وعلاقة السيرة الذاتية بحب الكتابة كملجأ أومفر ايزابيل الليندى تعتبرواحدة من أكثر رواد الواقعية السحرية فى أمريكا الاتينية
شهرة وهى مثقفة يسارية أثر عليها ألأنقلاب العسكرى الذى أطاح بعمها سلفادور الليندى وبسبب قرابتها له صنفت كعدوة للنظام الجديد
ونفيت الى فنزويلا ومن أهم رواياتها بيت الارواح اينيس حبيبة روحى ،صورة عتيقة،حصيلة الأيام (باولا)هو اسم ابنتها التى
اصيبت بداء الفرفرينا ودخلت فى غيبوبة لم تفق منها أبدآ،وعايشت الكاتبة غيبوبة ابنتها بكل دقائقها لحظة بلحظة بداية من عام 1991
وتعد هذه الكتابة من ظواهر الكتابة الذاتية فيما يعرف برواية نموالذات bildungsroman
حيث البحث عن هوية الفرد أو الكاتب تكون هى الفكرة الرئيسية التى تدور فى فلكها الرواية وعبرت الكاتبة عن ذاتها عن طريق سرد سيرتها
التى منحتها مساحة من التجول والرحابة فى التعبير عن مكنوناتها وسبر أغوارها بمساحة بوح واعترافات وصلت الى حد النزوات الجنسية
وغيرها من المواضع التى تستهجنها العقلية الشرقية فتصرح مثلآ بحادثة تحرش جنسى تعرضت لها من قبل الصياد الذى قابلته على الشاطىء
ثم علاقاتها الشخصية ونزواتها إن مافعلته ايزابيل فى روايتها هو حالة اعترافية حالة بوح وفضفضة من أجل طرح الألم الذى انتابها مع م
مع مرض ابنتها ومحاولة للصمود وفهم لهويتها من خلال توحدها بابنتها فتقول
"فأنت وحدك الوجود يا ابنتى والمكان الذى استقررنا فيه كلتانا بلا زمان "ص41
وهناك ثلاث مراحل زمنية تسردها الكاتبة بداية من الأم مرورآ بباولا وبينهما ذات الكاتبة وما عايشته فى فترات حياتها الثلاث
من تغيرات فى الواقع الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والثقافى فهو بمثابة سرد لتاريخ النسوية من الخمسينيات وما وصلت اليه فى ما بعد النسوية
عصر الابنه حيث يمكن القول ات هذه المراحل الثلاث تمثل وعيآخاصآ بالذات خلفه عقدان من النقد النسوى جعل كتابتها ترتد الى ذاتها وأيضآ
فى اطار الوعى بالموضوعات والاستعارات والأيقونات النسوية مثل اللغة والام والتطريز والطهى والأرتباط بين الأم والابنه وكلها اشارات نلمحها
فى الروايةوان كان التركيز منصبآ عاى العلاقة بين الام والابنة والابنة ووالدتها من خلال رصد الكاتبة لعلاقتها بوالدتها الأم التى ترفض أن تكون
مثلها وتشعر بالشفقة عليها لما عانته ومرت به فى ظل الظروف والأوضاع الأجتماعية الصارمة تقول
"أما أمى التى ترعرعت فى جو من الحظوة ،حيث تنعدم مشاركة النساء فى الشؤن الأقتصادية ،حيث تخندقت فى بيتها المقفل"
ثم باولا والعهد الجديد للمرأة الذى لم تعشه الكاتبة ولم تعرفه حتى بعد أن وصلت لسن الخبرة وسعة التجربة فتشعر بالحزن لقصر عمر ابنتها
وباولا هنا مكملة لرحلة التطور الزمنى الذى عايشته الكاتبة من عدم التلاؤم مع الواقع الذى ينظر لها نظرة أبسط ما توصف بها أنها أقل من الرجل وتأتى
خلفه فى المرتبة فبدأت تتعمق فى ذاتها لعلها تجد ما يجعلها تتفوق على أمثالها من الرجال فتقول
"كان لابد من مرور أربعين سنة قبل أن أتقبل وضعى وأدراك أنه بأمكانى
التوصل أحيانآ الى ما يحصل عليه الرجال اذا أنا بذلت ضعف المجهود
ونلت نصف الأعتراف " ص243
ومثل هذه الكتابة تقدمها الكاتبة على أنها وسيلة لصياغة احساس أكثر صدقآ بالذات عن طريق تسجيل تجاربها التى تظل محجوبة
عن التعبير فى ظل المجتمع العنصرى ،وفعل الكتابة هنا تعبير عن تلك الهوية المفتقدة التى لن تتأتى الا بالخلاص بالكتابة التى هى نوع
التحدى الذى يعد مكونآ من مكونات فعل الكتابة عند المرأة تقول
"الكتابة هى تفحص طويل لأعماق النفس ،رحلة الى
أشد كهوف الوعى عتمة وتأمل مطرد ،اننى أكتب متلمسة
فى الصمت وأكتشف أثناء الطريق أجزاء من الحقيقة " ص18
فالبحث عن الهوية لت يتكشف الا بالكتابة التى تمثل خلاصآ من الرعب الذى انتابها فى مجتمع أبوى يمثل القهر لذات المرأة المعذبة
والمحاصرة والمطاردة والتى تشعر بالفقد سواء فقد الأب ،الحب وكافة أشكال المعاناة التى تقهر المرأة فى مجتمع يكرس للذكورية
تلك المجتمعات الغربية كما تقول "جيرمين جير"germain geer
فى كتابها "المرأة المخصية"female eunuch
نجد الرجل فيها يتمتع بكل الحقوق من حرية جسدية وعقلية فى حين أن المرأة يضن عليها بهذه الأشياء فقط لأنها تنقصها القوة
العضلية والسلطة لتغيير هذا الوضع وينظر اليها على أنها مخلوق ثانوى مكانه الافضل فى المنزل ( 2) فهى ملاك البيت
angel in the hause تلك
تلك العبارة التى دخلت الأنجليزية عام 1885 عن طريق قصيدة روائية لكوفنترى باتمورتحكى قصة "أونوريا"التى تتحقق فيها كل
مثل العصر الفيكتورى المرتبطة بالمرأة والتى تتركز هويتها تركزآكليآ حول نطاف الحياة المنزلية والتى تؤدى فيها وظيفة الأخر المقابل
للرجل ،فهى الخاص وهو العام وهى الساذجة وهو المجرب المحنك وهى السلبية وهو الفاعل النشط وكل الصور التى تبعد هذا الملاك عن العالم الخارجى و
وكأنها تجسيد قدسى لدور الأنثى الذى قضت به السماء( 3 ) وهنا تصرخ الكاتبة
"عمرى تسع وأربعون سنة أضع يدى على قلبى
وأقول بصوت طفلة ،لا أريد أن أكون مثل أمى
بل سأكون مثل جدى قوية ومستقلة وسليمة وقادرة
لن أقبل بأن يأمرنى أحد ولا أ، أكون مدينة لأحد
أريد أن أكون مثل جدى وأن أحمى أمى"ص64
فتظل الكاتبة تؤكد على أنها كائن مكتمل له استقلاليته وهويته وخصوصيته وليست مخلوقآ هامشيآ كما كان سائدآ فى خطاب
الخمسينيات والستينيات وكل ذلك لا يتأتى الا من خلال الكتابة التى اتخذتها وسيلة وملاذآ لتفرغ بها كل مكنوناتهاودواخلها
ساردة تجاربها فى الحياة متأملة فترات حياتها فى مجتمع تشيلى والصعوبات التى مرت بها قبل أ، تنال المرأة قدرآ من الحرية
فىظل السلطة الأبوية فلم يكن التوجه بالكتابة لباولا انما حالة افراغ المقصود بها طرح الألم وامعان التفكير فى حياة
طويلة عايشتها فتقول لابنتها
"فلماذا كل هذا الكلام اذا كنت لا تستطيعين قرائتها مطلقآا ان حياتى تتجسد
حين أرويها وذاكرتى تتثبت بالكتابة ،ومالا أصوغه فى كلمات وأدوته
على الورق سيمحوه الزمن "ص17
وهكذا استطاعت ايزابيل من خلال الكتابة سرد فترات زمنية ثلاث فى حياة المرأة بوجه عام و
اشارات لتاريخها الاجتماعى والسياسى

الهوامش

(1) رواية "باولا" ل ايزابيل الليندى الهيئة المصرية العامة للكتاب مكتبة الأسرة 2009
(2) النسوية ومابعد النسوية سارة جامبل المجلس القومى للترجمة ت احمد الشامى
(3) المرجع السابق