المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ/ بريطانيا/ الإمارات العربيّة المتّحدة: أعلنت إدارة جائزة ابن بطّوطة لأدب الرّحلة عن فوز الأديبة الأردنيّة ذات الأصول الفلسطينيّة د. سناء الشّعلان (بنت نعيمة) عن فوزها بجائزة ابن بطّوطة لأدب الرّحلة في الدّورة الحادية والعشرين في فئة (الرّحلة المعاصرة: سندباد الجديد) عن كتاب رحلاتها المخطوط الجديد في الهند بعنوان “الطّريق إلى كرشنا: رحلات في كشمير والهند”.
هذه الجائزة صادرة عن المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ (ارتياد الآفاق) ودار السّويديّ للنّشر والتّوزيع، أبو ظبي ولندن، بريطانيا والإمارات العربيّة المتّحدة، وهي جائزة عريقة ومتميّزة على مستوى الوطن العربيّ والعالم في أدب الرّحلات، وهذه دورتها الحادية والعشرين بعد رحلة طويلة في هذا الجنس الأدبيّ العريق والمهمّ.
يمنحها “المركز العربي للأدب الجغرافي- ارتياد الآفاق” في أبو ظبي ولندن، ويرعاها الشاعر محمد أحمد السويدي ويشرف عليها مدير عام المركز الشاعر نوري الجراح، وقد تأسّست جائزة ابن بطوطة في العام 2000، وأعلنت عن نتائج دورتها الأولى سنة 2003، وتُمنح سنوياً لأفضل الأعمال المحققة والمكتوبة في أدب الرحلة، وجاءت انسجاماً مع طموحات المركز في إحياء الاهتمام العربي بالأدب الجغرافي.
ووفق ما أعلن الشّاعر نوريّ الجراح مدير عام المركز العربيّ للأدب الجغرافيّ والمشرف على جائزة ابن بطوطة لأدب الرّحلة أنّ هذا العامّ ميّزته مشاركات واسعة، كما أضاف أنّ الأعمال الفائزة ستصدر في القريب عن دار السويديّ في الإمارات ضمن سلاسل (ارتياد الآفاق) بالتّعاون مع المؤسسّة للدّراسات والنّشر في بيروت.
بذلك سوف تصدر الرّحلة المخطوطة لسناء الشّعلان “الطّريق إلى كرشنا: رحلات في كشمير والهند” في القريب عن دار السويديّ في الإمارات ضمن سلاسل (ارتياد الآفاق) بالتّعاون مع المؤسسّة للدّراسات والنّشر في بيروت
يُذكر أنّ لجنة التّحكيم للجائزة لهذا العام 2022 قد تشكّلت من الأساتذة: عبد النبي ذاكر، د. خلدون الشمعة، د. عبد الرحمن بسيسو، د. أحمد برقاوي، د. شعيب حليفي، والأستاذة مريم حيدري، والأستاذ تيسير خلف عضواً منسقاً لأعمال اللّجنة.
عن هذا الفوز عبّرت سناء الشّعلان (بنت نعيمة) عن افتخارها بهذا الفوز، وأهدته لروح أمّها الأديبة الرّاحلة نعيمة المشايخ رفيقتها في رحلتها في كشمير والهند، وقالتْ عن مخطوطة رحلتها إلى الكشمير والهند (الطّريق إلى كرشنا) الفائزة بجائزة ابن بطوطة لأدب الرّحلة للعام 2022: “تجربتي الأنثى في تدوين رحلاتي إلى كشمير والهند هي في حقيقة الحال تجربة أنثويّة مزدوجة؛ إذ عاينتُ هذه التّجربة عبر أكثر من رحلة في العامين 2016- 2017 مع والدتي المرحومة نعيمة المشايخ التي رافقتني في هذه الرّحلة، لنخلق سوّياً تجربتنا الاستنثائيّة في هذا الصّدد؛ فهي رحلة المرأة مع المرأة، والأمّ مع الابنة، والابنة مع الأمّ، والكاتبة مع الكاتبة، والمبدعة مع المبدعة في اكتشاف عوالم أخرى، ومجاهيل إنسانيّة مغرقة في أدغال الوجود البشريّ المعقّد الملغز.
لذلك هذه الكتابة التّوثيقيّة لرحلاتي وأمّي في كشمير والهند هي بقلمي من حيث الكتابة والرّسم اللّغويّ والتّوثيق السّرديّ، ولكنّها في حقيقة الحال هي نتيجة المعايشة الثّنائيّة لي ولأمّي في هذه الرّحلات، وهي تجسيد لانطباعاتي وانطباعتها، ورصد لمشاهداتي ومشاهداتها، ونقل أمين لما حدث معي ومعها في هذه الرّحلات.
ولا أبالغ في القول إنّ ما كتبته بقلمي في هذه الرّحلة، ما هو إلاّ صدى صوت أمّي وهي تحدّث الأقارب والأهل والأصدقاء والجيران عن رحلاتها بصوتها الحنون المنفعل المتحمّس الذي يريد أن ينقل للمستمع لها كلّ ما رأى، وسمع، وأحسّ.
فعيون أربع ترى الكثير إن كانت ملك لأمّ وابنتها، وأيّ أمّ؟ وأيّ ابنة؟ إنّها أمّ رؤوم تطوف الدّنيا مع ابنتها بقدميها الموجوعتين كي لا تفارق ابنتها، وإنّها ابنة تحبّ أن ترى العالم بعيني أمّها، وعندما ترى دهشة الاكتشاف فيهما تشعر بأنّها أعظم فاتحة في الكون.
هذه الرّحلة هي سياحة في تجربة بنوّتي لأمي، بقدر ما هي تجربة رفقة الأم لابنتها الرّحالة، وترّحلها لأجلها، لا لأجل الاكتشاف والمغامرة والمعرفة حسب، كما هي سياحة إنسانيّة في أرواح بشر قابلتهم، وأفاضوا عليّ في هذه الرّحلة بأوقاتهم ومعارفهم وعلومهم ومحبّتهم، وأدخلوني إلى عوالمهم مكرّمة معزّزة، وشاطروني الدّرب، وعطّروه لي بصحبتهم الزّكيّة المخلصة، فالشّكر الكبير للأرواح الجميلة التي رافقتني في هذه الرّحلات بكلّ محبّة وعطاء: أ. د مجيب الرّحمن، وأ. د محمد ثناء الله النّدويّ، وأ. د محمد إشارت علي ملّا، ود. محمد أشرف علي، ود. عرفاني رحيم، والباحث أ. أسعد جمال، والباحث أ. عبيد الرّحمن البخاريّ.
أمّ بطبوطة وابنتها بطبوطة رحّالتان من طراز خاصّ؛ ولهما تجارب مختلفة في التّطواف في أرض الله؛ إذ الأمّ وابنتها تعاينان الحياة معاً، وتعيشان التّجربة ذاتها، وتقتسمان المشاعر المتولّدة عينها؛ فتتحوّل أمّ بطبوطة إلى حكّاءة شعبيّة تروي مشافهة ما رأتْ لمن حولها، وتروغ ابنتها بطبوطة إلى القلم والورق لتسجّل مشاهداتهما وتجاربهما في سِفْر الكلمة؛ لتكون وثائق مشاهدات حقيقيّة منغمسة في تجارب إنسانيّة خاصّة في عالم أصبح متاحاً كاملاً صوتاً وصورةً بمجرّد الضّغط على أيّ محرّك بحث في العالم الإلكترونيّ الافتراضيّ في الشّبكة العنكبوتيّة التي ما تركتْ للرّحالة من دهشة، سوى دهشة التّلقّي والمعاينة والتّفاعل وتكوين الانطباع ومعايشة اللّحظة، في حين استولتْ هي على رصد الحقائق صورة تلو صورة، بتسجيل مرئيّ كامل عزّ نظير في الماضي في زمن الرّحالة القدامى.
عندما شرعتُ في تدوين رحلتي هذه في كشمير والهند عرفتُ سبب هروبي الدّائم من الكتابة في أدب الرّحلات؛ لعلّي لم أرغب يوماً في أن أفتح باب نفسي على العلن، وأن آخذ القرّاء إلى حياتي الشّخصيّة، وإلى مكابداتي الذّاتيّة، وأن أشاركهم كثير دموعي ووجعي وخيبات أملي وقليل فرحي وبهجتي؛ ضنّاً بهم على الحزن، وهم من يعتقدون أنّ الرّحلات هي فرح موصول، وسعادة كاملة، وتجربة محمّلة بالهدايا والمفاجآت السّارة، وكلّ ما لذّ وطاب. في حين أنّ الحقيقة عكس ذلك في معظم الأوقات.
لكنّني اكتشفتُ فيما بعد أن المشاركة في التّجربة هي تجربة جديدة أخرى، ورحلة ممتعة جديدة لا أريد أن أحرم نفسي منها، كما لا أريد أن أحرم غيري منها.
لقد كنتُ هناك، والآن أنا هنا. أين يكون هناك؟ وأين يكون هنا؟ لا أحد يعرف؛ فالعالم ثابت، والرّؤى مختلفة، وهنا تكمن اللذّة”.