سؤالٌ أجاب عليه أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان بتأكيده أنّ القاصي والداني يعلم أنّ الأردن بقيادته الهاشميّة يعتبر القدس والمقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة قضيّةً رئيسةً، لا تقع إلا ضمن المسؤوليات الوطنية والدينيّة والقوميّة التي يؤمن بها ويتولاها إلى جانب اعتبار القضيّة الفلسطينية، بما فيها القدس، قضيّته الأولى.
فالأردن يتابع أولاً بأوّل وساعةً بساعة العدوان الإسرائيلي على القدس والمقدسات وكل إجراءات إسرائيل التهويدية، خاصة في القدس، وهي الإجراءات التي تهدف من خلالها إلى إفراغ القدس من سكّانها العرب وترحيلهم خارج البلدة القديمة والاستيلاء على مقدّساتها المسيحية والإسلاميّة ومحو كلّ الآثار الإسلاميّة والمسيحيّة والإدعاء بأنها عبرية أو يهوديّة..
ويضيف كنعان لـ(الرأي) أنه ومنذ عام 1967  ما تزال تجري الحفريات والتنقيب والبحث بين الآثار لعلّها تجد أثراً يقول إنه أثرٌ يهودي أو إنه يعود إلى الهيكل الذي تدعي إسرائيل وجوده زوراً وبهتاناً. يقول كنعان: ولكنه منذ عام 1967 وقبله لم تجد إسرائيل أي أثر على الإطلاق؛ فكل الآثار التي ادّعت أن لها علاقة بالهيكل المزعوم أو باليهود كذّبها العلماء واليهود أنفسهم، وليس العلماء العرب وحدهم. ويدلل كنعان بحادثة فضح مدير الآثار اليهودي قبل سنوات عالماً يهودياً قام بعملية تزوير لبعض الآثار، وادعى أنها آثار عبرية يهودية فأحيل هذا العالم ومن معه من شركاء إلى المحاكمة بتهمة التزوير بعد أن شكّل فضيحةً كبرى لدى الأوساط العلمية بالتراث والتاريخ والآثار.
تحت كل هذه الذرائع وغيرها تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بحسب كنعان، الاستيلاء على القدس ومحو آثارها الإسلاميّة والمسيحية كلياً، في حين أنّ الأردن ما يزال يقف بالمرصاد لكل هذه المحاولات؛ وما ذاك إلا لمعرفة القيادة الهاشميّة المعرفة الدقيقة بالنوايا والأطماع الصهيونية في القدس؛ فكان أن سارع الأردن إلى تسجيل القدس ضمن التراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982.
ويضيف كنعان أنّ الأردن نقل مسؤولية المحافظة على هذا التراث إلى منظمة اليونسكو ولجنة التراث العالمي كليّاً إلى جانب اعتراف اليونسكو بمسؤولية الأردن المباشرة على هذا التراث. ويذكر كنعان في السياق ما كانت إسرائيل تزمع القيام به وتخطط له في توسيع مساحة البراق التي تم الاستيلاء عليها إثر عام 1967 على حساب الآثار الإسلاميّة المحاذية لطريق باب المغاربة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يقول كنعان، فإنّ إزالة هذا الطريق المؤدي لباب المغاربة مع الجسر الخشبي المؤقت الذي وضع عام 2007 تمهيداً للمستقبل يظهر مخططاًً إسرائيلياً بالاستيلاء على بقية الآثار الأموية، ليصبح كل ما حول الحائط الغربي من أوّله حتى آخره ساحةً لإسرائيل، إلى جانب النيّة ببناء كنيس يهودي كبير يعلو المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، يزمعون بناءه فوق المدرسة (التنكزيّة).
معركة اليونسكو التي يخوضها الأردن مع إسرائيل لا زالت قائمة، بحسب كنعان، وقد رفضت اليونسكو مشروع بناء جسر حديدي سبق لإسرائيل أن تقدّمت به بدلاً من الطريق المؤدي إلى باب المغاربة، وقبلت المشروع الأردني المضاد الذي يعيد الطريق كما كانت قبل هدمه وبناء الجسر الخشبي المؤدي للباب. إلا أن اليونسكو، كما يقول كنعان، طلبت تقديم مخططات تفصيلية للمشروع الأردني؛ وعليه فقد أعاقت إسرائيل، وما يزال وصول المهندسين والعمال الأردنيين لأخذ المخططات اللازمة. كما عادت إسرائيل وأعاقت قيام الأردن بتنفيذ مشروع بناء الطريق كما وضعته وقدمته إلى اليونسكو؛ إذ أنها تريد أن تدخل شريكاً في إعادة بناء جسر خشبي جديد بدلاً من الطريق، لكن الأردن يرفض رفضاً قاطعاً ويعتبر أن أية إعادة لبناء الطريق أو جسر خشبي عليه هي من مسؤوليته الكاملة، ذلك أن هذا الطريق وما يحيط به وكل الأسوار وحول المسجد الأقصى هي وقف إسلامي تعود مسؤوليتها إلى وزارة الأوقاف الأردنية التي يوجد لها ما يزيد على 600 موظف يعملون في القدس ومقدساتها ويديرون الأوقاف ومسؤولية البناء والترميم التي تتولى إعادة الأعمار والترميم على مدار العام في المسجد وكل ما يتبعه ويحيط به.
ويذكّر كنعان بما أعلنه جلالة الملك عبدالله الثاني من أن القدس والمقدسات إنما هي خط أحمر بالنسبة للأردن ولقيادته الهاشميّة، وليس هناك أي مجال لإسرائيل لأن يكون لها أية مسؤولية على الإطلاق. وعليه فما أن أعلن رئيس بلدية إسرائيل النيّة لتنفيذ المخطط بهدم الطريق المؤدي إلى باب المغاربة وإزالة الآثار الإسلاميّة المحيطة به حتى وجدنا هبّةً إسلاميّة عربية، فاستنفر العالم الإسلامي والعربي بمؤسساته الأهلية  وقطاعاته كافة استنكاراً واحتجاجاً على ما تزمع إسرائيل القيام به.
وبحسب كنعان؛ فلا أحد يضمن النتائج ما لم توقف إسرائيل إجراءاتها هذه، وهي النتائج المتعلقة بالغضب الشعبي الرسمي في العالم العربي والإسلامي، فإسرائيل، كما يقول كنعان، ما تزال تعيش بعقلية القلعة وتحلم بأن تبقى القدس عاصمتها الموحّدة؛ فتحتل الأرض العربية وتديرها وفق ما تشاء وتستولي على أحيائها وسكانها وقراها وتهوّدها لتمنع قيام الدولة الفلسطينية.
يؤكّد كنعان الحراك الشعبي الثقافي، سواء بعقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات من أجل القدس وكذلك الرسائل والنداءات؛ فهي جيّدة وتصب في هدف التنبيه وبيان الأهميّة، مشجّعاً على استمرار الفعل الثقافي لتبقى القدس في عقول وصدور الأجيال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى يرى أنّ العالم العربي والإسلامي مدعوٌّ إلى دعم الأردن ومساندته ومساعدته اقتصادياً ومالياً وعسكرياً لكي يستطيع الصمود أمام التحديات التي يواجهها وليتمكن من دعم أهل القدس وفلسطين في صمودهم ضد الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف إلى ترحيلهم ومغادرتهم الأرض بغية إفراغ القدس وفلسطين من سكانها.
يعود كنعان يؤكّد أنّ الجميع يعلم أنّ الأردن يشكل خطّ الدفاع الأول لأمته العربية والإسلامية في وجه الأطماع الصهيونية التي تستهدف الثروات العربية والإسلامية، وعليه فإنّ ما يقدّمه الأشقاء للأردن يُشكرون عليه؛ وعلى هذا فإن الأردن بحاجة إلى الأشقاء ودعمهم المتواصل لكي يتمكن من تنمية اقتصاده ويرتاح من المديونية، لأن ذلك يعتبر دعماً لفلسطين وللقدس وأهلها الصامدين، فهو الذي يقدم للقدس وللأشقاء كل ما أمكنه ضمن إمكانياته، وعلى الرغم من مديونيته، وسيبقى كذلك مهما بلغت التضحيات وكان الثمن.