نحاس وألمنيوم وطبخة ملفوف توضع على الصوبة لتستوي على مهلها، فالحديث عن الماضي الذي هو تراث تركوه لنا من سبقونا لدار الحق نلمس الحنين لتلك الذكريات،والحنين للبيوت والعقود العامرة بالخيرات والطيبة والبساطة والمونة ومنتوج الأرض وتعب فلاح، ومن كثر حب الناس للملفوف سموها بنت الغية، وبنت الأمير، والعروس. ومن الحزازير التي سمعتها عن رأس الملفوف:
بنت الغية عليها ميت كوفالية، بتقول «أح» والبرد عليّه.
بنت الأمير في الحاكورة، ولابسة ميت تنورة.
العروس في الجورة، ولابسة ميت تنورة.
قاعدة في القفة، عليها ميت لفة.
ضلوعه ضلوع حمير، وقعدته قعدة أمير.
ومن الذاكرة كان نوع من الملفوف يسمى ملفوف بلدي وشكله يختلف عن الملفوف الموجود بالوقت الحالي ويسمى الملفوف التشريني وهو مشهور بطعمه الرائع كون الماء التي يسقى بها الملفوف تَعذب في شهر تشرين. هذه نبذة عن ذاكرة الملفوف وطعم وهبال الملفوف ورائحة الثوم في يوم شتائي تقابل المزراب مع أخيه المزراب.