وهو عنوان تتنافر فيه الكلمات لكي تجلب الحالة من أقاصيها، فالرقص والوجع لا يلتقيان إلا ليؤسسا لحالة شعرية متمرّدة،أرادت المعنى الذي تقوله، وأرادت التعبير الحر الشفيف عمّا يعتلج في النفس والروح...

من هنا كان الهدوء الصاخب الذي يوحي به العنوان، وهو هدوء صاخب لأن تركيب العنوان هادئ في شكله، وفي تركيبه، لكنّه يجمع المتحرك في المعنى، الصاخب فيه من خلال الجمع بين المتنافرين..
هذا الحديث عن العنوان هنا، هدفه الدخول إلى الحالة الشعرية التي تؤشرها تجربة سناء خوري في مجموعتها، فالشعر هادئ، والمعاني متمرّدة، ذلك أن العبارة تتكئ على إرث كبير من اللغة الطقسية التي نقرأها في المواعظ والتراتيل، وذلك من مثل قولها:
«ارتدي النجوم رداءً أنثويا
ليغفو على ساعديك الهلام
افرشي فوق سريره الورود
حين يأتيك عند المساء
والجنون يسكن عينيه».
فالخطاب هنا، في شكله أشبه ما يكون بالوعظي، وفي معانيه غير ذلك، إذ يغلب في المجموعة أن يكون الخطاب موجّهاً من الأنا الواعظة إلى الأخرى التي تتلقّى هذا الوعظ، والوعظ هنا بالحب، بل بالإفراط في الحب.
الشكل الآخر من الخطاب في المجموعة هو الخطاب الموجّه من الأنا إلى الآخر الحب، وهو هنا في الأغلب يغوص في الذات العاشقة، ويرسم عشقها وصوتها ومختلف تجلياتها بوصفها عاشقة منتظرة، أو عاشقة تعيش حالة العشق، أو الحب، بصورها وتصوّراتها.
هذا يقود إلى القول إن في هذه المجموعة من الجديد ما يجعلنا نؤكد أن شهرزاد تصرّ على أن تأخذ بثأرها، وأن الصوت الأنثوي يمتلك هو الآخر القدرة على التعبير عن الحب، والعشق، وحالاته، بعد أن انفرد الرجل بهذه الميزة، وبعد أن دوّن الغزل باسمه، رابطاً بينه وبين الرجولة في كثير من الأحيان..
خوري هنا تعبّر عن صوت المرأة المحبة، العاشقة، الشاعرة، المتأملة، كل هذا وهي تقدّم صوتا أنثويا/ نسويا، لا يخالطه اللبس بين صوت المرأة والرجل في كثير من كتابات المرأة.. فهي هنا، تكتب، وتتأمل بكامل وعيها الوجودي الجسدي والروحي، وهي ليست مستَلبة لأي صوت آخر يمكن أن نحيلها عليه... وإذا ما عرفنا أن هذا هي المجموعة الأولى، الكتاب الأول لخوري، فإننا نستبشر بهذه التجربة، ونتأمل منها المزيد من الإبداع، والمزيد من هذه الكتابة الصافية، غير المشوبة إلا بالحب، وفيض الحب، والحنين الأبدي للشريك الإنسان، والشريك الإنساني الذي يستحق الحياة على هذه الأرض.