|
عرار:
ربابُ ربةُ البيت***تصب الخل في الزيت لها عشر دجاجاتٍ***وديك حسن الصوت قائل هذين البيتين البسيطين هو نفسه قائل البيت الشعري البليغ: كأن مثار النقع فوق رؤوسنا *** وأسيافنا ليلٌ تهاوى كواكبه فالشعر الذي يتغنى برباب، لم يخجل الشاعر العربي العباسي الكبير بشار بن برد، أن يقوله، وكان يقصد به خادمته رباب، التي فرحت بالبيتين الشعريين إذ يتغنيان بها، وقد صدرا من عند شاعر فصيح بليغ كبير، عُرف بكونه من بين أشهر الشعراء في تاريخ الشعر العربي. ذلك في دلالته يؤكد أن "الشعر ديوان العرب"، والمعبر عن حالهم، والناقل لطباعهم، والحافظ لآثارهم وثقافاتهم، وهو ما عُرف عن الكلام الجميل الموزون المقفى الذي يعتز به العرب منذ عُرفوا، يحمل رايته شعراء أكدوا فروسيتهم في سوحه التي خلدت أسماءهم جيلاً بعد جيل. الصحراء كانت ولادة للشعراء، فالعرب في غالبيتهم سكنوا تلك المناطق من الأرض؛ إذ تعايشوا فيها وخبروها، فكان الشعر ينساب على ألسنة أبنائها قوياً متيناً حكيماً بليغاً يبهر السامعين. بمرور الأزمنة وتشعب العرب، وتفرعهم لقبائل ودول مختلفة، كان الشعر الصفة الملازمة لهم؛ فهو ثقافة موروثة، وحكمة تتلوها الألسن بشكل مستمر، إن كان عن طريق الأمهات وهنّ يهدئن أطفالهن، أو في مناسباتهن المختلفة، كذلك الحال هو عند الرجال الذين يرون في إلقاء الشعر تعبيراً عن الرجولة والفطنة والحكمة. وبذلك يجسد الشعر طبائع المجتمع وسلوكه وعقائده وثقافاته المتعددة، وبمرور الأزمن تفرع الشعر، وظهر في أساليب تجديدية مختلفة، فما عاد الشعر العربي هو فقط المعروف بأنه الشعر العمودي الموزون المقفى الفصيح، بل ظهرت أنواع مختلفة، ومن بين أهم أنواعه التي ظهرت لاحقاً ما أطلق عليه بـ"الشعر الشعبي". والشعر الشعبي هو عبارة عن كلمات متصلة بشكل مباشر بالبيئة التي يعيش بها الشاعر، وغالباً ما يستخدم في نظمه للشعر الشعبي المغازي والأساطير والواقع الذي يعاصره، ويستخدم في نظم هذه الكلمات لهجته المحلية. والشعر الشعبي لا يختلف في الطرح عن الشعر العربي الفصيح، فهو يعبر عن حال الفرد أو المجتمع، ويتغنى بالجمال والحب والوطن والناس والطبيعة والحيوان والكون وكل الموجودات؛ وفقاً لما يبني الإلهام الشعري من خيوط تنسج في مخيلته تلك الغزارة اللفظية من الكلام الموزون المنغم، الذي يحرك وجدان سامعه. والشعر الشعبي صار من بين أهم الأوعية التي تحفظ تاريخ الشعوب والمجتمعات، فهو المعبر عن تاريخ البلد وعاداته وثقافاته، وصارت ألفاظه تختلف باختلاف اللهجات المحلية. ولعل خير ما يدل على أهمية الشعر الشعبي، تلك الأغاني التي تُسمع كل يوم، وكثير منها صارت رموزاً وطنية، كالأغاني الوطنية التي تتغنى بحب الأرض والشعب والعروبة، التي غناها مطربون عرب كبار كأم كلثوم وعبد الحليم وفيروز ووديع الصافي وشادية ومحمد عبده، وغيرهم الكثير. وللشعر الشعبي اليوم مهرجانات كثيرة محلية تقام في كل بلد، وأخرى دولية تجمع عدة بلدان. والاثنين 6 فبراير/شباط الجاري، منحت الإمارات الشعراء الشعبيين العرب دعماً كبيراً بتأسيس رابطة خاصة بهم. وتهدف رابطة الشعر الشعبي، التي أعلن عنها حاكم إمارة الشارقة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، إلى تبني طباعة دواوين الشعر الشعبي للشعراء في الوطن العربي، وتنظيم الأمسيات والملتقيات الشعرية في الشارقة وأقطار الوطن العربي. وأكد حاكم الشارقة، خلال لقائه في "دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية" بالشعراء المشاركين وضيوف مهرجان الشارقة للشعر الشعبي في دورته الـ13، أن المتغيرات الكثيرة في مختلف دول العالم، والهجمات الظلامية التي تستهدف الثقافة العربية، تمثل تحدياً كبيراً تسعى من خلاله إلى إلباس العرب التهم والخزي. وبين أن مواجهة هذا التحدي لا تكون إلا من خلال العلم والمعرفة والأدب والثقافة بمختلف مجالاتها، ومن أهم أركانها الشعر العربي الفصيح والشعبي. ودعا حاكم الشارقة الشعراء إلى تناول المحتويات ذات الفائدة، والطرح المتنوع الذي يتناول الوطن وتاريخه، وتضمين الحكم والمثل في أبياتهم الشعرية، ما يثري المفاهيم والمصطلحات الشعرية. وأوضح أن اللغة العربية غنية بمصطلحاتها القيمة والجميلة، فإن لم ترد في كتابة الشعر، ففي الحديث العام تستخدم الكلمات الكثيرة ذات المعاني والتعبيرات الجميلة والعميقة، وهذا ما يثري الشعر الشعبي بالمصطلحات والمفردات. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأربعاء 15-02-2017 09:03 مساء
الزوار: 1950 التعليقات: 0
|