|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
البحرين - العنف الأسري! وهل من حماية؟
عاشقة
الصحراء :
عندما خلق الله سبحانه وتعالى سيدنا آدم واستخلفه في الأرض خلقه وحيداً، ولم يكن ليؤنس وحدته ووحشته سوى خلق جنس مكمّل لوجوده، فخُلقت حواء لتكون له زوجاً وأنسا، ومن هنا نشأت الأسرة الأولى ثم بثّ منهما الله سبحانه رجالاً كثيراً ونساءً، وفي قوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الآية 21 من سورة الروم، دلالة على أهمية تكوين الأسرة ودورها إذ تُشكّل السكن، والسكينة، والاستقرار، والأمن والأمان، فالأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، وقد حظيت بعناية المواثيق الدولية والدساتير الوطنية التي أكدّت حق الأسرة وجميع أفرادها في التمتع بحماية المجتمع والدولة. ولكن يُثبت الواقع أن الطغيان قد يقع في محيط الأسرة وعلى أفرادها، مما يتسبب بضررٍ يطول أصحاب المراكز الضعيفة منهم ولا سيما المرأة والطفل، وحيث إن الأسرة تتمتع بخصوصية تكفلها طبيعتها وتؤكدها المواثيق الدولية والدساتير الوطنية، فإن ما يمكن أن يقع من عنف داخل نطاق الأسرة قد يبقى مصدر ضرر وقتي أو دائم لضحية العنف الأسري، ما لم يتم مواجهته موضوعيا وإجرائيا بقانون فاعل يضع الضمانات ويوفر الحماية اللازمة للضحية على جميع الأصعدة. ولم تخل تشريعات مملكة البحرين من قانون ينظم الحماية من العنف الأسري، حيث صدر القانون رقم (17) لسنة 2015 بشأن الحماية من العنف الأسري بتاريخ 5 أغسطس 2015، والذي نُظّمت أحكامه في خمسة أبواب، تناول الباب الأول منها تعريفات، أهمها التعريف بالعنف الأسري وبأفراد الأسرة التي يتغيّا القانون حمايتها، وتناول الباب الثاني منه تحديد الآلية الإدارية لحماية ضحايا العنف الأسري عبر النص على إنشاء (إدارة الإرشاد الأسري)، أما الباب الثالث فقد تطرق إلى تدابير الحماية من العنف الأسري، وقرر الباب الرابع العقوبات فيما تناول الباب الخامس بعض الأحكام الختامية. وقد قسّم القانون جرائم العنف الأسري إلى أربع جرائم، تتمثل في فعل الإيذاء الجسدي كالضرب والحرق وغيرها، وفعل الإيذاء النفسي كالسب والقذف والتلاعب بمشاعر المعتدى عليه، وفعل الإيذاء الجنسي سواء لأغراض شخصية أو بقصد المتاجرة بالمعتدى عليه للغير، وفعل الإيذاء الاقتصادي وهو الأكثر شيوعاً من صور العنف الأسري في المرحلة المعاصرة، ولا سيما بين الزوجين في محيط الأسرة ويطول مال المرأة بشكل كبير، ويتعلق العنف الاقتصادي بحرمان المعتدى عليه من حقه وحريته في التصرف في أمواله وأملاكه أو استغلاله والتحايل عليه من خلال التصرف فيها نيابة عنه بتوكيل رسمي بشكل يضر به، أو الاستيلاء على الأجر أو الإلزام بالحصول على قروض لصالح المعتدي، والقصص من هذه الشاكلة كثيرة جدا وتضج ببعضها أروقة المحاكم بينما تضجّ بالبعض الآخر صدور الساكتات عن حقوقهن. والصحيح أن فكرة القانون نبيلة جدا وحمائية ولكنها لم تنطو على الحماية المرجوّة منها، ذلك أنه قد أوجد آلية إدارية لتوفير الحماية من دون أن يوجد آلية جنائية تُحقق ردعا عاما وخاصا للمعتدي، واتّخذ طابعاً إجرائياً، فالقانون قد حدد جرائم العنف الأسري ولكنه لم ينص على عقوبات لهذه الجرائم، وبالتالي فإن جرائم العنف الأسري تُعرض أمام المحاكم كجرائم عادية وقعت بين الأفراد، على الرغم من خصوصيتها وأثر مركز الفرد في الأسرة في وقوعها.. فعلى سبيل المثال ما كان للرجل أن يعتدي على المرأة بأي صورة من صور العنف الأسري التي حددها القانون لو لم تكن هناك رابطة الزوجية.. إذاً هناك خصوصية لمثل هذه الجرائم أغفلها المشرع ولم يُحقق لها المواجهة التشريعية الجنائية الملائمة، وبذلك لم يُحقق القانون الغاية المرجوة منه بشكل تام، الأمر الذي يستوجب إعادة مراجعته مراجعة شاملة وإضافة التعديلات التي تُعزز من دوره كقانون مهمّ وُجد لحماية الأسرة، على هدي نص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من دستور مملكة البحرين المعدل 2002 (الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانـها الشرعي، ويقوي أواصرها وقيمها، ويحمي في ظلها الأمومة والطفولة، ويرعى النشء، ويحميه من الاستغلال، ويقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي. كما تُعنى الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي). والمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع سوف تُنشر قريباً في بحث قانوني أكثر تفصيلاً في القريب العاجل بإذن الله تعالى. Hanadi _ aljowder@hotmail . com المصدر: منفان الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: الإثنين 27-12-2021 09:09 مساء الزوار: 360
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
العنف ضد المرأة .. إنعكاس للضعف القيمي ... | مقالات كتاب عاشقة الصحراء | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 12-12-2018 |