|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
إضاءات حول جماليات الخطاب الشعري في ديوان «عشتار تشرق من جديد»
عاشقة
الصحراء :
د. إنعام زعل القيسي لقد جاءت نصوص هذا الديوان منفتحة على عالم النساء انفتاحاً واضحاً منذ العتبة الأولى العنوان وحتى القصيدة الأخيرة، وهي تستند على طرفين مهمين هما الذات الشاعرة والآخر المرأة، أي هي مبنية في مجملها على الخطاب الشعري الجميل الذي تشكل فيه المرأة أو عالمها عنصراً رئيساً ومكوناً أساسياً في بناء النص الشعري؛ أي أن هذه القصائد، تتميز بحضور المرأة في مضمونها حضوراً فاعلاً ومؤثِّراً، ومشاركاً في بناء الخطاب على وجوه متنوعة، وبمستويات متعددة، ومن خلال أدوار مختلفة. ويستند الشاعر محمد نصيف في تشكيل صورة المرأة أو الحديث عنها إلى مرجعيات متعددة، ذات صلة وثيقة بمخزونهالثقافي بكل مكوناته المادية والروحية، التي شكلتها العادات والتقاليد والأعراف والبيئة الاجتماعية؛ أي أن المرأة في هذا السياق غدت ذات صوت ثقافي – اجتماعي غني بمخزونه التراكمي، عندما يستدعي شخصية عشتار من التاريخ العراقي القديم ويجعلها تشرق من جديد، وهو لا يستدعي كل عناصر شخصيتها، ويقتصر فيما أرى على جانب واحد هو الجمال والحب. وقد غذى ذلك تجربة الشاعر الوافرة الغنية مع المرأة وتفاعله معها، فقد اختلط أو تواصل مع النساء بحكم دراسته وعمله الإعلامي؛ وقد مكنه ذلك من المشاركة في حوادث أو وقائع حياتية مختلفة تتصل بالمرأة، وهو أمر يوحي بصدق تجربة الشاعر الفنية، وقدرته على إقناعنا بواقعية ما يتحدث عنه. وقد نجح الشاعر بما يملكه من مَلَكة شعرية وقدرةأدبية متميزة في تقديم صورة جميلة للمرأة فقد بنى جزءاً كبيراً من تلك الصورة على الوصف والتصوير وتحليل شخصية المرأة ونفسيتها، ووصف ردود أفعالها، وهو يقوم بتقديم ذلك من خلال موقعه وزاوية رؤيته وقدرته الفنية. ومن الملامح الواضحة في قصائد هذا الديوان التي جاءت خالصة في الحديث عن المرأة كما قلت،ولا غرو في ذلك فمساحة شعر محمد نصيف الغزلي أوسع بكثير من بقية عوالم وخطابات شعره، وحتى قصائده الشعرية التي يتحدث فيها عن الوطن عندما نقرأها بعمق وروية نجدها مكتوبة بلغة الحب، ومما يلفت النظر التداخل بين المرأة والطبيعة في الوطن، بل يمكن القول إن المرأة بدت صورة من محاسن الطبيعة في الوطن، وترى الطبيعة في المرأة ظلها وجمالها، فالمرأة المتحدث عنها وهي من بنات عشتار وحفيداتها تستعير في الخطاب الشعري بعض صفات عناصر الطبيعة، بل من يقرأ بعض القصائد لا يستطيع التمييز بين بعض عناصر الطبيعة والمرأة، فهو يرى الطبيعة والمرأة كليهما مصدراً للجمال والمتعة معاً، فالصورتان تتداخلان والاستعارات تتمازج، ولعل ذلك يعود إلى أن الشاعر كما يقول كان قد نشأ وسط عائلةعراقية بين شواطئ دجلة والفرات تحيط بها الزروع البهيجة، والسواقي والألفة، في بيئةٍ ريفيةٍ نقيةٍ استلهم منها الرؤى الحالمة الدافقةٍ والخيالات البعيدة. وتكشف قصائد الديوان عن أن إحساس الشاعر بالطبيعة أو الوطن وإحساسه بالمرأة وجمالهاحيث امتزجا امتزاجاً جعل كلاً من الإحساسين جزءاً من الآخر وامتداداً له في وحدة فنية؛ أي أن إحساس الشاعر بجمال الطبيعة كان جزءاً من إحساسه العام بالجمال ممزوجاً بإحساسه بالمرأة وشعوره بها. وتشكل فكرة التفاعل والتجاوب، بين المرأة والوطن، عنصراً مهماً من عناصر الخطاب الشعري الذي يدور حول المرأة، ولعل مرد ذلك، كما أشرت، إلى المنزلة التي يحظى بها الوطن في نفس الشاعر، وقد يقوى التفاعل والتجاوب في بعض القصائد ليصل إلى حدِّ الاتصال والالتحام، فهو يبحث فــي عيني إحدى النساء عــــن وطـنٍ/ وعن ملاذٍ لقلــــب فاقــــــد السند. وتفيض قصائد هذا الديوان بعدد كبير من صيغ الحكمة وهي تكشف عن التزام الشاعر بالقيم والمبادئ العربية الأصيلة، ومنها قوله: « فإنّ الحب أنفـــــس ما نلاقي/ ودون الحب لاشيءُ نفــيس»، وقوله: «إنَّ القلـــــوبَ أمــــام الحسن واهنة»، وقوله: « يهب الحر روحه حين يسخو/ يذهب الحر غاية في السخاء»،وقوله:الحبُ أجمل ما يلقاه إنسان ما لم يكدر جميل الحب هجران وغير ذلك. والمرأة في قصائد هذا الديوان مصدر الحب الدافئ، وقلبها موطنُه/ لأوحد، وجمال الدنيا من عيد المرأة يكتسب ملامحه، وهي نبع الإبداع والإلهام الشعري، فهو يعلن في ثنايا كثير من قصائده بصراحة ووضوح أنه « بالحب والحرف الجميل ومهرته سيزين الآفاق بالإبداع الشعري»، في إطار من معان صادقة كانت قد طافت على قلبه، فجاء كثير من قصائده بإعلان المحبة ناطقاً، في إطار شعري ينبئ عن أن القصائد في شكلها وفي رؤاها ذات نسب عريق بشعر الغزل العربي الأصيل، الذي أبدعه الشعراء الكبار من القدماء من أمثال عمرو بن كلثوم، وعمر بن أبي ربيعة،وابن زيدون والمتنبي وأبي تمام والمحدثين من أمثال محمد مهدي الجواهري وأحمد شوقي وغيرهم. بإيجاز، جاء هذا الديوان شاهداً جديداً يضاف إلى شواهد شعرية أخرى على ارتقاء الشاعر محمد نصيف في سلم الإبداع الشعري العربي الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة في آن واحد معاً. الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: الجمعة 04-03-2022 09:16 مساء الزوار: 491
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
لجنة المرأة النيابية تزور ديوان التشريع ... | المرأة والسياسية والمجتمع | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الإثنين 02-12-2019 |
أدباء يتأملون الحضور اللافت للمرأة في ... | المرأة والسياسية والمجتمع | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 13-03-2019 |
لناصر: أدب الطفل وجمالياته ضرورة ... | المرأة والسياسية والمجتمع | ابتسام حياصات | 0 | السبت 07-09-2013 |
ابتسام حياصات تحاور اليوم المخترع ... | المرأة والسياسية والمجتمع | ابتسام حياصات | 0 | السبت 25-05-2013 |
مدرب الخطابة والابداع باسم خوراما ... | المرأة والسياسية والمجتمع | ابتسام حياصات | 0 | الأربعاء 22-05-2013 |