الملتقى، الذي يمنح القاسمي جائزته للشاعرين (الرائدين) السوري د.محمد نجيب المراد والإماراتي الراحل محمد خليفة بن حاضر، قال عنه رئيس دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة عبد الله العويس إنّ ندواته المقامة في إطاره وجملة فقراته هي مثالٌ على الاهتمام الشامل الذي يوليه القاسمي للفعل الثقافي والفني في الشارقة ومحيطها العربي، مبيّناً أن دائرة الثقافة والإعلام تنظم الملتقى سنوياً بالتعاون مع بيت الشعر، الذي تستمر نشاطاته طوال العام في جو من الثراء الأدبي والثقافي.

يُفتتح الملتقى، كما أعلن الشاعر العراقي مدير بيت الشعر بهجت الحديثي، بكلمات دائرة الثقافة والإعلام، وبيت الشعر، ليسلّم القاسمي الجائزة للمكرمين، فيقرأ الشعراء: حيدر محمود، وإبراهيم بو ملحة(الإمارات)، في الافتتاح الذي يدير فقراته الإماراتي محمد خلف.
تسير فعاليات الملتقى في صباح اليوم التالي بقراءة نقدية تحليلية في أنموذجين قديم وحديث، يشارك فيها المصري د.محمد عبد المطلب بقراءة قصيدة (الكوليرا) لنازك الملائكة، والمغربي د.محمد مفتاح بقراءة إحدى قصائد لسان الدين ابن الخطيب، فيما يقرأ السوري د.عز الدين كليب قصيدة (أوجاريت) للشاعر عمر أبي ريشة، في الندوة التي يديرها السوري د.اكرم قنبس. ليقرأ  مساءً الشاعران إبراهيم نصر الله والعراقي صلاح سعيد الحديثي والإماراتي عبد الله الهديّة.
الثلاثاء يُستهل بندوة يقرأ فيها المصري د.عبد الناصر حسن قصيدة (وآحر قلباه) للمتنبي، كما يقرأ العراقي د.إياد عبد المجيد قصيدةً يصف البحتري فيها الذئب، ويتناول السعودي د.نبيل المحيش قصيدةً للسعودي الراحل د.غازي القصيبي بعنوان (الشهداء)، في الندوة التي يديرها السوري نواف يونس. ويتواصل اليوم الثاني للملتقى بقراءة الشعراء: الفلسطيني خالد علي مصطفى، والعُماني حسن المطروشي، والتونسي المنصف المزغني، والإماراتية خلود المعلا، في حين يقدم الشعراءَ الإعلامي اليمني رعد أمان.
ندوة الأربعاء يشارك فيها الفلسطيني د.محمد صلاح أبو حميدة بقراءة نقدية لقصيدة محمود درويش (رسالة من المنفى)، فيما يتناول التونسي د. المنصف الوهاييبي قصيدة أبي القاسم الشابي (إذا الشعب يوماً)، ويقرأ د.رائد عكاشة وصف الجبل عند ابن خفاجة الأندلسي، ويقرأ السوري د.نبيل قصاب باشا بيت الشعر عند مانع سعيد العتيبة، في الأمسية التي يديرها الإعلامي الشاعر يوسف أبو لوز. ومساءً يقرأ الشعراء: المصري محمد أبو المجد، والسوداني بابكر الوسيلة، والإماراتي محمود نور، والإماراتي طلال سالم،  في الأمسية التي يقدمها المصري محمد خالد.
الخميس تقدم الإماراتية شيخة المطيري الشعراء: المغربية نسيمة الراوي والموريتاني المختار سالم والإماراتيين أحمد محمد عبيد وحسن النجار.
وفي ختام الأمسيات، الجمعة، يقرأ في النادي الثقافي العربي، الشعراء: حيدر محمود، والعراقي عبد الرزاق عبد الواحد، والتونسي منصف الوهاييبي. 
الشاعر حيدر محمود  يمتاز بمقدرته على تشكيل اللغة وفق عالمه الخاص، الموهوب والأكاديمي، لتنطلق حنجرة هذا الشاعر أصيلةً حداثويّةً في الوقت ذاته، وتحديداً حين يضجّ و(يتصعلك) أو يرتاح ويأنس بالحكمة. شاعر عميق الغور ينفعل للأحداث الأليمة فيسبكها قصيداً عمودياً واقفاً عند الإيقاع. كثير الإسقاط بكلّ أنواعه، موهوبٌ في الشعر ومطبوعٌ عليه مثلما هو في طقوس الإلقاء. غنى للأردن والهاشميين، ورددت أشعاره المُغنّاة الإذاعة التي اشتغل فيها وأسس لها مع الرعيل الأول من رجالات الأردن، حين كانت الكلمة تبلغ ما لا يبلغه السيف.
نافح عن حب الأردن، واستطاع بالرغم من مساحة المناسبة المحدودة لدى كثير من الشعراء، أن يغذي أشعاره بالمفارقة والتشبيه الآسر والثقافة الواسعة في ظلّ المقدرة العالية على اللغة وتطويعها على رغبة منها، اشتغل بذكاء على شاعر العربية الأكبر (المتنبي)، فحمّله همومه وأشجانه وحنينه وكلّ ما يحدث له، وساق في إطار ذلك شؤون الحياة المتشابهة بينه وبين (جدّه) المتنبي، في قصائد هادرة مرةً ومرةً حزينة موجعة في الشكوى وادخار الصبر.
الشاعر الذي قال: (كان مستعجلاً حين مرّ؛ فلم يلتفت أحدٌ لليد النازفة، مدّها مرّةً لتصافح، لكنه ردّها عندما زعموا أنها خائفة)، كُتبت عنه بحوث ورسائل جامعية في مواضيعه وأسلوبه. مما حفظته النخبة لهذا الشاعر، الذي استثمر الشاعر الراحل (عرار) قوله: (كم كنتَ غبيّاً/ يا جُعفيُّ/ وأغبى الناس هُمُ الشعراء/ حتّى صاحبكَ الحلبيُّ/ عليّ بن أبي الهيجاء/ لم يحزن حين اغتالوكَ،/ ولم تبكِ عليكَ الشهباء!/ بل سهرتْ تلك الليلةَ،/ حتى الفجرِ../ وغنّت../ رقصتْ../ شربت حدّ الإعياء!/ يا ما حذّرناك من الأوهامْ!/ ياما قلنا لكَ:/ لا تأمن للملعونِ أبوها/ الأيّام!/ لكنّك لا تسمع إلا صوتك أنتَ،/ ولستَ ترى غيركَ،/ في أحلام اليقظاتِ،/ وفي يقظات الأحلام!/ وعدتكَ الدّنيا،/ بأبٍ من ذهبٍ،/ لو أنكرتَ أباكَ../ فأنكرتَ جميع الآباء!/ وتنكّرتَ لأجمل من في الكوفة،/ سقّائيها البسطاء،/ وحرّاثيها الفقراءِ،/ وجعفيّيها المعتزين،/ بأنك منهم،/ والمنتظرين رجوعك/ صبح مساء!/ ما أتفهَ يا جعفيُّ طموحك../ ما أصغر ما يتمناهُ/ أميرٌ مثلكَ/ يملك ما لا يملكه الأمراء!/ من كان سيعرف/-لولا شعرك-/ بدراً/ أو.. كافوراً،/ أو.. حتى صاحبك ابن أبي الهيجاء!/ خيرٌ من كلّ ولايات الدّنيا،/ يا جعفيُّ/ قصائدكَ العصماء/ لكنْ:/ خيرٌ منك، ومنها/ ذاك الجُعفيُّ، الكوفيُّ، السّقاء!».
من مجموعته «في البدء كان النهر»، قال حيدر محمود، تاركاً التأويل شهياً: «الماءُ في فمي../ والقيد في اليدين/ فلست قادراً على الكلام/ ولست قادراً على السلام/ .. السيف -حين يغضبُ السياف-/ ذو حدين!/ فتحتُ في صدري كوتين - شارعين/ للذهاب.. والإياب/ لكنني -حين عبرت داخلي-/ لم أحتمل رائحة الميت - داخلي/ وقّعتُ.. مرّ ألفُ عام/ رجعتُ.. لم أكن أنا.. أنا../ كان على بوابة المسرح حاجبان/ يُشهران خنجرين!/ ولم يكن ليَ الخيارُ: صرت ذا وجهين!/ وصفّق المشاهدون والممثلون
حين رأوني أتقنُ الدورَ:/على الذي يريدُ.. أن يكون../(يقول شيخهُم)/ أن يحني القامة مرتين!/ إلى الأمام مرة
ومرة.. إلى الوراء/ والأغبياءُ الأغبياء/ هم الذين يرفضون!/.../.../ كان على البديل أن يستعجل الليلةَ،/ كي أغيب ساعة، عن العيون!/ ألبس فيها وجهي الآخر، والمعطف،/ والقفاز، الحذاء.../ وكل أشياء الرواية البلهاء!/ لكنه لم يأتِ .. مرَّ نصف الليل../ والمشاهدون قاعدون/ (...)/ الماءُ في فمي/ والقيد في اليدين/ وقدري المكتوب أن أمثِّل الدورين!».
أما الشاعر نصر الله  فمولود عام  9541 وكان عمل في مؤسسة عبد الحميد شومان مديراً لدارة الفنون ومستشاراً ثقافياً للمؤسسة، كما كان اشتغل في الصحافة منتصف التسعينات من القرن الماضي، ليتفرغ بعد ألفين وستة للكتابة، دقيق التفصيل في الأشياء والمحسوسات، تعددت الأجناس الأدبية والفنية لدية، في الشعر والرواية والتشكيل والنقد السينمائي، كتب (الملهاة الفلسطينية) في الرواية، وصلت روايته (زمن الخيول البيضاء) إلى المرحلة الأخيرة من جائزة البوكر في نسختها العربية، وله دواوين وروايات مرسومة مسبقاً في ذهنه، منها رواية (براري الحمى)، وديوان (لو أنني كنت مايسترو)، إضافة لروايات تستقل عن بعضها يجمعها اسم (الشرفات)، ومنها شرفة الهذيان، وشرفة العار، وشرفة رجل الثلج.
لد دواوين: الخيول على مشارف المدينة، الذي كتبه مطلع الثمانينات من القرن الماضي، لتوالى الأعمال: نعمان يسترد لونه، أناشيد الصباح، الفتى والنهر والجنرال، عواصف القلب، حطب أخضر، فضيحة الثعلب، شرفات الخريف، كتاب الموت والموتى، مرايا الملائكة، حجرة الناي، إضافة لمختارات من قصائده الملحمية، منها: عودة الياسمين إلى أهله سالماً. وكان نال نصر الله جوائز: عرار للشعر 1991، تيسير السبول للرواية 1994، سلطان العويس للشعر العربي 1997. انتهى حديثاً من رواية: (ظاهر العمرو الزيداني)، ضمن مشروعه الملهاة الفلسطينية في تكثيف يقرأ تفاصيل حقبة تاريخية مهمة، من وجهة نظره.