مُقدّماً رؤيته حول مستقبل صناعة الأفلام، وحواراته مع نقّاد ومخرجين وممثلين وداعمين في صناعة الأفلام الأردنية، ينطلق المؤلف في رحلة مع صناعة الفيلم الطويل والقصير في الأردن، ليعتني بتجارب نسائية في هذا المجال لشابات أردنيات، موثّقاً في كتابه الصادر عن دار فضاءات شتيت هذه الجهود في مرجعٍ قارب 400 صفحة من القطع المتوسط، يتحدث حوله اليوم الناقد السينمائي عدنان مدانات والزميلة هند خليفات.
الكاتب، الذي يطلق منجزه بعد أربعة من المؤلفات السينمائية منذ عام 1986، ويشتغل في الصحافة الثقافية في وكالة الأنباء الأردنية(بترا) وصحيفةالرأي، يضع المهتم بالصورة الحقيقية للسينما في الأردن واقعاً وطموحاً وآفاقاً، مهتمّاً بكل نجاح أردني في هذا المجال من واقع حضوره ناقداً وإعلامياً في المهرجانات المحلية والعربية والعالمية.
(عتبات البهجة)، الذي طبعته وزارة الثقافة، ويحمل معنى البدايات المفرحة، يجيء مكمّلاً لأرشيف ناجح حسن، بعد أن كان قدّم (شاشات النور.. شاشات العتمة)، و(السينما والثقافة السينمائية في الأردن)، و(الآن على الشاشة البيضاء)، بالإضافة لمتابعات سينمائية أسهم بالتشارك في تأليفها.
في الكتاب، الذي يهديه إلى سمو الأمير علي بن الحسين وسموّ الأميرة ريم علي، يمهّد بخوض الشباب الأردني مغامرة صناعة الأفلام بمقدرة لافتة نحو كاميرا الفيديو الرقمية في إنجازات سمعيّة بصرية بإمكانات محدودة بعد ورش ودورات تدريبية الفضل فيها لمؤسسات وطنيّة على رأسها الهيئة الملكية للأفلام، التي انطلقت مطلع عام ألفين وثلاثة.
يقرأ الكاتب تنافس الشباب الأردني في مسابقات كتابة النصوص السينمائية، وإسهام مؤسسات وجامعات في ترسيخ صناعة السينما في الأردن، ذاكراً: (تعاونيّة عمان لصناعة الأفلام)، و(أفلام بلا ميزانيّة)، وشركة الرواد)، و(مؤسسة طيف)، ومعهد البحر الأحمر للعلوم السينمائية، وكلية الفنون الجميلة في جامعة اليرموك والجامعة الأردنية، وفرع كلية (أس أي أيه) الاسترالية في الأردن.
ويعرب حسن عن تقديره لأفلام توجت الحراك السينمائي الأردني، مثل فيلم المخرج الشركسي العالمي محيي الدين قندور، و(إعادة خلق) لمحمود مساد، و(المشهد) لحازم البيطار ورفقي عباس، مضيفاً إلى ذلك جهود شباب انطلقوا من محاولاتهم البسيطة في السينما إلى فضائها الأرحب، ذاكراً: يحيى العبدالله، وحازم البيطار، ووداليا الكوري، وناجي أبو نوار، وليث المجالي، وديما عمرو، ورفقي عساف؛ مبيّناً أنّ جميع هؤلاء في طور التحضير والاستعداد لإنجاز مشروع أفلامهم الروائية المؤجلة على غرار تجارب أقرانهم من المخرجين الشباب: أمين مطالقة في فيلم(كابتن أبو الرائد)، ومحمود مساد في فيلم(هذه صورتي وأنا ميت)، ومحمد الحشكي في فيلم( مدن ترانزيت)، بالإضافة للتجربة الكبيرة للأردني المخضرم محيي الدين قندور في فيلم(الشراكسة).
ويذكر المؤلف من جهود الهيئة الملكية للأفلام مشاركتها مؤخراً في مهرجان (كان) السينمائي الدولي، وتعريفها صنّاع السينما العربية والعالمية أهميّة المواقع الجاذبة في الأردن للفعل السينمائي في الآثار والموروث الحضاري والإنساني من أجل تصوير أعمال تسجيلية وروائية فيه، ذاكراً فيلم المخرج برايان دي بالما المسمى (رداكتيد)، والفيلم البريطاني(معركة حديثة)، والفيلم الروائي الكندي(حرائق)، وفيلم(خزانة الألم)، وفيلم)قضية عادلة)، وكل ذلك كما رأى ناجح حسن أثرى السمعة والمكانة وزاد من إعجاب النقاد.
وبعد أن يتناول المؤلف دور الهيئة الملكية للأفلام في الأفق الذي تطلقه للشباب الأردنيين والعرب في صناعة الأفلام، يذكر عناية المركز العربي للخدمات السمعية والبصرية بحضور صناعة الأفلام الدرامية الأردنية، وشركة الرواد المتخصصة، وشركة ألبير حداد، وشركة حكايا عمان، ومؤسسة الشروق للإنتاج الإعلامي، و(أفلام بلا ميزانية) لغادة سابا، وإيميجيشن لصناعة الأفلام لرولا ناصر، وشركة أفلام البتراء لعبدالله ومحمود كعوش في الستينات من القرن الماضي، والشركات الخاصة الحالية في هذا المجال لصناع أفلام أردنيين.
ينظر ناجح حسن إلى بيت الأفلام مفعّلاً للثقافة ومعززاً للحراك، بوصفه واحداً من إنجازات الهيئة الملكية للأفلام، احتُفل بافتتاحه بحضور صاحبي السمو الملكي الأمير علي بن الحسين والأميرة ريم علي، وهو كما يراه منجز ثقافي ينم عن الذائقة السينمائية لدى شريحة الشباب ويطوّر من المواهب، كما يتضمن وحدة متكاملة من منظومة مشاريع التثقيف السينمائي ووسائل الإنتاج السمعي البصري بالإضافة لمكتبة وافرة مختصّة بنقد وتتبع مسار السينما العربية والعالمية، عدا مكتبة أفلام عربية وحديثة وكلاسيكية، علاوة على كون بيت الأفلام في جبل عمان ذا طراز معماري مميّز يرفد المتعلمين بطاقة خلاقة وفضاء خاص.
ثمّ يقرأ المؤلف صناعة الأفلام في خطة التنمية الثقافية الأردنية، مارّاً بأفلام أردنية قبل نصف قرن نجحت بالرغم من ظروفها المالية، فكان أنها لم تلحق بالسينمات العربية، مع أنها أسست لصناعة سينما أردنية في تلك الحقبة. ومن جانب آخر يقترح ناجح حسن على وزارة الثقافة تفعيل قسم السينما في مديرية الفنون وتكوين برامج ومشاريع سينمائية إن لم تمكن مهرجاناً سنوياً، كما يتمنى على الوزارة تحديث صالات عرض مراكزها الثقافية، وطرح مسابقات في كتابة النص السينمائي بشقيها التسجيلي والروائي.
ويتسلسل في مشروع السينما البديلة وتعاون الهيئة الملكية للأفلام والمجلس الأعلى للشباب في تنشيط صناعة أفلام الشباب وتطوير الثقافة السينمائية، والاهتمام بالفيلم الوثائقي وتعميم هذه الثقافة. كما يذكر ناجح حسن مزايا الصندوق الأردني لتمويل الأفلام الذي أطلقته الهيئة الملكية للأفلام صيف هذا العام، ليتناول معنى الاستثمار في صالات السينما بمواكبة أحدث تقنيات العرض العالمية، وإضافة نوعيات جديدة من فنون الإبداع السينمائي، كما يتناول المواهب التي تمتزج بالمعرفة النظرية والعلمية في معهد البحر الأحمر للفنون السينمائية، ويستأنس بإنجازين أردنيين ضمن دليل الفيلم العالمي في نيويورك، وهما الفيلمان الأردنيان(كابتن أبو الرائد) لصوالحة، و(إعادة خلق) لمسّاد.
وفي جانب الحوارات السينمائية، في الكتاب، نقرأ مع المؤلف حوار سمو الأمير علي بن الحسين في صناعة الأفلام الأردنية، وفيه يبين سموّه أهمية الهيئة الملكية للأفلام رغبةً من جلالة الملك عبدالله الثاني للتعبير عن أحلام الشباب الأردني وخلق الفرص أمام هذا القطاع في صناعة السينما والاشتغال عليها بما تتوافر عليه الأردن من مزايا هذه الصناعة. كما يتطرق الحوار إلى تعريف سموّه بفرصة استقطاب أفلام عالمية تُصوّر في الأردن، تدعم المهنية وتتيح الاحتكاك الفني واكتساب الخبرة.
وفي الحوار يتطرق سموّه إلى إمكانيات الهيئة المحدودة التي هي ليست جهة إنتاجية بالمعنى المتعارف عليه، بقدر ما هي أفق وتدريب وتحفيز. كما يبيّن سموّه دور الهيئة في تعزيز الدافعية لصناعة السينما في ترويجها في مهرجان (كان) السينمائي الدولي كل عام. ويعرب عن الطموح بمهرجان سينمائي تنظمه الهيئة الملكية للأفلام، مصمماً على النجاح في هذه المدة القصيرة منذ تأسيس الهيئة. ويذكر سموّه تعاون الهيئة الملكية للأفلام مع هيئة أفلام أبو ظبي ودبي السينمائي الدولي والإسماعيلية للأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية، وحكايا الأفلام وقضاياهها المستمدة من حكايا مبدعيها الشباب وقضاياهم وهمومهم، وتعاون الهيئة مع مؤسسة مهرجان (ساندانس) للأفلام المستقلة وجامعة جنوب كاليفورنيا في ورش صناعة الأفلام وإتقانها.
كما يحاور ناجح حسن محيي الدين قندور مخرج فيلم الشراكسة، والسينمائي جلال طعمة، والمخرج أمين مطالقة، والممثل العالمي نديم صوالحة، والمخرج الناقد عدنان مدانات، والناقد محمود الزواوي.
في جانب الفيلم الطويل، ينفض الزميل الغبار عن النسخة النادرة من الفيلم الروائي الأردني(وطني حبيبي)، معايناً فيلم(كابتن أبو الرائد) لأمين مطالقة، و(الشراكسة) لمحيي الدين قندور، و(مدن ترانزيت) و(عندما كنت ميتاً)، وفيلم)الجمعة الأخيرة( ليحيى العبدالله، و)سمك فوق سطح البحر( لحازم البيطار.
أما في الفيلم القصير فيتناول الكاتب 24 فيلماً تسجيلياً عن يوم في حياة مدينة عمان، كما يعرض ثلاثة أفلام تسجيلية عن مدينة القدس، وتجارب متفاوتة تجمع بين الواقع والخيال، ويناقش فيلمي(أحلام بعيدة)، و(بائع الأحلام). ويقرأ بعين منصفة تجارب ومواهب تطرح قضايا إنسانية وجمالية، ليتناول أفلام طلبة معهد(الأس أيه أي)، و(نحن والتوحد) لمدين مصطفى، و(عمان شرق غرب)، وفيلم(الحكيم).
ويقرأ الكاتب أفلاماً أردنية قصيرة للقاق والزغلول، وفيلم (دالي) لأمجد رشيد، وفيلماً تسجيليّاً يرصد مراحل وتطور بترا، وفيلم (معركة الكرامة: النصر بعد الظهر)، و(المغطس تاريخ وسكينة)، و(عمان أيقونة حب). كما يعرض ناجح حسن 28 فيلماً تجمع بين الروائي القصير والتجريبي، وفيلم (سيرة لاجئ أفلام) لأصيل منصور، ويشرح عن مواهب شابة تغوص في جماليات الأمكنة والهموم الذاتية، كما يشرح فيلمي (كعب عالي) و(على سيرة البيانو)، ليعاين أربعة أفلام قصيرة عن الوحدة والحنين والأمل. ويتناول الكاتب أفلام: (تمتمات منى)، و(حياة وردية)، و(راحة) لأحمد سمارة، و(من وراء الباب) لمعتز مطر، و(موت الملاكم) لناجي أبو نوار، و(خوف) لنائل أبو عياش. ويدرس أفلاماً قصيرة أنجزها فتيان في لقائهم الأول مع الكاميرا، وورشة لصناعة أفلام الدقيقة الواحدة، وأفلاماً كرتونية على شاشة الإنترنت، وأفلاماً قصيرة في مسابقة المرأة في عين الكاميرا.
كما يخصص ناجح حسن فصلاً بعنوان(سُكوت؛ إنهنّ يصورن)، وفيه يقرأ تجربة مبدعات أردنيات، مقدّماً أعمالهن إلى المهتمين: فيلم(طرفة) لماجدة الكباريتي، وفيلم (هوية واحذر)، وللمخرجة وداد شفاقوج، وفيلم (أمامك تعليق) لداليا الكوري، وفيلم (عاطفة الصحراء) لهند خليفات. كما يعرض كاميرا المخرجة أسماء بسيسو، ويقرأ في أفلام:(بتول) لمنى بقيلي ورانيا حتر، وفيلم (ولا زلت حيا) لدارين سلام، و(العربي) لثلاث طالبات، و(الحيوانات من حولنا) لراما كيالي ولمياء الطباع، و(ما خلص) لغادة ساب. كما يضم الكتاب ملحقا مُصوّراً لأفلام وأبطال الكتاب من نقاد وممثلين ومخرجين.