|
عرار:
بتنظيم من لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، في إطار استراتيجيتها الثقافية الهادفة إلى صون التراث الثقافي، وتعزيز الاهتمام بالأدب والشعر العربي، انطلقت مساء الأربعاء 8 فبراير 2023، على مسرح شاطئ الراحة بأبوظبي، الحلقة السادسة من برنامج “أمير الشعراء” في موسمه العاشر، البرنامج الذي يعد أضخم مسابقة تلفزيونية للشعر الفصيح في الوطن العربي، وذلك عبر قناتي أبوظبي وبينونة. في مستهل الحلقة التي انطلقت معها مجريات المرحلة الثانية من المسابقة، وجّهت الإعلامية لجين عمران خالص التعازي وصادق المواساة لضحايا كارثة الزلزال في سوريا وتركيا وشعبيهما، مؤكدةً على الموقف الإنساني لدولة الإمارات وقيادتها في دعم ومساندة الشعبين من ضحايا الكارثة من خلال عملية الفارس الشهم 2 التي أمر بإطلاقها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله،وتوجّهت بالتحية إلى أعضاء لجنةتحكيم البرنامجالدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، والدكتورة أماني فؤاد، أستاذة النقد الأدبي الحديث بأكاديمية الفنون بالقاهرة، والدكتور محمد حجو، أستاذ السيميائيات وتحليل الخطاب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الخامس بالرباط. تلاهلقاء الإعلامي الإماراتي عيسى الكعبي خلف الكواليس، بشعراء الحلقة الماضيةإبراهيم توري وزكريا عيساوي وفاطمة مفتاح الذين أعلنوا تمسكهم بالأمل الذي هو ثيمة هذه الحلقة منذ بدايتها، متوجهين بالتعازي لأشقائهم في سوريا وتركيا، ومعبرين عن مشاعر الحزن والتفاؤل معاً بين حالة كارثة الزلزال وطموح إمارة الشعر. وبعد تقرير استعادي للحظات إعلان نتائج تصويت الجمهور في الحلقة السابقة، أعلنت لجين عمران نتائج تصويت الجمهور للشعراء المتبقين من الحلقة الثالثة، حيث تأهل الشاعران إبراهيم توري بنتيجة 79%، وفاطمة مفتاح بنتيجة 54%. في مستهل الحلقة عُرض تقرير تناول شروط ومعايير المرحلة الثانية من المسابقة وتناوب الشعراء على مرور أول يقدمون خلاله قصائدهم في موضوع محدد ومجاراة قصيدة بقافية ووزن معينين، ومرور ثانٍ ينظمون فيها مناظرة شعرية ارتجالية من خمسة أبيات لكل منها، ثم تم الإعلان بعدها عن أسماء شعراء الحلقة وهم:أحمد مدني من مصر، دانا أبو محمود من سوريا، سيدي محمد محمد المهدي من موريتانيا، عائشة السيفي من سلطنة عمان،وعبدالواحد بروك من المغرب. أحمد مدني من مصر: رومانسية طاغية وحنين إلى عذرية قيس وإثر إعلان الدكتور علي بن تميم موضوع الحلقة وهو “العقل والعاطفة” بقافية الحاء، وبعد استقبال سريع من الإعلامي عيسى الكعبي خلف الكواليس مع الشعراء الثلاثة الأوائل ضمن الحلقة، أطل على خشبة المسرح الشاعر أحمد مدني من مصر، منشداً قصيدته بعنوان “نقش على شال أبيض” تناول فيها حكاية الشاعر ومعاناة الذات ومخاطباتها مع الورد والعاشقة ممعناً في وصفها الذي يعذب قلبه بين حبها من جهة والإحساس بعذابات الفقراء من جهة أخرى، حيث رأى الدكتور علي أن ذات الشاعر في القصيدة تأخذ مركز القصيدة برومانسية حاضرة حضورا طاغياً، في استعادة لتجربة الغربة لدى الشعراء الرومانسيين، مع استلهام للشعر العذري كما في أشعار قيس ليلى، أما الدكتور محمد حجو فقال: “الشال والنقش جميل والشعر جميل والبياض جميل، والرومانسية جميلة في نصك رغم أننا نجد فيه أشطر تطفح بالشعر وأخرى تحشوها بالنثر، مع لجوء واضح إلى أسلوب القلب”، واعتبرت الدكتورة أماني فؤاد أن الشاعر يلجأ إلى الانزياحات في سعيه لتغيير العلاقات المعتادة، مع بوح أبيات الشاعر بالحزن والحنين والشعور بالغربة، معلنا سعيه إلى صفاء القلوب وراحة الروح. دانا أبو محمود من سوريا: غريبة بين قلق انعتاق وأرق تعلُّق ثانية شعراء الحلقة الأولى من المرحلة الثانية، كانت دانا أبو محمود من سوريا مع قصيدتها بعنوان “الغريبة” متناولةً تساؤلات الذات بين قلق الانعتاق وأرق التعلق في كنايات سكنى الصراخ واستنطاق الصمت عن حقيقتها، حيث أخذ الدكتور محمد حجّو على الشاعرة التكلف في المباشرة والتكرار والطباق الواردين في القصيدة، مع جمالية القصيدة برأيه، أما الدكتورة أماني فؤاد فأشادت ببراعة الشاعرة المعبرة عن معانيها الحائرة ودلالاتها التي لا يمكن القبض عليها بسهولة بين المجاز والحقيقة، رغم حالة الذات المؤرقة في عدمية أعمق، وختم الدكتور علي بن تميم بأن الشاعرة اختارت بحر البسيط الذي يتميز بالتدفق والثراء والتنوّع، وأنها حاولت تقمص شخصية الغريبة في قصيدة تقوم على الوصف بالنفي أو السلب، مع غلبة التكرار ومفردات الشك والريبة، في محاولة الانتماء إلى تجربة عدم اليقين، مشيراً إلى أن محمود درويش كتب سرير الغريبة، أما الغريبة عند الشاعرة فهي بلا سرير، تائهة في معاناتها وسماتها. سيدي محمد محمد المهدي من موريتانيا: بوحٌ برائحة عطر اغتراب وأنين ناي من موريتانيا حلّ في رحاب شاطئ الراحة ثالث شعراء الحلقة سيدي محمد محمد المهدي منشداً قصيدته بعنوان “ما تساقط من شجر الغربة” التي تمحورت حول شخص شاعر يبحر في مسافات الغربة ومساحات الجمال والجماد ورحلات الذات بين بساتين المعنى ومشاعر الاشتياق والظمأ إلى كأس من خمر المجازات، والتي أشارت الدكتورة أماني فؤاد إلى أنها تنتمي إلى فن البوح مع الحركات الراقصة للشاعر وتعبيراته وصوره التي تدور حول شيء ما هو المعنى الذي يقوم عليه مبنى القصيدة في البوح بحب السيدة والكتمان والغموض الشفيف الذي يوارب عن علاقة الشاعر بهذه المرأة بعزف ناي واغتراب، أما الدكتور علي بن تميم فأشاد بابتكار الشاعر لقافيته المقيدة، آخذا على الشاعر تجربته العقلية اللا حسية نتيجة غلبة الصور الذهنية والتجريد، ومنكراً عليه استخدامه بعض المفردات النثرية السطحية، وختم الدكتور محمد حجّو بالإشادة بعنوان الشاعر الذي يدعو إلى البحث عما تساقط من شجر الغربة لنجد تراكيب وصوراً فيها قدر غير يسير من التكلّف وغياب الترابط الدلالي، قائلاً: “على الرغم مما نلاحظه من غياب وحدة الموضوع إلا أننا نجد ملامح شعرية جميلة لو عمّت القصيدة لكانت أجمل”. محطة غنائية من روائع الشعر الفصيح مع قصيدة الأطلال لإبراهيم ناجي تلا إطلالة ثالث شعراء الحلقة، وقفة الفنان الكويتي خلف المشعوف على أطلال الأحبة بحنين إلى روائع الشعر الفصيح ممثلاً برائعة الشاعر إبراهيم ناجي “الأطلال” من غناء سيدة الغناء العربي وكوكب الشرق أم كلثوم. عائشة السيفي من سلطنة عمان: بحرها طويل في ممارسة التأمل في الذكريات رابعة شعراء الحلقة كانت عائشة السيفي من سلطنة عُمان تألقت في قصيدتها بعنوان “القروية تبتل بطينها” التي سردت فيها طفولتها ثم عنفوان شبابها وهي تمرر كفها في السواقي وتحنو على أفلاج موطنها، وتؤاخي دمعتها الطين وصوت الأم ومعول الحطّاب، في عودة الموج إلى الأرض لاهثاً، حيث اعتبر الدكتور علي بن تميم إعجابه بالقصيدة وقافيتها المتصلة بهاء الضمير التي تربك الشعراء حتى أنهم يخفقون أحياناً فيها، بينما تألقت الشاعرة في قافيتها واستخدامها بحر الطويل الذي يمنحها خلفية هادئة لتمارس تأملها في الذكريات، بينما رأى الدكتور محمد حجّو أن عتبة النص تحرم المتلقي من لهفة انتظار ما يأتي مع جمالية فائقة للنص وعبارات عالية الشعرية ملونة بالأزرق والحنين إلى الطفولة والأشجار في أبعاد رمزية جميلة، بينما ختمت الدكتورة أماني فؤاد بأن عنوان القصيدة يحمل سياقا مبتكراً فالبلل بالماء هنا بعنصري الخلق الماء والطين في جديد رمزي يحسب للشاعرة، مشيدةً بحنين الشاعرة للبراءة والطفولة في استدعاء طفولتها العذبة وشيطنتها في طقس سحري يستقدم الماضي ويشتغل على الوعي الجمالي الذي ينتج الدهشة والمتعة. عبدالواحد بروك من المغرب: محاوراً ذاته في المرآة مع غياب فلسفتها عبد الواحد بروك خامس الشعراء حلّ من المغرب في أبوظبي ملقياً قصيدته “آخرٌ على المرآة” ليبدع مونولوجا بينه وبين نفسه في معاناته من الحياة والرماديين وانكسار صوته في المرآة مستعيداً أسطورة نرسيس النرجسي المقتول بفتنته، القصيدة التي أشار الدكتور محمد حجو إلى أنها تناص الشاعر مع الشعر العربي القديم وتناوله نرسيس الذي لا يموت، والسندباد الرمز لرحلة دؤوبة للبحث عن الذات، ورأت الدكتورة أماني فؤاد أن المرآة دوما استدرجت مخاطبة الذات لذاتها، وطرح أسئلتها في الحياة والوجود، في قصيدة يعلو فيها صوت السرد والحوارية التقريرية التي يغيب فيها المجاز تقريباً، وقال الدكتور علي بن تميم إنّ قصيدة الشاعر فيها تقرير كبير على مستوى الموضوع والمقاربة رغم أن الشاعر استخدم بحر الوافر الذي يتيح للشعراء أن يعبّروا بصورة حرة كما فعل أبو الطيب المتنبي، آخذا على الشاعر حواريته المبسّطة مع ذاته في المرآة التي سلخها الشاعر من فلسفتها المقعرة في التاريخ العربي القديم. المرور الثاني للشعراء: ميلٌ إلى القلب وارتياح إلى الحاء تلا إطلالة الشعراء الثلاثة مرورهم الثاني بعد تقرير استعرض زيارة الشعراء إلى محمية الوثبة للكثبان الأحفورية التي تديرها هيئة البيئة – أبوظبي، واستمتاعهم بالتعرف على عناصر البيئة الإماراتية وطبيعة الإمارات الخلابة الساحرة، حيث ألقى الشعراء مشاركاتهم ضمن المناظرة الشعرية التي طلبتها لجنة التحكيم منهم مع بداية الحلقة في موضوع “العقل والعاطفة” وعلاقة الإنسان بقلبه وعقله في تنازع أزلي بينهما، أو تصالح مؤقت. حيث رأت الدكتورة أماني فؤاد أن هناك الشعراء أحسنوا في المزاوجة بين عنصري القلب والعقل، بينما التقط الدكتور علي بن تميم أن الشعراء ارتاحوا إلى قافية الحاء المضمومة وابتعدوا عن المفتوحة التي اشترطتها اللجنة، وختم الدكتور محمد حجو بالتعبير عن استمتاعه بتجارب الشعراء المتنوعة في موازنة العقل والقلب مع ميلهم إلى تفسير الوجود بعاطفية إنسانية غالبة. تأهل الشاعر عبد الواحد بروك من المغرب بعد لقاء سريع للإعلامي عيسى الكعبي مع شعراء الحلقة الخمسة وراء الكواليس، واستطلاع مشاعرهم في انتظار قرار لجنة التحكيم، تلاه استعراض محطات الحلقة ومشاركات الشعراء فيها، كان ختام الحلقة مع إعلان لجنة التحكيم عن تأهل الشاعر عبد الواحد بروك من المغرب بدرجة 46 من خمسين، لينتظر الشعراء المتبقون نتيجة تصويت الجمهور لشاعرهم المفضل، حيث نالت عائشة السيفي من سلطنة عُمان درجة 45، ونال أحمد مدني من مصر درجة 44، ونالت دانا أبو محمود من سوريا وسيدي محمد محمد المهدي من موريتانيا درجة 43 من خمسين. الكاتب:
مراقبة التحرير والنشر بتاريخ: الأحد 12-02-2023 06:16 مساء
الزوار: 730 التعليقات: 0
|