وجرى الحوار الذي أداره الدكتور غسان عبد الخالق، حول المرجعيات الفلسفية الغربية للمناهج النقدية من جهة، والتداخل الشديد بين بعضها بعضا، فضلاً عن غموض المصطلحات بسبب تعدد الترجمات، وغلبة التنظير على حساب التطبيقات النقدية، واستفاض في الإجابة عنها، حيث أكد ضرورة الإلمام بالسياقات التاريخية والفكرية لمناهج النقد الأدبي.
قال الماضي إنه اهتم في كتابه بالتطبيق، وإن التفاعل مع النصوص الإبداعية العربية وتقويمها والتفاعل يحقق أغراضا علمية وأكاديمية وتربوية؛ إذ يسهم في بيان قدرات المنهج وما يعتورها، واستخلاص المصطلحات الأدبية والنقدية واستخدامها بدقة. ويسهم الكتاب في البحث عن أفق نقدية جديدة يشتق معاييره من خلال العكوف على نصوص الحركة الإبداعية العربية "وخصوصيتها"، مع الإفادة من الإنجازات النقدية العالمية.
ورأى الماضي أن أهمية الكتاب تكمن في تحقيق مجموعة من الأغراض العلمية والنظرية، التي تتمثل في: ضبط الفوضى المنهجية التي تتجلى مظاهرها فيما يلي "عدم التفريق بين النهج، والمنهج، والمنهجية"، موضحا أن المنهج هو طريقة أو أسلوب في التعامل مع المادة المدروسة من حيث الترتيب والتنظيم والتنسيق والتوثيق والانتقال من الخاص إلى العام أو من العام الى الخاص.
وأشار الدكتور الماضي، إلى قيامه بتطبيقات عملية على نصوص إبداعية عربية قديمة وحديثة شعرية ونثرية، واختبر من خلالها مناهج النقد الأدبي الراسية والفاعلة في حقل النقد الأدبي من مثل "النقد الكلاسيكي، الرومانسي، التاريخي، النفسي، الأسطوري، الواقعي السحري، الاجتماعي، الجمالي"؛ واختبر تيارات أخرى مثل: "النقد البنيوي، والنقد ما بعد البنيوي (التفكيك)، والنقد الثقافي، والنقد النسوي، والأسلوبية، والقراءة التأويلية، ونقد ما بعد الكولونيالية".
ثم تحدث الماضي عن المزج بين المناهج النقدية "المتنوعة والمتعارضة"، بدعوى المرونة ومراعاة خصوصية الأدب ومادته، يتجلى في الانتقاء والاقتطاف من هذه المناهج، هكذا يتم الجمع -مثلا- بين المناهج المتعددة في دراسة نص واحد مثلا: فالطل -مثلا- يتطلب المنهج النفسي، والرحلة وما يرافقها تفرض المنهج التاريخي، والصورة والاستعارات والتشكيلات اللغوية لابد لها من الاستعانة بالمنهج الجمالي، وهكذا يتم التسليم بمنطوق النص. والتضحية بمنطقه الفني ووحدته "وحدة التجربة المصورة/الرؤية الفنية"؛ إذ يفتقد هذا المزج أو الجمع إلى تصور متسق لمصدر الأدب وماهيته ومهمته.
ويرى الماضي، أن الجمع يتم من دون الأخذ بعين الاعتبار أن هذا المناهج متعارضة في منطقاتها وغاياتها وفلسفاتها. فالجمع بين المناهج -ظاهرة منتشرة جدا- فهو لا يحل الأزمة المنهجية التي يعاني منها واقعنا الأدبي والنقدي؛ إذ هو في حقيقة الأمر أحد مظاهرها، فالجمع بين المناهج لا يؤدي إلى منهج جديد.
وتحدث الماضي عن أهمية التمييز بين الفروقات الدقيقة في المناهج، والحاجة الماسة لتحديد المصطلحات، ناهيك عن العمل على توجيه الباحثين في الماجستير والدكتوراه للإكثار من التدرب على التطبيقات العملية من خلال تقاريرهم وأبحاثهم، حتى يكونوا مستعدين لإعداد رسائلهم وأطروحاتهم الجامعية على أفضل وجه.
ودعا الماضي إلى أن نقرأ لنقاد كبار لهم شأنهم في الكتابة حول "التفسير النفسي للأدب"، في فترة زمنية قصيرة لاحقة. كما نقرأ للناقد نفسه حول "الشعر في إطار العصر الثوري"، ونقرأ لناقد آخر "النظرية البنائية"، وبعده "منهج الواقعية"، إلا أن محاولات النقد العربي في التعامل مع المناهج والتيارات الغربية انتهت -في العقود الأخيرة من القرن العشرين- إلى التبني الكامل للمناهج والتيارات الغربية بدعوى: الأدب العالمي، والنقد الكوني، والثقافة الإنسانية الواحدة.
ويرى الماضي أن العرب تبنوا البنيوية بعد أن انتهائها لدى أصحابها الغربيين، وتبنينا "التناص" بعد أن تخلى عنه رواده الغربيون، وتبنينا وتحمسنا لنظريات التلقي بعد أن أدرك مؤسسوها أنها وصلت إلى طريق مسدود فانتقلوا إلى أفق آخر هو نظريات الاتصال، لافتا الى أن الانبهار بالغرب هو دلالة على التبني وعلى استفحال الفوضى والأزمة في المنهجية.
وخلص الماضي إلى أن الشكوى المستمرة من وجود كتب وبحوث نظرية حول مناهج النقد الأدبي، وخلوها -في الأغلب- من الجانب التطبيقي، فجاء هذا الكتاب بالتطبيق، من أجل التفاعل مع النصوص الإبداعية العربية، ويقوم هذا التفاعل بتحقيق أغراض علمية وأكاديمية وتربوية؛ إذ يسهم في بيان قدرات المنهج وما يعتورها، وفي استخلاص المصطلحات الأدبية والنقدية، واستخدامها، بدقة، وقد يسهم في البحث عن أفق نقدي جديد يشتق معاييره من خلال العكوف على نصوص الحركة الإبداعية العربية "وخصوصيتها"، مع الإفادة من الإنجازات النقدية العالمية.