المعرض الذي توافد إليه في يومه الأول زهاء 200 فنان وناقد وصديق وإعلامي ومهتم، تشتمل أعماله الخمسين على تنوّع في الأساليب والمعالجات، مشكولة جميعها داخل وحدة موضوع بهي مشع بألوان الضوء وأوراد التجلي. في هذا المدى، تتحرك مناظير البناء والتلوين والإلصاق داخل تفاصيل اللوحة الواحدة، مدفوعة أساساً بالوله، ومعتمدة على بوصلة القلب، وناشدة معارج البلوغ.
 المعرض المتواصل حتى التاسع من شهر كانون الثاني، يصبح القلب وردة حمراء، باسمه وباسمها يصدح العاشق بآيات السكينة، وتسمو النزعة الصوفية إلى أعالي خطاب الوجد والمحبة والسلام.
إنها اللحظة الممتدة التي تتصاعد عبرها عبارة «أنت أنا» إلى مستوى الحقيقة النابضة في أقاصي الروح، وغرفها المسكونة بالضوء والشمس والبلاد والحنطة والشجر الدائم الخضرة.
تجريبات فنية، استخدمت فيها مواد مختلفة على ورق خاص، مزج بين الحرف واللون، وتركيز على نقاء اللون وشفافياته، استحضار للنفس الصوفي ومفاهيمه، إعلاء من قيمة الحب كمعنى ورسالة وإلهام، تجسيد لسمات الفن الاسلامي المنحاز للتعبير الروحاني، هذا وغيره ملامح أولية في معرض وجدان الهاشمي الجديد.
عن معرضها الجديد، وتجربتها المتواصلة مع المدرسة الخطّية العربية، تقول الفنانة الأميرة: «الكلمة في الحضارة العربية الإسلامية وفي وجدان أبناء هذه الحضارة لها مكانة عظيمة، وأهمية بليغة، والنص المقدس استهل بكلمة «إقرأ»، هنا تصبح الكلمة ليست فعلاً مقتصراً على تداعياتها، بل تصبح مفتاح علم ومعرفة وثقافة وتحقق في الكون وتفاعل مع مفرداته وناموسه ومختلف تجلياته».
الفنانة وجدان ترفض في سياق آخر المنطلقات التي تحرك رؤى الاستشراق ودوافع المستشرقين نحو الحضارة العربية الإسلامية، فهم، برأيها، مدفوعون عادة بأجندة بعينها، ويتصوروننا بحسب أهوائهم، وقصورهم الإرادي، المسكون بأهداف ليست دائماً حميدة، بل ربما هي في معظمها غير طيبة النوايا.
الهاشمي تستنكر في سياق متصل، انتشار مظاهر القسوة والظلم التي تسود العالم، وتؤمن أنه لا بد من «المحاولة الجادّة لإعادة التوازن في حياتنا بحيث يسود الجمال والوئام والحب من جديد».
الفنانة ليس لديها تصور بعد عمّا يمكن أن تكون الخطوة المقبلة، وفي أي آفاق يمكن أن يتحرك المعرض المقبل، فهي ما تزال، كما تقول، مسكونة بأجواء المعرض المتواصل حتى مطلع العام المقبل في جاليري نبض عند خاصرة جبل عمان في أحد تفرعات شارع الرينبو.
تقتني أعمال الأميرة وجدان عدد من المتاحف والمؤسسات منها متحف أشموليان في بريطانيا، والمتحف الوطني للنساء في الفنون في واشنطن العاصمة، والمتحف العالمي لفنون القرن الحادي والعشرين في كاليفورنيا، والمتحف الوطني للفنون في إسلام أباد، ومتحف أصيلة في المغرب، والمتحف العربي للفن الحديث في قطر، كما تنتشر أعمالها في مقتنيات خاصة في دول في آسيا وأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة والبلدان العربية.
والجدير ذكره أن الأميرة وجدان الهاشمي فنانة أكاديمية بارزة وباحثة في تاريخ الفن ودبلوماسية سابقة، وهي حاصلة على درجة الدكتوراة في تاريخ الفن الإسلامي من جامعة لندن، ولها ثمانية كتب والعديد من الأبحاث حول الفنون التقليدية والمعاصرة.