موسى الشيخاني: فن التبراع في الصحراء المغربية هو نوع من الشعر الشعبي الذي يعكس أحاسيس ومشاعر المرأة الصحراوية، ويتميز بالعديد من الخصائص الفنية مثل الإيقاع الموسيقي، والجمالية في استخدام الكلمات والرمزية المرتبطة بالطبيعة والحياة الصحراوية. غالبًا ما يرتبط هذا الفن بالتعبير عن مشاعر الحزن، الفقدان، الفراق، والحب، كما يتناول قضايا اجتماعية وثقافية تخص المجتمع الصحراوي.

الخصائص الفنية للتبراع:

1. الموضوعات:

   - الحنين إلى الأرض: كثير من القصائد تتحدث عن الفراق والحنين للأرض أو للقبيلة، خاصة في ظل الترحال الذي كان يعاني منه سكان الصحراء.

   - الحب والفراق: يتناول التبراع العلاقة بين الرجل والمرأة، خصوصًا عندما يلتقي الشاعر بالمحبوبة في ظروف صعبة، سواء بسبب الحرب أو التنقل المستمر.

   - الوجود البدوي: تعكس القصائد حياتهم القاسية في الصحراء من خلال ملامح الطبيعة مثل الرمال والسماء، وتربط المشاعر بتلك البيئة.

   - الاحتجاج الاجتماعي: أحيانًا يتناول الشعر قضايا اجتماعية مثل الظلم أو العادات السائدة في المجتمع الصحراوي.

2. الأسلوب:

   - يتميز التبراع باستخدام الاستعارة و الصور الشعرية المرتبطة بالصحراء والطبيعة. مثلاً، يمكن أن يُستخدم الرمل أو النخيل كرمز للمعاناة أو الأمل.

   - الموسيقى الداخلية: يعد التبراع نوعًا من الشعر السريع والموسيقي، حيث يتم تكرار بعض الألفاظ والتراكيب التي تثير إيقاعًا داخليًا في القصيدة.

3. البنية الشعرية:

   - غالبًا ما يتبع الشعراء في التبراع القوافي الموحدة وتوزيع الأبيات بطريقة منسجمة.

   - من أبرز الأشكال التي يتم استخدامها هي الأبيات السريعة التي تتنقل بين الأفكار بسرعة.

دراسة لبعض القصائد:

إليك بعض القصائد المشهورة التي تعكس روح التبراع وتبرز أفكار الشاعرات في الصحراء:

1. قصيدة "هل تعرف كم يؤلمني الفراق؟" – فاطمة بنت عيسى

هذه القصيدة تعبر عن حزن الشاعرة لفراق الحبيب، وهي واحدة من أشهر القصائد التي أُديت في مجال التبراع. تركز على الألم النفسي الناتج عن الفراق الذي تشعر به النساء في الصحراء، ولاسيما في المجتمعات التي تشهد حركة مستمرة بين القبائل:

هل تعرف كم يؤلمني الفراق؟

قلبي يكاد يذوب، يا شوقي، يا أراك

صحراء طويلة، رمال تعزف على شوقي

وكلما مر الزمان، ازداد عناد السنين

2. قصيدة "أنتِ النجمة في سمائي" – زهرة الكجي

تعتبر زهرة الكجي من بين أشهر شاعرات التبراع، وتتميز قصيدتها هذه بالإيحاءات الصوفية التي تمتزج بالحنين والروحانية:

أنتِ النجمة في سمائي، يا سيدة الليل

أنتِ التي نزلت من السماء على قلبي

في صحراء حبيبي، بين الرمال، أراك

تشرقين بين عيني، كالنجم المضيء

3. قصيدة "في بحر الرمال" – خديجة بنت إدريس

هذه القصيدة تبرز التوتر بين الأمل واليأس، وتُظهر كيف يؤثر محيط الصحراء على الوجدان البشري. تعبّر عن مشاعر المرأة الصحراوية التي تعيش في معركة مستمرة بين الحياة والموت:

في بحر الرمال ضاعت خطواتي

وكلما زادت الرياح زاد الحنين

ماذا أفعل؟ في كل زاوية رملية

أبحث عنك، يا شوقي، وأنت بعيد

الخلاصة:

تُعدُّ الشاعرات الصحراويات في مجال التبراع جزءًا من الثقافة الشفهية التي تُحفظ وتُنقل عبر الأجيال. القصائد التي يكتبنها تعكس الكثير من الجوانب الإنسانية مثل الحب، الفقد، العزلة، والمعاناة الاجتماعية. تمثل هذه الأشعار جزءًا حيويًا من التراث الشعبي المغربي الذي يربط الإنسان بالأرض، والإنسان بالإنسان، ويُعتبر التبراع وسيلة هامة للتعبير عن قضايا المجتمع الصحراوي وهمومه.