|
عرار: عمان - إبراهيم السواعير : كاشف العين وزير الثقافة الأسبق الدكتور عادل الطويسي بحالة الركود وتوهان البوصلة في المشهد الثقافي الأردني؛ مقدّماً رؤيةً في الإصلاح تتأسس على أن تعيد الدولة(القطاع الرسمي) التنمية الثقافية إلى خارطة أنواع التنميات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؛ فتكون حاضنةً أو إطاراً عاماً لها. وانطلق، في المحاضرة التي استضافته فيها اللجنة الثقافية لنقابة الصحفيين الأردنيين وجمعته بنخبة من الكُتّاب والأكاديميين وممثلي المنتديات الثقافية وقدمه فيها كاتب السطور، من أن تضع جميع القطاعات الرسمية وشبه الرسمية والخاصة موضوع التنمية الثقافية ضمن أولوياتها، وأن يُصار إلى حلّ إشكالية التمويل بإعادة العمل بصندوق التنمية الثقافية والفنية، الذي تكون عائدات المسؤولية المجتمعية للمؤسسات الخاصة أحد موارده الأساسية. نادى الطويسي بإنشاء مجلس أعلى للثقافة والفنون يتكون من وزارات الثقافة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والأوقاف، والمجلس الأعلى للشباب، والهيئات والروابط الثقافية والفنية، وذوي الرأي والخبرة. وأناط بالمجلس المُقترح وضع الرؤية والرسالة والاستراتيجيات والخطط التنفيذية وتحديد الجهات المعنية بالتنفيذ ومتابعته. وكان ردّ الطويسي أسباب التوهان الثقافي هذا إلى انسحاب القطاع الرسمي بشكل كبير من المشهد الثقافي، ما أدى إلى غياب السياسة العامة والاستراتيجيات وشحّ التمويل؛ منوّهاً بأنّ القطاع الرسمي ليس بالضرورة أن يكون وزارة الثقافة فقط؛ إذ يمكن أن تدخل فيه الوزارات ذات العلاقة والمجلس الأعلى للشباب. كما قال بانعكاسات الربيع العربي على المشهد الثقافي في الأردن، وخلقه أحداثاً ومفاجآت عربية وعالمية، منها الارتباك الحاصل لدى مثقفنا في التعامل مع هذه التداعيات، والحالة السورية التي شكّلت وضعاً خاصاً بين مؤيّدٍ ومعارض وما كشفته من تناقضات في مفهوم المثقف الأردني للإصلاح والتغيير. ووجد الطويسي أنّ تأثيراً قوياً للربيع العربي كان في الخطاب الثقافي بالدعوة إلى نبذ الفوضى والعدميّة، والدعوة إلى الإصلاح المتدرّج غير السريع، ما خلق ارتباكاً أدى إلى وقوف المثقفين عاجزين عن الاستشراف. اهتم الطويسي، بعد تأكيده أهميّة الحوار عبر الصحافة بما لها من تأثير في الوعي والتوجيه، ببناء منصّة أو قاعدة مشتركة في قراءته موضوع الإصلاح الثقافي، ترتكز على الفهم العام للثقافة، ومفردات هذا الفعل، وواقع المشهد الثقافي الأردني، والمقومات المهمّة للإصلاح. ووجد أنّ أقصر تعريف للثقافة، من واقع مطالعته ستين منها في المدونات والمراجع، هو تعريف (وِل ديورانت وزوجته إيريال) في كتابهما (قصة الحضارة)؛ حيث الثقافة سُبُل العيش والتفكير لشعبٍ ما، مستنتجاً أنّ الجانبين الماديّ، وغير الماديّ يدخلان في ذلك. وقف الطويسي على مفردات المشهد الثقافي، في الدين واللغة والعادات والتقاليد والمعتقدات والغذاء واللباس والقيم وطرق التفكير، وكثيرٍ من مثل ذلك، معايناً المفردات التي تنتجها الثقافة، في الأدب شعراً أو قصةً أو روايةً...، والتأليف العلمي، والفنون مسرحاً ودراما وتشكيلاً وموسيقى وسينما وفلكلوراً، والمهرجانات والمعارض والندوات وجملة الصناعات الثقافية. ومرّ على مداميك الفعل الثقافي في الأردن، في عهد الإمارة وتشجيع الملك المؤسس، في مساجلاته وكتبه وأشعاره، الإبداع، وخصوصاً الشعري منه، وازدهار ثقافة المقاومة بين نهاية أربعينات القرن الماضي حتى عام 67، وما أنشأته ظروف الحرب والمقاومة من ازدهار الأدب وسيلةً مهمةً للثبات والصمود، ليقرأ المشهد الثقافي لدينا في ما بعد، مهتمّاً بالسنوات الأخيرة قيد الحوار. الركود الثقافي ناقش الطويسي ظواهر الركود الثقافي المحلي اليوم، واقفاً على اختزال الحركة الثقافية في المظاهر الاحتفالية والمهرجانيّة؛ داعياً إلى الفعل الحقيقي الإجرائي في هذا الشأن، وتحدث عن الهيئات الثقافية الأردنية التي ازدحمت اليوم ازدحاماً كبيراً؛ فوصلت 560 هيئة ثقافية وفنيّة مسجّلة لدى وزارة الثقافة، متسائلاً: كم من هذه الهيئات ما هو فاعل ويقدّم فعلاً مدروساً بعيداً عن الارتجالية؟! ووجد الطويسي أنّ هذه الهيئات خلال عهده الوزاري عام 2005-2007 كان لا يجاوز مئتين، ومن ذلك أكّد أهميّة الفهم الحقيقي لمعنى الهيئة الثقافية ومدى إسهامها الفاعل في المجتمع وفي تخصصها الذي قامت لأجله. وتمثّل الطويسي بعشرين فقط منها يقوم بدوره، ذاكراً رابطة الكتاب، ومؤسسة عبدالحميد شومان، ونقابة الفنانين، واتحاد الكتاب، ورابطة التشكيليين، والهيئة الملكية للأفلام، و(أمانة عمان)، ومنتدى الرواد لكبار، والمركز الثقافي العربي، وفي سياق ذلك، ذكر الطويسي مشاريع منتظمة، من مثل مهرجان المسرح الأردني، ومهرجان جرش، ومشروع مدينة الثقافة الأردنية، ومشروع مكتبة الأسرة الأردنية أو مهرجان القراءة للجميع. وتحدث عن أمانة عمان، ومشروعها في إعادة الهيكلة، معرباً عن تقديره لما قدّمته، متمنياً أن يبقى دعم الملف الثقافي على أجندتها، لا التخلي عنه، وفي السياق قال إنّه علم أن وزارة الثقافة اليوم شكّلت لجنةً لإعادة دراسة بعض المشاريع لديها، متمنياً ألا تكون هذه الدراسة لإلغاء بعضها دون دعم بعضها الآخر. وجد الطويسي أنّ نقاطاً ما تزال مضيئة في المشهد الثقافي الأردني، على الرغم من وجود حاجة لمراجعة حيثيات كلٍّ منها، ذاكراً مرجان جرش للثقافة والفنون، ومشروع مكتبة الأسرة الأردنية، ومشروع مدينة الثقافة الأردنية، المشروع الذي كان أقرّه في وزارة الثقافة من جملة المشاريع آنذاك. وحول المؤلفات وحفلات تواقيع الكتب في المنتديات الثقافية، وما إذا كانت وهماً أو صورة غير حقيقية للمنجز الثقافي، قال إنّ كمّاً هائلاً لذلك، في دواوين الشعر والروايات والمجموعات القصصية والكتب النقدية والعلمية وكتب السيرة الذاتية وكثير من مثل ذلك، واقفاً عند السؤال إيّاه: هل يمثّل النوع الكمّ في هذا المجال؟! مستأنساً بمئة وخمسين حفل توقيع عام 2013. البنى التحتية ذكر الطويسي أنّ موضوع البنى التحتيّة أو المرافق الثقافية من الأهمية بمكان لضمان استمرار الفعل الثقافي وتكريسه، واقفاً عند عمان، وإربد، والزرقاء، ومعان، وإربد؛ مبيناً أنّ في هذه المحافظات بنى تحتية ملائمة، في مراكز ثقافية تخدم أهل المحافظة، وفي هذا الموضوع تناول خطر الروتين والبطء في تنفيذ ما هو قائم مشروعاً؛ ذاكراً أنّ مركزي معان الثقافي وإربد الثقافيين كانا أُقرّهما عام ألفين وسبعة، ليتباطأ تنفيذهما حتى عام 2013. ومن واقع تخصصه في اللغويات (الإنجليزية)، اهتمّ الطويسي باللغة العربية مفردةً مهمّةً في تشكيل الهويّة الثقافية، متحدثاً عن خمسة آلاف لغة في عالم اليوم، ينقرض منها ثلاثون سنوياً، لنكون أمام ثلاثمئة لغة في نهاية القرن الحالي. ومع أنّ القرآن الكريم يطمئننا في حفظه اللغة العربية، كما قال، إلا أنّ أنّ هنالك قلقاً من أن (ينحسر) و(ينحصر) دور لغتنا في الدين والعبادات. واتخذ الطويسي عبرةً في اللغة اللاتينية التي تفرقت إلى خمس لغات كانت في الأصل لهجاتٍ فيها، ومن ذلك ذهب إلى خطر اللهجات و(العربيزي) والضرر المتأتي من ذيوعها في المقابلات التلفزيونية والفضائيات، وليس فقط في استسهالها مادةً سريعةً في الكتابة. وتناول موضوع الترجمة من العربية وإليها، في الأردن، وهي حركة قال إنّها شبه ميّتة، مدللاً بالفهرس السنوي للترجمة الذي تصدره اليونسكو؛ حيث تسعة كتب ترجمت من عام 2010 وحتى 2012، وهو ما وجده غير كافٍ، متسائلاً عن فترة أواخر تسعينات القرن الماضي حتى قبل عامين، التي تُرجم فيها فقط 354، مرجّحاً أن تكون احتفالية عمان عاصمةً للثقافة الأردنية قد زادت هذا الرقم في سياق تلك المناسبة عام ألفين وواحد. تحدث الطويسي عن الجامعات الأردنية التي وجدها شبه غائبة عن المشهد الثقافي، فانحسر دورها في التعليم لا غير، وقرأ المنتج الثقافي والفني الأردني (على قلّته) الذي ما يزال يعاني مشكلة الانتشار الإقليمي، فضلاً عن العالمي. إشكالية التمويل وحدد إشكالية التمويل في توفير الدعم الرسمي وشبه الرسمي(أمانة عمان والبلديات)، والقطاع الخاص. وحول هذه الإشكالية، قال الطويسي إنّه حاول في عهده الوزاري أن يقرع الجرس للتذكير بأنّ وزارات أخرى غير الثقافة يمكن أن تقوم بالفعل الثقافي وتدعمه. وحول مشكلة التمويل، قال إنّه كان مهتماً جداً في عام 2007 بصندوق دعم الثقافة والبحث عن موارد له؛ إذ صدر قانون بإنشاء الصندوق، وكان يتكون من واحدٍ وعشرين مورداً، مبيّناً أنّ الصّدام الذي كان حاصلاً بين الثقافة والصحافة سببه أنّ وزارة المالية خلقت مورداً واحداً من دون الموارد المقرّة، وهو خمسة بالمئة من إعلانات الصحف، ما خلق حالةً من التوتر آنذاك بين الطرفين، فكان أن أوقف الصندوق. وشرح الطويسي أنّ ما كان متوقعاً من هذا الصندوق كان في عوائده التي لا تصرف منها الرواتب، بل تخصص لدعم الأنشطة الفنية والثقافية، ذاكراً أنّ توقعاً كان بعشرة ملايين دينار من الصندوق في السنة الواحدة، وفي هذا السياق أعرب عن شكره لجلالة الملك عبدالله الثاني لحفزه هذا الصندوق بعشرة ملايين دينار، وهو ما كان محطّ إعجابٍ وثناء وتفكيرٍ بالإنجاز. الهوية الثقافية تنوعت المداخلات في تنظيرها ووقوفها على المأمول من الفعل الثقافي الرسمي تجاه السلوك المجتمعي والحفاظ على الهوية، إلى قراءة لما هو متاح من إصدارات محلية يدخل فيها الغث وينتشر، إلى دعوة بدور فاعل للقطاع الرسمي لأن يضع الثقافة على سلّم الأوليات. قال الدكتور عبد الزاهري الحجايا إنّ الحرب اليوم إنما هي ثقافية محضة، بوصفها سلاحاً خطيراً يراد بواسطته التأثير على الشباب والناشئة نحو أجيال لا تعي ماضيها أو تدرك القيمة الحقيقية لهذه اللغة. واستذكر الزاهري إلغاءً جرى لوزارة الثقافة ومديرياتها في فترة لاحقة، مبيناً أن ذلك من شانه أن يجعل المثقفين أشدّ غربة بالنسبة لبقية قطاعات الحياة. وتحدث رئيس اللجنة الثقافية في نقابة الصحفيين الزميل رمزي الغزوي مبيناً منطلقات اللجنة في استضافة الكتاب والمفكرين والأدباء وأصحاب الإنجازات، مبيناً ما للدكتور الطويسي من جهود في الشأن الثقافي والأكاديمي. الدارات التراثية تحدث الدكتور عبدالعزيز كليب الشريدة عن أهمية ترميم الدارات القديمة والعناية بها، انطلاقاً من التاريخ الأصيل الذي تحمله، ولأنها دارات شاهدة على الثبوت والرسوخ، وقال الشريدة إنّ العمارات التراثية في المدن والمحافظات الأردنية هي بأمس الحاجة لأن نؤمن بقيمتها ونسعى إلى المحافظة علها واستثمارها محجاً للزوار والمثقفين والباحثين والكتاب. ودللل بعمارة جدّه يوسف الشريدة التي كان زارها سموّ الأمير الحسن سابقاً وأمر بترميمها، وقال الشريدة إنّ هذا القصر التراثي يعود إلى 1854، وقد ذهبت مراجعاته سدىً، خصوصاً وأنّها يمكن استثمارها مركزاً ثقافياً بالاستفادة من المنح المتوفرة، فكان أنّ الجهد ضاع بن وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار. الزميل عضو اللجنة محمد عقاب الخصاونة قدّم أسئلة تتعلق باتجاه الواقع الثقافي الأردني غير المعلوم، وقرار إغلاق مديريات الثقافة بين أن يكون صائباً أو غير مسؤول؛ خصوصاً وقد عادت عنه الوزارة في ما بعد. وسأل عن المنتديات الثقافية في جديتها أو استثمارها وقت الفراغ برسالة القراءة والتوعية، واقترح ترويجاً جاداً للثقافة الأردنية. كما سأل فيما إذا كانت الجامعات تقوم بتفعيل المكتبات لديها بسعر رمزي، كما اقترح ترويج ثقافتنا الأردنية إلى خارج الأردن، وقال إنّ المثقف ما يزال يعيش حالة الغربة ذاتها. وتناول الخصاونة مشروع مدن الثقافة الأردنية بين الواقع والطموح، كما تحدث عن دور المراكز الثقافية في المحافظات، مقترحاً فروعاً لهذه المراكز والمنتديات في المحافظات. أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم الإسلامية الدكتور عبدالحليم العدوان اقترح خصخصة المشهد الثقافي الأردني، كما تناول دور الجامعات الغائبة عن الفعل الثقافي، مبيناً أننا لم نجد خطة ناجحة باعتراف كلّ المسؤولين. وتناول الهجرات المتأتية من الحالة السورية وخطرها على المجتمع في مجالات ثقافية إضافةً إلى الاقتصاد. وتساءل عن سرّ محاربتنا لثقافة الآباء والأجداد وأصحاب الباع الطويل في خدمة الأردن، مقترحاً أن نهتم بهم في الدراما والتلفزيون وشتى الوسائل. الانسحاب الثقافي رئيسة منتدى الرواد الكبار الكاتبة الأديبة هيفاء البشير تحدثت عن ثقافة العمل التطوعي غير الهادف إلى الربح، متخذة من جمعية الأسرة البيضاء التي ترأسها ودار الضيافة لكبار السن أنموذجاً في ذلك، مؤكدةً الحالة النفسية والثقافية للآباء في ظلّ تخلي أبنائهم عنهم على الصعيد الاجتماعي والنفسي مع أنهم بينهم، لتتحدث عن منتدى الرواد الكبار في خدمته الساحة الثقافية بحوارات ولقاءات دورية مهمة. وقدّمت البشير مقترحات قالت إنها كفيلة بتحقيق النهوض الثقافي في الأردن، لتتساءل عن سرّ تراجع الاهتمام بالثقافة بصورة عامة لدى المؤسسة الرسمية، والتعامل مع الثقافة بوصفها حالةً هامشية، والانسحاب شبه الكامل من الحياة الثقافية العامة والاكتفاء بإسهامات الرعاية الشكلية، حيث غياب المؤتمرات من برامج الوزارة، وندرة الندوات الثقافية، والتركيز على المسرح على حساب البرامج الثقافية الأخرى. وانتقدت البشير تعرّض الوزارة لبرامج ثقافية إيجابيّة محلياً وعربياً بتجميدها أو إلغائها من مثل مشروع التفرغ الإبداعي، والاهتمام بأفراد معينين على حساب القدرات الإبداعية والفكرية، وإهمال أدب الشباب وعدم إعطائه العناية التي يستحق وحرمان هذه الفئة من صقل مواهبها، كما انتقدت البشير ما أسمته مسخاً للموازنات المخصصة للثقافة والدعم بحجة عدم توفر المخصصات، وقالت إنها ليست مع تقليص الإنفاق، إذ ينبغي على وزارة الثقافة زيادة هذه المساحة. وتحدثت عن عدم فتح المراكز الشبابية الخاصة بوزارة الثقافة للمبدعين والمؤسسات واعتماد فرض الجباية المالية مقابل استخدام هذه المراكز. ومع أنها من أنصار مهرجان جرش للثقافة والفنون، إلا أنّ البشير انتقدت إعطاء الأولوية موازنةً واهتماماً له بالرغم من خسارته المتتالية على حساب دعم الثقافة والمثقفين. وتساءلت عن إهمال المناطق خارج العاصمة، وبخاصة الأطراف من الأنشطة الثقافية الموجهة والمتميزة، معربةً عن أسفها للبطء في برامج النشر، بل والإشارة إلى الرغبة في إيقافها عن طريق إيقاف برنامج النشر في الوزارة. ونادت البشير، التي كتبت للطفل، بالاهتمام بأدب الطفل في الأردن كأولوية، منتقدةً إيقاف دعم العدد من المراكز والمنتديات الثقافية بحجة عدم وجود المخصصات أو تقليص الموازنات، مما كان له الأثر السلبي على الأنشطة الثقافية النوعية. وفي مداخلته تحدث رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين الشاعر عليان العدوان عن علاقة الاتحاد القديمة بوزراء الثقافة، وتحديداً مع الدكتور عادل الطويسي، مبيناً أنّ للطويسي وزملائه جهوداً مهمة في الحركة الثقافية في الأردن. وذكر العدوان أنه زار وزيرة الثقافة مؤخراً وقدم لها مذكرة تفاهم وأطلعها على رغبة الاتحاد في أن يكون عضواً فاعلاً في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وتحدث عن صاحب الحق في أن يعطي المنتديات الثقافية في الأردن صفة الشرعية الثقافية مبيناً الدور الكبير لاتحاد ىالكتاب في خدمة الكتاب والمثقفين. رئيسة مسرح عمون للثقافة والفن عرّفت بالأنشطة الدؤوبة للمسرح في المجال الثقافي والشعري تحديداً، في برنامج عشيات عمون كل أسبوع، مثلما تحدثت عن الفعل المسرحي والفني المتكامل. وفي تنظيرها للمشهد الثقافي المحلي تساءلت البواب عن قيمة الإصدارات التي يخرج بها علينا من لا علاقة لهم بالأدب، منتقدةً ظاهرة الفيسبوك التي أفرزت من يسمون أنفسهم بالكتاب والشعراء. وقالت إنّ المسرح شهد خلال ستة أشهر من هذه السنة توقيع 14 كتاباً، وذلك ما دعاها إلى توخي المسؤولية الثقافية والأكاديمية تجاه هذه الإصدارات التي تغصّ بها الساحة الثقافية، هل هي عامل قوة أم مؤشر خطر، وانتقدت البواب الأيدي الخفية التي تتدخل في مشروع النشر لدى وزارة الثقافة، لتتحدث أخيراً عن دور الدولة في تكريم المبدعين الأحياء، بدلاً من البكاء عليهم في ما بعد. الثقافة الوطنية الكاتب في المجال الثقافي والاجتماعي حنا ميخائيل سلامة قال إنّ نشر الثقافة الوطنية وتعزيزها رسالة وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية، مبيناً استغرابه من عدم تفعيل هذه الرسالة على النحو الصحيح في المرحلة الصعبة التي مرت بها المنطقة من حولنا، وما حصل من تفاعلات على الشارع والساحة المحلية؛ فلم تتم إقامة مؤتمرات وورشات عمل لزيادة الوعي وتوسيع المدارك والشهادة بصوت الضمير لِما بُذل من جهود مخلصة عبر السنوات الطويلة من تاريخ الأردن ليكون واحةً للأمن والاستقرار. وتساءل سلامة مع الضيف الطويسي، من حيث هو متخصص وله باع طويل في المسيرة الجامعية الزاهرة: هل مفهوم الثقافة محصور في حقل الآداب من قصة ورواية وشعر وغير ذلك؟! ومع تقديره لأصحاب العطاء الحقيقي في هذه الحقول، إلا أنه تحدث عن العلماء المبدعين في حقول الطب والمياه والهندسة والجيولوجيا وسائر الأصعدة العلمية؛ منتقداً عدم وجودهم لدى وزارة الثقافة على المُسمى الثقافي، إذ لا تلفت لمُنجزاتهم ومؤلفاتهم التي تبرز وجهاً مشرقاً للأردن، مضيفاً أنّ الملاحق الثقافية، أيضاً، ووسائل الإعلام لا تذكر شيئاً عنهم أو عن مؤتمراتهم العلمية التي تستشرف المستقبل. وتساءل عن هدر الأموال على طباعة الكتب على حساب الوزارة والمؤسسات الثقافية؛ مبيناً أن الكثير من هذه الكتب مغلّفة ، بل مُكفَّنة بأغلفة جميلة، بينما محتوياتها مجرد رصف كلام لا يحمل مضموناً، إذ يولد الكتاب في الصباح ويُدفن في المساء لعدم تقديمه أيّ جديد معرفي ولا يفيد الحاضر أو المستقبل. وانتقد سلامة هدر الميزانيات على طباعة كتب وتوزيعها مجاناً؛ لنجدها ملقاة تلحقها الرطوبة في مستودعات النوادي والمراكز والمكتبات.. وأعرب عن أسفه لمشروع مكتبة الأسرة، حيث الكتب التي تباع بسعر رمزي 35 قرشاً نجدها في الأكشاك والمعارض وفي المكتبات تباع بثلاثة دنانير وأكثر، إذ يشكل ذلك فرصةً للتجار. الكاتب علي القيسي تناول مسألة الهوية الثقافية العربية؛ معرباً عن أسفه لهذا الجيل الذي لا تربطه بماضيه الصلات أو يحمل ثقافة، إذ تقوم النخبة فقط بدورها في ظلّ هذا التساهل مع ثقافة الأجيال الجديدة التي قال إنها لا تدرك ما حولها أو تعي أقل المتطلبات. وانتقد القيسي عدم اهتمام طلاب الجامعات باللغة العربية واعتماد الإنجليزية فقط معياراً للتوظيف في الشركات والمؤسسات، منادياً بخطة شاملة في هذا المجال. وقال إن رفعة الأمة من رفعة لغتها وثقافة أبنائها والأجيال الجديدة. ثقافة الإصلاح الخبير التربوي الدكتور عبدالغني حجير قدّم مداخلةً حول الإصلاح الثقافي، مشترطاً الاقتناع أولاً بثقافة الإصلاح، لأن مجال الثقافة كما يفهم مرتبط بالذهنيات والمواقف والسلوكيات والاختيارات ومنظومة القيم أكثر من ارتباطه بالقوانين والتشريعات. تحدث حجير عن الإصلاح الثقافي من حيث هو قابل للتحقق، في دعوات الأنبياء والرسل والمصلحين التي تضمنت جميعها دعوة ثقافية، لأنها تتخذ، كما قال، منحى الثورة ليس بدلالتها الماركسية، ولكن بمعناها العام الذي يفهم منه إحداث انقلاب جذري في كيان الفرد والجماعة بهدف الاستجابة لقيم جديدة بنّاءة حضارية تنهض بالأمة. واستند حجير إلى مجموعة شروط حددها الكاتب محمد يتيم في كتابه (الإصلاح الثقافي)، ذاكراً إصلاح نظام الفكر بإصلاح مناهجه، وإعادة بناء الرموز الجديدة والقيم التي تتجاوز القيم البالية، دون السقوط في قطيعة مع القيم الأصيلة للمجتمع، إذ يُعدّ ذلك شرخاً قيمياً لا مثيل له. كما ذكر حجير أهمية تقديم نماذج بشرية حية تترجم الرموز المذكورة في سلوك يومي حي تبعث على الاقتداء والمتابعة، والأهمية البالغة لعنصر التربية في إصلاح نظام الثقافة، والعلاج السلوكي أو المقاربة السلوكية في تغيير الثقافة، بالمنظومات القانونية، والأهمية القصوى لعنصر التدريب وبناء القدرات. وفي الشق الثاني من مداخلته تناول حجير مداخل الإصلاح الثقافي التي لا يجوز أن تكون مجزأة ويطغى عليها التدبير والانتهازي، وإنما ينبغي صياغتها في رؤية مجتمعية شاملة، مهتماً بالمدخل الديني التربوي، والتشريعي القانوني، والإعلامي، وعلاقة السياسي بالثقافي، منتهياً إلى أنّ الإصلاح قضية مجتمعية، حيث المرحلة المقبلة تستدعي تعزيز ثقافة الانتماء الوطني والحفاظ على الوحدة الوطنية. وتساءل حجير عن شهادات الدكتوراة التقديرية أوما تسمى بالفخرية التي تعطى على حفل عشاء وبالمجان، في حين يشقى الأكاديميون ويسهرون ليلهم ليجدوا الساحة تغصّ بكل هؤلاء الأكاديميين الجدد. الباحث في التراث مصطفى الخشمان أعرب عن تقديره لجهود الطويسي السابقة واللاحقة في المجالين الأكاديمي والثقافي، والبرامح الضخمة التي اجترحها في وزارة الثقافة، مناقشاً قضية غاية في الأهمية هي الخلل في التطبيق وكثرة طباخي المشهد الثقافي، ونادى الخشمان بتوظيف المنتج الثقافي وتسويقه داخل الأردن وخارجه. الجهد التشاركي بدوره وجد الطويسي أنّ المداخلات منها ما كان إجرائياً ومنها ما هو تنظيري ومنها ما يحتاج قراراً رسمياً، منوهاً أنه يتحدث عن مشهد ثقافي عام ولا يتناول دور وزارة اثقافة، وإن كان ذلك الدور يجيء في السياق. وفي جانب معين قال إنّ وزارة الثقافة في دول معينة يقوم بها القطاع الخاص، مبيناً أننا يدفعنا نحو القطاع العام الرسمي شعورنا بالدور الأبوي للدولة، مبيناً أنّ الجهد في ذلك إنما هو تشاركي، متناولاً أثر الجامعات والجوامع في رفد الناس بالثقافة والتنوير والفكر الصحيح. الطويسي أستاذ اللغويات في اللغة الإنجليزية من جامعة ميتشيغن، وزير الثقافة الأسبق (2005- 2007)، صاحب العشرين برنامجاً ومشروعاً ثقافياً اجترحها لوزارة الثقافة، من أهمها التفرغ الإبداعي، مدينة الثقافة الأردنية، مكتبة الأسرة الأردنية أو مهرجان القراءة للجميع، مكتبة الطفل المتنقلة. وهو أول من أدرج موضوع التنمية الثقافية على طاولة مجلس الوزراء، وكان رئيساً ومؤسساً لجامعة الحسين بن طلال والجامعة الأردنية وجامعة آل البيت، وأميناً عاماً لوزارة التعليم العالي، وأميناً عاماً للمجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا، والرئيس المؤسس لمدينة الحسن العلمية.الرأي الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: الخميس 19-06-2014 12:15 صباحا
الزوار: 1279 التعليقات: 0
|