بين ربوع الوطن وأسئلة الذات، إضافة إلى فضاءات الأنوثة ومرايا التاريخ، حلّق شعراء الأمسية الافتتاحية لـ»مهرجان إربد الشعري الثالث»، الذي افتتح في مركز إربد الثقافي، مساء أمس الأول، بدعوة مديرية ثقافة إربد بالتعاون مع فرع رابطة الكتاب في المحافظة، بمشاركة الشعراء: نايف الهريس، د. خالد ميّاس، رنا بسيسو، أحمد طناش شطناوي، ونزار سرطاوي، فيما أدار مفردات الأمسية الشاعر محمد تركي حجازي.
مدير ثقافة محافظة إربد الدكتور سلطان الزغول كان قدم كلمة مرتجلة في الافتتاح، قال فيها: «للسنة الثالثة على التوالي تستمر المديرية بتنظيم المهرجان، للمساهمة في الارتقاء بالشعر الأردني وتقديمه للجمهور المحلي والمهتمين بهذا الشأن». 
أولى القراءات كانت للشاعر نايف الهريس، الذي قرأ مجموعة من القصائد التي راوحت بين المباشرة والرمزية على صعيد خطابها الفني، وقد جاءت بأبعاد اجتماعية وعروبية، ومحتفية بالأنوثة على صعيد المضمون، وقد كتبها الشاعر على واحد من البحور الشعرية التي اكتشفها حديثا، وهو البحر البيسان، على غرار قصيدته «الستر يخفي الرزايا»، وفيها يقول: «أتينا إلى الدنيا لنغلبها/ جهدنا وكل فاغر فاه/ فصلنا مع الأيام نرجمها/ وصال الرجا في خيل جدواه/ وعدّى بنار الصبر يحرقها/ سلوك بـ(مينا) الملك مرساه/ على النفس في إغراء نزعتنا/ وبالناس مجهول ويهواه/ فلا يدرك الإنسان منيته/ ويأتي المنى في غير مرجاه..».
وقرأ الشاعر د. خالد ميّاس مجموعة من المقطوعات الشعرية القصيرة، قبل أن يقرأ قصائد غزلية وأخرى وجدانية ليحلق تاليا في فضاءات مدينة إربد عبر قصيدة قال فيها: «سهول إربد يا صاح الهوى فيها/ مذ كان وهبي وكان الحب يشجيها/ قد كان زينها شيح وقيصوم/ واخضر مزدهياً خبيز واديها/ وعانق التل من دحنون ديرتنا/ حمراء شماء ماء الحصن يرويها/ وزغردت من بنات السهل فارعة/ غراء تسبي سواد الليل عاليها/ والإربديات في دبكاتها انتظمت/ تحدو بأغنية تحلو معانيها/ عرار شاعرها يشدو بابحره/ يعطر الجو شعراً في مغانيها/ ويسكب النظم لفظاً في دفاتره/ وينشر الحب معنى في فيافيها..».
في حين حلقت الشاعرة رنا بسيسو في فضاء العشق والمحبة، قبل أن تتغني بـ»هوى الأردن» عبر قصيدة قالت فيها: «ما غادر الشعراء منك فصولا/ أي الجمال تزيدني لأقولا؟/ هيا تجمل يا مجاز وزد على/ حسن القصيد طلاوة وذهولا/ وأذوب في عشق يصاغ ليردتدي/ جيد القصيد جمانه المصقولا/ ولكي أباهي بالقصيد عبيره/ أردن زد بجلالك التبجيلا/ يا درة الشرق الأصيل وشمسه/ يا قهوة بالهيل جاز أصيلا..».
تاليا كانت القراءة للشاعر أحمد طناش شطناوي مجموعة من القصائد ذات مرجعية تاريخية تتبع من خلالها أسئلة الذات على الصعيدين: الفردي والجمعي، ومن قصيدته «لن أعود» نقرأ: «يبدو، لعل، وهل عساه تجددا/ نادى ولن يمضي إليه فأبعدا/ والجالسون على ارتقاب رصيفه/ عذروه ثم استنطقوه توددا/ يستغرقون الظل حين تقاربت/ أطرافه منهم إليه، تمددا/ أمن ارتباكا أن يميد بضعفهم/ حملوه عمرا أسقطوه، ترددا/ وتساءلوا والمهد يحضن طفله/ عجبا وخروا من عُلوٍ سجدا/ يروون بالظمأ المسافة والثقوب/ معانقين النور يطوون المدى/ يلهو بهم عبث السراب فتنحني/ الشمس انكسارا والمسافة مشهدا..».
وكان مسك ختام الأمسية مع الشاعر نزار سرطاوي، الذي حاور ظل، قبل أن يتأمل مرايا العشق، ليقدم فيما بعد درسين شعريين في النحو، وفي قصيدته «عاشقان» يقول: على صهوة الوجد كنّا/ معًا/ تائهَيْنِ/ عبيرُكِ يحتلُّ روحي/ 
يدايَ تَطوفان بين خمائلِك المخمليةِ/ تسترخيان بباحاتك المرمرية/ تستسلمان لرمّانِك المتوثب/ ثمّ تضيعانِ/ أُلقي بساريتي/ في عُباب الهلاكِ/ ونحن هناك/ خيالان يشتعلانِ/ وراءالسديمِ المقيمِ/ على شفة الشفق القرمزي/ ولاحت/ روق/ ودوت رعود/ وزلزلت الأرض زلزالها/ ثم متنا».
وضمن مفردات المهرجان نفسه أقيمت يوم أمس أمسية نقدية بعنوان: «الشعر الأردني في عشرين عاما من 1999 – 2019»، في مركز إربد الثقافي، بمشاركة النقاد: د. محمد عبد الله القواسمة، د. عبد الرحيم مراشدة، ومجدي ممدوح، ويديرها الشاعر نضال القاسم.
ويختتم المهرجان فعالياته بأمسية تقام الساعة السادسة والنصف من مساء اليوم، في بيت عرار الثقافي بمشاركة الشعراء: مهند ساري، أحمد الخطيب، خالد أبو حمدية، وكوثر الزعبي، ويدير الأمسية الشاعر مهدي نصير.