|
عرار: تتويجاً لجهود هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة...اليونسكو تدرج " التغرودة " في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية....سلطان بن طحنون : إنجاز مهم يُسهم بتسليط الضوء على التراث الثقافي للإمارات وتشجيع الحوار بين الحضارات.....مدير عام اليونسكو : التراث المعنوي فخر الدول والمجتمعات ويخلق الاحترام والتفاهم بين الشعوب فرنسا -عرار:أدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو" "التغرودة" كتراث إنساني حيّ في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وذلك خلال اجتماعها الأخير الذي عقد (اليوم الخميس 6 ديسمبر ) بمقر المنظمة في باريس. وتقدّم معالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، بأصدق وأخلص التهاني لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، و لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وللفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بهذه المناسبة التي تؤكد جهود دولة الإمارات في مجال صون عناصر التراث المعنوي لمنطقة الخليج العربي على الصعيد العالمي، والتي توجها إدراج "التغرودة" في قائمة "اليونسكو" وذلك بالتعاون مع سلطنة عُمان الشقيقة. وقال معاليه إن دولة الإمارات قد تمكنت من تحقيق نجاح كبير في مجال صون عناصر التراث الثقافي غير المادي، مؤكداً أنّ الحفاظ على التراث كإرث للأجيال القادمة يمثل أساساً مهماً لهوية شعب دولة الإمارات العربية المتحدة، جنباً إلى جنب مع استراتيجيات التطوّر الحضاري والانفتاح الثقافي، وهو النهج الذي سار عليه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. جاء إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة " التغرودة " كتراث إنساني حيّ في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية خلال الاجتماع الدولي للجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي للبشرية الذي يُعقد حالياً في مقر اليونسكو بباريس خلال الفترة من 3-7 ديسمبر 2012 بمشاركة وفود 146 دولة عضو في اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي. وأكد معاليه أنّ إدراج " التغرودة " في قائمة اليونسكو من شأنه أن يسهم في تعزيز استمرارية هذه الفنون التراثية الأصيلة، وتسليط الضوء على التراث الثقافي لدولة الإمارات، وتشجيع التنوع الثقافي والإبداع البشري والحوار بين الحضارات. وتوجه معاليه بخالص الشكر والتقدير لكافة الجهات الرسمية في دولة الإمارات، والتي كانت خير عون وداعم لملف الترشيح في اليونسكو وإنجاز معايير الإدراج، وخاصة وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والمندوبية الدائمة للإمارات باليونسكو، والمجلس الوطني للسياحة والآثار، وللجمعيات الأهلية ولكل المهتمين بصون تراثنا الوطني على دورهم الداعم لملفات الترشيح. وذكرت السيدة إيرينا بوكوفا، مدير عام اليونسكو، أنه "يحق لكل دولة يتم تسجيل تراثها في اليونسكو أن تفخر بذلك، فمن شأن ذلك أن يدعم من هوية مواطني الدولة، فالتراث غير المادي هو فخر الدول والمجتمعات والجماعات، وهو الذي يسهم في خلق الاحترام والتفاهم والسلام بين الشعوب، ويساعدها على تحقيق التنمية المستدامة. فالصون لا يعني تجميد التراث، وإنما يعني نقل المعارف والمهارات والمعاني والقيم من جيل لآخر وهذا هو الذي تركز عليه اتفاقية اليونسكو للعام 2003. لذا فإن التسجيل هو الخطوة الأولى التي ينبغي أن تتبعها خطوات جادة للحفاظ على هذا التراث، وهنا تبرز مسئولية الدولة وهيئاتها المتخصصة". وكانت سكرتارية اليونسكو والدول المشاركة قد أشادت بجهود دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث وصفتها بأنها من أكثر الدول التزاماً بالحفاظ على تراثها وبتطبيق اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، وبخاصة في مجال تطوير القدرات من حيث عقد الدورات التدريبية والمؤتمرات والملتقيات العالمية والإقليمية، فضلاً عن دور هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في ترجمة ونشر مطبوعات اليونسكو مما يضع دولة الإمارات في مصاف الدول الرائدة في هذا المجال. واعتبر سعادة مبارك حمد المهيري، مدير عام هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، أنّ نجاح دولة الإمارات في تسجيل "التغرودة" في قائمة التراث المعنوي للبشرية يمثل نجاحا كبيرا ودليلا على كفاءة الملفات العلمية التي قدمتها الدولة بالتعاون مع سلطنة عُمان الشقيقة، وحرصهما على الترويج للتراث الخليجي العريق، مع الإشارة لمدى صعوبة معايير الترشح والإدراج التي تعتمدها لجنة الخبراء في المنظمة الدولية. وأكد سعادته أنّه ما من شك أن لإدراج التغرودة على القائمة التمثيلية لليونسكو تأثيراً إيجابياً في انتشار هذه الفنون التراثية الأصيلة، وزيادة مستوى الوعي بأهمية التراث الثقافي غير المادي على المستويات الأهلية والرسمية، ويشكل متابعة لإنجازات أبوظبي والإمارات في تسجيل كل من "الصقارة" و "السدو" في قائمة اليونسكو. كما أنّ من شأن ذلك أن يسهم في توفير فرص استمرار التغرودة وبقائها كلون تراثي أصيل وتعزيز مكانتها في قائمة فنون الأداء واستمرار ممارستها من قبل الأجيال الحالية والقادمة في مجتمع الإمارات وسلطنة عمان. وأشار المهيري إلى المشاركة الفعالة للعديد من المؤسسات والجمعيات الأهلية في الدولتين بشكل فعال في الترويج لهذه الفنون المميزة كشكل من أشكال فنون الأداء والفنون الشفاهية، وفي إكساب فكرة ترشيحه لدى اليونسكو دعماً مجتمعياً كبيراً. واعتبر المدير العام للهيئة أنّ الاعتراف الدولي بالتغرودة سيسهم في تعريف شعوب العالم بهذا التراث العريق، وفي تدعيم الجذور الثقافية التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة بسلطنة عُمان من جهة، وبدول العالم الأخرى، خاصة أنّ هذه الفنون تشكل جزءا ًمن من تراث الجماعة، بما تمثله لها من دلالات تاريخية وقيم ثقافية وعادات اجتماعية. وأكد د.ناصر علي الحميري مدير إدارة التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ومنسق ملفي الصقارة والتغرودة، أنّ إدراج هذه العناصر التراثية لدى اليونسكو سيسهم في تعزيز الترابط بين أبناء المجتمع، وتدعيم الجذور الثقافية لهم، كما يشكل حافزاً قوياً للجمعيات التراثية لتقديم عروض التغرودة في المناسبات الاجتماعية والوطنية والمسابقات الشعرية، لاسيما تلك التي تعقد أثناء مهرجانات التراث السنوية أو سباق الهجن، علاوة على أهمية هذا الإدراج في تطوير هذا اللون الشعري بحيث يتناول موضوعات مجتمعية معاصرة. وبالفعل فقد تم دمج بعض قصائد التغرودة الشعرية مع بعض عناصر التراث الثقافي غير المادي الأخرى، مثل فن العيالة. يذكر أن اللجنة الدولية الحكومية لصون التراث الثقافي غير المادي للبشرية في اليونسكو تجتمع كل عام، لتقييم العناصر المرشحة، ولتقرر في مسألة إدراج الممارسات والتعابير الثقافية من التراث غير المادي المقترحة من قبل الدول الأطراف في اتفاقية عام 2003، وذلك في قوائم اليونسكو المختلفة. وتعتبر قائمة التراث العالمي غير المادي، الذي يحتاج إلى صون عاجل أهم هذه القوائم، لأنها تتكون من عناصر التراث غير المادي التي تعتبرها الجماعات المعنية والدول الأطراف بأنها بحاجة إلى تدابير طارئة للصون حتى يبقى إيصالها إلى الأجيال اللاحقة أمرا ممكنا. كذلك يسهم الإدراج على هذه القائمة في حشد التعاون والدعم الدوليين اللذين يتيحان للدول الأطراف المعنية القيام بتدابير الصون الملائمة. وقد أدرجت لجنة الصون العاجل حتى اليوم 27 عنصرا من 15 دولة في القائمة، في حين تتكون القائمة التمثيلية للتراث الثقافي العالمي للإنسانية من 232 عنصرا وتعبيرا من 86 بلداً تمثل دليلا على تنوع التراث غير المادي. يمكن القول: إن التراث غير المادي – وفقاً لتعريف اليونسكو- هو التراث الحي للإنسانية.. إنه يشمل مجمل الأشكال التعبيرية والعادات والتقاليد التي ورثناها عن آبائنا وسنُورِّثُها لأحفادنا. ويظهر لنا التراث غير المادي من خلال التقاليد الشفوية مثل سرد الحكايات، والفنون الأدائية مثل الرقص والموسيقى التقليديين، والعادات الاجتماعية والأعراف الأخرى، وكذلك المعرفة والحرف والصناعات التقليدية، وهو يشمل كذلك أشكال التعبير والتقاليد والأعراف الحية. وضم وفد الدولة كل من: سعادة مبارك حمد المهيري مدير عام هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، د.ناصر علي الحميري مدير إدارة التراث المعنوي في الهيئة، والسيد أحمد علي الضنحاني نائب مدير إدارة التراث والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، ود.إسماعيل الفحيل مستشار التراث المعنوي في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، والسيد عوض علي صالح مستشار التعاون الثقافي الدولي في الهيئة، والسيد محمد الفريحات المستشار القانوني في الهيئة، والسيد سعيد حمد الكعبي رئيس قسم الإنتاج في إدارة التراث المعنوي بالهيئة. التغرودة : الشعر البدوي التقليدي المُغنّى على ظهور الإبل التغرودة تمثل جزءاً من الكتاب التراكمي لشعر القبائل البدوية، الذي يشتمل على تاريخهم وقيمهم الثقافية وعاداتهم الاجتماعية ونظرتهم إلى العالم وحكمتهم وثقافتهم التعبيرية، حيث يعد الشعراء وحاملو هذا التراث جزءاً من تراث الجماعة لاسيما أنه لم يبق على قيد الحياة إلا عدد قليل من هؤلاء الشعراء (يقدر عدد شعراء التغرودة في أبوظبي وحدها بحوالي 300 شاعر، وفقاً لبحث قامت به هيئة ابوظبي للسياحة والثقافة. تمارس التغرودة في دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل تقليدي من قبل القبائل التي عرفت باهتمامها بتربية الإبل في المنطقة الغربية، ومدينة العين، وبعض التجمعات البدوية حول المناطق الجبلية من رأس الخيمة والفجيرة، وسكان القرى الزراعية الصغيرة، التي تعرف تراثياً باسم المحضر، حيث يجتمع فيها كبار السن لإلقاء الشعر على أفراد العائلة. كما تعد التجمعات السكنية الجديدة التي تتكون حول أسواق الجمال في أبوظبي ودبي والشارقة وأم القيوين جزءاً من هذه الجماعات المعنية. وتعد التغرودة نوعاً من أنواع الشعر البدوي الشعبي الذي يؤلفه الشعراء،ويُلقى من قبل الرجال الذين يرحلون على ظهور الإبل. تبدأ التغرودة بتأليف قصيدة قصيرة، تُرتجل عادة وتُكرر من قبل المسافرين الآخرين. و يتم أداء هذه القصائد على شكل غناء منفرد أو جماعي من قبل راكبي الإبل، حيث يقوم المؤدي الرئيسي بغناء البيت الأول، ثم ترد عليه المجموعة الأخرى. وقد تُنشد هذه القصائد أثناء حفلات السمر التي تقام في المناسبات الاجتماعية الأخرى.ولا يُصاحب هذا الإنشاد أي نوع من الأدوات الموسيقية. تتألف القصيدة من أبيات قصيرة (أقل من سبعة أبيات عادة) وتتبع الوزن السريع في الشعر العربي الفصيح الذي يُعرف باسم الرجز. ويتم الإنشاد من خلال المبالغة في مد الحروف المتحركة. وكان البدو يعتقدون أن هذا النوع من الشعر يسلي الراكب ويحث المطايا على السير مع الإيقاع. وقد تغيرت التغرودة في العقود القليلة الماضية نظراً إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي حدثت بالمنطقة، حيث تحولت إلى شكل من أشكال التعبير الشعري الذي يستخدم بعض الأوزان الشعرية وأصبح من غير الضروري أن يصحبه الإنشاد.كما يقدم هذا النوع من الشعر حالياً بشكل كتابي وفي تسجيلات سمعية. تتنوع موضوعات شعر التغرودة ما بين الحب الرومانسي والصداقة والطموحات والمديح والعلاقات القبلية، ويمتاز هذا النوع من الشعر بأنه مباشر ولا يستخدم صوراً مجازية معقدة، هذا وتلعب التغرودة دوراً مهماً في توثيق التاريخ الاجتماعي والثقافي للمنطقة. كان الشعراء وحاملو هذا التراث في الغالب من الذكور البالغين الذين اعتادوا قضاء الكثير من أوقاتهم على ظهور الإبل، كما كانوا من ذوي المكانة والوجاهة في المجتمع،وممن يحظون بقدر كبير من الاحترام، لدورهم بتوسيع نطاق حمل هذا التراث ليشمل الكثير من الجماهير العادية، وقد عرفت النساء البدويات أيضاً، في الماضي والحاضر،بالقدرة على تأليف قصائد التغرودة وإنشادها أثناء قيامهن بالأعمال الجماعية، لكن عددهن كان دائماً أقل مقارنة بالرجال. ومن بين الشعراء المشهورين في فن التغرودة التراثي في دولة الإمارات العربية المتحدة، عبيد بن معضد النعيمي (منطقة الوجن)وأحمد بن سالم بالعبدة الشامسي (العين) ومحمد بن حامد المنهالي (المنطقة الشرقية). وكما رأينا،فإنه ليس من الضروري أن يكون حملة هذا التراث شعراء، إذ إن الكثير من الأشخاص المعروفين بهذا اللون من الشعر هم في الواقع مؤدون نظراً إلى انطواء التغرودة على الإنشاد المتكرر، ذلك لأن التعبير الشعري موهبة فردية تتوارث في بعض الأحيان من خلال الأسرة، ومن خلال مصاحبة كبار السن داخل الجماعة في التجمعات الاجتماعية اليومية أو المناسبات الخاصة. وقد استخدمت بعض أشكال التغرودة في بعض الفنون الشعبية، مثل العيالة والونة، كما تحول البعض من هذه الأشعار إلى أمثال تتردد في الأحاديث اليومية وأصبحت جزءاً ومكوناً من مكونات الحكمة التي يرددها الناس. الوظائف والمعاني الاجتماعية والثقافية للتغرودة تمثلت الوظيفة الأصلية لشعر التغرودة في تسلية المسافرين في رحلاتهم عبر الفيافي الشاسعة في المنطقة. إضافة إلى دورها في تمتين أواصر الترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع من خلال التبادل الشفهي للموضوعات التي تتناولها،وإرسال الرسائل إلى المحبوب والأقارب والأصدقاء وشيوخ القبائل. وتعد التغرودة كذلك وسيطاً للشاعر يمكن من خلالها أن يدلي بتعليقه على الموضوعات الاجتماعية. و وسيلة مهمة في تسوية النزاعات بين الأشخاص والقبائل،وجذب انتباه الناس إلى بعض الإنجازات التاريخية، وعلاقات الجوار الجيدة مع القبائل الأخرى. وفي العصر الحالي، وتفاعلاً مع الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة، أصبحت قصائد التغرودة تتحدث عن موضوعات تقليدية وحديثة،وأصبحت تُلقى في العديد من المناسبات مثل الأعراس وتكريم ضيوف القبائل والاحتفالات الوطنية،لاسيما أثناء سباق الهجن. ومما لا شك فيه فإن الجو الترفيهي الذي تتسم به التغرودة، يسهم في توفير الفرص الجيدة للجماهير كي تعرف المزيد عن تاريخها وماضيها وحياتها التقليدية. وهكذا تطورت التغرودة لتصبح احتفالاً شعبياً يمثل الهوية الثقافية، وعلامة على التميز لمن كان يمارسها في الماضي. ونظراً إلى شعبية التغرودة، لا يزال هذا النوع من الشعر يحمل الكثير من الأهمية في ربطه بين كثير من القطاعات والمجموعات الاجتماعية المختلفة في المنطقة. الكاتب:
اسرة التحرير بتاريخ: السبت 08-12-2012 02:31 مساء
الزوار: 2004 التعليقات: 0
|