بعد «مقاش» تعود سهام ابو عواد لتصدر روايتها الجديدة «اغويت ابي» ضمن مشروعها الروائي الذي تفضح من خلاله ما غضّت عنه الكاميرات عيونها، وماغيّبته بعض التقارير الصحفيّة، والمقابلات التلفزيونية، وما زيّفته الكثير من كتب التاريخ المتداولة، والدراسات.

تهز ابو عواد في روايتها «اغويت ابي» الصادرة حديثا عن دار دجلة في عمان كل ما هو ممنوع او محرّم في قدرة واعية واسلوب فني اقرب للتصوير منه للروي، لتؤثث مخيلة القارئ بصور حقيقية وتأخذه الى اماكن الحدث عنوة ليعيشها مع البطل الضحية الذي كان في روايتها الاخيرة الفتاة «أوجينا».

في روايتها الاولى تظهر ابو عواد النضال بكل اشراقاته ضد العدو الاول «الصهيوني» لتنتقل في روايتها الثانية لتقدم مناضلة اخرى في سياقات اجتماعية يسكت عنها المجتمع ويقمع كل من يحاول الحديث او الاشارة اليها، فتأخذ الرواية المجتمع بكامله الى لحظة صادمة يتوقف عندها ليستوعبها ثم يعيد انتاجها.

ويقول الأديب نزار اللبدي ان الرواية التي تشارك في معرض الكتاب السابع عشر في عمان: «ليست هذه المرة الأولى التي أقرأ فيها عملاً إبداعياً للكاتبة سهام أبو عواد، فقبل (أغويت أبي)، قرأت لها (مقاش)، ولحظت منذ القراءة الأولى لـ (مقاش) أن للغة المستعملة في نسج أحداث ذلك العمل الرائع، دوراً أساسياً ورئيساً، حتى إن متعة قراءة ذلك العمل، كما هي متعة قراءة (أغويت أبي)، انقسمت إلى قسمين متساويين: بين متابعة استعمال الكاتبة للّغة في نسج عملها الأدبي الرائع، ومتابعة أحداث ذلك العمل.

إن مضمون الرواية بحسب اللبدي، ليس موضوعاً جديداً في المجتمعات بشكل عام، كما أن الحب والكره والوطن والفقر والغنى وغير ذلك من موضوعات الحياة، موضوعات متكررة في جميع المجتمعات.

كتب د.راشد عيسى على الغلاف الأخير للرواية في العالم الآن مفتونة بمنجزها تكاد تخطَف مِن الشعر سيادته الفنيّة عبر تحولاتها في فن تحطيم الشكل، وأحسب -بكثير من الاطمئنان- أن رواية «أغويتُ أبي» لسهام أبو عواد تحقق إضافة نوعيّة جماليّة للمشهد الروائي العربي.

الشاعر محمد خضير الذي صمم غلاف الرواية تساءل على غلاف الرواية: هل يمكن أن يتحوّل الأمان إلى شَرَكٍ يغدو فيه القاربُ بحرًا؟ سؤال تجيب عنه «أوجينا» نيابة عن أولئك الذين غرقوا وهم يحسنون الظنَّ بشفافية الماء.

يبقى أنَّ سهام أبو عواد وجَّهت بوصلة الضحيّة نحو الضمير الذي يغتاله القانون في كثير من الأحيان. أغويتُ أبي تجاوزت فكرة الرواية وأحسبُها قضيّة تحرَّرت مِن قيد القلوب المغلقة إلى فضاء الورق.

المصدر : جريدة الرأي