|
|
||||
هيئة إدارة تحرير مجلة عاشقة الصحراء التي تعنى بقضايا المرأة العربية والأدب والفن | ||||
جليلة حفصية .. أديبة تونسية تسعينية لا تزال على قيد الكتابة وحب فلسطين
عاشقة
الصحراء :
"بدأت الكتابة، وكنت متزوجة .. كان ذلك بعد الاستقلال .. في ذلك الوقت كانت الأمور أسهل مما هي عليه الآن، حيث تأسست وزارة الثقافة في تونس العام 1962، وما رافقها من مراكز وقاعات ثقافية .. في هذه الفترة قدمت نفسي، وحزت على الثقة، خاصة أنني افتتحت ثلاث قاعات ثقافية" .. بهذه العبارات قدّمت الكاتبة والأديبة التونسية جليلة حفصية نفسها لـ"الأيام الثقافية"، خلال لقائي بها في منزلها بتونس، ذلك المنزل الذي هو عبارة عن مكتبة كبيرة، فالسيدة التي بلغت من العمر تسعين عاماً لا تزال على قيد الذاكرة والكتابة والروح المتقدة. اشتغلت جليلة في عدة وظائف إدارية وثقافية منها توليها إدارة ناديين ثقافيين بتونس يستقطبان المثقفين من كل الفئات وخاصة منهم الطلبة، وهما نادي الطاهر الحداد بوسط مدينة تونس العتيقة ونادي سوفونيبيا بضاحية المرسى بتونس، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. وتعتبر جليلة حفصية من رائدات الكتابة الصحافية النسائية، وقد نشرت مقالات باللغة الفرنسية في الصحف التونسية ومنها خاصة جريدة لابراس، وكانت من جيل مجموعة من النسوة المثقفات اللاتي كتبن في الصحافة التونسية، واعتبرت أول أديبة تونسية تنشر قصة باللغة الفرنسية وعنوانها "رماد في الفجر". وكانت جليلة وقتها حاصلة على الشهادة الابتدائية، حيث درست لثلاث سنوات، لكنها "ولدت في وسط مثقف، فالكتاب لدى عائلتنا جزء أساس في حياتي، وكذلك المجلات المتنوعة التي كانت تقتنيها والدتي، وكنت دائمة الاهتمام بما يحدث في العالم .. تزوجت بعدها، وكنت أعتقد أنني لن أعمّر طويلاً، فكنت أحب الكتابة والثقافة، والعمل في هذا المجال، ولذلك لم أتمكن من العيش طويلاً كزوجة تقليدية ... كنت من أوائل من عملوا في وزارة الثقافة بعد أن تجاوزت الامتحان .. كان ذلك في العام 1965". وتذكرت جليلة: طلب مني الشاذلي القليبي تسيير قاعة ثقافية، ونجحت الحمد لله، بجهود الجميع، فالتسيير الثقافي ليس جهداً فردياً، وبعدها كلمني محمود المسعدي، إثر ترميم دار شهيرة بالتعاون ما بين الدولة التونسية واليونسكو، وأدرت فيها قاعة ثقافية لأربعة عشر عاماً، وكثير من المثقفين ورجالات الدولة كنت أعتبرهم من أولادي، سميت هذه القاعة بنادي الطاهر الحداد. بعد هذه الأربعة عشر عاماً الحافلة بالإنجازات الثقافية، طلب منها الشاذلي القليبي وكان رئيساً لبلدية قرطاج أن تدير مركزاً ثقافياً هناك .. وقالت: طلب مني تسيير قاعة هناك، وعملت لمدة عام، قبل تغير نظام الحكم في البلاد، قبلها كنت أدرت نادي سوفونيبيا في المرسى، وأنا من أطلقت هذا الاسم على القاعة (المركز أو النادي الثقافي)، وهي امرأة كافحت من تونس في وجه روما، هي ابنة هانيبال (هنيبعل)، وكانت تعرف بحامية قرطاج، وكانت مطلوبة للقتل من قبل روما، وفق ما جاء في كتب التاريخ، لتسرد حكاية سوفونيبيا وروما بشيء من التفصيل، هي التي تجد فيها رمزاً للمرأة المناضلة. وأشارت جليلة إلى أنها كانت تحب الكتابة، وكانت تكتب في جريدة لابراس، التي وصفتها بالجريدة الحكومية في ستينيات القرن الماضي، والجريدة الأكبر . "كنت أكتب مقالات نقدية حول كتب عدة وروايات، وكنت أكتب مقالات أخرى حول المرأة"، لافتة إلى أنها "كتبت عن العديد من الفلسطينيات كفدوى طوقان من الرائدات، ومن ثم سحر خليفة، وغيرهما من فلسطين والوطن العربي، خاصة أنني اتفقت مع دار كلمة للترجمة من العربية إلى الفرنسية بتزويدي بنسخة من أي روايات تترجم عبر هذه الدار، لأكتب عنها مقالات نقدية"، كما "أنني استدعيت العديد منهن للدار (نادي الحداد)، وبينهن سحر خليفة، حيث قدمت أمسية هناك، وسجلت حواراً معها، كما غادة السمّان، والكثيرات". ورغم أنها كانت "منحازة لما تكتبه النساء"، إلا أنها لم تكن "تتجاهل ما يكتبه الرجال"، لافتة إلى أنها مع الوقت بات يخصص لها صفحات كاملة لمناقشة ملفات حول المرأة، وحول الثقافة، ليس فقط الرواية، بل السينما، والمسرح، وغيرها، مشيرة إلى أنها أعدت صفحة كاملة حول المرأة الفلسطينية الكاتبة في "لابراس"، مؤكدة أنها كتبت عن الثقافة في الوطن العربي والعالم في ملفات عديدة على مدار سنوات. ورأت جليلة أن المرأة مظلومة في كل أنحاء العالم، مع أن المرأة التونسية كانت حاصلة على حقوق أكثر من غيرها في فترة حكم بورقيبة، حيث كانت المساواة حقيقية وقتها، حتى على مستوى الميراث، رافضة من يبررون اضطهاد المرأة بنصوص دينية، لافتة إلى أنها امرأة تكافح وتنتفض وتعبر عن مواقفها بالكتابة، فهي كاتبة وليست سياسية، بل إنها رفضت عرضاً بعضوية البرلمان، لقناعتها بأن "تثقيف الشباب أهم من أن أجلس على مقعد في البرلمان" .. وتذكرت: كنت وقتها استقللت اجتماعياً، وكان سلاحي على الدوام "مواصلة الكتابة" بعد أن عشت بمفردي، لأكتب بعدها يومياتي، دون أن أخدش حقي في الاحتفاظ بتفاصيل حياتي الخاصة. وأشارت جليلة إلى أنها أجرت "برشا أحاديث" مع محمود درويش في تونس، وبالتحديد في نادي الحداد، وكثيراً ما "كتبت عنه، وفي أحد كتبي أكدت أنه، وهذه قناعتي، من أكبر الشعراء على المستوى العالمي". ورافقت جليلة الرئيس التونسي بورقيبة في زيارته إلى فلسطين، أو "القدس" على حد تعبيرها، واستمرت لأربعة أيام في العام 1965، ووثقت الرحلة كتابياً، هي التي تصف نفسها بأنها دائمة الكتابة عن فلسطين والفلسطينيين، متذكرة أيضاً زيارة أريحا، قبل أن تتوجه برفقته إلى مصر، والسعودية، والكويت، ولبنان، وسورية، والأردن. واستعرضت جليلة بعض كتبها ودراساتها بالفرنسية، ومنها "القلم والحرية"، و"نظرة الغرب للدين الإسلامي"، و"دور النساء في الإسلام"، وغيرها، إضافة إلى مقالات حول مي زيادة، وجبران خليل جبران، وأدونيس، وحوارات مع آخرين، قبل أن تستأذن لإحضار نظارتها الطبية، لتستعرض المزيد من المقالات بينها مقالة بعنوان "الفلسطينيون: أرض، وشعب، وثقافة"، وأخرى بعنوان "الحرب في فلسطين"، وغيرهما حول "صبرا وشاتيلا"، ومقارنة ما بين "فلسطين وجنوب أفريقيا". وتذكرت جليلة زيارتها إلى منزل القائد الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد)، وكانت زوجته في استقبالها فور سماع نبأ استشهاده .. وتذكرت: كنت في "التاكسي" بطريقي إلى العمل، وسمعت نبأ استشهاده في المذياع، فطلبت من السائق تغيير وجهته فوراً إلى منزل الشهيد .. كانت زوجته هناك، وكانت برفقتها ريموندا حنا الطويل، وأخبرتهما بأنني تونسية أحب فلسطين، وأنني حزينة جداً لاغتيال الوزير. كما التقت الروائي الفلسطيني الراحل إيميل حبيبي، مشيرة إلى أنها كتبت حول ما ترجم له إلى الفرنسية، كما كتبت عن روايات غيره، مشددة على الدوام على انحيازها لعدالة القضية الفلسطينية، لافتة إلى أنها أول امرأة عربية تكتب قصة قصيرة بالفرنسية، وهي قصة كما أشارت لـ"الأيام الثقافية" فيها الكثير من سيرتها الذاتية، لتحضر نسخة من كتابها المبهر "وجوه وملتقيات"، حول أناس تعرفهم وآخرين لا تعرفهم، كمي زيادة، وتوفيق صالح المخرج السينمائي المصري، والقذافي، وغيرهم. وحول كتابتها بالفرنسية، التي تم تكريمها في معرض تونسي الدولي الأخير للكتاب، إلى أن الاستعمار كان يمنع الكتابة بالعربية في الفترة التي انطلقت هي فيه، في عالم الثقافة والأدب والصحافة، في حين أن شقيقتها الأصغر أستاذة في اللغة العربية، وكانت "تساعدني بما يستعصي عليّ بالعربية، بينما في فترتي لم يكن متاحاً إلا الفرنسية". وكشفت أن والدها الذي كان داعماً لها ولشقيقاتها من أصول يمنية (الحفصيين)، ووالدتها من أصول أندلسية، وأن اسمها الفعلي "فاطمة جليلة"، ولكن الجميع يعرفها باسم جليلة، هي التي سطرت يومياتها وملاحظاتها عما يحدث في العالم في سبعة أجزاء، بينها واحد يعود إلى العام 1949، عبر تسليط الضوء على المرأة ونضالاتها الكتابية والميدانية، حتى عبر برنامجها الإذاعي الأسبوعي، وليس في مقالاتها الصحافية فقط، وهو ما جعلها من بين المكرّمين في معرض تونس، وأسعدها كثيراً، كما أكدت. كتبت جليلة عن خليل الوزير، وعن درويش، وعن طوقان، وخطت تعزية في الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وكتبت عن فلسطين كثيراً، هي التي لا تزال على قيد حب فلسطين، الذي يكبر كلما تكبر .. تحلم بها محررة مع كل صباح يضاف إلى عمرها المديد، لتلك السيدة التي لا يمل حوارها .. أصرّت، قبل أن أغادر منزلها المفعم بالحكايات المثيرة، والكتب النادرة، والطيبة، والرقي، والأناقة على مستويات عدة، أن تهديني شالاً من أوزباكستان، وعقداً، وشيئاً من كتبها بالفرنسية التي لا أجيدها. مصدر : الايام الفلسطينية الكاتب:
سكرتيرة التحرير مريم حمدان بتاريخ: الأربعاء 28-06-2017 10:11 مساء الزوار: 979
التعليقات: 0
|
العناوين المشابهة |
الموضوع | القسم | الكاتب | الردود | اخر مشاركة |
الجزائرية فيروز رشام والأردنية مها ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 18-10-2024 |
أدب المرأة بين الإحباط والنفخ.. حياة ... | اخبار الاديبات والشاعرات | اسرة التحرير | 0 | الخميس 03-10-2024 |
«شتات وحياة» للأديبة سبأ الزيود | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الإثنين 25-03-2024 |
ترقية الدّكتورة الأديبة سناء الشّعلان ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 07-06-2023 |
د. سناء الشعلان تستلم جائزة فلسطين ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الثلاثاء 08-11-2022 |
رشا الشّعلان شقيقة الأديبة د. سناء ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الخميس 11-08-2022 |
وزيرة الثقافة تنعي الأديبة والروائية ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 17-10-2021 |
تشوفاشيا الروسية تفتح أبوابها للتعاون مع ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 09-10-2019 |
منارة العرب تكرّم الأديبة د. سناء ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 05-07-2019 |
البيت الأدبي للثقافة والفنون يزور ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأربعاء 26-06-2019 |
تكريم الأديبة الجيوسي في "رابطة ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 16-06-2019 |
الروائية ليلى الأطرش: الأدب انعكاس ثورة ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الجمعة 14-06-2019 |
الأديبة د.سناء الشعلان تنضمّ إلى أسرة ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 04-05-2019 |
تكريم الباحثة قعوار لجمعها التراث ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | الأحد 21-04-2019 |
الأديبة سناء الشعلان: تجربتي مع الناشرين ... | اخبار الاديبات والشاعرات | سكرتيرة التحرير مريم حمدان | 0 | السبت 19-01-2019 |