نقيب الفنانين حسين الخطيب قال إنّ مشروع وجدوى وآلية المشروع جاهزة منذ مدّة في الديوان الملكي، معرباً عن الفرص الثمينة التي تتمخض عن إقراره.
تالياً الحوار:
• تتم محاكمة كلّ من يتسلم مجلساً أو نقابةً أو يدير منتدى؛ ماذا حقق وماذا طبق من برنامجه الانتخابي؟!.. في رئاستكم مجلس نقابة الفنانين الأردنيين، التي اقتربت دورتها على الانتهاء، ماذا قدمتم وماذا ضاع عليكم في خضمّ النقابة بين المطلب الإجرائي والفني؟!
ليس تحقيق الطموح بالأمر السهل، وعندما تسلّمنا إدارة مجلس النقابة كان طموحنا يخضع لحالة من العصف الذّهني، للتوفيق بين ما هو متاح وما هو في حكم الصعب، وهو عصف تناول كثيراً من المفاصل، وكان يشاركنا فيه زملاؤنا أعضاء النقابة. كان السؤال المُلحّ: كيف يمكن الخروج من أزمة، ليست أزمة فنان، بقدر ما هي أزمة فن أردني بعمومه، فكان البرنامج الذي أسميته أنت انتخابياً هو في حقيقته برنامج عمل معنيٌّ به كل فنان ينتمي إلى الهيئة العامة لنقابة الفنانين.
نحن في الأردن نعيش حالةً من الارتجالية، ونتداول جوّاً ارتجالياً مجّانيّاً، وتعلم أن الارتجال غير الواقف على أرضيّة ثابتة صلبة ليس بذي جدوى. نحن وزملائي وكل الفنانين خرجنا من رحم المعاناة فيما يتعلق بالوسط الفني، ولا أزكّي نفسي على حساب احد، لكن أعتقد أننا نسير وفق خطّين متوازيين: إداري نقابي، وآخر استراتيجي فنّي. وذلك يتأسس على أننا ليس لدينا في نقابة الفنانين أنظمة كاملة من دون أن تكون مرهونة بموافقة الهيئة العامة باجتماع رسمي له آلياته، زد على ذلك أن الإبداع الفني له آفاقه ووجوه إبداعه وشروطه ومواصفاته ومناخه، وشراكته مع المؤسسات المعنيّة ابتداءً بوزارة الثقافة مروراًً بكل المؤسسات المعنيّة وانتهاءً برئاسة الوزراء.
تعلم أنّ الفنان الأردني هو نبتة بريّة، كان له دور فاعل في كل محيطه العربي وتحديداً الخليجي، وبالتأكيد فإنك تعلم اضطراب الموازين وانتشار الفضائيات وتسابق شركات الإنتاج العربية في إنتاجات ضخمة، مع أننا لدينا نحن إنتاجات محليّة مهمة على المستوى الفردي.
لذلك ارتأينا ألا يكون الفنان الأردني تحت المطرقة، أي ألا يكون تحت رحمة المنتج، أو بسبب تجارب الإنتاج التنفيذي الفاشلة سواء كان ما يؤخذ منها من التلفزيون الأردني أو من غيره، فكان لا بدّ من تصوّر واضح يحمل صفة الصندوق، وضعت له جدوى مالية مدروسة على الأمد القريب والبعيد، فهو صندوق استثماري يعمل على إنتاج الأعمال الفنيّة الدرامية، ليعود ذلك بالنفع المادي على هذا الصندوق، ولكي يدعم مرة واحدة بمبلغ 5 ملايين دينار، ومن ثم تعود استثماراته وريعه إليه عبر آلية مهمة في تسويقه. دعني أقل لك إن التلفزيون الأردني لم يسوّق سابقاً كل ما أنتجه من سنوات خلت، فلم تكن لديه دائرة تسويق للأعمال الدرامية، ولعل هذه المشكلة هي من الشعرات التي قصمت ظهر البعير. فلم يستفد مالياً مع أنه واحدة من المؤسسات المعنية بالإنتاج لأسباب فنيّة وإدارية. من نافلة القول أنّ الحياة تطورت والمعطيات تغيرت، ولا بدّ من حمل هذا الجانب الحضاري بكل إرهاصاته وقيمه، وعلينا أن نحاكي هذا الواقع.
• أين ذهب الصندوق؟!
تقدّمنا به مشروعاً؛ فلم تستجب لنا المؤسسات الرسمية، مع أن الاستجابة أو عدمها في نظري هي وفق تصورين: قصدي وغير قصدي، في الحالة الثانية هنالك عدم فهم للدور الدرامي عند المعني أو المسؤول، ففهم الأجندة أمر حيوي وعدم الدراية بها من أشد الأخطار. الوطن ليس أرقاماً أو (مانشيتات)، البناء المتكامل المستند إلى الهوية والثقافة التي ينقلها الفن هي من أهم الأولويات والتحديات. أصارحك أنّ هذه التحديات جعلتنا نحزن كثيراً، لأن البنية الثقافية التي تأسست عليها الأردن تحتاج منا ترجمة فنيّة على وجه الخصوص، مع أن حالة من الاصطدام، جعلتنا نحس بنوع من الغبن، انطلاقاً من كوننا لا نستطيع أن نكون بلا هدف.
خلف الفن لا بدّ من خطط، وهو لا ينتج بالمجان، فلا بدّ من تسويق المنتج، والإعلام الفني ليس إعلام نقابة بل هو إعلام وطن، وكذلك الفن.
الفن الذي هو قوة ينتمي إلى القوى الناعمة، هو درع يمنع اختراقنا، هذا التصور وفق الآلية التي أسستُ لها نظرياً قدّمناه للديوان الملكي العامر.
وبناءً على اللقاء الذي تشرفنا فيه بتوجيهات جلالة الملك لمجلس النقباء، كان هذا التصور يزداد قوّةً عندنا، لا سيما وجلالة الملك سبّاق جداً، ووضع لنا تصوراً مهماً في أن يأخذ الفنان الأردني دوره وطريقه في بناء الوطن مع الجميع، خصوصاً في ظلّ الدور الثقافي الكبير الذي يلعبه.
تواصلنا مع رئيس الديوان الملكي السابق ولم يتحقق شيء على أرض الواقع، ثم تواصلنا مع رئيس الديوان الملكي الحالي الذي طلب منا جدوى مالية للموضوع، فقدمنا الجدوى التي هي مودعة حتى الآن.
هذه الجدوى ذات الفائدة الاستثمارية في تشغيل الفنان الأردني وتشغيل كثيرين معه مهمّة، عدا الدور الحضاري الذي يلعبه الإنتاج في حمل الأردن قيمةً وفكراً وعادات وحياة.
صندوق الدراما هو نفط حقيقي لبلدنا، وهو بعيد عن اللجان العليا والصغرى والمكافآت؛ لكن، إذا لم تصدر فيه إرادة ملكية سامية فسيبقى بين الأدراج ورهناً بالحوارات الجانبية بين هذا المسؤول أو ذاك.
تذكر حينما نعينا الفن الأردني الفنان الأردني كذلك، وانتصر لنا جلالة الملك فوراً فآلمه كل هذا الحزن للفنانين الأردنيين عبر شوارع عمان.
وتذكر أنّ لجنة الاستراتيجيات الإعلامية عن رئاسة الوزراء،  كانت زارت النقابات ومن ضمنها نقابتنا، ولكنها لم تصدر في توصياتها أي نوع من التوصية حول الفن، وهو ما يدل على أن الفن ما يزال يُنظر إليه نظرةً هامشيّةً بوصفه غير مؤثر أو هو للترف.
• على الصعيد الإجرائي، ماذا أنجزت غير (الصندوق)؟!
في مجلسنا عملنا على نظام إعادة استيفاء الرسوم، فعاد هذا النظام الذي كان مخفضاً بالنسب التي تستوفى بدل الأعمال الفنية من الفنانين العرب والأجانب وغير الأردنيين الذين يمارسون على أرض المملكة أعمالاً فنيّة.
في إحدى الحكومات تم تقليص نسب الاستيفاء، فخرج نظام معدل أرهق صناديق النقابة وأثّر على التأمين الصحي وتقاعد الفنان وقلّص من واردات صندوق النقابة.
طالبنا بعودة النسب السابقة، وعاد خلال عام 2011، وأبشّرك بأنه تم إقرار نظام صندوق إسكان ونظام القرض الحسن وتعديل نظام التأمين الصحي وتم تنسيب الأنظمة الثلاثة حسب القنوات الرسمية.
خلال48 ساعة الماضية صدرت الإرادة الملكية السامية بتوشيح نظام صندوق إسكان نقابة الفنانين الأردنيين.
أعود إلى (الصندوق) الذي ستتشكل له لجنة من نقابة الفنانين، تتكون من 7 أشخاص، فأقول إنه سيعمل على اجتذاب المشتركين من الفنانين الأردنيين وسيعطي القروض السكنية، وهناك آلية لكي تكون هناك قروض سكنية بتسهيلات مهمة بعيداً عن التعقيدات البنكية.
وكنّا وُعدنا بأرض للفنانين ولم نحصل على شبر واحد منها، أرض مهمة ورديفة لصندوق الإسكان.
نسب استيفاء الرسوم أصبحت: 15% للأجنبي، و10% من العربي، ولاحظ أننا نسامح العضو ليقيننا بأنه لا عمل يعمله وكنا قررنا عليه 2%.
كنّا اشترينا سكناً استثمارياً هو سكن طالبات، دفعنا قيمته من توفير الاشتراكات وهو استثمار حقيقي للرابطة. النقابة لا تصفق بيد واحدة، فليس لدينا أي دعم حكومي، فقط لدينا اشتراكات الأعضاء والمتقاعدين، ولدينا مشكلة كبرى في التأمين الصحي، والنقابة تؤمّن على نفقتها، وهناك تحميل كبير وعبء عليها بمبالغ طائلة بحوالي 120 ألف دينار في ذمتها لشركة التأمين.
حتى القطاع الخاص لم يدعم النقابة. لاحظ أن اشتراكات التأمين الصحي لا تكفي، مع أنها ضرورية لأننا ندفع من صندوق النقابة على علاجهم وأسرهم.
الهيئة العربية للمسرح.
عملنا على استقطاب مهرجان المسرح العربي في دورته الرابعة، وأن يكون موجوداً في الأردن، فنحن نمارس دور السفير الحقيقي ليكون الفن الأردني حاضراً وبقوة دائماً في مضمار الثقافة والفنون العربية والعالمية.
كما أنّ إيمان الهيئة العربية للمسرح بدور نقابة الفنانين الأردنيين النقابي ومسوغات الاستضافة هو مهم. كان هنالك قرار بوجود ملتقى المرأة، وهو جزء من استراتيجيات المسرح. مهرجان المسرح العربي الذي يقام تحت الرعاية الملكية السامية بحضور ما يزيد على 300 فنان عربي ما بين ناقد ومتخصص وممثل.
أسسنا مع وزارة الثقافة مهرجان الأغنية الأردنية، وقد تم تأسيسه في الأشهر القريبة الماضية خلال لقائنا مع وزير الثقافة السابق وعملنا على إكماله في جلسة مع وزير الثقافة الحالي د.صلاح جرار، كما تمّ تأسيس مهرجان جديد هو مهرجان أغنية الطفل.
• إذا كان لكم من يد في اختيار الأعمال المشاركة بمهرجان المسرح العربي الحالي، ما المعايير التي استندتم إليها، وهل سيغضب ذلك زملاء المهنة ومقدمو الأعمال، و(أوصياء المسرح) من رواده، ضعنا بصورة ذلك والحظوظ المقبلة لمن لم يتم اختيار أعماله؟!
بخصوص مهرجان المسرح الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح أقول إنه مدعوم بكامله من هذه الهيئة في الشارقة، حيث أن سمو حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي كان أسس المبادرة ودعا إليها عام 2007، وفي هذه الدورة التي نكرم فيها الفنان الأردني ربيع شهاب معنوياً ومادياً، ستكون هنالك جائزة سمو الشيخ لأفضل عرض مسرحي متكامل، وستكون ذات قيمة مالية تعادل 30 ألف دينار، وشروطها واضحة في سويتها الفنية وفكرتها وشروطها المتكاملة في تحقيق معادلة جمهور يساوي مسرحاً ومسرح يساوي جمهوراً، وقد استقبلت الهيئة العربية للمسرح طلبات كثيرة عربية بحدود 63 مسرحية، تم اختيار 10 مسرحيات منها ضمن شروط.
في الأردن نحن في اللجنة العليا اخترنا العرض المسرحي الأردني من إنتاج 2011، فهي لجنة عليا وليست نقابة، وهي لجنة يرأسها الفنان جميل عواد وفي عضويتها الفنانون ساري الأسعد ومفلح العدوان ود.هاني الجراح ونبيل نجم ود.مخلد الزيودي، ود.ريم سعادة، وهؤلاء عدا النقيب ومدير المهرجان إسماعيل عبدالله.
عشيات حلم
في الأردن اختيرت مسرحية (عشيات حلم) من إخراج فراس المصري، وتم اختيار، لا أقول على الهامش أو بشكل ثانوي لأني لا أحب هذا المصطلح، تم اختيار عملين مهمين هما مسرحية (سي في) لمخرجها أحمد العمري ومسرحية (بس بقرش) للمخرج محمد الإبراهيمي، علماً بأن 11 عملاً تقدم لذلك، وطبعاً فالعملان هما خارج إطار المسابقة، لأننا بلد مستضيف، ولو كان هنالك وقت متسع ومسارح لاخترنا أكثر، فعملنا المختار نريد منه منافسة الأعمال العربية في المسابقة. ميزة العمل الذي سيفوز أردنياً كان أم عربياً أنه ستفتتح به أيام الشارقة المسرحية بعد شهرين. وفي مهرجاننا هذا هنالك ندوات فكرية غنية يشارك في مستهلها وزير الثقافة د.صلاح جرار.
• يعارض كثيرون ممن هم خارج التنظيم، تنظيم المهرجانات أعني، أو لجانها أو منسقيها، وكثيرون ممن لديهم أوراق ضغط أو خفايا موضوعيّة ذات شهوة إعلاميّة. المقصود هل هذه الانتقادات والشكاوى مع أنها ظاهرة صحيّة، تمدكم بمؤشر ما قُبيل وبُعيد انتهاء المسرح قيد الاحتفال؟!
المسرح الأردني عموماً له النظام ذاته في معاييره وخياراته واختيارات نصوصه ودعمها، وأطمئنك أن اللجنة المتخصصة في تحكيم الأعمال لا تجازف بسمعتها ليفوز هذا العمل على ذلك إن لم يكن له ما يبرر فوزه. المشكلة في الإبداع كما تعلم أن المسرح ليس رقماً حسابياً بالتأكيد.
وأنا أقدّر عتب أو عدم رضا فنان لم يفز عمله. في السنوات الأخيرة تم استقطاب مخرجين جدد في دورة مهرجان المسرح الأردني. وفي موضوع مهرجان المسرح العربي أقول إنه مكسب حقيقي للأردن في ضيوفه ونقاده وإعلامييه وكل هذا الحراك.
• أظهرتم الفنان الأردني في مهرجان جرش ونسّبتم باختياره ومشاركته. وأعلنتم أنكم لا بد أن تكونوا أعضاءً في لجنة مهرجان جرش العليا. ضعنا بالصورة.
لم تكن النقابة ممثلة في مهرجان جرش، وتم تمثيلها بعد احتجاجنا على ذلك، وقد أعدّت النقابة ملفاً كاملاً وضعنا فيه تصورنا وأفكارنا ونسّبنا بالضيوف الفنانين ليس فقط على المستوى المحلي، بل العربي كذلك. لأن المهرجان هو منجز وطني، وقد أسهمت النقابة بتشغيل 60 فناناً أردنياً ما بين مطرب وتقني وممثل مسرحي، وأرشيف المهرجان يشهد بذلك. زد على ذلك أن أوركسترا نقابة الفنانين لأول مرة كانت موجودة في جرش، وقد حازت رضا الجمهور والنقاد. فنحن نفخر بفناننا ومن واجبنا الاهتمام به وحفظ حقوقه، وإن لم يشارك في جرش فأين سيشارك؟!
• دعني أسألك بمنتهى الشفافية.. الشفافية التي مست كل العالم، فأصبحت مفردة (الفساد) متداولةً بموضوعية مشجّعة، هل صحيح ما يشاع من وجود إشارات فساد في عمر مجلس النقابة، في قروضها ومواردها وغير ذلك؟!
لدي إيمان بأن هذه النقابة سابقاً ولاحقاً لم تكن لديها أي إشارة من ذلك. نحن محكومون في مسألة المال والإدارة، فما من قرار مالي يصدر إلا بموافقة مجلس النقابة حسب الأصول بمستندات ثبوتية. لم أسافر إلا بدعوتين رسميتين أو ثلاثة خارج الأردن، وكانت على نفقة الهيئة العربية للمسرح.
المهرجانات الكرنفالية
أود أن أشير إلى بعض المهرجانات الكرنفالية، إذ أصبحت دعوات الأصدقاء والأصحاب فيها هي الشغل الشاغل، وأقول في هذا إنّه آن الأوان لأن يقف كل المسرحيين كافة وجميع المثقفين والإعلاميين لنستقطب الفنان الحقيقي والإعلامي الحقيقي، ليستفيد من التلاقي كل هذا المزيج الموضوعي غير المقحم.
وزارة الثقافة
•هذه المهرجانات التي ستتوالد في مهرجان الأغنية الأردنية ومسرح الطفل هل هي مؤشر علاقة طيبة مع وزارة الثقافة في شراء العروض والاعتراف بالنقابة مادة حقيقية لا تستطيع الوزارة إدارته من دونها أو من دون تنسيب النقابة وفاعليتها؟
نعم. النقابة على علاقة طيبة جداً بوزارة الثقافة، وهذه المهرجانات دليل على هذا التنسيق المهم، أما إشاعة أن الوزارة تسيطر على المسرح من دون النقابة فلا يعدو كلاماً انفعالياً، لأن التشاركية تثمر في كل دورة عن نجاحات رعاية وزير الثقافة واهتمامها.
الوزارة مؤسسة حكومية رسمية، وتعنينا ما دامت خططها واضحة المعالم، في هذا المهرجان اشترت الوزارة  عروضاً أربعة والوزير سيشارك بندوة، وهو دليل تعاون وانسجام. وكذلك نفعل مع أمانة عمان في دعمها بمسرح مركز الحسين الثقافي. لكن عتباً على كثير من المؤسسات التي لم تتفاعل.