|
عرار:
القاهرة: «الخليج» يقدم كتاب «الأغاني والموسيقى والأفراح في المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك»، للدكتورة أسماء عبد الناصر محمد، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، صورة نابضة بالحياة، لليالي الموسيقى والطرب التي عاشتها مصر المملوكية، من دون أن يفلت تقديم لمحات عامة عن حالة الغناء والموسيقى، وأخبار المغنين والموسيقيين في تلك الفترة، وعلاقاتهم بالسلاطين المماليك، فضلاً عن استخدامات الموسيقى والغناء في المجالات المختلفة بداية من الحروب التي خاضتها الدولة، أو استخداماتها الأخرى في المواكب السلطانية، واستقبال الضيوف، فضلاً عن الأفراح والاحتفالات الاجتماعية في ذلك العصر. ويتعرض الكتاب في جزء كبير منه، للموسيقي التي ظهرت كأبرز ملامح احتفالات المصريين بالمناسبات الدينية المختلفة، مثل الاحتفال بموالد الأولياء، أو استقبال شهر رمضان، وما كان يصاحبه من أغان شعبية لا تزال قائمة حتى اليوم، انتهاء بالأعياد، كعيدي الفطر والأضحى، والأغاني الأخرى التي كانت تصاحب احتفالية دوران المحمل الذي كان يحمل كسوة الكعبة المشرفة، إلى جانب الموسيقى الكنسية التي كانت تصاحب أعياد المسيحيين، والتأثير الذي أحدثته الأزمات الاقتصادية التي عاشتها مصر في تلك الفترة، على الحياة الفنية بشكل عام، وأثرها في المحتوى الغنائي. وعلى الرغم من أن اهتمام الناس بالموسيقى، كان ملمحاً أساسياً للمجتمع على مر العصور، إلا أن ذلك لا يمنع من ارتفاع شأن الموسيقى والغناء في عصر سلاطين المماليك بصفة خاصة، حيث ورث المماليك حب الفنون والغناء والموسيقى، حسبما تذهب كثير من الدراسات المتخصصة، من أسلافهم الفاطميين والأيوبيين، للدرجة التي أقبل فيها أمراؤهم وسلاطينهم على تلك الفنون، ومختلف ضروب الملاهي، ومتع الحياة ولذاتها، إقبالاً لم يعرف لأسلافهم من قبل، فانغمسوا فيه انغماساً شديداً، حتى كادت حياتهم كلها تكون للاستمتاع من هذا كله بنصيب وافر، وقد امتد ذلك إلى عامة المصريين الذين وجدوا في سلاطينهم من المماليك هذا الشغف، فأقبلوا عليه يشاركونهم الاستمتاع، لكن إقبال المصريين على الغناء في عصر المماليك، كان إقبال المتذوقين الدارسين. ويرجع كثير من الباحثين، الظهور اللافت للعديد من الآلات الموسيقية، مثل العود والطنبور والمزمار والطبول، إلى العصر المملوكي، الذي شهد أيضاً ظهور العديد من الآلات الموسيقية الأخرى، مثل الرّق، والكمان، والرباب، إلى جانب الطنبورة، والقانون، والساجات، والنقارات، وغيرها، وقد اشتهر في هذا العصر العديد من المغنين، ربما كان من أشهرهم مطرب يدعى عطعط، وقد كان حسبما تذهب العديد من الدراسات، من ندماء السلطان الناصر حسن، للدرجة التي كان يدعوه لحضور مجلسه، ولم ينافسه في تلك المكانة سوى مطربة أخرى، كانت تدعى اتفاق العوّادة التي تعلمت ضرب العود على يد عبد علي العواد، فمهرت في الغناء، وكانت اتفاق حسنة الصوت، جيدة الغناء، فقدمتها ضامنة المغاني لبيت السلطان، فاشتهرت فيه بالغناء، حتى أصبح لها نصيب كبير، لم ينافسها في ذلك سوى عبد العزيز الحنفي، الذي كان يوصف بأنه أعجوبة زمانه في الغناء والطرب، وخديجة أم خوخة. اشتهر عصر المماليك بالإنشاد الديني، الذي كان يمثل نوعاً آخر من الغناء، وقد تجسد في فن الموشحات، الذي أجاده عدد كبير من قراء القرآن الكريم، كانت لهم منزلة مرموقة في الترتيل، وقد عرف عن هؤلاء مشاركاتهم في الغناء الديني، ومن بينهم شمس الدين محمد بن حلة، وكان إلى جانب شهرته في الوعظ، منشداً ومغنياً ومطرباً كبيراً، لم ينافسه في الغناء، سوى أستاذ هذا الفن في العصر المملوكي ناصر الدين المازوني، الذي برع في إنشاد القصيد، للدرجة التي يقال عنه فيها إنه كان من عجائب الدنيا في فنونه. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: السبت 01-06-2024 08:00 مساء
الزوار: 228 التعليقات: 0
|