في أجواء شاعريّة مطلّة على زرقة البحر وهمس الجبال، احتضن "نزل دار سعيد" في سيدي بوسعيد أمسية شعريّة استثنائية، ضمن فعاليات الدورة السادسة للمهرجان المتوسّطي للفنون (FAM 2025). الأمسية حملت في طيّاتها روح الفنّ الذي لا ينتهي بموت صاحبه، مُستحضرةً عبق ريشة الرّاحل الهادي التركي، حيث اجتمع الإبداع في لقاء شعريّ مميّز مع أسرة التركي، بالشراكة مع منتدى الجازية الهلالية.

تسيير الأمسية لم يكن تقديمًا تقليديًا، بل تنسيقًا دقيقًا يليق بنجوم الكلمة، حيث قدّمت الشاعرة منية نعيمة جلال الشعراء كما تُقدَّم الموشّحات الأندلسية، لتجعل للكلمة مرافئ على أوتار الموسيقى، ولتتعدد اللغات بين العربية والفرنسية والإنجليزية، في حين ظلّ الشعر لغة واحدة تسري في العروق كحنين ناعم.

شارك في الأمسية الشعراء:
هديّة دريوش
حياة حاج خليل
سهى هلاّ
أسماء مسعودي
جمال شريف
نور الدين ضرار

تألّق الشعراء في قراءاتهم، بينما تهادت النظرات على ضفاف القصائد، وصمت الجمهور في لحظات من الجمال المضيء، تخللها عزف الناي الساحر للفنّان رشيد بن جوهرة، الذي حمل آلته كسرّ قديم، عابرًا بأنفاسه جسورًا نحو الأعماق، فجعل من الشعر أكثر شفافية والمساء أكثر امتلاء.

تواصلت الأمسية بعد ذلك في استقبال دافئ، حيث تبادل الحضور الأحاديث والضحكات، مصحوبة بأصناف من الحلويات والمشروبات. ومع اقتراب الغروب، التقت ثلّة من ضيوف المهرجان في حوار موسيقيّ يطلّ على الميناء كقلب مفتوح، والجبال ترسم في الأفق قصائد لم تُكتب بعد.

الشاعرة منية نعيمة جلال، التي تولّت تقديم الشعراء بكل حبّ، لم تُعرّف بنفسها، بل تركت القصيدة تفعل ذلك، لتقول كل شيء بصوتها ونبضها، تاركةً في الأفق وعدًا بقصيدة لم تُقَل بعد.

صور وفيديوهات الأمسية أبدعتها عدسة المبدعة أسماء خالد الهداوي، التي التقطت اللحظة وصاغتها بحرفيّة، لتخلّد أمسية من حرير، حين يتكلّم الشعر.