|
عرار:
استذكر منتدى الرواد الكبار في حفل تأبين أقامه مساء أمس الأول، مناقب الفنان التشكيلي والخزاف الراحل محمود طه ورحلته الطويلة مع الفن والخزف والخط العربي. واشتمل الحفل الذي حضره امين عام وزارة الثقافة هزاع البراري مندوبا عن وزير الثقافة، على معرض فني بعنوان «نقطة تلاقي 2»، يستمر في قاعة عبدالله رضوان حتى 23 من آذار الحالي، وبمشاركة الفنانين: الدكتور كرام النمري، والدكتور محمود صادق، ونصر عبد العزيز، وشينار عبد الله، وياسر الدويك، إضافة الى أعمال مختارة للفنان محمود طه، الذي انتقل الى رحمته تعالى الشهر الماضي عن عمر يناهز (74) عاما. وأدارت مفردات الحفل القاصة سحر ملص، حيث استهلت الحفل السيدة هيفاء البشير بكلمة قالت فيها: في هذه الأمسية التي نستضيف بها رواد الفن في الأردن، في معرض نقطة تلاقي (2)، نشعر بغصة في القلب على رحيل فنان أردني كبير هو الفنان محمود طه، حيث نجد أنفسنا في لحظة حزنٍ ورثاءٍ لصانع الصلصال الذي حمل من قريته يازور المحتلة، همّ الناس وجراحهم المنغمسة بالنكبة الفلسطينة لينطق الصلصال من خلال أعماله ، وقد حّملها ذاكرة وطن جريح وإنسان مستلب هو الإنسان الفلسطيني والعربي الذي تضمخت حياته بدم الشهداء وعبق الفراق لأوطانه وارضه فكان أن حمل ّ الصلصال ذاكرة بصريه مكثفةً بدءاً بالرحلة العمرية للخليفة عمر بن الخطاب مجسداً بخطواته العدل والمساواة، والتاريخ العربي المجيد من خلال أعماله التي وشّحها بالخط العربي فجاءت ناطقة نابضة، تشرح للعالم قصة الحضارة العربية الأسلامية وما نالها من سهام وتعتيم من خلال الاحتلال الغاشم لفسطين وما رافقها من قتل وتشريد. إلى ذلك تحدث الفنان التشكيلي عبد الرؤوف شمعون والقى كلمة قال فيها: يا محمود، اسمح لنا أن نغتابك بمحبتنا وأنت الحاضر الغائب، محمود طه الفنان الذي غاب عنا، إلا أنه باقِ معنا وبيننا طالما روحه تمر على أعماله واحدة، واحدة، مثلما كانت تفعل يداه، في الطين سر إرادة التكوين، هي الارادة الآلهية في البداية وفي النهاية منه بدأت الخليقة.. بدأت الحياة وإليه تنتهي. من هنا، أرى أن علاقة محمود طه بالطين كانت علاقة دنيوية وروحية معاً، وتكاد تقترب من وصفها علاقة عشق صوفي. وتساءل شمعون، هل فعلت أبجديات طين المخيم في وجدانه وبالتالي نما ذلك الأثر الطفولي وتطور مع الأيام؟ هو محمود وكأي مبدع فلسطيني، أودعته النكبة للمنفى وهيأته غربة الشتات لمصير بلا ملامح، لم تنل المأساة الفلسطينية من إرادة الحياة لديه شئياً. من جهته تحدث الفنان التشكيلي محمد الجالوس في كلمته عن علاقته مع الفنان الراحل قائلا: في وداع الكبير محمود طه، في غياب الجسد وحضور الروح والأثر الفني، فقدنا الذاكرة ذاكرة الماس، تلك التي ميزت محمود طه، وهي ذكرة صلبة،عنية.. محمود طه بالنسبة لي لم يكن مجرد فنان فقط، بل كان حاملاً أمنياً ومؤرخا للأحداث ولتاريخ بدأ من المأساة الفلسطنية حتى استقراره في مخيم الحسين في عمان وما بينهما كانت الرحلة، رحلة البحث عن الفن والحياة وهي رحلة خشنة، قاسية، ومفرحة في ذات الوقت. وأكد الجالوس، بأن الراحل كانله الحضوراً البارز، سوء في الخط العربي أو الصلصال، فقد استهوى الخط والحروفية، بأثرها التراثي وجمالها التشكيلي، قلب الفتى والشاب محمود طه حتى وجد ضالته في معلمه هاشم الخطاط، ثم أستاذ الخزف النحتي الراحل إسماعيل فتاح، ومعلم الأجيال فلنتينوس اليوناني، الذي أسسس الخزف العراقي المعاصر، ومن هناك من بغداد، بغداد التي ارخت بظلالها على قلب العروبة، ومنحت المأوى والمدرسة حين كان المأوى عزيزاً، انها بغداد الثقافة والفن والحضارة، فقد نهل منها راحلنا ما استطاع إليه سبيلاً ، من بغداد عاد راحلنا لعمان فنانا ومعلما قل نظيره. وكما استذكر الفنان الراحل طه التشكيلي ياسر دويك بكلمته قال فيها: أثناء امتحان القبول في كلية الفنون – جامعة بغداد- وقبل تسليم ورقة عملي واذا بيد تربت على كتفي ... ووجهاً لوجه يخاطبني : أنا محمود طه، كأنه يعرفني منذ زمن مخاطباً اترك فندقك وتعال إلى فندقنا، وعرفني على زميله عبد المجيد أبو ديل... ووافقت مباشرة وكان ذلك عام 1964م وكانت بداية مشوار رفقه الزمن الطويل الجميل، مشيرا إلى العشرة المثالية بين الأصدقاء بل كانت اقرب إلى الأخوة. تواصلنا بلغة الفن التي عشقناها معاً وجمعتنا مشاعر الغربة والعزيمة والإصرار على ان ننهل جل العلم والعمل والمعرفة من كبار استاذة المعرفة في العراق وانضم الينا الأخ والفنان عزيز عمورة والفنان محمود صادق والفنانة رحاب النمري والفنان شبلي حدادين لتتسع حلقة التضامن والمعرفة والأحداث وتتشابك ايدينا بهمة وعزيمة. واختتم حفل التأبين بكلمة لشيخ الفنانين التشكيلي رفيق اللحام الذي سبقته العبرة وهو يستذكر مناقب الفقيد، مستحضراً علاقته الشخصية مع الفنان ومثمناً مبادرة منتدى الرواد الكبار استضافة المنتدى لهذا المعرض وتأبين الفنان محمود طه. وقد عرضت أعمال محمود طه الخزفية إضافة إلى منحوتات كرام النمري الخسبية، ولوحات ياسر دويك المطعمة بالخط العربي، والمضاءة بقناديل القدس وقبة الصخرة، إضافة إلى أعمال الفنان محمود صادق الذي استقى من نبض الحياة، وروح الموسيقى نبض لوحاته، إضافة إلى أعمال الفنان نصرعبد العزيز التي جسدت في اللوحات الانتفاضة الفلسطينية ووقفة طفل الحجرأمام الدبابات الإسرائيلية، وكما جسدت أعمال الفنان شنيار عبد الله عبر الخزف إيقاع الحياة، ونبض الحضارات وهمّ الإنسان. المصدر : الدستور الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الخميس 16-03-2017 10:44 مساء
الزوار: 716 التعليقات: 0
|