حياة حافلة بالشعر والكتابة بقلم الشاعر يوسف عبدالعزيز
عرار:
برحيل الصديق الشاعر والمثقف الكبير خيري منصور، تفقد الساحتان الثقافيتان الأردنية والعربية واحداً من مثقفيها البارزين، وذلك بعد حياة حافلة بالشعر والكتابة عاشها خيري، وتنقّل خلالها في عدد من العواصم: عمّان، بيروت، الكويت، بغداد، عمّان، القاهرة، وعمّان مرّةً أخرى. تعرّفت على خيري منصور في المرّة الأولى، في بغداد في ثمانينيات القرن الماضي، وذلك خلال دورات مهرجان المربد الشّعري. أكثر ما جذبني في شخصيّة خيري لهجته القروية التي لم تمحُها سنوات الهجرة، وذلك بعد أن ارتحل عن قريته (دير الغصون) قضاء مدينة (جنين) في فلسطين المحتلة، في أعقاب حرب حزيران في العام 1967. في بغداد كان خيري يعمل في مجلّة الأقلام العراقية. في العام 1991، ومع بدء حرب الخليج الأولى هاجر خيري إلى عمّان، فاستقبله الوسط الثقافي، وصار يعمل في جريدة الدستور، ثمّ صار يكتب افتتاحيّتها، كما أصبح يكتب مقالةً افتتاحية في عدد من الصحف العربية، منها جريدة الخليج الإماراتية، وجريدة الحياة الفلسطينية، هذا بالإضافة إلى مقالته الأسبوعية في جريدة القدس العربي اللندنية. مقالة خيري لم تكن مقالة صحفية، كانت مقالة مثقفة أقرب إلى الفكر، وذلك بما كانت تحويه من معلومات غزيرة متنوّعة، وتحليل دقيق؛ مّا جعل الشاعر الكبير محمود درويش يقول عنه إنّه أهم كاتب عربي يكتب المقالة. خيري أيضاً لم يقف به الأمر عند حدود المقالة، فقد كان له مشاركة فكرية، فأنجزعدداً كبيراً من الدراسات العميقة، وأصدرها في عدد من الكتب. أمس وصلنا خبر وفاته، فسقط كالصاعقة على رؤوسنا، وفاضت وسائل التواصل الاجتماعي بحزن المثقفين في الأردن والعالم العربي. رحم الله خيري منصور صاحب هذه القامة الثقافية الشامخة.